حاوره: محمد توفيق أحمد كريزم
في الذكرى الثالثة والثلاثين لإنطلاقة حركة فتح
أبو ماهر حلس " أمين سر اللجنة الحركية العليا لحركة فتح في محافظات غزة يؤكد :
المشروع الوطني الفلسطيني يتقدم لأول مرة على أرض الوطن.
شعبنا متقدم عن أحزابه وتنظيماته في مفهوم الوحدة الوطنية.
پؤرخ يوم انطلاقة الثورة الفلسطينية، بيوم الفاتح من كانون الثاني 1965، يوم أطلقت قوات العاصفة، الرصاصة الأولى على أرض فلسطين المحتلة، التي نفضت عن شعب فلسطين صفة "اللاجئ" وحولته إلى صورة الفدائی، القابض على رشاشه على طريق العودة والتحرير والكرامة.
وقيمة هذه الرصاصة أنها استمرت وتصاعدت واتخذت إطارة تنظيمية توسع حتى شمل الشعب الفلسطيني كله تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية وتنظيمها الأكبر، حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".
وتأتي الذكرى الثلاثة والثلاثون لانطلاقة ثورتنا الفلسطينية وفتح تملك من عناصر القوة السياسية والشعبية ما يقرب المسافة نحو الهدف، نحو استعادة الحقوق الوطنية المغتصبة، نحو إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
التقت "الرأي" أبو ماهر حلس أمين سر اللجنة الحركية العليا لحركة فتح في محافظات غزة، حيث تحدث بصراحة ووضوح عن مجمل القضايا تنظيمية وسياسيا.
*في الذكرى ۳۳ لانطلاقة حركة فتح، أين تقف فتح من تحقيق أهدافها؟
-عندما انطلقت حركة فتح، كانت قد حددت لها أهدافا أساسية، واستراتيجية. ولتحقيقها اختارت أساليب تنفيذية مرنة، تتناسب مع طبيعة الظرف النضالي، سواء على الصعيد العربي أو الدولي، ومن هنا كان اختيارها لأسلوب الكفاح المسلح بهدف إسماع الصوت الفلسطيني والحق الفلسطيني للعالم.
و عندما ثبتت فتح الهوية الفلسطينية، كان لابد لها أن تخوض نوعا من الصراع السياسي أو المعارك الدبلوماسية، وفعلا حققت فتح نجاحات و أصبح العالم بمجمله، يعترف بالشعب الفلسطيني والكيان الفلسطيني، ممثلا بمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الرئيس أبو عمار.
في هذه المتغيرات الأخيرة، والتي كان من أبرزها فلسطينيا، الانتفاضة المباركة، وعربيا ما حدث بعد حرب الخليج الثانية، دوليا انهيار المنظومة الاشتراكية، كان لابد لمنظمة التحرير بقيادة فتح أن تتجه إلى عملية السلام لتبقى القضية الفلسطينية حاضرة في واقع دولي تشطب فيه أمم وشعوب، ولا يوجد أي وازع من قيم أو أخلاق، بل على العكس، عالم يحكمه القطب الواحد.
فتح وهي تخوض الكفاح المسلح، والانتفاضة المباركة، وهي تقوم بالعملية السلمية، لم تنحرف عن الهدف الأساسی، وهو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، مع الإصرار على إزالة الاحتلال.
لقد حققت فتح بالعملية السلمية جزءا من أهداف شعبنا وهو إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية على جزء عزیز من أرض وطننا فلسطين.
ربما نختلف حول حجم هذا الإنجاز، ولكننا لا نستطيع أن ننكر أن المشروع الوطني الفلسطيني لأول مرة يتقدم على الأرض الفلسطينية، وأن المشروع الصهيوني لأول مرة يتراجع عن الأرض الفلسطينية.
منذ البداية فتح أعلنت أهدافها ومبادئها، وهي ثابتة و غير قابلة للتغيير، أما الأساليب والشعارات فهي لابد أن تتناسب مع طبيعة الظروف المحيطة.
