عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح *الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة سيتم في العام الحالي *لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل نقلة نوعية في العلاقة الداخلية و العمل المشترك. * قرارات المجلس الثوري الأخيرة تبشر بالخير

حاوره: محمد توفيق أحمد كريزم 

عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح

الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة سيتم في العام الحالي

لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل نقلة نوعية في العلاقة الداخلية و العمل المشترك.

قرارات المجلس الثوري الأخيرة تبشر بالخير

حاوره: محمد توفيق أحمد كريزم   عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح  الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة سيتم في العام الحالي  لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل نقلة نوعية في العلاقة الداخلية و العمل المشترك.  قرارات المجلس الثوري الأخيرة تبشر بالخير          عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح      لا شك أن منطقة الشرق الأوسط برمتها طرأت عليها مستجدات و متغيرات سياسية هامة، توازياً مع الساحة الفلسطينية التي تشهد تحركاً سياسياً مكثفاً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه حول مدى جدية الموقف الإسرائيلي بهذا الشأن، وتصميم الموقف الأمريكي على المضي قدماً في التسوية، رغم أن الشهور القليلة المقبلة ستكون حاسمة في رسم الأفق السياسي للمنطقة، و ستفرز المواقف جميعها السلبي منها و الإيجابي.  " الرأي" حاورت عبدالله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح) و سفير دولة فلسطين في ألمانيا حيث تطرق في حديثه إلى جملة من القضايا الجوهرية منها ماهو على المستوى الفلسطيني العام، وأخرى على مستوى حركة فتح لاسيما ما يتعلق بترتيب البيت الفتحاوي وإستنهاض الحركة من جديد لتأخذ دورها الطليعي في قيادة شعبنا، كما أن هناك العديد من القضايا والإشكاليات الآنية التي أدلى برأيه فيها و ذلك في هذا الحوار الصريح و الواضح.  حاوره: محمد توفيق أحمد كريزم   عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح  الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة سيتم في العام الحالي  لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل نقلة نوعية في العلاقة الداخلية و العمل المشترك.  قرارات المجلس الثوري الأخيرة تبشر بالخير        عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح      لا شك أن منطقة الشرق الأوسط برمتها طرأت عليها مستجدات و متغيرات سياسية هامة، توازياً مع الساحة الفلسطينية التي تشهد تحركاً سياسياً مكثفاً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه حول مدى جدية الموقف الإسرائيلي بهذا الشأن، وتصميم الموقف الأمريكي على المضي قدماً في التسوية، رغم أن الشهور القليلة المقبلة ستكون حاسمة في رسم الأفق السياسي للمنطقة، و ستفرز المواقف جميعها السلبي منها و الإيجابي.  " الرأي" حاورت عبدالله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح) و سفير دولة فلسطين في ألمانيا حيث تطرق في حديثه إلى جملة من القضايا الجوهرية منها ماهو على المستوى الفلسطيني العام، وأخرى على مستوى حركة فتح لاسيما ما يتعلق بترتيب البيت الفتحاوي وإستنهاض الحركة من جديد لتأخذ دورها الطليعي في قيادة شعبنا، كما أن هناك العديد من القضايا والإشكاليات الآنية التي أدلى برأيه فيها و ذلك في هذا الحوار الصريح و الواضح.      *  الأن و بعد أن تحققت الهدنة على الأرض ووقف إطلاق النار والتزام كافة الفصائل الفلسطينية بهذا الشأن، ماذا بعد ذلك؟ ما هي إستراتيجية العمل الفلسطيني للمرحلة المقبلة؟  -  الأن نستطيع القول أن الطريق بدأت أسهل للسلطة الوطنية الفلسطينية و رئيسها الأخ محمود عباس ( أبو مازن) لمخاطبة المجموعة الدولية التي تشرف على معالجة و حل قضية الشرق الأوسط ، و المناخ أصبح أفضل بالنسبة للشعب الفلسطيني عما كان عليه قبل قمة شرم الشيخ، والتفاهم مع إخواننا في حركة حماس و الجهاد الإسلامي وباقي التنظيمات والفصائل الأخرى المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، جعل الفلسطينين أقوى في المفاوضات أمام الطرف الإسرائيلي.  