غياب النساء عن العمل النقابي أضاع حقوقهن الخاصة و العامة

تحقيق: محمد توفيق أحمد كريزم 


غياب النساء عن العمل النقابي أضاع حقوقهن الخاصة و العامة


تحقيق: محمد توفيق أحمد كريزم     غياب النساء عن العمل النقابي أضاع حقوقهن الخاصة و العامة     تحقيق: محمد كريزم - خاص بـ" وكالة أخبار المرأة " " صوت النساء "       في الوقت الذي تتجه فيه أنظار الحركة النسوية إلى المشاركة في العمل السياسي , و دخول المعركة الإنتخابية بكل قوة ممكنة , نجد أن هناك جبهة نسائية سقطت و إستسلمت لمصيرها المجهول , بسبب إهمالها و عدم تحصينها بالإهتمام الكافي و الرعاية المستمرة , هذه الجبهه هي جبهة المشاركة في العمل النقابي و تغييب النساء عنها و محاولة الإستفراد بها .  و دلت مؤشرات إلى تراجع نسبة المشاركة النسائية البسيطة التي كانت موجودة  و إن كانت مجرد إشراك تجميلي  , بفعل جمود العمل النقابي , و توظيفه لمصالح شخصية و حزبية , و سعي بعض الأطراف لإقصاء النساء عن هذا العمل الحيوي  الذي يعبر عن المطالب العادلة للعاملات و العاملين على حد سواء .  " صوت النساء " أماطت اللثام عن هذه القضية , و إستقصت أسباب غياب أو ضعف المشاركة النسائية في العمل النقابي , و أليات تفعيل هذه المشاركة في التحقيق التالي .  غياب قسري :  الكاتبة و الناشطة النسوية  ريما كتانة نزال ردت أسباب عزوف المرأة عن العمل النقابي إلى جملة من الأسباب منها أن المؤسسات النسوية من أطر و جمعيات و إتحادات رغم أنها توجهت في برامجها للمرأة العاملة أو المهنية , إلا أن هذا التوجه بقي إلى حد بعيد في إطاره النظري دون تجسيد هذا الدور بالأنشطة و الأليات , فلم يتم توجيه دعوة للعضوات العاملات و المهنيات المنتسبات للمؤسسات النسوية إلى التوجه إلى النقابات للإنتساب في أطرها المتخصصة و لم يتم كذلك توجيه أنشطتها بشكل منهجي و مخطط لتحقيق قضاياهن المطلبية و النقابية .  و أشارت نزال إلى أن النقابات سواء العمالية أو المهنية تحولت إلى مؤسسات سياسية تعمل بالشأن السياسي أكثر من الهم المطلبي الذي على أساسه تشكلت مما جعل العاملات و المهنيات يعزفن عن الإنتساب لعضويتها لأن همومهن و مصالحهن تماهت مع الهموم السياسية فالنقابات في ذهن جمهورها المفترض فصائل أو أجسام سياسية , منوهة في نفس الوقت إلى أن الصراعات الداخلية و الإنشقاقات و الخلافات التنظيمية في النقابات ساهم في إبتعاد النساء عن العضوية و الإنتساب , كذلك غياب الحياة الديموقراطية عن الأجسام النقابية ممثلة بدورية الإنتخابات لتجديد الهيئات القيادية مع ما يسبقها من تحضيرات تنظيمية كحملات التنسيب و المؤتمرات القاعدية جعل الهيئات القيادية للنقابة هيئات أبدية لأصحابها و كأنها قطاع خاص و ملكية فردية , مما قلل فرص النساء و أقصاهن بشكل عام عن العمل النقابي ووقف عائقاَ أمام تجديد دمائها و رفدها بطاقات جديدة سواء نسوية أو شابة .  و تشاركها الرأي ليلى البيومي منسقة مشروع فرص متساوية للعاملات في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية  التي أوضحت أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ضعف مشاركة المرأة في الحياة النقابية في فلسطين فمنها ما هو مرتبط بعوامل موضوعية ومنها ما هو مرتبط بعوامل ذاتية تتعلق بالمرأة , أما عن العوامل الذاتية فهي تعود إلى أسباب منها تأثير الحياة المهنية على المشاركة النقابية , و ضعف نسبة القوى العاملة النسائية الرسمية في سوق العمل المحلي الرسمي (12%-13%) , وضعف الوعي النقابي بشكل عام , أما عن العوامل الموضوعية فهي تتمثل بالصورة التي تعكسها النقابة ( الهيكلية وحالة التهميش للنساء ) , و الخشية من المضايقات والانتقام من قبل أصحاب العمل ,  و تأثير الجماعات الانتمائية على المشاركة النقابية حيث تتمثل من خلال الكتل النقابية , كذلك  تأثير المجتمع على المشاركة النقابية ( المهام الاجتماعية والعائلية وتقسيم الأدوار) و غياب الديمقراطية وآليات التطوير المتمثلة في الانتخابات وتداول السلطة  كلها أسباب حالت دون مشاركة المرأة و جعلتها بعيدة عن هذا المعترك .  أما محمد دهمان رئيس مركز الديموقراطية و حقوق العاملين عزا بعض من الأسباب إلى عدم توفر الإهتمام الجدي و الحقيقي  من قبل قطاع نسوي واسع  بالإنضمام إلى النقابات , و إدراك أهميتها في الدفاع عن حقوقهن المهضومة ,  و تعزيز مكانتهن في المجتمع  , مع العلم أن أغلب النساء يفضلن الأعمال الإدارية , و هناك نسبة كبيرة من العمالة النسوية تعمل في مجال الخدمات العامة ,  كذلك  العادات و التقاليد في المجتمع الفلسطيني حالت دون مشاركة المرأة في العمل النقابي  بإعتبار أن وظيفتها المنزلية أهم من الأعمال الأخرى , مشيراَ في ذات الوقت إلى أن النقابات أهملت النساء و لم تفعل شيئاَ لإجتذابهن للعمل النقابي , بل أن هناك محاولات لإقصائهن عن العمل النقابي , معللاَ ذلك بإنخفاض نسبة المشاركة النسوية الموجودة إلى 5%  من أصل 11% و هذا دليل واضح على ما ذكر .  أضرار بالغة :  و فيما يتعلق بالأضرار التي لحقت بالنساء جراء غيابهن أو إقصائهن عن العمل النقابي , أوضحت نزال أن هذا الغياب أدى بدوره إلى تغييب قضايا المرأة النقابية و المطلبية عن برامج النقابات , فلا يستطيع الذكور مهما أوتو من قدرة على تمثيل هموم و مصالح المرأة و مطالبها , كما أن غياب المرأة أفقد العمل النقابي زخماَ و فعالية القطاع النسوي العامل الذي يعاني هموماَ تتقاطع مع هموم القطاع العمالي و المهني و له خصوصية حيث يعاني من التمييز الحقوقي و المالي و يجري إستغلاله و تحديداَ في القطاع غير المنظم كالعاملات في الزراعة أو السكرتيرات و الممرضات و خادمات البيوت و المتعاقدات بعقود باطنية , كذلك نتيجة غياب المرأة عن نقاباتها أدى و سيؤدي بالضرورة إلى غيابها عن العمل العام الوطني و الإجتماعي مما أفقد الحركة الوطنية و السياسية الزخم الجماهيري , مشيرة إلى أن عدم مشاركة المرأة النقابية عكس عدم مشاركتها في الجدل الدائر حول قوانين تمسها و ذات صلة مع شأنها اليومي الحياتي و المادي و جعل القوانين إلى حد بعيد ذكورية لدى وضعها و نقاشها و حين إقرارها .  