* دائما أهداف الثورة تحدد أشكال النضال.. كيف واءمت فتح ذلك؟
-أولا : حركة فتح لم تكن جامدة، وإنما اعتبرت أن كل الأساليب المتاحة هي في النهاية تؤدي إلى الوصول للهدف الاستراتيجي، لقد حددت فتح الهدف ولكنها تركت الأساليب تحكمها الظروف، فاختارت الكفاح المسلح في مرحلة من المراحل، وحينما حوصرت الثورة المسلحة، كان لابد من نقل الثقل إلى ساحة الوطن، وكان لابد أن تنتقل العملية إلى أيدي مجموع الشعب الفلسطيني.
ومن هنا كانت الانتفاضة المباركة بالإضافة لاستثمار زخم التأييد العربي والدولي للشعب الفلسطيني، أثناء الانتفاضة وتحويله إلى واقع نتج عنه العملية السلمية التي حققت إنجازا على شبر من الأرض الفلسطينية، ولكن هذا الشبر خطوة للأمام وليس خطوة للخلف.
*من المعروف أن فتح رائدة النضال الوطني الفلسطيني وهي المبادرة دائما كيف ترى ذلك؟
-هذه سمة فتح وهي حينما انطلقت بالثورة المسلحة كانت مغامرة في نظر الآخرين الذي الحقوا بها أخيرا، وفتح كانت صاحبة المبادرة وهي من قاد الثورة المسلحة، وحينما نتكلم عن العملية السلمية، ففتح هي المغامرة الواعية، عندما أقدمت على العملية السلمية بدأ الآخرون يشككون بها، مثلما شككوا في انطلاقة الثورة المسلحة، لكنهم تبينوا أن فتح صاحبة المبادرة الشجاعة وصاحبة التوجه الوطني المعبر عن إرادة الشعب.
ومن هنا ما زال دور فتح القيادي في أنها صاحبة المبادرة دائما.
* كيف تقيم علاقات فتح بالقوى الوطنية والإسلامية؟
-فتح حاملة القوى الفلسطينية جميعا، وقد اضطلعت بهذا الدور في كل مراحل العمل الوطني، وما زالت علاقاتها بالقوى الوطنية والإسلامية تحمل هذه السمة، ففتح التي خاضت انتخابات المجلس التشریعی، وحظيت بالأغلبية في مقاعد المجلس التشريعي، لها الحق ديمقراطيا في أن تشكل مجلس السلطة الوطنية، إلا أنها أشركت جميع القوى السياسية في هذه المسؤولية، إدراكا منها بأن الحق الفلسطيني وبناء الوطن الفلسطيني، ليس من مسؤولية فتح وحدها، وإنما على الجميع أن يشاركوا في ذلك.
وإذا ما رجعنا إلى قوائم حركة فتح في الانتخابات، نجدها أنها حملت الكثيرين من القوى الأخرى لإقحامهم في تحمل مسؤولياتهم تجاه بناء السلطة الوطنية الفلسطينية.
* وماذا على صعيد الوحدة الوطنية؟
-لابد من ذكر حقيقة مؤكدة وهي أن شعبنا متقدم عن أحزابه وتنظيماته في مفهوم الوحدة الوطنية، ونحن كقوی سياسية نسير على خطاه، وهو الذي يجبرنا دائما على أن لا نختلف، وفتح تدرك هذا المفهوم جيدا، وتحدد علاقاتها مع كل القوى الفلسطينية على هذه الأرضية، أنه لا خيار أمامنا إلا أن نلتقي على كلمة سواء.
درسنا فهمنها للوحدة الوطنية في ظل الثورة المسلحة، ومارسناه في ظل الانتفاضة ، وما زلنا نمارسه في كنف السلطة الوطنية، وكل سلوكيات حركة فتح منذ قيام السلطة الوطنية وحتى الآن، تؤكد مفهوم فتح للوحدة الوطنية.
* ما ردكم على الأقوال التي تردد بأن عمل فتح أصبح ينحسر في المكاتب فقط؟
-حركة فتح مارست عملها النضالي من خلال المكاتب وقواعدها، المكاتب كانت قائمة حتى في أثناء الثورة المسلحة، فتح لها مهمتين أساسيتين، هما تنفيذ مشروعنا الوطني، وبناء مجتمعنا المدني، وكلاهماله المتطلبات الخاصة به.
فوجود المكاتب الحركية المنتشرة في أنحاء الوطن لها مهمة تعبوية وتنظيمية، ولكن هذا ليس على حساب مجالات أي عمل تنظيمي أخر.
