همش محلياً ودمر إحتلالياً: القطاع السياحي ينتظر من ينتشله من واقعه ويستثمر في منشأته

 تحقيق: محمد توفيق أحمد كريزم 

همش محلياً ودمر إحتلالياً: القطاع السياحي ينتظر من ينتشله من واقعه ويستثمر في منشأته

تحقيق: محمد توفيق أحمد كريزم  - مجلة الرأي   همش محلياً ودمر إحتلالياً: القطاع السياحي ينتظر من ينتشله من واقعه ويستثمر في منشأته   يعتبر القطاع السياحي أحد روافد الإقتصاد الوطني، وركناً مهماً من أركان الدخل القومي، لكن هذا القطاع عانى كثيراً من الإهمال والتهميش على المستوى المحلي بسبب إنخفاض الإستثمار فيه، وقلة الوعي بأهمية السياحة، إلا أن الضربة القاصمة التي تلقاها كانت على يد الإحتلال الإسرائيلي الذي دمر بشكل عام أدق تفاصيل الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، وبالتالي لم يبق شيئاً من البنية التحتية السياحية سوى الخراب، حيث طالت ألته التدميرية الأثار والمحميات الطبيعية والمنشأت السياحية، ومنع السائحين من دخول الأراضي الفلسطينية.  هذا التحقيق يبحث في السبل الكفيلة لإستنهاض القطاع السياحي الفلسطيني، وتطوير الإمكانات الذاتية، وإعادة ما دمره الإحتلال، مع الأخذ بعين الإعتبار إنشاء بنية تحتية سياحية حديثة قابلة للنمو والتكيف مع التطور السياحي.  كنز سياحي  أوضحت إعتماد عبيد عميدة كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية أن فلسطين بحد ذاتها تعتبر كنز سياحي، كونها تضم الكثير من المعالم الحضارية والمباني التاريخية والمواقع الأثرية التي تستهوي السياح والزائرين على مستوى العالم، وتشكل مهوى أفئدة الحجاج من مختلف أصقاع العالم، نظراً لأهميتها الدينية لأصحاب الديانات السماوية الثلاث.ودعت عبيد إلى إنشاء بنية تحتية سياحية قائمة على أسس علمية من خلال تأهيل كوادر وطواقم سياحية وفق أحدث الأساليب العلمية، مشيرة في نفس الوقت إلى أهمية نشر الوعي السياحي، وإرساء مفاهيم وتوجهات مجتمعية قادرة على بلورة سلوكيات وممارسات في التعامل مع السياحة والسائحين على حد سواء.  وحذرت عبيد من المحاولات المحمومة الهادفة لتغيير معالم الأثار الفلسطينية وطمس هويتها العربية والإسلامية، لاسيما ما يتعلق بالمسجد الأقصى والمناطق الأثرية في الخليل ونابلس، وسرقة الكثير من القطع الأثرية النادرة، مشيرة إلى أن قيام سلطات الإحتلال بالمس بهذه الرموز الحضارية في فلسطين يتنافى مع الأعراف والقوانين والأعراف الدولية، بإعتبارها تمثل جزء من التراث الإنساني والعالمي الذي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية حمايته وعدم المس به بأي شكل من الأشكال.  وأضافت عبيد أن مستقبل القطاع السياحي في فلسطين ينتظره مستقبل واعد في حال تم توظيف الموارد و الإمكانات المتاحة لتطويره من منطلقات مهنية وعلمية، وتشجيع الإستثمار فيه، وتقديم التسهيلات اللازمة، من أجل أن يكون القطاع السياحي أحد أعمدة الإقتصاد الوطني.  ممارسات إحتلالية  ويرى الخبير السياحي عبد القادر حماد أن الظروف السياسية التي مرت بها الأراضي الفلسطينية شكلت بصورة عامة عائقاً أمام تطور صناعة السياحة في فلسطين رغم الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها الأراضي المقدسة على صعيد الحركة السياحية حيث تتصدر فلسطين التاريخية عامة والضفة الغربية على وجه الخصوص دول العالم من حيث توفر المواقع الأثرية والدينية فيها ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي من أهم العوامل التدميرية للمواقع الأثرية والدينية في فلسطين وخاصة ما يتعلق منها بالمواقع الدالة على عروبة المنطقة أو ذات الصلة بالديانتين الإسلامية والمسيحية فيها.  وأضاف حماد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي مست بشكل خطير بالحركة السياحية في فلسطين حيث توقفت بالكامل السياحة الداخلية جراء السياسات التي اتبعتها في تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وعزلها عن بعضها علماً بان الإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 60% من الأسر الفلسطينية كانت تقوم برحلات سياحية داخليةوكذلك أصيبت السياحة الخارجية بالشلل الكامل وتوقفت أفواج السياح والحجاج القادمين من مختلف أصقاع العالم، واقتصر السياح على بعض الوفود التي كان يغلب عليها الطابع الرسمي، بعد أن تجاوز عدد السياح مليون سائح في العام 2000 الأمر الذي وضع السياحة في فلسطين أمام حائط مسدود.  