و ترى البيومي أن الضرر هنا يبدأ من أصغر مكونات المجتمع وهي الأسرة انتهاء بالهيئات القيادية التي تصنع قرارات المجتمع فقد تضررت مصالح النساء نتيجة هذا الغياب فأصبحت المرأة العاملة هي الأكثر عرضة للاستغلال في قطاعات العمل المختلفة سواء الخاصة أو العامة من حيث التمييز في التوظيف والأجور والترقيات وعلى مستوى القوانين أيضاً ،  و هناك تمييز واضح  ضد النساء على هذا الصعيد ، وقد طال هذا الضرر مصالح النساء حتى في مشاريع الطواريء التي تم تنفيذها على مدار السنوات الأربعة الأخيرة وكانت نسبة استفادة النساء منها ضئيلة جداً ، الأمر الذي كان له العديد من الانعكاسات السلبية على أوضاع المرأة العاملة فحرمانها من فرص العمل وانتهاك حقوقها أصبح أمرأ مهيناً كما أصبحت تعقد على حسابها صفقات غير نزيهة للاستئثار بفرص النساء ، كما أصبح التهميش والاقصاء للمرأة مكون من المكونات الثقافية لمجتمعنا.  كما إعتبر دهمان أن الضرر الذي يلحق بالنساء مزدوج , سواء من حيث عدم التأثير في قرارات الحركة النقابية فيما يتعلق بحقوقهن الإقتصادية و الإجتماعية , و إضعاف الإهتمام النقابي بشكل عام في الدفاع عن حقوقهن و مطالبهن التشغيلية ,  أو من حيث مشاركتهن في مجمل عملية البناء المجتمعي لا سيما السياسي منها و التأثير في صناعة القرار  و تهميشهن بهذا الجانب .  و أضاف دهمان أن المجتمع ينظر نظرة دونية للمشاركة النسائية في العمل النقابي , و ساهم في تكريس هذه النظرة , الدور المنغلق الذي تلعبه النقابات بهذا الصدد و المنغمس في العمل الإداري المحض , بحيث لم تبلور حركة إجتماعية ضاغطة و حقيقية للدفاع عن حقوق النساء العاملات , مبيناَ أن النقابات الموجودة أضعفت العمل النقابي و أفرغته من محتواه النضالي , بسبب عدم إستقلاليتها و نأيها عن المنهج الديموقراطي في سياساتها و برامجها  مسؤولية الحركة النسوية :  و إذا كان الطابع الذكوري للمجتمع الفلسطيني سبباَ في غياب النساء عن العمل النقابي فإن الحركة النسوية تتحمل جزءاَ من مسؤولية هذا الغياب كما تقول نزال كونها لم تتبع أليات التنسيق مع المؤسسة النقابية لردم الفجوة الموجودة , لذلك مطلوب من الحركة النسوية دعوة النساء للإنتساب لعضوية النقابات على أساس برنامجها القطاعي المطلبي , مع التأكيد على ضرورة الدخول في أليات التشبيك و التنسيق و الضغط مع هذه النقابات لرعاية مصالحها و مطالب القطاع النسوي , كما يتوجب على الحركة النسوية تثقيف قاعدتها النسوية حول أهمية العمل النقابي لتحسين وضع المرأة العاملة و تحقيق مكتسبات و إنجازات تتعلق بقوانين العمل و الحقوق .  و ذهبت البيومي إلى مدى أبعد في تحميل المسؤولبة للمجتمع بأسره وليست للمؤسسات النسوية فقط ، و أوضحت أن التشكيل الحالي للنقابات العمالية عبارة عن توليفة من كافة الكتل النقابية للأحزاب وهذا يعكس وضعية المرأة في الأحزاب نفسها والتي تعاني أيضاً من التهميش، معتبرة أن من الأسباب الرئيسية لغياب المرأة عن العمل النقابي هو حالة التهميش في النقابات للمرأة وعدم تبني النقابات العمالية لمصالح الطبقة العاملة حيث أنها أفرغت من هدف تأسيسها وبالتالي أين الجدوى من انخراط النساء في النقابات بشكلها الحالي ؟ ولكن كما في الغالب الجميع يفضلون التنصل من مسئولياتهم والقاء اللوم عادة ما يكون على المؤسسات النسوية التي عملت وما زالت تعمل مع النساء من أجل اشراكهن في كافة مجالات الحياة ، إلا أن هذه الجهود تصطدم بتحديات كبيرة مما يتطلب تضافر جهود كافة مؤسسات المجتمع المدني بما فيها النقابات والأحزاب.  أما دهمان فقد حمل الحركة النقابية كامل المسؤولية عن تهميش و تغييب المرأة عن العمل النقابي كونها لم تحرك ساكناَ على صعيد تفعيل الدور النسوي في النقابات , لكن هذا لا يعني إعفاء المؤسسات النسوية من التقصير و الإهمال لعدم إيلائها أهمية للعمل النقابي , مستغرباَ صمتها بهذا الشأن و عدم إثارتها لحملات ضغط على النقابات من أجل ضمان حصة للتمثيل النسائي في العمل النقابي , منوهاَ إلى خلو مقاعد اللجنة التنفيذية للنقابات العمالية  في محافظات غزة من أي عنصر نسائي , معتبراَ ذلك بأنه مؤشر سلبي و لا يشجع النساء لدخول المعترك النقابي الذي يعتبر المدخل الحقيقي للمشاركة السياسية و إبراز دورهن في كل المجالات الأخرى  التشكيك بقدرات المرأة :  و إستهجنت نزال ما يثيره البعض من تشكيك بقدرات المرأة و الإنتقاص من مكانتها و دورها على هذا الصعيد , و محاولة إقصائها عن قيادة النقابات , معتبرة أن هذا يندرج ضمن المفاهيم النمطية السائدة التي تبرز في كل محطة تحاول المرأة أن تتقدم  لتطالب بحقوقها سواء النقابية أو المادية أو بالعمل و القوانين أو المشاركة السياسية , حيث تقذف في وجهها المصطلحات المتعلقة بنقص المؤهلات و الكفاءة , فنقص الكفاءة ليست صفة ملازمة للمرأة , كما أن الكفاءة ليست حكراَ على الرجل , و الأمر هنا متعلق بعدم تكافؤ الفرص و التجارب و لا يتعلق بتركيبة المرأة الفسيولوجية أو طبيعة تكوينها النفسي .  و تشاطر البيومي إستهجان نزال بهذا الشأن و قالت ربما اعتدنا على اطلاق أحكام على مجمل القضايا دون الرجوع إلى أسبابها وتحليلها بشكل يمكننا من فهمها وتحديد رؤيتنا نحوها بشكل موضوعي ، واطلاق هذا الحكم هو جزء من هذا النهج وخاصة عندما يدور الحديث في قضايا المرأة بشكل خاص. وتجزم بما لا يدع مجال للشك و بحكم التجربة العملية في العمل مع فئة النساء العاملات أن النساء قادرات وبشكل فعال على خوض معركة العمل النقابي ، مشيرة في نفس الوقت إلى أن جمعية المرأة العاملة الفلسطينية إستطاعت على مدار الثلاثة سنوات السابقة حث وتشجيع العديد من العاملات للانخراط في العمل النقابي والانتساب للنقابات العمالية المختلفة كل حسب مهنتها وقد تكلل هذا الجهد بنجاح كبير من خلال نجاح خمس عاملات في الوصول إلى مقاعد في الهيئة القيادية العامة لاتحاد اللجان العمالية المستقلة والمكونة من 21 عضو/ة والتي تشكل الخطوة الأولى على طريق اندماج المرأة في العمل النقابي المنظم على أسس مهنية وديمقراطية مؤكدة أن لهذه  لهذه الخطوة أهمية كونها  تظهر نماذج نسوية قادرة على خوض الحياة النقابية في حال توفر بيئة داعمة لهن ، والأمر الآخر يتمثل في ضرورة إحداث نوع من التوازن الجندري في كافة الأجسام النقابية لكي تكون قضايا المرأة العاملة جزء لا يتجزأ من أولويات ومصالح هذه الطبقة.  من جهته إستند دهمان في حديثه عن هذه الجزئية إلى تجارب بعض النساء النقابيات بهذا الصدد موضحاَ أنهن شعرن بمحاولات للتشكيك بقدراتهن و قيادتهن للعمل النقابي , بل و إقصائهن عنه , و هناك رجال يرفضون من حيث المبدأ مشاركة النساء بأي عمل , أو يحاولون تصعيب مهامهن , مؤكداَ أن هناك نساء نقابيات أثبتن جدارة و كفاءة متميزة , و برعن في العمل النقابي  , إلا أنهن تركنه بسبب الصعاب و العقبات التي وضعت في طريقهن .  أليات تفعيل المشاركة :  و حول أليات تفعيل المشاركة النسائية في العمل النقابي شددت نزال على ضرورة التوجه لإجراء عمليات توعية و تثقيف مجتمعي و للنساء تحديداَ بأهمية المشاركة النقابية إنتساباَ و فعلاَ و مردودها على المرأة بمكاسب مادية و معنوية .  