وأعتقد أن هذه النقطة الأولى المهمة لنضج العمل الفلسطيني المشترك، وأمل أن يتم تطوير وتعميق الحوارات الداخلية الفلسطينية بشكل يزيل الشك الدائم فيما بيننا و مع بعضنا البعض، كي نتحرك على الساحة الدولية، وأن يثق الجميع بأننا حريصون على القضية الفلسطينية، وراغبون جداً في الوصول إلى نتائج مشرفة في كافة القضايا المعلقة بيننا و بين الإسرائيليين, وهنا قمة شرم الشيخ أفرزت نتائج إيجابية نلخصها في تحرير إخواننا المعتقلين والأسرى، حيث تم تشكيل لجنة ثنائية فلسطينية – إسرائيلية، و هي نقطة أساسية ومهمة وجديدة في معالجة قضية الأسرى و المعتقلين لكافة أبناء الشعب الفلسطيني وليس للسلطة أو لتنظيم فتح أو تنظيمات معينة، ثم أننا إتفقنا مع الإسرائيليين على أن يغادروا خمسة مناطق جغرافية وليس مجرد مدن، وأعتقد أن ذلك يمثل راحة كبيرة للشعب الفلسطيني بشكل عام، وإتفقنا على تفكيك الحواجز بشكل تدريجي.  وهنا يمكن الجزم أن المناخ العام داخل الساحة الفلسطينية أفضل من المناخ السائد داخل الساحة الإسرائيلية، أي أن الإسرائيليين يعيشون حالة إرتباك بسبب توالي التهديدات المستمرة للمسؤولين الإسرائيليين، وكون الحكومة الإسرائيلية بدت غير متصلبة في طرحها وتعاملها مع الفلسطينين مما يشجع على الإستمرار في الحوار معهم، من منطلق أن الفلسطينيون أفضل بكثير مما كانوا عليه قبل مؤتمر شرم الشيخ.  *  هل تعتقد أن الجانب الإسرائيلي أكثر جدية من ذي قبل على صعيد إحترامه لوقف إطلاق النار والإنسحاب والدفع بإتجاه تحريك العملية السلمية وتنفيذ إستحقاقاتها؟   - يجب ألا ننظر لمسألة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وما يرافقها من مفاوضات من هذه الزاوية، فعندما ننطلق يجب أن نعرف ماذا نريد نحن كفلسطينيين، وعندما نحدد ماذا نريد نحن يجب أن نقوم بتجنيد الأصدقاء في كافة أرجاء العالم لمساعدتنا في الوصول إلى ما نريد نحن، وعندما ننطلق يجب ألا ننطلق على الإطلاق من الرغبة الإسرائيلية، لكن يجب أن نأخذها بعين الإعتبار ولا نستطيع أن نتجاهلها، إلا أنه و في نفس الوقت يجب ألا نعتبرها من المسلمات و الأمور القدرية وكأنه قدر بالنسبة لنا و يجب أن نتعامل معه، وأقول هنا لا، هناك مواقف إسرائيلية لا نقبل بها على الإطلاق ويجب أن نتعامل معها من أجل تغييرها لصالح شعبنا، وهذا هو سر الصراع بيننا وبين الإسرائيليين، هناك كثير من الأخوة ينطلقون دائماً من موقف شارون أو الحكومة الإسرائيلية أو أي حكومة أخرى، بدون شك أيضاً الإسرائيليون لا ينطلقون من الموقف الفلسطيني، هنا نحن نعيش الأن في حالة مفاوضات و تعتبر حرب هادئة ليس فيها صوت للرصاص لكنها صراع حقيقي بيننا وبين الإسرائيليين، نحن أولاً في هذا الصراع نملك المقومات التالية، العالم كله يقف معنا لتحقيق خارطة الطريق التي تقود بنتيجتها النهائية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لذلك نحن نعيش حالة إطمئنان من هذه الناحية، لكن يجب أن يبقى العالم كله واقفاً إلى جانبنا لتحقيق ذلك،ويجب ألا نعطي إسرائيل فرصة أن تتنصل من إلتزاماتها تجاه شعبنا أو نساعدها في التمسك بمطالبها القصوى، وهذا هو الذي يفرض علينا ضرورة التناغم في الساحة الفلسطينية بين كافة الفصائل الفلسطينية والسلطة لكي نكون قادرين على الحركة والمرونة في التعامل مع الطرف الأخر.  * هل يمكن إعتبار لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل قاعدة إنطلاق للتحرك السياسي و العمل الفلسطيني المشترك وتوسيع دائرة صنع القرار؟   - أعتقد أن اللقاءات التي تمت مع الأخوة في حركة حماس والجهاد الإسلامي مع الأخ أبو مازن تشكل نقلة نوعية في العلاقة الفلسطينية، كذلك الإجتماعات التي تمت مع بقية فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في منظمة التحرير الفلسطينية كان فيها وضوح وصراحة أكبر وإستعداد وتفهم جيد في التعامل، وهاتان النقطتان ضروريتان للحركة الفلسطينية ومنع تعثرها، ودائماً الحركة تتعثر نتيجة الحوارات غير المتوازنة وغير المدروسة حيث كانت تعتمد إسلوب التشكيك المستمر، وأعتقد أننا بهذه اللقاءات الأخيرة نجحنا في طمأنة حماس والجهاد الإسلامي وطمأنة بقية التنظيمات والفصائل الأخرى، لذلك كان هناك راحة للأخ الرئيس أبو مازن وللقيادة الفلسطينية لأنهم شعروا أن التشكيك الدائم الذي كان مطروح من بعض الأخوة بالنسبة لتوجهنا السياسي غير مبرر، وهذا أيضاً مهم لنا كسلطة عندما نتحرك سياسياً بإتجاه التفاوض مع الطرف الإسرائيلي، يجب أن نشعر بأننا مدعومين من إخواننا في الساحة الفلسطينية وهذا يساعدنا على التمسك بمطالبنا أكثر فأكثر.  * هل المؤشرات الأمريكية الأخيرة تجاه القيادة الفلسطينية توحي بتغير في الموقف الأمريكي، وزيارة رايس للمنطقة دليل على ذلك؟   -  لو نظرنا إلى الموقف الأمريكي الرافض للحديث مع الفلسطينين الذي كان سائداً في الماضي، فيمكن القول هنا أن الموقف الأمريكي يعتبر نقلة نوعية، ولو نظرنا إلى طريقة التعامل الشخصي مع الأخ أبو مازن والقيادة الفلسطينية من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لوجدنا أن هناك نوع من الإرتياح لدى الطرفين, أيضاً الزيارة بالنسبة للوزيرة رايس تعتبر مهمة جداً لأنها تأتي كمحطة أولى أو رئيسية لها، وهذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تعطي إهتماماً لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بدلاً من التجاهل الدائم الذي كان موجوداً حتى هذه اللحظة، لذلك أعتقد أن هذا الأمر مهم، ويجب ألا يفهم من ذلك تحت أي ظرف أن هناك وهم بأن السياسة الأمريكية سوف تتبنى الموقف الفلسطيني، ويجب العلم بأن السياسة الأمريكية كانت دائماً منحازة بإستمرار للجانب الإسرائيلي، ونحن الأن نسعى أن لا يكون هذا الإنحياز مطلق كما هو في الماضي، وأن يتم الحديث معنا في كافة القضايا المعلقة والإستماع لنا كشعب فلسطيني، أيضاً تعيين مسؤول أمريكي كبير للإشراف على العلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية، وهذا كما نعرف مطلب فلسطيني بالأساس، فإسرائيل دائماً في الماضي كانت تستفرد بالطرف الفلسطيني في المفاوضات في عدم وجود أي شاهد، فمثلاَ أثناء حكم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون كان هناك طرف أمريكي موجود وبناءاً على رغبة باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق في عام 2000 تم سحب الشاهد أو الوسيط الأمريكي، والأن يعود هذا الوسيط أو الشاهد، لذلك نعتقد أن هذه نقطة إيجابية، لكن يجب دائماً أن نقول أن الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها وتعاملها تعتمد إسرائيل كمحطة أهم من أي محطةأخرى، أما بالنسبة لنا الأن وفي تعاملنا مع الولايات المتحدة الأمريكية نشعر بأن الإستعداد للحديث معنا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ساهم في إجبار الإسرائيليين أيضاً على الحديث معنا, وكما تذكر في الفترة الماضية كانت إسرائيل ترفض الحديث مع الفلسطينين وليس العكس، لذلك عندما نتحدث عن القضية الفلسطينية كطرف فهذا يعتبر إنجاز، ويجب التأكيد أنه لا يوجد أي طرف فلسطيني أن يتنازل عن المطالب أو الثوابت الفلسطينية مهما كان الأمر.  * على صعيد ترتيب البيت الفتحاوي، جرت إجتماعات للمجلس الثوري مؤخراً وإتخذت جملة من القرارات الحاسمة، هل تطلعنا على مضمون هذه القرارات؟   -  نحن في داخل البيت الفتحاوي وعندما تم الإتفاق على أن يكون الأخ أبو مازن مرشح لحركة فتح إلى الرئاسة تم الإتفاق على وضع برنامج و يعد أهم برنامج وطني وأهم نقطة فيه هي إصلاح البيت الفلسطيني و في حواراتنا كلنا يعلم بأنه لا يمكن إصلاح البيت الفلسطيني دون إصلاح البيت الفتحاوي، ودون إصلاح البيت الفتحاوي لا يمكن أن يتم أي تقدم في داخل الساحة الفلسطينية، لأن حركة فتح هي التي تقود العمل السياسي و المشروع الفلسطيني بإتجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لذلك أصبحت فكرة أو ضرورة الإصلاح أصبحت ملحة وطاغية أكثر من أي وقت مضى داخل المؤسسة الفتحاوية حيث بدأت اللجنة المركزية للحركة التعامل على هذه الأرضية، فوضعت برامجها ونجحت اللجنة المركزية و المجلس الثوري وأبناء حركة فتح في دعم الأخ أبو مازن حتى نجح و أصبح رئيس السلطة الفلسطينية بنسبة 62% وهذا دعم بشكل مباشر لبرنامج العمل الوطني لحركة فتح، ولكن هذا البرنامج يجب أن يتم النقاش فيه داخل أطر حركة فتح، والإنتخابات البلدية والمجالس المحلية التي جرت مؤخراً كانت ضربة موجعة لحركة فتح لأنها سقطت في هذه الإنتخابات، وسقطت بهذا الشكل ليس لقوة حركة حماس وإنما لضعف الأداء الفتحاوي، وللترهل الموجود في داخل الحركة، و لوجود إختلاف بين كثير من أبناء الحركة مما ساعد على إنجاح القوائم التي طرحتها حركة حماس، وما جعل سقوط حركة فتح أمراً طبيعياً لأن حالة التردي وصلت إلى هذه الدرجة الكبيرة، الأن الكل يشعر في حركة فتح بحجم الخسارة والهزيمة التي منيت بها الحركة، وبضرورة أن نستنهض كافة قوانا لكي نتخلص ونتحرر من هذا الترهل الذي أثقل كاهلنا و عطل حركتنا، لذلك بدأ التوجه في قطاع غزة و الضفة الغربية لإعادة ترتيب وبناء مكتب التعبئة والتنظيم بشكل يجعل إعادة حصر أبناء حركة فتح في كل مكان وبشكل سريع جداً أمر ممكن وإعادة توزيع المهام والأدوار لكي نستطيع أن نواجه الإستحقاقات القادمة علينا في المجالس البلدية وفي المجلس التشريعي.  