إستنهاض القطاع السياحي  وأشار حماد إلى أن تنمية القطاع السياحي الفلسطيني ينطلق من عدة إعتبارات، بدءاً من الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المتدهورة التي تشهدها المنطقة، وذلك على اعتبار أن توفير الأمن والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي من المستلزمات الأولية للتنمية السياحية في أي بلد. فعندما تتدهور الأوضاع الأمنية، ويفتقد البلد للإاستقرار السياسي والاقتصادي تصاب السياحة بالشلل الكامل، وهذا ما نراه بصورة جلية ليس في الأراضي الفلسطينية فحسب، بل في أي بلد يمر بظروف مماثلة، لذلك فانه من غير المنطقي أن تكون هناك تنمية سياحية حقيقية قبل زوال الاحتلال، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على شعبنا ومقدساتنا وآثارنا وبنيتنا التحتية، علاوة على السماح بحرية الحركة على المعابر الدولية، وداخل الأراضي الفلسطينية، وإعادة تشغيل مطاري غزة وقلنديا، لخدمة النشاط السياحي بدون أية عوائق.  ودعا حماد المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بالنشاط السياحي ومؤسسات التعليم العالي، لوضع خطة تمهد لتحقيق تنمية سياحية كاملة، استناداً إلى الظروف القائمة، على أن تتضمن هذه الخطة جملة من الأسس منها، تشكيل مجلس أعلى للسياحة يضم ممثلين عن الخبرات والكفاءات والمسئولين ذوي العلاقة بالنشاط السياحي، بعيداً عن المصالح الشخصية والمؤسساتية الضيقة، ليتولى التخطيط الجاد والدراسة المعمقة للقطاع السياحي، و رفد وزارة السياحة والآثار بخبراء في مجال صناعة السياحة، وإرسال بعثات تدريبية ودراسية، لإعداد الخبراء والكوادر في هذا المجال، خاصة وأن فلسطين تفتقد إلى وجود خبرات حقيقية وكوادر مدربة في القطاع السياحي، كذلكنشر الوعي السياحي بين أبناء الشعب الفلسطيني وذلك من خلال إدخال بعض المناهج والمقررات الدراسية الإجبارية والاختيارية المتعلقة بالنشاط السياحي في الجامعات والمراحل التعليمية المختلفة، والتخطيط للقيام بحملة إعلامية شاملة توضح أهمية صناعة السياحة في تطوير وازدهار المستقبل الفلسطيني و تخصيص بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية حول المعالم الحضارية والدينية والسياحية الموجودة في بلادنا، والتركيز على ضرورة المحافظة عليه، والعمل على وضع نواة لإقامة مراكز ومؤسسات تعليمية خاصة بالسياحة، وتطوير بعض المؤسسات القائمة مثل معهد السياحة في بيت لحم، وكلية عالم الأفق للدراسات السياحية في غزة، والتي أقيمت بالجهود الذاتية، وتأكيد النظرة إلى السياحة على أنها صناعة، يجب تنظيم مرافقها وبالتالي وضع الأسس والتشريعات التي تحفظ تلك المرافق وتشجيع السياح للمجيء إليها، إضافة إلى التنسيق مع المغتربين الفلسطينيين والعرب في الخارج للقيام بحملة دعائية سياحية لفلسطين في البلدان التي يقطنونها، وحثهم على زيارتها، ودعوة أصدقائهم للمجيء إليها.  إتجاهات سلوكية  من جهته أوضح درداح الشاعر المحاضر في جامعة الأقصى، أن النشاط السياحي يعد من أبرز النشاطات لأي دولة مزدهرة كونه يعد مصدر اساسي لرفع الدخل، ووسيلة للراحة والتخفيف من أعباء العمل, وتهذيب السلوك وإكتساب المهارات والمعلومات والإطلاع على المعارف الإنسانية والثقافات، مشيراً إلى أهمية الجذب السياحي في فلسطين بإعتبارها تمثل أهمية دينية وتاريخية التي لا ينازعها فيها أي بلد أخر، إضافة لتنوع تضاريسها ومناخها.  وإقترح الشاعر جملة من الأفكار بغية تعديل الإتجاهات السلوكية نحو السياحة ضرورة تفعيل مفهوم الثقافة في العملية التعليمية التربوية، وإدخال مادة التربية السياحية في مناهج التعليم، مشددأ على ضرورة تفعيل دور وسائل الثقافة والإعلام وتقديم نماذج سلوكية تعكس القدوة الطيبة والأخلاق الحميدة كالكرم والصدق والأمانة والتعاون والتسامح من اجل إبراز الوجه المشرق والمشرف للمجتمع الفلسطيني.  