و أكدت نزال على ضرورة التوجه لإجراء إنتخابات في عموم النقابات يسبقها حملة تنسيب تستهدف خلالها المرأة العاملة و المهنية و تستقطبها على أساس برنامجي و دفعها للترشح لعضوية الهيئات القيادية بمستوياتها المختلفة , كذلك يتوجب إعطاء فرص متساوية للإنخراط في العمل النقابي و المشاركة في الهيئات المقررة على صعيد إقرار السياسات و ألية رسم القرار , إضافة لتظهير البعد النقابي في أليات العمل اليومي , داعية في الوقت نفسه الأحزاب السياسية لإيلاء العمل النقابي أكثر أهمية عبر تفعيل دور أعضاءها في النقابات .  و تعتقد البيومي هنا  أن الحاجة ماسة إلى تفعيل مشاركة المرأة في العمل النقابي وخاصة بعد ارتفاع وتيرة الاستغلال الذي تتعرض له الطبقة العاملة بشكل عام. أما فيما يتعلق بالمرأة فالحاجة مضاعفة فمن جانب يجب أن يتم العمل على توعية وتدريب النساء بأهمية وضرورة مشاركتهن في الحياة النقابية لضمان حقوقهن والدفاع عنها والعمل على تطويرها أيضاً ،ومن جانب آخر تبرز الحاجة إلى المزيد من الإصرار وخوض النضال من خلال تمكين النساء العاملات بمهارات القيادة والتفاوض والعمل على قاعدة الشراكة من اجل تحقيق هذه المشاركة وتفعيلها وخاصة في ظل عدم استقلالية النقابات العمالية وتحجر هياكلها التمييزية ضد المرأة وعدم ديمقراطيتها.  و أوضحت البيومي أن دمج المرأة في العمل النقابي أمراً يتطلب جهداً واسعاً وعلى عدة مستويات منها المستوى الأول و يتمثل بالتثقيف والتوعية والتدريب للنساء العاملات وتعريفهن بحقوقهن القانونية والنقابية وضرورة مشاركتهن في العمل النقابي بما فيه تقوية للحركة العمالية في فلسطين , و خلق قيادات نقابية جماهيرية قادرة على التأثير من أجل الدفاع عن مصالح العاملات وتنظيمهن في لجان عمالية والتي تعتبر حجر الزاوية في التنظيم النقابي من حيث تسلسلها المراتبي .   و المستوى الثاني يتمثل بالتشريعات والقوانين وتطبيقاتها و ممارسة الضغوط الكبيرة من أجل اصدار قانون نقابات عادل ويصون حرية التنظيم النقابي للعاملات والعمال على حد سواء ودون تمييز , و اصدار قانون ضمان اجتماعي يحمي الطبقة العاملة من البطالة على قاعدة المساواة والعدالة , و الضغط من أجل تنفيذ القوانين التي تنظم العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة " الطبقة العاملة – أصحاب العمل والدولة " وهى قانوني العمل والخدمة المدنية , كذلك الضغط على وزارة العمل من أجل اصدار اللوائح التنفيذية لقانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 وتفعيل دور مفتشى العمل لضمان تطبيق حقيقي لبنود القانون , إضافة لمتابعة إصدار القوانين وتعديل ما هو مجحف بحق الطبقة العاملة منها مثال " قانون الاستثمار " بالاضافة إلى تعديل ما هو تمييزي ضد المرأة في مختلف القوانين أو مشاريع القوانين الفلسطينية.  أما المستوى الثالث يتمثل في إتباع التقاليد الديمقراطية داخل الأجسام النقابية المختلفة وعلى رأسها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ، ولتحقيق ذلك يجب العمل  على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في النقابات العمالية المختلفة والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين , و العمل على ترسيخ استقلالية العمل النقابي بما يخدم مصالح الطبقة العاملة دون تمييز و رسم سياسات تعزز مشاركة المرأة    في الوقت الذي تتجه فيه أنظار الحركة النسوية إلى المشاركة في العمل السياسي , و دخول المعركة الإنتخابية بكل قوة ممكنة , نجد أن هناك جبهة نسائية سقطت و إستسلمت لمصيرها المجهول , بسبب إهمالها و عدم تحصينها بالإهتمام الكافي و الرعاية المستمرة , هذه الجبهه هي جبهة المشاركة في العمل النقابي و تغييب النساء عنها و محاولة الإستفراد بها .  و دلت مؤشرات إلى تراجع نسبة المشاركة النسائية البسيطة التي كانت موجودة  و إن كانت مجرد إشراك تجميلي  , بفعل جمود العمل النقابي , و توظيفه لمصالح شخصية و حزبية , و سعي بعض الأطراف لإقصاء النساء عن هذا العمل الحيوي  الذي يعبر عن المطالب العادلة للعاملات و العاملين على حد سواء .  " صوت النساء " أماطت اللثام عن هذه القضية , و إستقصت أسباب غياب أو ضعف المشاركة النسائية في العمل النقابي , و أليات تفعيل هذه المشاركة في التحقيق التالي .  غياب قسري :  الكاتبة و الناشطة النسوية  ريما كتانة نزال ردت أسباب عزوف المرأة عن العمل النقابي إلى جملة من الأسباب منها أن المؤسسات النسوية من أطر و جمعيات و إتحادات رغم أنها توجهت في برامجها للمرأة العاملة أو المهنية , إلا أن هذا التوجه بقي إلى حد بعيد في إطاره النظري دون تجسيد هذا الدور بالأنشطة و الأليات , فلم يتم توجيه دعوة للعضوات العاملات و المهنيات المنتسبات للمؤسسات النسوية إلى التوجه إلى النقابات للإنتساب في أطرها المتخصصة و لم يتم كذلك توجيه أنشطتها بشكل منهجي و مخطط لتحقيق قضاياهن المطلبية و النقابية .  و أشارت نزال إلى أن النقابات سواء العمالية أو المهنية تحولت إلى مؤسسات سياسية تعمل بالشأن السياسي أكثر من الهم المطلبي الذي على أساسه تشكلت مما جعل العاملات و المهنيات يعزفن عن الإنتساب لعضويتها لأن همومهن و مصالحهن تماهت مع الهموم السياسية فالنقابات في ذهن جمهورها المفترض فصائل أو أجسام سياسية , منوهة في نفس الوقت إلى أن الصراعات الداخلية و الإنشقاقات و الخلافات التنظيمية في النقابات ساهم في إبتعاد النساء عن العضوية و الإنتساب , كذلك غياب الحياة الديموقراطية عن الأجسام النقابية ممثلة بدورية الإنتخابات لتجديد الهيئات القيادية مع ما يسبقها من تحضيرات تنظيمية كحملات التنسيب و المؤتمرات القاعدية جعل الهيئات القيادية للنقابة هيئات أبدية لأصحابها و كأنها قطاع خاص و ملكية فردية , مما قلل فرص النساء و أقصاهن بشكل عام عن العمل النقابي ووقف عائقاَ أمام تجديد دمائها و رفدها بطاقات جديدة سواء نسوية أو شابة .  و تشاركها الرأي ليلى البيومي منسقة مشروع فرص متساوية للعاملات في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية  التي أوضحت أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ضعف مشاركة المرأة في الحياة النقابية في فلسطين فمنها ما هو مرتبط بعوامل موضوعية ومنها ما هو مرتبط بعوامل ذاتية تتعلق بالمرأة , أما عن العوامل الذاتية فهي تعود إلى أسباب منها تأثير الحياة المهنية على المشاركة النقابية , و ضعف نسبة القوى العاملة النسائية الرسمية في سوق العمل المحلي الرسمي (12%-13%) , وضعف الوعي النقابي بشكل عام , أما عن العوامل الموضوعية فهي تتمثل بالصورة التي تعكسها النقابة ( الهيكلية وحالة التهميش للنساء ) , و الخشية من المضايقات والانتقام من قبل أصحاب العمل ,  و تأثير الجماعات الانتمائية على المشاركة النقابية حيث تتمثل من خلال الكتل النقابية , كذلك  تأثير المجتمع على المشاركة النقابية ( المهام الاجتماعية والعائلية وتقسيم الأدوار) و غياب الديمقراطية وآليات التطوير المتمثلة في الانتخابات وتداول السلطة  كلها أسباب حالت دون مشاركة المرأة و جعلتها بعيدة عن هذا المعترك .  