وأعتقد أن الخطوات التي إتخذتها حركة فتح في المجلس الثوري الذي عقد قبل فترة وجيزة في غزة و الإجتماعات التي تلت ذلك كلها خطوات تبشر بالخير ولكن ليست كافية ويجب أن نسعى ونعمل على إعادة الأطر الحركية بشكل أفضل على مما هي عليه الأن.   * وهل إستقالة اللجنة الحركية العليا في غزة هي أولى هذه الخطوات؟  - بدون شك نعم، إستقالة الأخوة في اللجنة الحركية العليا خلقت ومهدت الطريق لكي يتم إتخاذ خطوات للنهوض بالتنظيم بشكل أفضل مما كان عليه في الماضي, و أقول أن لدينا قرار فتحاوي واحد ولكن لدينا تناقضات فتحاوية تبرز على السطح أكثر من بروز القرار الفتحاوي الواحد، وهذه هي المشكلة الحقيقية التي نواجهها وهذه الحالة التي لابد من ضبطها ويجب أن يتم إنتقال القيادة إلى القاعدة وأن يكون العمل ميداني حتى يتم الإلتحام بين القيادة و القاعدة والعكس، لأنه بدون هذا الإلتحام وبدون هذا العمل الميداني لا تستطيع أن توصل فكرتك إلى أبناء الحركة ولا تستطيع أن توصلها لا بجريدة ولا بنشرة ولا بتعميم، الأن هناك ضرورة ملحة أن يتم حوارات داخلية وهذا ما شعرنا به أثناء الحملة الإنتخابية بأن هناك تعطش كبير من قبل أبناء الحركة للحوارات وخاصة بين الكوادر القيادية والكوادر التي تتحمل المسؤولية في الميدان، وهذا الأمر أصبح ليس فقط ضرورة ملحة وإنما أمر بدونه لا يمكن تحقيق النجاح لحركة فتح.   * كيف يمكن لحركة فتح إستعادة جماهيريتها المعهودة وبريقها التنظيمي لكي تعلن إنطلاقتها من جديد؟   - يجب أن نعلم أن شعبية و جماهيرية حركة فتح ليست مرهونة بعمل عسكري، الإنطلاقة الحقيقية هنا هي إعادة بناء التنظيم الفتحاوي وأطره وإفساح المجال لكافة أبناء الحركة، ماهي المشكلة الأن؟ المشكلة أن هناك الكثير من أبناء الحركة خارج الإطار، طاقاتهم فردية ويعملوا خارج إطار الحركة وهذا بدوره قاد إلى نوع من الإتكالية داخل الحركة، وتسرب اليأس إلى نفوس البعض، لذلك يجب خلق الإطار الذي يلتقي فيه جميع الفتحاويين بحيث يختلفون ويتفقون داخله، لذلك نحن نسعى الأن إلى خلق الإطار الشامل الواسع الذي يعطي الفرصة لكل أبناء الحركة أن يتواجدوا فيه ويعملوا من خلاله.   * الأن ونحن نقترب من موعد إنعقاد المؤتمر الحركي السادس. هل كل شيء يسير على مايرام من حيث الإستعدادات و التجهيز؟ ومن هم أعضاؤه الذين يحق لهم حضوره؟   - أولاً البرنامج السياسي لم يتغير ويتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والبرنامج يعتمد على خطاب الأخ أبو عمار رحمه الله الأخير الذي ألقاه في المجلس التشريعي في شهر أب من العام الماضي والذي تبناه الأخ أبو مازن في برنامج العمل الوطني خلال حملة ترشيحه للإنتخابات الرئاسية، يعني أن البرنامج موجود و لكن المشكلة ليست في غياب أو وجود البرنامج، المشكلة هنا في عدم تمكن الحركة من جمع كل الطاقات الموجودة لديها كما كان في الماضي للخروج بحركة واحدة إلى الجماهير، و الإتفاق على مرشحين في قائمة واحدة لإنتخابات المجالس البلدية أو المحلية، فيما يتعلق بالأخ أبو مازن كلنا إتفقنا على ترشيحه، وتم تحريك جسم الحركة بشكل لا بأس به ولكن كان ممكن أن يكون أفضل من ذلك بكثير لو كان جسم الحركة متماسك، الأن يجب أن ننتقل إلى الإنتخابات القادمة لتكون إختبار بالنسبة لنا بحيث يكون جسم الحركة كله متفق على قائمة واحدة، وهنا عدم الإتفاق على قائمة واحدة سيكون سيىء بالنسبة لحركة فتح لأن الجماهير لا تستطبع أن تثق بحركة تأتي بقائمتين وليست قادرة على الإتفاق على قائمة واحدة.  وبالنسبة للأعضاء الذين يحق لهم حضور المؤتمر الحركي السادس هم أعضاء المؤتمر السابقين الذين بقوا على قيد الحياة، وأعضاء لجان الأقاليم المنتخبة حالياً والتي سوف تنتخب، والقيادات العسكرية التي مثلت في المؤتمر السابق، وأعضاء المكاتب الحركية فهناك نسب واضحة موجودة في النظام الأساسي لإنعقاد المؤتمر وبناءاً على هذا النظام الأساسي لحركة فتح نستطيع أن ندعو الأخوة الذين لهم حق المشاركة في هذا المؤتمر، بمعنى لدينا أعضاء المؤتمر السابق الذي عقد قبل ستة عشر عاماً في تونس، وهناك الكوادر العسكرية و أعضاء المجلس الثوري و أعضاء المكاتب الحركية وهناك الطاقات الأخرى العاملة في منظمة التحرير و السلطة الوطنية و هذه كلها تأتي حسب لوائح داخلية واضحة ولا توجد مشكلة في هذا الموضوع.  * على مستوى الشارع الفلسطيني هناك فوضوية العشائر و العائلات حيث أخذت منحى خطير جداً في الأونة الأخيرة، السؤال الذي يدور إلى متى ستستمر حالة الفوضى و الفلتان بهذا الشكل؟   - المشكلة القائمة حالياً تعتبر من أسوأ ما تواجهه المؤسسة الفلسطينية سواء في حركة فتح أو أي مؤسسة أخرى، فعندما يصبح النظام العائلي و العشيرة أو الحمولة هي المرجعية بالنسبة للشخص فهذا أمر يشكل تراجع للوراء، وعندما يشعر الإنسان في المؤسسة أو الحزب بالأمان و عندما يشعر أن فكرته ممكن تنفيذها وتطبيقها وعندما لا يشعر بالحماية، يلجأ إلى المؤسسة الأخرى و هي العائلة، ونظراَ لتدمير البنية التحتية الفلسطينية في كافة المجالات خلال الأربع سنوات الماضية، مما خلق نوع من اللامبالاة داخل المؤسسات الفلسطينية ما نجم عنه حدوث إنفلات في الأداء الفلسطيني، وأصبحت بعض القوى الشريرة تلعب دور كبير في هذه الفوضى و الفلتان بحيث أصبح قتل الإنسان أمر سهل جداً و هذا لم يكن موجوداً في المجتمع الفلسطيني من قبل و تحول قتل الإنسان إلى الحالة الثأرية حيث لا توجد سلطة تعاقب و هذا ما حدث بالفعل مؤخراً عندما تم إقتحام سجن غزة المركزي، هذه الظواهر يجب محاربتها والتصدي لها بشكل سريع و حاسم، ولا يمكن محاربتها إلا إذا حس الجميع من أبناء كافة التنظيمات أن تنظيماتهم أكبر من الحمولة و العائلة أو العشيرة، و هنا يجب المحافظة على النظام العائلي و العشائري لكن بوجهه الإيجابي و ليس بالوجه السلبي الذي يظهر بشكل بشع جداً في حالة الإنتقام و الثأر.   * و من أجل ذلك تم عزل التنظيم عن الأجهزة الأمنية؟   - لا ليس من أجل ذلك فقط التنظيم الصحيح لا يمكن أن ينمو ويكبر إذا كان موجه من قبل الأجهزة الأمنية و هذا موجود في كافة دول العالم، وعلينا أن نتحرر من ذلك.     نشر - بتاريخ - 21/2/2005 - جريدة الحياة الجديدة - عدد    *  الأن و بعد أن تحققت الهدنة على الأرض ووقف إطلاق النار والتزام كافة الفصائل الفلسطينية بهذا الشأن، ماذا بعد ذلك؟ ما هي إستراتيجية العمل الفلسطيني للمرحلة المقبلة؟  -  الأن نستطيع القول أن الطريق بدأت أسهل للسلطة الوطنية الفلسطينية و رئيسها الأخ محمود عباس ( أبو مازن) لمخاطبة المجموعة الدولية التي تشرف على معالجة و حل قضية الشرق الأوسط ، و المناخ أصبح أفضل بالنسبة للشعب الفلسطيني عما كان عليه قبل قمة شرم الشيخ، والتفاهم مع إخواننا في حركة حماس و الجهاد الإسلامي وباقي التنظيمات والفصائل الأخرى المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، جعل الفلسطينين أقوى في المفاوضات أمام الطرف الإسرائيلي.  وأعتقد أن هذه النقطة الأولى المهمة لنضج العمل الفلسطيني المشترك، وأمل أن يتم تطوير وتعميق الحوارات الداخلية الفلسطينية بشكل يزيل الشك الدائم فيما بيننا و مع بعضنا البعض، كي نتحرك على الساحة الدولية، وأن يثق الجميع بأننا حريصون على القضية الفلسطينية، وراغبون جداً في الوصول إلى نتائج مشرفة في كافة القضايا المعلقة بيننا و بين الإسرائيليين, وهنا قمة شرم الشيخ أفرزت نتائج إيجابية نلخصها في تحرير إخواننا المعتقلين والأسرى، حيث تم تشكيل لجنة ثنائية فلسطينية – إسرائيلية، و هي نقطة أساسية ومهمة وجديدة في معالجة قضية الأسرى و المعتقلين لكافة أبناء الشعب الفلسطيني وليس للسلطة أو لتنظيم فتح أو تنظيمات معينة، ثم أننا إتفقنا مع الإسرائيليين على أن يغادروا خمسة مناطق جغرافية وليس مجرد مدن، وأعتقد أن ذلك يمثل راحة كبيرة للشعب الفلسطيني بشكل عام، وإتفقنا على تفكيك الحواجز بشكل تدريجي.  وهنا يمكن الجزم أن المناخ العام داخل الساحة الفلسطينية أفضل من المناخ السائد داخل الساحة الإسرائيلية، أي أن الإسرائيليين يعيشون حالة إرتباك بسبب توالي التهديدات المستمرة للمسؤولين الإسرائيليين، وكون الحكومة الإسرائيلية بدت غير متصلبة في طرحها وتعاملها مع الفلسطينين مما يشجع على الإستمرار في الحوار معهم، من منطلق أن الفلسطينيون أفضل بكثير مما كانوا عليه قبل مؤتمر شرم الشيخ.  *  هل تعتقد أن الجانب الإسرائيلي أكثر جدية من ذي قبل على صعيد إحترامه لوقف إطلاق النار والإنسحاب والدفع بإتجاه تحريك العملية السلمية وتنفيذ إستحقاقاتها؟   - يجب ألا ننظر لمسألة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وما يرافقها من مفاوضات من هذه الزاوية، فعندما ننطلق يجب أن نعرف ماذا نريد نحن كفلسطينيين، وعندما نحدد ماذا نريد نحن يجب أن نقوم بتجنيد الأصدقاء في كافة أرجاء العالم لمساعدتنا في الوصول إلى ما نريد نحن، وعندما ننطلق يجب ألا ننطلق على الإطلاق من الرغبة الإسرائيلية، لكن يجب أن نأخذها بعين الإعتبار ولا نستطيع أن نتجاهلها، إلا أنه و في نفس الوقت يجب ألا نعتبرها من المسلمات و الأمور القدرية وكأنه قدر بالنسبة لنا و يجب أن نتعامل معه، وأقول هنا لا، هناك مواقف إسرائيلية لا نقبل بها على الإطلاق ويجب أن نتعامل معها من أجل تغييرها لصالح شعبنا، وهذا هو سر الصراع بيننا وبين الإسرائيليين، هناك كثير من الأخوة ينطلقون دائماً من موقف شارون أو الحكومة الإسرائيلية أو أي حكومة أخرى، بدون شك أيضاً الإسرائيليون لا ينطلقون من الموقف الفلسطيني، هنا نحن نعيش الأن في حالة مفاوضات و تعتبر حرب هادئة ليس فيها صوت للرصاص لكنها صراع حقيقي بيننا وبين الإسرائيليين، نحن أولاً في هذا الصراع نملك المقومات التالية، العالم كله يقف معنا لتحقيق خارطة الطريق التي تقود بنتيجتها النهائية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لذلك نحن نعيش حالة إطمئنان من هذه الناحية، لكن يجب أن يبقى العالم كله واقفاً إلى جانبنا لتحقيق ذلك،ويجب ألا نعطي إسرائيل فرصة أن تتنصل من إلتزاماتها تجاه شعبنا أو نساعدها في التمسك بمطالبها القصوى، وهذا هو الذي يفرض علينا ضرورة التناغم في الساحة الفلسطينية بين كافة الفصائل الفلسطينية والسلطة لكي نكون قادرين على الحركة والمرونة في التعامل مع الطرف الأخر.  * هل يمكن إعتبار لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل قاعدة إنطلاق للتحرك السياسي و العمل الفلسطيني المشترك وتوسيع دائرة صنع القرار؟   - أعتقد أن اللقاءات التي تمت مع الأخوة في حركة حماس والجهاد الإسلامي مع الأخ أبو مازن تشكل نقلة نوعية في العلاقة الفلسطينية، كذلك الإجتماعات التي تمت مع بقية فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في منظمة التحرير الفلسطينية كان فيها وضوح وصراحة أكبر وإستعداد وتفهم جيد في التعامل، وهاتان النقطتان ضروريتان للحركة الفلسطينية ومنع تعثرها، ودائماً الحركة تتعثر نتيجة الحوارات غير المتوازنة وغير المدروسة حيث كانت تعتمد إسلوب التشكيك المستمر، وأعتقد أننا بهذه اللقاءات الأخيرة نجحنا في طمأنة حماس والجهاد الإسلامي وطمأنة بقية التنظيمات والفصائل الأخرى، لذلك كان هناك راحة للأخ الرئيس أبو مازن وللقيادة الفلسطينية لأنهم شعروا أن التشكيك الدائم الذي كان مطروح من بعض الأخوة بالنسبة لتوجهنا السياسي غير مبرر، وهذا أيضاً مهم لنا كسلطة عندما نتحرك سياسياً بإتجاه التفاوض مع الطرف الإسرائيلي، يجب أن نشعر بأننا مدعومين من إخواننا في الساحة الفلسطينية وهذا يساعدنا على التمسك بمطالبنا أكثر فأكثر.  * هل المؤشرات الأمريكية الأخيرة تجاه القيادة الفلسطينية توحي بتغير في الموقف الأمريكي، وزيارة رايس للمنطقة دليل على ذلك؟   -  لو نظرنا إلى الموقف الأمريكي الرافض للحديث مع الفلسطينين الذي كان سائداً في الماضي، فيمكن القول هنا أن الموقف الأمريكي يعتبر نقلة نوعية، ولو نظرنا إلى طريقة التعامل الشخصي مع الأخ أبو مازن والقيادة الفلسطينية من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لوجدنا أن هناك نوع من الإرتياح لدى الطرفين, أيضاً الزيارة بالنسبة للوزيرة رايس تعتبر مهمة جداً لأنها تأتي كمحطة أولى أو رئيسية لها، وهذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تعطي إهتماماً لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بدلاً من التجاهل الدائم الذي كان موجوداً حتى هذه اللحظة، لذلك أعتقد أن هذا الأمر مهم، ويجب ألا يفهم من ذلك تحت أي ظرف أن هناك وهم بأن السياسة الأمريكية سوف تتبنى الموقف الفلسطيني، ويجب العلم بأن السياسة الأمريكية كانت دائماً منحازة بإستمرار للجانب الإسرائيلي، ونحن الأن نسعى أن لا يكون هذا الإنحياز مطلق كما هو في الماضي، وأن يتم الحديث معنا في كافة القضايا المعلقة والإستماع لنا كشعب فلسطيني، أيضاً تعيين مسؤول أمريكي كبير للإشراف على العلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية، وهذا كما نعرف مطلب فلسطيني بالأساس، فإسرائيل دائماً في الماضي كانت تستفرد بالطرف الفلسطيني في المفاوضات