إعادة تخضير الوطن  وفيما يتعلق بالزراعة وعلاقتها بالسياحة أوضح محمود أبو سمرة مدير عام وزارة الزراعة أن أي منطقة عمرانية يتوجب أن تكون المساحة الخضراء فيها حوالي 10%، مشيراً في نفس الوقت إلى أن ممارسات الإحتلال دمرت السياحة الريفية والبيئة الزراعية حيث بلغت المساحة الخضراء المدمرة حوالي 76 ألف دونم مزروعة بالأشجار المثمرة وغير المثمرة وزراعة الخضروات والدفيئات، إضافة لتدمير المحميات الطبيعية والمرافق السياحية ذات العلاقة بالسياحة مثل تجريف الحدائق والمنتزهات وأشجار جوانب الطرق والميادين.  وأضاف أبو سمرة أن إقامة جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية يكاد يخنق بشكل كامل السياحة الريفية حيث يبلغ طول المرحلة الأولى 280 كيلو متر بعمق كيلو متر وتبلغ مساحة المرحلة 280000 دونم، ويبلغ طول المرحلة الثانية 280كيلو متر أيضاً وبعمق 2 كيلومتر بمساحة 560000 دونم وبالتالي تبلغ المساحة المتضررة والمصادرة 890000 دونم، فيما بلغت قيمة الأضرار المباشرة التي لحقت بالقطاع الزراعي نتيجة التدمير والتجريف 340700000 دولار، وبلغ عدد الأشجار المقتلعة حوالي 1325736 شجرة مثمرة وحرجية.  وأشار أبو سمرة إلى أن وزارة الزراعة تلعب دوراً مهماً في سياق تنشيط السياحة من خلال تزيين الحدائق العامة والمنتزهات وزراعة شارع كورنيش البحر في قطاع غزة والمنتجعات السياحية والمحميات الطبيعية وحمايتها مثل المحمية الطبيعية في واد غزة ومحميات أخرى، مبيناً أن مشروع تخضير الوطن يهدف لزراعة حوالي مليون شجرة في كافة أنحاء الوطن، وإعادة ما دمره الإحتلال على مستوى القطاع الزراعي.  سياحة بيئية  ذكرت جمعية الحياة البرية في فلسطين أن قطاع السياحة قطاع حيوي إنمائي، وفي حالة استقرار سياسي في المنطقة، سينعكس بشكل واضح على القطاع السياحي في منطقة متميزة ضمن مناطق متجاورة متميزة سياحياً. فالتعاون والتنظيم والتنسيق بين الدول المعنية في المنطقة ستكون له ضروريته في انتعاش سياحي له مردوده الاقتصادي لهذه الدول، وخاصة الأردن، باعتبار أن الأردن وفلسطين متكاملتان ضمن التاريخ والحضارة والآثار السياحية والدينية. ولا بدّ من قنوات دولية لتحسين وتدعيم هذا القطاع سواء محلياً أو دولياً بهدف التطوير في التدريب والتقنية ضمن تفعيل الأنشطة الفلكلورية للنهوض والتسويق الخارجي،إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالمواقع الطبيعية الجمالية لجذب أعداد كبيرة من السياح على المستوى العالمي الذي أخذ يبلور مفهوم ما يسمى بالسياحة البيئية،والتي تعرف عالمياً بأنها تلك السياحة التي تعنى باجتذاب المهتمين بالنظم البيئية والتنوع الحيوي في مختلف دول العالم، والتي من ضمنها فلسطين حيث حباها الله بثروة لا تقدر من ناحية أهميتها البيئية. فهي تتمتع بتنوع حيوي متميز ضمن مناطق جغرافية صغيرة، وتعتبر أجواءها من الأجواء المتميزة حيث تمر بها الطيور خلال هجرتها في فصلي الشتاء والربيع وأحياناً تقيم لفترات محددة لتتكاثر فيها، وقد صنفت بعض المناطق الموجودة في فلسطين، مثل وادي غزة، غور الأردن وأريحا كمناطق مهمة للطيور ضمن المعايير التي وضعت من قبل المجلس العالمي لحماية الطيور، وتضم السياحة البيئية نشاطات مراقبة الطيور وتحجيلها، ونشاطات استكشاف الطبيعة بغرض مشاهدة الطبيعة ومراقبة التنوع الحيوي فيها، ومثل هذه النشاطات غير مقتصرة على الباحثين والدارسين وحسب، ولكنها تنتشر عبر المجتمعات لتشمل طلاب المدارس والجامعات والمهتمين من جميع أفراد المجتمع فعلينا في فلسطين أن نفكر جدياً بتنمية هذا النوع المستحدث من السياحة والذي من شأنه أن يساعد في تنمية الاقتصاد الوطني الفلسطيني من جهة، والحفاظ على هذه المناطق الطبيعية من جهة أخرى، وهنا تقتضي الحاجة إلى تدريب طواقم من الأدلاء السياحيين قادرين ومؤهلين على قيادة المجموعات السياحية التي تعنى بالبيئة.