أما محمد دهمان رئيس مركز الديموقراطية و حقوق العاملين عزا بعض من الأسباب إلى عدم توفر الإهتمام الجدي و الحقيقي  من قبل قطاع نسوي واسع  بالإنضمام إلى النقابات , و إدراك أهميتها في الدفاع عن حقوقهن المهضومة ,  و تعزيز مكانتهن في المجتمع  , مع العلم أن أغلب النساء يفضلن الأعمال الإدارية , و هناك نسبة كبيرة من العمالة النسوية تعمل في مجال الخدمات العامة ,  كذلك  العادات و التقاليد في المجتمع الفلسطيني حالت دون مشاركة المرأة في العمل النقابي  بإعتبار أن وظيفتها المنزلية أهم من الأعمال الأخرى , مشيراَ في ذات الوقت إلى أن النقابات أهملت النساء و لم تفعل شيئاَ لإجتذابهن للعمل النقابي , بل أن هناك محاولات لإقصائهن عن العمل النقابي , معللاَ ذلك بإنخفاض نسبة المشاركة النسوية الموجودة إلى 5%  من أصل 11% و هذا دليل واضح على ما ذكر .  أضرار بالغة :  و فيما يتعلق بالأضرار التي لحقت بالنساء جراء غيابهن أو إقصائهن عن العمل النقابي , أوضحت نزال أن هذا الغياب أدى بدوره إلى تغييب قضايا المرأة النقابية و المطلبية عن برامج النقابات , فلا يستطيع الذكور مهما أوتو من قدرة على تمثيل هموم و مصالح المرأة و مطالبها , كما أن غياب المرأة أفقد العمل النقابي زخماَ و فعالية القطاع النسوي العامل الذي يعاني هموماَ تتقاطع مع هموم القطاع العمالي و المهني و له خصوصية حيث يعاني من التمييز الحقوقي و المالي و يجري إستغلاله و تحديداَ في القطاع غير المنظم كالعاملات في الزراعة أو السكرتيرات و الممرضات و خادمات البيوت و المتعاقدات بعقود باطنية , كذلك نتيجة غياب المرأة عن نقاباتها أدى و سيؤدي بالضرورة إلى غيابها عن العمل العام الوطني و الإجتماعي مما أفقد الحركة الوطنية و السياسية الزخم الجماهيري , مشيرة إلى أن عدم مشاركة المرأة النقابية عكس عدم مشاركتها في الجدل الدائر حول قوانين تمسها و ذات صلة مع شأنها اليومي الحياتي و المادي و جعل القوانين إلى حد بعيد ذكورية لدى وضعها و نقاشها و حين إقرارها .  و ترى البيومي أن الضرر هنا يبدأ من أصغر مكونات المجتمع وهي الأسرة انتهاء بالهيئات القيادية التي تصنع قرارات المجتمع فقد تضررت مصالح النساء نتيجة هذا الغياب فأصبحت المرأة العاملة هي الأكثر عرضة للاستغلال في قطاعات العمل المختلفة سواء الخاصة أو العامة من حيث التمييز في التوظيف والأجور والترقيات وعلى مستوى القوانين أيضاً ،  و هناك تمييز واضح  ضد النساء على هذا الصعيد ، وقد طال هذا الضرر مصالح النساء حتى في مشاريع الطواريء التي تم تنفيذها على مدار السنوات الأربعة الأخيرة وكانت نسبة استفادة النساء منها ضئيلة جداً ، الأمر الذي كان له العديد من الانعكاسات السلبية على أوضاع المرأة العاملة فحرمانها من فرص العمل وانتهاك حقوقها أصبح أمرأ مهيناً كما أصبحت تعقد على حسابها صفقات غير نزيهة للاستئثار بفرص النساء ، كما أصبح التهميش والاقصاء للمرأة مكون من المكونات الثقافية لمجتمعنا.  كما إعتبر دهمان أن الضرر الذي يلحق بالنساء مزدوج , سواء من حيث عدم التأثير في قرارات الحركة النقابية فيما يتعلق بحقوقهن الإقتصادية و الإجتماعية , و إضعاف الإهتمام النقابي بشكل عام في الدفاع عن حقوقهن و مطالبهن التشغيلية ,  أو من حيث مشاركتهن في مجمل عملية البناء المجتمعي لا سيما السياسي منها و التأثير في صناعة القرار  و تهميشهن بهذا الجانب .  و أضاف دهمان أن المجتمع ينظر نظرة دونية للمشاركة النسائية في العمل النقابي , و ساهم في تكريس هذه النظرة , الدور المنغلق الذي تلعبه النقابات بهذا الصدد و المنغمس في العمل الإداري المحض , بحيث لم تبلور حركة إجتماعية ضاغطة و حقيقية للدفاع عن حقوق النساء العاملات , مبيناَ أن النقابات الموجودة أضعفت العمل النقابي و أفرغته من محتواه النضالي , بسبب عدم إستقلاليتها و نأيها عن المنهج الديموقراطي في سياساتها و برامجها  مسؤولية الحركة النسوية :  و إذا كان الطابع الذكوري للمجتمع الفلسطيني سبباَ في غياب النساء عن العمل النقابي فإن الحركة النسوية تتحمل جزءاَ من مسؤولية هذا الغياب كما تقول نزال كونها لم تتبع أليات التنسيق مع المؤسسة النقابية لردم الفجوة الموجودة , لذلك مطلوب من الحركة النسوية دعوة النساء للإنتساب لعضوية النقابات على أساس برنامجها القطاعي المطلبي , مع التأكيد على ضرورة الدخول في أليات التشبيك و التنسيق و الضغط مع هذه النقابات لرعاية مصالحها و مطالب القطاع النسوي , كما يتوجب على الحركة النسوية تثقيف قاعدتها النسوية حول أهمية العمل النقابي لتحسين وضع المرأة العاملة و تحقيق مكتسبات و إنجازات تتعلق بقوانين العمل و الحقوق .  و ذهبت البيومي إلى مدى أبعد في تحميل المسؤولبة للمجتمع بأسره وليست للمؤسسات النسوية فقط ، و أوضحت أن التشكيل الحالي للنقابات العمالية عبارة عن توليفة من كافة الكتل النقابية للأحزاب وهذا يعكس وضعية المرأة في الأحزاب نفسها والتي تعاني أيضاً من التهميش، معتبرة أن من الأسباب الرئيسية لغياب المرأة عن العمل النقابي هو حالة التهميش في النقابات للمرأة وعدم تبني النقابات العمالية لمصالح الطبقة العاملة حيث أنها أفرغت من هدف تأسيسها وبالتالي أين الجدوى من انخراط النساء في النقابات بشكلها الحالي ؟ ولكن كما في الغالب الجميع يفضلون التنصل من مسئولياتهم والقاء اللوم عادة ما يكون على المؤسسات النسوية التي عملت وما زالت تعمل مع النساء من أجل اشراكهن في كافة مجالات الحياة ، إلا أن هذه الجهود تصطدم بتحديات كبيرة مما يتطلب تضافر جهود كافة مؤسسات المجتمع المدني بما فيها النقابات والأحزاب.  