*هل تعتقد أن أجهزة السلطة استقطبت عناصر وكوادر فتح من حركة فتح نفسها؟
-نحن نسعى لبناء مجتمع مدني، ونسعى لأن يخلص الفلسطينيون وفي مقدمتهم أبناء فتح لمهماتهم الوظيفية، ونحن ندرك أن فلسطين أكبر من الانتماءات الحزبية ونؤمن بضرورة أن يكون انتماء ابن فتح للوطن أكثر من انتمائه الفتح، لذلك نحن لا نخجل من أن نخلص في أي وظيفة وطنية، أو مسؤوليات وواجبات أخرى، نجد أنفسنا نتحمل مسؤوليتها، وهذا لا يتعارض مع انتماء أبناء فتح للحركة، لأن انتماءنا للحركة ليس انتماء جامدا، وإنما هو مقدمة للانتماء للوطن بمؤسساته المختلفة.
*في الآونة الأخيرة نجدكم تشددون في منح بطاقة العضوية فما هي الأسس والمعايير التي تتبع في ذلك؟
-لم يكن هناك سجل نضالي يحفظ للمناضلين تاريخهم النضالي في داخل الأرض المحتلة، ولكي نميز بين أعضاء فتح ومؤيدي فتح، لابد أن يسبق عملية منح بطاقة العضوية عملية حصر وتدقيق في هذه العضوية، لذلك بدأنا في حصر الأطر التنظيمية القائمة، بمعنى أننا حددنا أن الشريحة الأولى التي ستحصل على بطاقات العضوية، هي الأطر القائمة، وتحديدا هم أعضاء مؤتمرات المناطق الذين سيشاركون في المؤتمرات المزمع عقدها بعد إجازة عيد الفطر مباشرة، وهذا يشمل في المرحلة الأولى حوالي 13 ألفا من أبناء الحركة، ثم نتدرج في منح البطاقات كلما يشكل ويبني إطار جديد، بدلا من منحها بشكل عفوي وعشوائي.
*متى سيعقد أول مؤتمر عام الحركة فتح على أرض الوطن؟
-إن عقد المؤتمرات المناطقية التي بدأت في الضفة الغربية والتي ستبدأ في قطاع غزة قريبا، والتي سيتبعها مؤتمرات الأقاليم، هي المقدمة الطبيعية لعقد المؤتمر العام للحركة.
نحن على ثقة أن إنجاز مؤتمرات المناطق والأقاليم على ساحة الوطن، هي بمثابة التمهيد العقد المؤتمر العام.
* هل هناك توجه بتحويل فتح من حركة إلى حزب سياسي؟
ليس في المنظور القريب أن تتحول فتح إلی حزب سیاسي، لأن متطلبات العمل الوطني تفرض أن تبقى فتح حركة تحرر وطني، إلى أن ينجز المشروع الوطني الذي انطلقت من أجله فتح، ثم بعد ذلك يمكن أن تتحول إلى شيء يتناسب مع ما يستجد من ظروف.
*كيف تنظرون إلى العملية السلمية على ضوء المعوقات الإسرائيلية؟
-حكومة اليمين الإسرائيلي تضع كل العراقيل أمام تقدم عملية السلام، نحن دخلنا عملية السلام، مع معرفتنا بالطرف الإسرائيلي، ولكن أقدمنا على هذه الخطوة بوعي وبمسؤوليات تجاه شعبنا وقضيتنا.
وضوح الرؤيا هو الذي يحصن خطواتنا، ورغم ذلك نحن لا نراهن، على تقدم العملية السلمية على الأقل في ظل حكم اليمين الإسرائيلي المتطرف، ولابد أن تبقى روح الثورة في عقولنا وقلوبنا، وأن تظل هي المحرك الأساسي لكل جماهير شعبنا، مع التأكيد أن مراحل العطاء والثورة لم تنته بقيام السلطة الوطنية، بل على العكس مطلوب منا نضال بشكل جديد، ربما هو أصعب من مرحلة النضال المسلح، وهنا نشير أن الخصم في مرحلة الكفاح المسلح والانتفاضة كان واضحا، لا تختلف حوله، ولكن في ظل السلطة الوطنية نحتاج إلى اليقظة، ونحتاج دائما إلى الحذر والتنبه، لكي ندرك تماما أن مشروعنا الوطني مازال يحتاج إلى تضحياتنا ومجهوداتنا لبناء السلطة وإنجاز المشروع الوطني.