يعتبر القطاع السياحي أحد روافد الإقتصاد الوطني، وركناً مهماً من أركان الدخل القومي، لكن هذا القطاع عانى كثيراً من الإهمال والتهميش على المستوى المحلي بسبب إنخفاض الإستثمار فيه، وقلة الوعي بأهمية السياحة، إلا أن الضربة القاصمة التي تلقاها كانت على يد الإحتلال الإسرائيلي الذي دمر بشكل عام أدق تفاصيل الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، وبالتالي لم يبق شيئاً من البنية التحتية السياحية سوى الخراب، حيث طالت ألته التدميرية الأثار والمحميات الطبيعية والمنشأت السياحية، ومنع السائحين من دخول الأراضي الفلسطينية.

هذا التحقيق يبحث في السبل الكفيلة لإستنهاض القطاع السياحي الفلسطيني، وتطوير الإمكانات الذاتية، وإعادة ما دمره الإحتلال، مع الأخذ بعين الإعتبار إنشاء بنية تحتية سياحية حديثة قابلة للنمو والتكيف مع التطور السياحي.

كنز سياحي

أوضحت إعتماد عبيد عميدة كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية أن فلسطين بحد ذاتها تعتبر كنز سياحي، كونها تضم الكثير من المعالم الحضارية والمباني التاريخية والمواقع الأثرية التي تستهوي السياح والزائرين على مستوى العالم، وتشكل مهوى أفئدة الحجاج من مختلف أصقاع العالم، نظراً لأهميتها الدينية لأصحاب الديانات السماوية الثلاث.ودعت عبيد إلى إنشاء بنية تحتية سياحية قائمة على أسس علمية من خلال تأهيل كوادر وطواقم سياحية وفق أحدث الأساليب العلمية، مشيرة في نفس الوقت إلى أهمية نشر الوعي السياحي، وإرساء مفاهيم وتوجهات مجتمعية قادرة على بلورة سلوكيات وممارسات في التعامل مع السياحة والسائحين على حد سواء.