أما دهمان فقد حمل الحركة النقابية كامل المسؤولية عن تهميش و تغييب المرأة عن العمل النقابي كونها لم تحرك ساكناَ على صعيد تفعيل الدور النسوي في النقابات , لكن هذا لا يعني إعفاء المؤسسات النسوية من التقصير و الإهمال لعدم إيلائها أهمية للعمل النقابي , مستغرباَ صمتها بهذا الشأن و عدم إثارتها لحملات ضغط على النقابات من أجل ضمان حصة للتمثيل النسائي في العمل النقابي , منوهاَ إلى خلو مقاعد اللجنة التنفيذية للنقابات العمالية  في محافظات غزة من أي عنصر نسائي , معتبراَ ذلك بأنه مؤشر سلبي و لا يشجع النساء لدخول المعترك النقابي الذي يعتبر المدخل الحقيقي للمشاركة السياسية و إبراز دورهن في كل المجالات الأخرى  التشكيك بقدرات المرأة :  و إستهجنت نزال ما يثيره البعض من تشكيك بقدرات المرأة و الإنتقاص من مكانتها و دورها على هذا الصعيد , و محاولة إقصائها عن قيادة النقابات , معتبرة أن هذا يندرج ضمن المفاهيم النمطية السائدة التي تبرز في كل محطة تحاول المرأة أن تتقدم  لتطالب بحقوقها سواء النقابية أو المادية أو بالعمل و القوانين أو المشاركة السياسية , حيث تقذف في وجهها المصطلحات المتعلقة بنقص المؤهلات و الكفاءة , فنقص الكفاءة ليست صفة ملازمة للمرأة , كما أن الكفاءة ليست حكراَ على الرجل , و الأمر هنا متعلق بعدم تكافؤ الفرص و التجارب و لا يتعلق بتركيبة المرأة الفسيولوجية أو طبيعة تكوينها النفسي .  و تشاطر البيومي إستهجان نزال بهذا الشأن و قالت ربما اعتدنا على اطلاق أحكام على مجمل القضايا دون الرجوع إلى أسبابها وتحليلها بشكل يمكننا من فهمها وتحديد رؤيتنا نحوها بشكل موضوعي ، واطلاق هذا الحكم هو جزء من هذا النهج وخاصة عندما يدور الحديث في قضايا المرأة بشكل خاص. وتجزم بما لا يدع مجال للشك و بحكم التجربة العملية في العمل مع فئة النساء العاملات أن النساء قادرات وبشكل فعال على خوض معركة العمل النقابي ، مشيرة في نفس الوقت إلى أن جمعية المرأة العاملة الفلسطينية إستطاعت على مدار الثلاثة سنوات السابقة حث وتشجيع العديد من العاملات للانخراط في العمل النقابي والانتساب للنقابات العمالية المختلفة كل حسب مهنتها وقد تكلل هذا الجهد بنجاح كبير من خلال نجاح خمس عاملات في الوصول إلى مقاعد في الهيئة القيادية العامة لاتحاد اللجان العمالية المستقلة والمكونة من 21 عضو/ة والتي تشكل الخطوة الأولى على طريق اندماج المرأة في العمل النقابي المنظم على أسس مهنية وديمقراطية مؤكدة أن لهذه  لهذه الخطوة أهمية كونها  تظهر نماذج نسوية قادرة على خوض الحياة النقابية في حال توفر بيئة داعمة لهن ، والأمر الآخر يتمثل في ضرورة إحداث نوع من التوازن الجندري في كافة الأجسام النقابية لكي تكون قضايا المرأة العاملة جزء لا يتجزأ من أولويات ومصالح هذه الطبقة.  من جهته إستند دهمان في حديثه عن هذه الجزئية إلى تجارب بعض النساء النقابيات بهذا الصدد موضحاَ أنهن شعرن بمحاولات للتشكيك بقدراتهن و قيادتهن للعمل النقابي , بل و إقصائهن عنه , و هناك رجال يرفضون من حيث المبدأ مشاركة النساء بأي عمل , أو يحاولون تصعيب مهامهن , مؤكداَ أن هناك نساء نقابيات أثبتن جدارة و كفاءة متميزة , و برعن في العمل النقابي  , إلا أنهن تركنه بسبب الصعاب و العقبات التي وضعت في طريقهن .  أليات تفعيل المشاركة :  و حول أليات تفعيل المشاركة النسائية في العمل النقابي شددت نزال على ضرورة التوجه لإجراء عمليات توعية و تثقيف مجتمعي و للنساء تحديداَ بأهمية المشاركة النقابية إنتساباَ و فعلاَ و مردودها على المرأة بمكاسب مادية و معنوية .  و أكدت نزال على ضرورة التوجه لإجراء إنتخابات في عموم النقابات يسبقها حملة تنسيب تستهدف خلالها المرأة العاملة و المهنية و تستقطبها على أساس برنامجي و دفعها للترشح لعضوية الهيئات القيادية بمستوياتها المختلفة , كذلك يتوجب إعطاء فرص متساوية للإنخراط في العمل النقابي و المشاركة في الهيئات المقررة على صعيد إقرار السياسات و ألية رسم القرار , إضافة لتظهير البعد النقابي في أليات العمل اليومي , داعية في الوقت نفسه الأحزاب السياسية لإيلاء العمل النقابي أكثر أهمية عبر تفعيل دور أعضاءها في النقابات .  و تعتقد البيومي هنا  أن الحاجة ماسة إلى تفعيل مشاركة المرأة في العمل النقابي وخاصة بعد ارتفاع وتيرة الاستغلال الذي تتعرض له الطبقة العاملة بشكل عام. أما فيما يتعلق بالمرأة فالحاجة مضاعفة فمن جانب يجب أن يتم العمل على توعية وتدريب النساء بأهمية وضرورة مشاركتهن في الحياة النقابية لضمان حقوقهن والدفاع عنها والعمل على تطويرها أيضاً ،ومن جانب آخر تبرز الحاجة إلى المزيد من الإصرار وخوض النضال من خلال تمكين النساء العاملات بمهارات القيادة والتفاوض والعمل على قاعدة الشراكة من اجل تحقيق هذه المشاركة وتفعيلها وخاصة في ظل عدم استقلالية النقابات العمالية وتحجر هياكلها التمييزية ضد المرأة وعدم ديمقراطيتها.  و أوضحت البيومي أن دمج المرأة في العمل النقابي أمراً يتطلب جهداً واسعاً وعلى عدة مستويات منها المستوى الأول و يتمثل بالتثقيف والتوعية والتدريب للنساء العاملات وتعريفهن بحقوقهن القانونية والنقابية وضرورة مشاركتهن في العمل النقابي بما فيه تقوية للحركة العمالية في فلسطين , و خلق قيادات نقابية جماهيرية قادرة على التأثير من أجل الدفاع عن مصالح العاملات وتنظيمهن في لجان عمالية والتي تعتبر حجر الزاوية في التنظيم النقابي من حيث تسلسلها المراتبي .   و المستوى الثاني يتمثل بالتشريعات والقوانين وتطبيقاتها و ممارسة الضغوط الكبيرة من أجل اصدار قانون نقابات عادل ويصون حرية التنظيم النقابي للعاملات والعمال على حد سواء ودون تمييز , و اصدار قانون ضمان اجتماعي يحمي الطبقة العاملة من البطالة على قاعدة المساواة والعدالة , و الضغط من أجل تنفيذ القوانين التي تنظم العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة " الطبقة العاملة – أصحاب العمل والدولة " وهى قانوني العمل والخدمة المدنية , كذلك الضغط على وزارة العمل من أجل اصدار اللوائح التنفيذية لقانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 وتفعيل دور مفتشى العمل لضمان تطبيق حقيقي لبنود القانون , إضافة لمتابعة إصدار القوانين وتعديل ما هو مجحف بحق الطبقة العاملة منها مثال " قانون الاستثمار " بالاضافة إلى تعديل ما هو تمييزي ضد المرأة في مختلف القوانين أو مشاريع القوانين الفلسطينية.  أما المستوى الثالث يتمثل في إتباع التقاليد الديمقراطية داخل الأجسام النقابية المختلفة وعلى رأسها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ، ولتحقيق ذلك يجب العمل  على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في النقابات العمالية المختلفة والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين , و العمل على ترسيخ استقلالية العمل النقابي بما يخدم مصالح الطبقة العاملة دون تمييز و رسم سياسات تعزز مشاركة المرأة  في العمل النقابي وتعمل على تفعيلها.  نشر في ملحق صوت النساء عام 2004