وحذرت عبيد من المحاولات المحمومة الهادفة لتغيير معالم الأثار الفلسطينية وطمس هويتها العربية والإسلامية، لاسيما ما يتعلق بالمسجد الأقصى والمناطق الأثرية في الخليل ونابلس، وسرقة الكثير من القطع الأثرية النادرة، مشيرة إلى أن قيام سلطات الإحتلال بالمس بهذه الرموز الحضارية في فلسطين يتنافى مع الأعراف والقوانين والأعراف الدولية، بإعتبارها تمثل جزء من التراث الإنساني والعالمي الذي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية حمايته وعدم المس به بأي شكل من الأشكال.

وأضافت عبيد أن مستقبل القطاع السياحي في فلسطين ينتظره مستقبل واعد في حال تم توظيف الموارد و الإمكانات المتاحة لتطويره من منطلقات مهنية وعلمية، وتشجيع الإستثمار فيه، وتقديم التسهيلات اللازمة، من أجل أن يكون القطاع السياحي أحد أعمدة الإقتصاد الوطني.

ممارسات إحتلالية

ويرى الخبير السياحي عبد القادر حماد أن الظروف السياسية التي مرت بها الأراضي الفلسطينية شكلت بصورة عامة عائقاً أمام تطور صناعة السياحة في فلسطين رغم الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها الأراضي المقدسة على صعيد الحركة السياحية حيث تتصدر فلسطين التاريخية عامة والضفة الغربية على وجه الخصوص دول العالم من حيث توفر المواقع الأثرية والدينية فيها ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي من أهم العوامل التدميرية للمواقع الأثرية والدينية في فلسطين وخاصة ما يتعلق منها بالمواقع الدالة على عروبة المنطقة أو ذات الصلة بالديانتين الإسلامية والمسيحية فيها.

وأضاف حماد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي مست بشكل خطير بالحركة السياحية في فلسطين حيث توقفت بالكامل السياحة الداخلية جراء السياسات التي اتبعتها في تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وعزلها عن بعضها علماً بان الإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 60% من الأسر الفلسطينية كانت تقوم برحلات سياحية داخليةوكذلك أصيبت السياحة الخارجية بالشلل الكامل وتوقفت أفواج السياح والحجاج القادمين من مختلف أصقاع العالم، واقتصر السياح على بعض الوفود التي كان يغلب عليها الطابع الرسمي، بعد أن تجاوز عدد السياح مليون سائح في العام 2000 الأمر الذي وضع السياحة في فلسطين أمام حائط مسدود.

إستنهاض القطاع السياحي

وأشار حماد إلى أن تنمية القطاع السياحي الفلسطيني ينطلق من عدة إعتبارات، بدءاً من الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المتدهورة التي تشهدها المنطقة، وذلك على اعتبار أن توفير الأمن والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي من المستلزمات الأولية للتنمية السياحية في أي بلد. فعندما تتدهور الأوضاع الأمنية، ويفتقد البلد للإاستقرار السياسي والاقتصادي تصاب السياحة بالشلل الكامل، وهذا ما نراه بصورة جلية ليس في الأراضي الفلسطينية فحسب، بل في أي بلد يمر بظروف مماثلة، لذلك فانه من غير المنطقي أن تكون هناك تنمية سياحية حقيقية قبل زوال الاحتلال، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على شعبنا ومقدساتنا وآثارنا وبنيتنا التحتية، علاوة على السماح بحرية الحركة على المعابر الدولية، وداخل الأراضي الفلسطينية، وإعادة تشغيل مطاري غزة وقلنديا، لخدمة النشاط السياحي بدون أية عوائق.

ودعا حماد المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بالنشاط السياحي ومؤسسات التعليم العالي، لوضع خطة تمهد لتحقيق تنمية سياحية كاملة، استناداً إلى الظروف القائمة، على أن تتضمن هذه الخطة جملة من الأسس منها، تشكيل مجلس أعلى للسياحة يضم ممثلين عن الخبرات والكفاءات والمسئولين ذوي العلاقة بالنشاط السياحي، بعيداً عن المصالح الشخصية والمؤسساتية الضيقة، ليتولى التخطيط الجاد والدراسة المعمقة للقطاع السياحي، و رفد وزارة السياحة والآثار بخبراء في مجال صناعة السياحة، وإرسال بعثات تدريبية ودراسية، لإعداد الخبراء والكوادر في هذا المجال، خاصة وأن فلسطين تفتقد إلى وجود خبرات حقيقية وكوادر مدربة في القطاع السياحي، كذلكنشر الوعي السياحي بين أبناء الشعب الفلسطيني وذلك من خلال إدخال بعض المناهج والمقررات الدراسية الإجبارية والاختيارية المتعلقة بالنشاط السياحي في الجامعات والمراحل التعليمية المختلفة، والتخطيط للقيام بحملة إعلامية شاملة توضح أهمية صناعة السياحة في تطوير وازدهار المستقبل الفلسطيني و تخصيص بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية حول المعالم الحضارية والدينية والسياحية الموجودة في بلادنا، والتركيز على ضرورة المحافظة عليه، والعمل على وضع نواة لإقامة مراكز ومؤسسات تعليمية خاصة بالسياحة، وتطوير بعض المؤسسات القائمة مثل معهد السياحة في بيت لحم، وكلية عالم الأفق للدراسات السياحية في غزة، والتي أقيمت بالجهود الذاتية، وتأكيد النظرة إلى السياحة على أنها صناعة، يجب تنظيم مرافقها وبالتالي وضع الأسس والتشريعات التي تحفظ تلك المرافق وتشجيع السياح للمجيء إليها، إضافة إلى التنسيق مع المغتربين الفلسطينيين والعرب في الخارج للقيام بحملة دعائية سياحية لفلسطين في البلدان التي يقطنونها، وحثهم على زيارتها، ودعوة أصدقائهم للمجيء إليها.

إتجاهات سلوكية

من جهته أوضح درداح الشاعر المحاضر في جامعة الأقصى، أن النشاط السياحي يعد من أبرز النشاطات لأي دولة مزدهرة كونه يعد مصدر اساسي لرفع الدخل، ووسيلة للراحة والتخفيف من أعباء العمل, وتهذيب السلوك وإكتساب المهارات والمعلومات والإطلاع على المعارف الإنسانية والثقافات، مشيراً إلى أهمية الجذب السياحي في فلسطين بإعتبارها تمثل أهمية دينية وتاريخية التي لا ينازعها فيها أي بلد أخر، إضافة لتنوع تضاريسها ومناخها.

وإقترح الشاعر جملة من الأفكار بغية تعديل الإتجاهات السلوكية نحو السياحة ضرورة تفعيل مفهوم الثقافة في العملية التعليمية التربوية، وإدخال مادة التربية السياحية في مناهج التعليم، مشددأ على ضرورة تفعيل دور وسائل الثقافة والإعلام وتقديم نماذج سلوكية تعكس القدوة الطيبة والأخلاق الحميدة كالكرم والصدق والأمانة والتعاون والتسامح من اجل إبراز الوجه المشرق والمشرف للمجتمع الفلسطيني.

إعادة تخضير الوطن

وفيما يتعلق بالزراعة وعلاقتها بالسياحة أوضح محمود أبو سمرة مدير عام وزارة الزراعة أن أي منطقة عمرانية يتوجب أن تكون المساحة الخضراء فيها حوالي 10%، مشيراً في نفس الوقت إلى أن ممارسات الإحتلال دمرت السياحة الريفية والبيئة الزراعية حيث بلغت المساحة الخضراء المدمرة حوالي 76 ألف دونم مزروعة بالأشجار المثمرة وغير المثمرة وزراعة الخضروات والدفيئات، إضافة لتدمير المحميات الطبيعية والمرافق السياحية ذات العلاقة بالسياحة مثل تجريف الحدائق والمنتزهات وأشجار جوانب الطرق والميادين.