 في الوقت الذي تتجه فيه أنظار الحركة النسوية إلى المشاركة في العمل السياسي , و دخول المعركة الإنتخابية بكل قوة ممكنة , نجد أن هناك جبهة نسائية سقطت و إستسلمت لمصيرها المجهول , بسبب إهمالها و عدم تحصينها بالإهتمام الكافي و الرعاية المستمرة , هذه الجبهه هي جبهة المشاركة في العمل النقابي و تغييب النساء عنها و محاولة الإستفراد بها .

و دلت مؤشرات إلى تراجع نسبة المشاركة النسائية البسيطة التي كانت موجودة  و إن كانت مجرد إشراك تجميلي  , بفعل جمود العمل النقابي , و توظيفه لمصالح شخصية و حزبية , و سعي بعض الأطراف لإقصاء النساء عن هذا العمل الحيوي  الذي يعبر عن المطالب العادلة للعاملات و العاملين على حد سواء .

" صوت النساء " أماطت اللثام عن هذه القضية , و إستقصت أسباب غياب أو ضعف المشاركة النسائية في العمل النقابي , و أليات تفعيل هذه المشاركة في التحقيق التالي .

غياب قسري :

الكاتبة و الناشطة النسوية  ريما كتانة نزال ردت أسباب عزوف المرأة عن العمل النقابي إلى جملة من الأسباب منها أن المؤسسات النسوية من أطر و جمعيات و إتحادات رغم أنها توجهت في برامجها للمرأة العاملة أو المهنية , إلا أن هذا التوجه بقي إلى حد بعيد في إطاره النظري دون تجسيد هذا الدور بالأنشطة و الأليات , فلم يتم توجيه دعوة للعضوات العاملات و المهنيات المنتسبات للمؤسسات النسوية إلى التوجه إلى النقابات للإنتساب في أطرها المتخصصة و لم يتم كذلك توجيه أنشطتها بشكل منهجي و مخطط لتحقيق قضاياهن المطلبية و النقابية .

و أشارت نزال إلى أن النقابات سواء العمالية أو المهنية تحولت إلى مؤسسات سياسية تعمل بالشأن السياسي أكثر من الهم المطلبي الذي على أساسه تشكلت مما جعل العاملات و المهنيات يعزفن عن الإنتساب لعضويتها لأن همومهن و مصالحهن تماهت مع الهموم السياسية فالنقابات في ذهن جمهورها المفترض فصائل أو أجسام سياسية , منوهة في نفس الوقت إلى أن الصراعات الداخلية و الإنشقاقات و الخلافات التنظيمية في النقابات ساهم في إبتعاد النساء عن العضوية و الإنتساب , كذلك غياب الحياة الديموقراطية عن الأجسام النقابية ممثلة بدورية الإنتخابات لتجديد الهيئات القيادية مع ما يسبقها من تحضيرات تنظيمية كحملات التنسيب و المؤتمرات القاعدية جعل الهيئات القيادية للنقابة هيئات أبدية لأصحابها و كأنها قطاع خاص و ملكية فردية , مما قلل فرص النساء و أقصاهن بشكل عام عن العمل النقابي ووقف عائقاَ أمام تجديد دمائها و رفدها بطاقات جديدة سواء نسوية أو شابة .

و تشاركها الرأي ليلى البيومي منسقة مشروع فرص متساوية للعاملات في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية  التي أوضحت أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ضعف مشاركة المرأة في الحياة النقابية في فلسطين فمنها ما هو مرتبط بعوامل موضوعية ومنها ما هو مرتبط بعوامل ذاتية تتعلق بالمرأة , أما عن العوامل الذاتية فهي تعود إلى أسباب منها تأثير الحياة المهنية على المشاركة النقابية , و ضعف نسبة القوى العاملة النسائية الرسمية في سوق العمل المحلي الرسمي (12%-13%) , وضعف الوعي النقابي بشكل عام , أما عن العوامل الموضوعية فهي تتمثل بالصورة التي تعكسها النقابة ( الهيكلية وحالة التهميش للنساء ) , و الخشية من المضايقات والانتقام من قبل أصحاب العمل ,  و تأثير الجماعات الانتمائية على المشاركة النقابية حيث تتمثل من خلال الكتل النقابية , كذلك  تأثير المجتمع على المشاركة النقابية ( المهام الاجتماعية والعائلية وتقسيم الأدوار) و غياب الديمقراطية وآليات التطوير المتمثلة في الانتخابات وتداول السلطة  كلها أسباب حالت دون مشاركة المرأة و جعلتها بعيدة عن هذا المعترك .

أما محمد دهمان رئيس مركز الديموقراطية و حقوق العاملين عزا بعض من الأسباب إلى عدم توفر الإهتمام الجدي و الحقيقي  من قبل قطاع نسوي واسع  بالإنضمام إلى النقابات , و إدراك أهميتها في الدفاع عن حقوقهن المهضومة ,  و تعزيز مكانتهن في المجتمع  , مع العلم أن أغلب النساء يفضلن الأعمال الإدارية , و هناك نسبة كبيرة من العمالة النسوية تعمل في مجال الخدمات العامة ,  كذلك  العادات و التقاليد في المجتمع الفلسطيني حالت دون مشاركة المرأة في العمل النقابي  بإعتبار أن وظيفتها المنزلية أهم من الأعمال الأخرى , مشيراَ في ذات الوقت إلى أن النقابات أهملت النساء و لم تفعل شيئاَ لإجتذابهن للعمل النقابي , بل أن هناك محاولات لإقصائهن عن العمل النقابي , معللاَ ذلك بإنخفاض نسبة المشاركة النسوية الموجودة إلى 5%  من أصل 11% و هذا دليل واضح على ما ذكر .

أضرار بالغة :

و فيما يتعلق بالأضرار التي لحقت بالنساء جراء غيابهن أو إقصائهن عن العمل النقابي , أوضحت نزال أن هذا الغياب أدى بدوره إلى تغييب قضايا المرأة النقابية و المطلبية عن برامج النقابات , فلا يستطيع الذكور مهما أوتو من قدرة على تمثيل هموم و مصالح المرأة و مطالبها , كما أن غياب المرأة أفقد العمل النقابي زخماَ و فعالية القطاع النسوي العامل الذي يعاني هموماَ تتقاطع مع هموم القطاع العمالي و المهني و له خصوصية حيث يعاني من التمييز الحقوقي و المالي و يجري إستغلاله و تحديداَ في القطاع غير المنظم كالعاملات في الزراعة أو السكرتيرات و الممرضات و خادمات البيوت و المتعاقدات بعقود باطنية , كذلك نتيجة غياب المرأة عن نقاباتها أدى و سيؤدي بالضرورة إلى غيابها عن العمل العام الوطني و الإجتماعي مما أفقد الحركة الوطنية و السياسية الزخم الجماهيري , مشيرة إلى أن عدم مشاركة المرأة النقابية عكس عدم مشاركتها في الجدل الدائر حول قوانين تمسها و ذات صلة مع شأنها اليومي الحياتي و المادي و جعل القوانين إلى حد بعيد ذكورية لدى وضعها و نقاشها و حين إقرارها .

و ترى البيومي أن الضرر هنا يبدأ من أصغر مكونات المجتمع وهي الأسرة انتهاء بالهيئات القيادية التي تصنع قرارات المجتمع فقد تضررت مصالح النساء نتيجة هذا الغياب فأصبحت المرأة العاملة هي الأكثر عرضة للاستغلال في قطاعات العمل المختلفة سواء الخاصة أو العامة من حيث التمييز في التوظيف والأجور والترقيات وعلى مستوى القوانين أيضاً ،  و هناك تمييز واضح  ضد النساء على هذا الصعيد ، وقد طال هذا الضرر مصالح النساء حتى في مشاريع الطواريء التي تم تنفيذها على مدار السنوات الأربعة الأخيرة وكانت نسبة استفادة النساء منها ضئيلة جداً ، الأمر الذي كان له العديد من الانعكاسات السلبية على أوضاع المرأة العاملة فحرمانها من فرص العمل وانتهاك حقوقها أصبح أمرأ مهيناً كما أصبحت تعقد على حسابها صفقات غير نزيهة للاستئثار بفرص النساء ، كما أصبح التهميش والاقصاء للمرأة مكون من المكونات الثقافية لمجتمعنا.

كما إعتبر دهمان أن الضرر الذي يلحق بالنساء مزدوج , سواء من حيث عدم التأثير في قرارات الحركة النقابية فيما يتعلق بحقوقهن الإقتصادية و الإجتماعية , و إضعاف الإهتمام النقابي بشكل عام في الدفاع عن حقوقهن و مطالبهن التشغيلية ,  أو من حيث مشاركتهن في مجمل عملية البناء المجتمعي لا سيما السياسي منها و التأثير في صناعة القرار  و تهميشهن بهذا الجانب .

و أضاف دهمان أن المجتمع ينظر نظرة دونية للمشاركة النسائية في العمل النقابي , و ساهم في تكريس هذه النظرة , الدور المنغلق الذي تلعبه النقابات بهذا الصدد و المنغمس في العمل الإداري المحض , بحيث لم تبلور حركة إجتماعية ضاغطة و حقيقية للدفاع عن حقوق النساء العاملات , مبيناَ أن النقابات الموجودة أضعفت العمل النقابي و أفرغته من محتواه النضالي , بسبب عدم إستقلاليتها و نأيها عن المنهج الديموقراطي في سياساتها و برامجها

مسؤولية الحركة النسوية :

و إذا كان الطابع الذكوري للمجتمع الفلسطيني سبباَ في غياب النساء عن العمل النقابي فإن الحركة النسوية تتحمل جزءاَ من مسؤولية هذا الغياب كما تقول نزال كونها لم تتبع أليات التنسيق مع المؤسسة النقابية لردم الفجوة الموجودة , لذلك مطلوب من الحركة النسوية دعوة النساء للإنتساب لعضوية النقابات على أساس برنامجها القطاعي المطلبي , مع التأكيد على ضرورة الدخول في أليات التشبيك و التنسيق و الضغط مع هذه النقابات لرعاية مصالحها و مطالب القطاع النسوي , كما يتوجب على الحركة النسوية تثقيف قاعدتها النسوية حول أهمية العمل النقابي لتحسين وضع المرأة العاملة و تحقيق مكتسبات و إنجازات تتعلق بقوانين العمل و الحقوق .

و ذهبت البيومي إلى مدى أبعد في تحميل المسؤولبة للمجتمع بأسره وليست للمؤسسات النسوية فقط ، و أوضحت أن التشكيل الحالي للنقابات العمالية عبارة عن توليفة من كافة الكتل النقابية للأحزاب وهذا يعكس وضعية المرأة في الأحزاب نفسها والتي تعاني أيضاً من التهميش، معتبرة أن من الأسباب الرئيسية لغياب المرأة عن العمل النقابي هو حالة التهميش في النقابات للمرأة وعدم تبني النقابات العمالية لمصالح الطبقة العاملة حيث أنها أفرغت من هدف تأسيسها وبالتالي أين الجدوى من انخراط النساء في النقابات بشكلها الحالي ؟ ولكن كما في الغالب الجميع يفضلون التنصل من مسئولياتهم والقاء اللوم عادة ما يكون على المؤسسات النسوية التي عملت وما زالت تعمل مع النساء من أجل اشراكهن في كافة مجالات الحياة ، إلا أن هذه الجهود تصطدم بتحديات كبيرة مما يتطلب تضافر جهود كافة مؤسسات المجتمع المدني بما فيها النقابات والأحزاب.

أما دهمان فقد حمل الحركة النقابية كامل المسؤولية عن تهميش و تغييب المرأة عن العمل النقابي كونها لم تحرك ساكناَ على صعيد تفعيل الدور النسوي في النقابات , لكن هذا لا يعني إعفاء المؤسسات النسوية من التقصير و الإهمال لعدم إيلائها أهمية للعمل النقابي , مستغرباَ صمتها بهذا الشأن و عدم إثارتها لحملات ضغط على النقابات من أجل ضمان حصة للتمثيل النسائي في العمل النقابي , منوهاَ إلى خلو مقاعد اللجنة التنفيذية للنقابات العمالية  في محافظات غزة من أي عنصر نسائي , معتبراَ ذلك بأنه مؤشر سلبي و لا يشجع النساء لدخول المعترك النقابي الذي يعتبر المدخل الحقيقي للمشاركة السياسية و إبراز دورهن في كل المجالات الأخرى

التشكيك بقدرات المرأة :

و إستهجنت نزال ما يثيره البعض من تشكيك بقدرات المرأة و الإنتقاص من مكانتها و دورها على هذا الصعيد , و محاولة إقصائها عن قيادة النقابات , معتبرة أن هذا يندرج ضمن المفاهيم النمطية السائدة التي تبرز في كل محطة تحاول المرأة أن تتقدم  لتطالب بحقوقها سواء النقابية أو المادية أو بالعمل و القوانين أو المشاركة السياسية , حيث تقذف في وجهها المصطلحات المتعلقة بنقص المؤهلات و الكفاءة , فنقص الكفاءة ليست صفة ملازمة للمرأة , كما أن الكفاءة ليست حكراَ على الرجل , و الأمر هنا متعلق بعدم تكافؤ الفرص و التجارب و لا يتعلق بتركيبة المرأة الفسيولوجية أو طبيعة تكوينها النفسي .