وأضاف أبو سمرة أن إقامة جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية يكاد يخنق بشكل كامل السياحة الريفية حيث يبلغ طول المرحلة الأولى 280 كيلو متر بعمق كيلو متر وتبلغ مساحة المرحلة 280000 دونم، ويبلغ طول المرحلة الثانية 280كيلو متر أيضاً وبعمق 2 كيلومتر بمساحة 560000 دونم وبالتالي تبلغ المساحة المتضررة والمصادرة 890000 دونم، فيما بلغت قيمة الأضرار المباشرة التي لحقت بالقطاع الزراعي نتيجة التدمير والتجريف 340700000 دولار، وبلغ عدد الأشجار المقتلعة حوالي 1325736 شجرة مثمرة وحرجية.

وأشار أبو سمرة إلى أن وزارة الزراعة تلعب دوراً مهماً في سياق تنشيط السياحة من خلال تزيين الحدائق العامة والمنتزهات وزراعة شارع كورنيش البحر في قطاع غزة والمنتجعات السياحية والمحميات الطبيعية وحمايتها مثل المحمية الطبيعية في واد غزة ومحميات أخرى، مبيناً أن مشروع تخضير الوطن يهدف لزراعة حوالي مليون شجرة في كافة أنحاء الوطن، وإعادة ما دمره الإحتلال على مستوى القطاع الزراعي.

سياحة بيئية

ذكرت جمعية الحياة البرية في فلسطين أن قطاع السياحة قطاع حيوي إنمائي، وفي حالة استقرار سياسي في المنطقة، سينعكس بشكل واضح على القطاع السياحي في منطقة متميزة ضمن مناطق متجاورة متميزة سياحياً. فالتعاون والتنظيم والتنسيق بين الدول المعنية في المنطقة ستكون له ضروريته في انتعاش سياحي له مردوده الاقتصادي لهذه الدول، وخاصة الأردن، باعتبار أن الأردن وفلسطين متكاملتان ضمن التاريخ والحضارة والآثار السياحية والدينية. ولا بدّ من قنوات دولية لتحسين وتدعيم هذا القطاع سواء محلياً أو دولياً بهدف التطوير في التدريب والتقنية ضمن تفعيل الأنشطة الفلكلورية للنهوض والتسويق الخارجي،إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالمواقع الطبيعية الجمالية لجذب أعداد كبيرة من السياح على المستوى العالمي الذي أخذ يبلور مفهوم ما يسمى بالسياحة البيئية،والتي تعرف عالمياً بأنها تلك السياحة التي تعنى باجتذاب المهتمين بالنظم البيئية والتنوع الحيوي في مختلف دول العالم، والتي من ضمنها فلسطين حيث حباها الله بثروة لا تقدر من ناحية أهميتها البيئية. فهي تتمتع بتنوع حيوي متميز ضمن مناطق جغرافية صغيرة، وتعتبر أجواءها من الأجواء المتميزة حيث تمر بها الطيور خلال هجرتها في فصلي الشتاء والربيع وأحياناً تقيم لفترات محددة لتتكاثر فيها، وقد صنفت بعض المناطق الموجودة في فلسطين، مثل وادي غزة، غور الأردن وأريحا كمناطق مهمة للطيور ضمن المعايير التي وضعت من قبل المجلس العالمي لحماية الطيور، وتضم السياحة البيئية نشاطات مراقبة الطيور وتحجيلها، ونشاطات استكشاف الطبيعة بغرض مشاهدة الطبيعة ومراقبة التنوع الحيوي فيها، ومثل هذه النشاطات غير مقتصرة على الباحثين والدارسين وحسب، ولكنها تنتشر عبر المجتمعات لتشمل طلاب المدارس والجامعات والمهتمين من جميع أفراد المجتمع فعلينا في فلسطين أن نفكر جدياً بتنمية هذا النوع المستحدث من السياحة والذي من شأنه أن يساعد في تنمية الاقتصاد الوطني الفلسطيني من جهة، والحفاظ على هذه المناطق الطبيعية من جهة أخرى، وهنا تقتضي الحاجة إلى تدريب طواقم من الأدلاء السياحيين قادرين ومؤهلين على قيادة المجموعات السياحية التي تعنى بالبيئة.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-