و تشاطر البيومي إستهجان نزال بهذا الشأن و قالت ربما اعتدنا على اطلاق أحكام على مجمل القضايا دون الرجوع إلى أسبابها وتحليلها بشكل يمكننا من فهمها وتحديد رؤيتنا نحوها بشكل موضوعي ، واطلاق هذا الحكم هو جزء من هذا النهج وخاصة عندما يدور الحديث في قضايا المرأة بشكل خاص. وتجزم بما لا يدع مجال للشك و بحكم التجربة العملية في العمل مع فئة النساء العاملات أن النساء قادرات وبشكل فعال على خوض معركة العمل النقابي ، مشيرة في نفس الوقت إلى أن جمعية المرأة العاملة الفلسطينية إستطاعت على مدار الثلاثة سنوات السابقة حث وتشجيع العديد من العاملات للانخراط في العمل النقابي والانتساب للنقابات العمالية المختلفة كل حسب مهنتها وقد تكلل هذا الجهد بنجاح كبير من خلال نجاح خمس عاملات في الوصول إلى مقاعد في الهيئة القيادية العامة لاتحاد اللجان العمالية المستقلة والمكونة من 21 عضو/ة والتي تشكل الخطوة الأولى على طريق اندماج المرأة في العمل النقابي المنظم على أسس مهنية وديمقراطية مؤكدة أن لهذه  لهذه الخطوة أهمية كونها  تظهر نماذج نسوية قادرة على خوض الحياة النقابية في حال توفر بيئة داعمة لهن ، والأمر الآخر يتمثل في ضرورة إحداث نوع من التوازن الجندري في كافة الأجسام النقابية لكي تكون قضايا المرأة العاملة جزء لا يتجزأ من أولويات ومصالح هذه الطبقة.

من جهته إستند دهمان في حديثه عن هذه الجزئية إلى تجارب بعض النساء النقابيات بهذا الصدد موضحاَ أنهن شعرن بمحاولات للتشكيك بقدراتهن و قيادتهن للعمل النقابي , بل و إقصائهن عنه , و هناك رجال يرفضون من حيث المبدأ مشاركة النساء بأي عمل , أو يحاولون تصعيب مهامهن , مؤكداَ أن هناك نساء نقابيات أثبتن جدارة و كفاءة متميزة , و برعن في العمل النقابي  , إلا أنهن تركنه بسبب الصعاب و العقبات التي وضعت في طريقهن .

أليات تفعيل المشاركة :

و حول أليات تفعيل المشاركة النسائية في العمل النقابي شددت نزال على ضرورة التوجه لإجراء عمليات توعية و تثقيف مجتمعي و للنساء تحديداَ بأهمية المشاركة النقابية إنتساباَ و فعلاَ و مردودها على المرأة بمكاسب مادية و معنوية .

و أكدت نزال على ضرورة التوجه لإجراء إنتخابات في عموم النقابات يسبقها حملة تنسيب تستهدف خلالها المرأة العاملة و المهنية و تستقطبها على أساس برنامجي و دفعها للترشح لعضوية الهيئات القيادية بمستوياتها المختلفة , كذلك يتوجب إعطاء فرص متساوية للإنخراط في العمل النقابي و المشاركة في الهيئات المقررة على صعيد إقرار السياسات و ألية رسم القرار , إضافة لتظهير البعد النقابي في أليات العمل اليومي , داعية في الوقت نفسه الأحزاب السياسية لإيلاء العمل النقابي أكثر أهمية عبر تفعيل دور أعضاءها في النقابات .

و تعتقد البيومي هنا  أن الحاجة ماسة إلى تفعيل مشاركة المرأة في العمل النقابي وخاصة بعد ارتفاع وتيرة الاستغلال الذي تتعرض له الطبقة العاملة بشكل عام. أما فيما يتعلق بالمرأة فالحاجة مضاعفة فمن جانب يجب أن يتم العمل على توعية وتدريب النساء بأهمية وضرورة مشاركتهن في الحياة النقابية لضمان حقوقهن والدفاع عنها والعمل على تطويرها أيضاً ،ومن جانب آخر تبرز الحاجة إلى المزيد من الإصرار وخوض النضال من خلال تمكين النساء العاملات بمهارات القيادة والتفاوض والعمل على قاعدة الشراكة من اجل تحقيق هذه المشاركة وتفعيلها وخاصة في ظل عدم استقلالية النقابات العمالية وتحجر هياكلها التمييزية ضد المرأة وعدم ديمقراطيتها.

و أوضحت البيومي أن دمج المرأة في العمل النقابي أمراً يتطلب جهداً واسعاً وعلى عدة مستويات منها المستوى الأول و يتمثل بالتثقيف والتوعية والتدريب للنساء العاملات وتعريفهن بحقوقهن القانونية والنقابية وضرورة مشاركتهن في العمل النقابي بما فيه تقوية للحركة العمالية في فلسطين , و خلق قيادات نقابية جماهيرية قادرة على التأثير من أجل الدفاع عن مصالح العاملات وتنظيمهن في لجان عمالية والتي تعتبر حجر الزاوية في التنظيم النقابي من حيث تسلسلها المراتبي .

 و المستوى الثاني يتمثل بالتشريعات والقوانين وتطبيقاتها و ممارسة الضغوط الكبيرة من أجل اصدار قانون نقابات عادل ويصون حرية التنظيم النقابي للعاملات والعمال على حد سواء ودون تمييز , و اصدار قانون ضمان اجتماعي يحمي الطبقة العاملة من البطالة على قاعدة المساواة والعدالة , و الضغط من أجل تنفيذ القوانين التي تنظم العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة " الطبقة العاملة – أصحاب العمل والدولة " وهى قانوني العمل والخدمة المدنية , كذلك الضغط على وزارة العمل من أجل اصدار اللوائح التنفيذية لقانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 وتفعيل دور مفتشى العمل لضمان تطبيق حقيقي لبنود القانون , إضافة لمتابعة إصدار القوانين وتعديل ما هو مجحف بحق الطبقة العاملة منها مثال " قانون الاستثمار " بالاضافة إلى تعديل ما هو تمييزي ضد المرأة في مختلف القوانين أو مشاريع القوانين الفلسطينية.

أما المستوى الثالث يتمثل في إتباع التقاليد الديمقراطية داخل الأجسام النقابية المختلفة وعلى رأسها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ، ولتحقيق ذلك يجب العمل  على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في النقابات العمالية المختلفة والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين , و العمل على ترسيخ استقلالية العمل النقابي بما يخدم مصالح الطبقة العاملة دون تمييز و رسم سياسات تعزز مشاركة المرأة  في العمل النقابي وتعمل على تفعيلها.

نشر في ملحق صوت النساء عام 2004 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-