في عدم وجود أي شاهد، فمثلاَ أثناء حكم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون كان هناك طرف أمريكي موجود وبناءاً على رغبة باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق في عام 2000 تم سحب الشاهد أو الوسيط الأمريكي، والأن يعود هذا الوسيط أو الشاهد، لذلك نعتقد أن هذه نقطة إيجابية، لكن يجب دائماً أن نقول أن الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها وتعاملها تعتمد إسرائيل كمحطة أهم من أي محطةأخرى، أما بالنسبة لنا الأن وفي تعاملنا مع الولايات المتحدة الأمريكية نشعر بأن الإستعداد للحديث معنا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ساهم في إجبار الإسرائيليين أيضاً على الحديث معنا, وكما تذكر في الفترة الماضية كانت إسرائيل ترفض الحديث مع الفلسطينين وليس العكس، لذلك عندما نتحدث عن القضية الفلسطينية كطرف فهذا يعتبر إنجاز، ويجب التأكيد أنه لا يوجد أي طرف فلسطيني أن يتنازل عن المطالب أو الثوابت الفلسطينية مهما كان الأمر.  * على صعيد ترتيب البيت الفتحاوي، جرت إجتماعات للمجلس الثوري مؤخراً وإتخذت جملة من القرارات الحاسمة، هل تطلعنا على مضمون هذه القرارات؟   -  نحن في داخل البيت الفتحاوي وعندما تم الإتفاق على أن يكون الأخ أبو مازن مرشح لحركة فتح إلى الرئاسة تم الإتفاق على وضع برنامج و يعد أهم برنامج وطني وأهم نقطة فيه هي إصلاح البيت الفلسطيني و في حواراتنا كلنا يعلم بأنه لا يمكن إصلاح البيت الفلسطيني دون إصلاح البيت الفتحاوي، ودون إصلاح البيت الفتحاوي لا يمكن أن يتم أي تقدم في داخل الساحة الفلسطينية، لأن حركة فتح هي التي تقود العمل السياسي و المشروع الفلسطيني بإتجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لذلك أصبحت فكرة أو ضرورة الإصلاح أصبحت ملحة وطاغية أكثر من أي وقت مضى داخل المؤسسة الفتحاوية حيث بدأت اللجنة المركزية للحركة التعامل على هذه الأرضية، فوضعت برامجها ونجحت اللجنة المركزية و المجلس الثوري وأبناء حركة فتح في دعم الأخ أبو مازن حتى نجح و أصبح رئيس السلطة الفلسطينية بنسبة 62% وهذا دعم بشكل مباشر لبرنامج العمل الوطني لحركة فتح، ولكن هذا البرنامج يجب أن يتم النقاش فيه داخل أطر حركة فتح، والإنتخابات البلدية والمجالس المحلية التي جرت مؤخراً كانت ضربة موجعة لحركة فتح لأنها سقطت في هذه الإنتخابات، وسقطت بهذا الشكل ليس لقوة حركة حماس وإنما لضعف الأداء الفتحاوي، وللترهل الموجود في داخل الحركة، و لوجود إختلاف بين كثير من أبناء الحركة مما ساعد على إنجاح القوائم التي طرحتها حركة حماس، وما جعل سقوط حركة فتح أمراً طبيعياً لأن حالة التردي وصلت إلى هذه الدرجة الكبيرة، الأن الكل يشعر في حركة فتح بحجم الخسارة والهزيمة التي منيت بها الحركة، وبضرورة أن نستنهض كافة قوانا لكي نتخلص ونتحرر من هذا الترهل الذي أثقل كاهلنا و عطل حركتنا، لذلك بدأ التوجه في قطاع غزة و الضفة الغربية لإعادة ترتيب وبناء مكتب التعبئة والتنظيم بشكل يجعل إعادة حصر أبناء حركة فتح في كل مكان وبشكل سريع جداً أمر ممكن وإعادة توزيع المهام والأدوار لكي نستطيع أن نواجه الإستحقاقات القادمة علينا في المجالس البلدية وفي المجلس التشريعي.  وأعتقد أن الخطوات التي إتخذتها حركة فتح في المجلس الثوري الذي عقد قبل فترة وجيزة في غزة و الإجتماعات التي تلت ذلك كلها خطوات تبشر بالخير ولكن ليست كافية ويجب أن نسعى ونعمل على إعادة الأطر الحركية بشكل أفضل على مما هي عليه الأن.   * وهل إستقالة اللجنة الحركية العليا في غزة هي أولى هذه الخطوات؟  - بدون شك نعم، إستقالة الأخوة في اللجنة الحركية العليا خلقت ومهدت الطريق لكي يتم إتخاذ خطوات للنهوض بالتنظيم بشكل أفضل مما كان عليه في الماضي, و أقول أن لدينا قرار فتحاوي واحد ولكن لدينا تناقضات فتحاوية تبرز على السطح أكثر من بروز القرار الفتحاوي الواحد، وهذه هي المشكلة الحقيقية التي نواجهها وهذه الحالة التي لابد من ضبطها ويجب أن يتم إنتقال القيادة إلى القاعدة وأن يكون العمل ميداني حتى يتم الإلتحام بين القيادة و القاعدة والعكس، لأنه بدون هذا الإلتحام وبدون هذا العمل الميداني لا تستطيع أن توصل فكرتك إلى أبناء الحركة ولا تستطيع أن توصلها لا بجريدة ولا بنشرة ولا بتعميم، الأن هناك ضرورة ملحة أن يتم حوارات داخلية وهذا ما شعرنا به أثناء الحملة الإنتخابية بأن هناك تعطش كبير من قبل أبناء الحركة للحوارات وخاصة بين الكوادر القيادية والكوادر التي تتحمل المسؤولية في الميدان، وهذا الأمر أصبح ليس فقط ضرورة ملحة وإنما أمر بدونه لا يمكن تحقيق النجاح لحركة فتح.   * كيف يمكن لحركة فتح إستعادة جماهيريتها المعهودة وبريقها التنظيمي لكي تعلن إنطلاقتها من جديد؟   - يجب أن نعلم أن شعبية و جماهيرية حركة فتح ليست مرهونة بعمل عسكري، الإنطلاقة الحقيقية هنا هي إعادة بناء التنظيم الفتحاوي وأطره وإفساح المجال لكافة أبناء الحركة، ماهي المشكلة الأن؟ المشكلة أن هناك الكثير من أبناء الحركة خارج الإطار، طاقاتهم فردية ويعملوا خارج إطار الحركة وهذا بدوره قاد إلى نوع من الإتكالية داخل الحركة، وتسرب اليأس إلى نفوس البعض، لذلك يجب خلق الإطار الذي يلتقي فيه جميع الفتحاويين بحيث يختلفون ويتفقون داخله، لذلك نحن نسعى الأن إلى خلق الإطار الشامل الواسع الذي يعطي الفرصة لكل أبناء الحركة أن يتواجدوا فيه ويعملوا من خلاله.   * الأن ونحن نقترب من موعد إنعقاد المؤتمر الحركي السادس. هل كل شيء يسير على مايرام من حيث الإستعدادات و التجهيز؟ ومن هم أعضاؤه الذين يحق لهم حضوره؟   - أولاً البرنامج السياسي لم يتغير ويتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والبرنامج يعتمد على خطاب الأخ أبو عمار رحمه الله الأخير الذي ألقاه في المجلس التشريعي في شهر أب من العام الماضي والذي تبناه الأخ أبو مازن في برنامج العمل الوطني خلال حملة ترشيحه للإنتخابات الرئاسية، يعني أن البرنامج موجود و لكن المشكلة ليست في غياب أو وجود البرنامج، المشكلة هنا في عدم تمكن الحركة من جمع كل الطاقات الموجودة لديها كما كان في الماضي للخروج بحركة واحدة إلى الجماهير، و الإتفاق على مرشحين في قائمة واحدة لإنتخابات المجالس البلدية أو المحلية، فيما يتعلق بالأخ أبو مازن كلنا إتفقنا على ترشيحه، وتم تحريك جسم الحركة بشكل لا بأس به ولكن كان ممكن أن يكون أفضل من ذلك بكثير لو كان جسم الحركة متماسك، الأن يجب أن ننتقل إلى الإنتخابات القادمة لتكون إختبار بالنسبة لنا بحيث يكون جسم الحركة كله متفق على قائمة واحدة، وهنا عدم الإتفاق على قائمة واحدة سيكون سيىء بالنسبة لحركة فتح لأن الجماهير لا تستطبع أن تثق بحركة تأتي بقائمتين وليست قادرة على الإتفاق على قائمة واحدة.  وبالنسبة للأعضاء الذين يحق لهم حضور المؤتمر الحركي السادس هم أعضاء المؤتمر السابقين الذين بقوا على قيد الحياة، وأعضاء لجان الأقاليم المنتخبة حالياً والتي سوف تنتخب، والقيادات العسكرية التي مثلت في المؤتمر السابق، وأعضاء المكاتب الحركية فهناك نسب واضحة موجودة في النظام الأساسي لإنعقاد المؤتمر وبناءاً على هذا النظام الأساسي لحركة فتح نستطيع أن ندعو الأخوة الذين لهم حق المشاركة في هذا المؤتمر، بمعنى لدينا أعضاء المؤتمر السابق الذي عقد قبل ستة عشر عاماً في تونس، وهناك الكوادر العسكرية و أعضاء المجلس الثوري و أعضاء المكاتب الحركية وهناك الطاقات الأخرى العاملة في منظمة التحرير و السلطة الوطنية و هذه كلها تأتي حسب لوائح داخلية واضحة ولا توجد مشكلة في هذا الموضوع.  * على مستوى الشارع الفلسطيني هناك فوضوية العشائر و العائلات حيث أخذت منحى خطير جداً في الأونة الأخيرة، السؤال الذي يدور إلى متى ستستمر حالة الفوضى و الفلتان بهذا الشكل؟   - المشكلة القائمة حالياً تعتبر من أسوأ ما تواجهه المؤسسة الفلسطينية سواء في حركة فتح أو أي مؤسسة أخرى، فعندما يصبح النظام العائلي و العشيرة أو الحمولة هي المرجعية بالنسبة للشخص فهذا أمر يشكل تراجع للوراء، وعندما يشعر الإنسان في المؤسسة أو الحزب بالأمان و عندما يشعر أن فكرته ممكن تنفيذها وتطبيقها وعندما لا يشعر بالحماية، يلجأ إلى المؤسسة الأخرى و هي العائلة، ونظراَ لتدمير البنية التحتية الفلسطينية في كافة المجالات خلال الأربع سنوات الماضية، مما خلق نوع من اللامبالاة داخل المؤسسات الفلسطينية ما نجم عنه حدوث إنفلات في الأداء الفلسطيني، وأصبحت بعض القوى الشريرة تلعب دور كبير في هذه الفوضى و الفلتان بحيث أصبح قتل الإنسان أمر سهل جداً و هذا لم يكن موجوداً في المجتمع الفلسطيني من قبل و تحول قتل الإنسان إلى الحالة الثأرية حيث لا توجد سلطة تعاقب و هذا ما حدث بالفعل مؤخراً عندما تم إقتحام سجن غزة المركزي، هذه الظواهر يجب محاربتها والتصدي لها بشكل سريع و حاسم، ولا يمكن محاربتها إلا إذا حس الجميع من أبناء كافة التنظيمات أن تنظيماتهم أكبر من الحمولة و العائلة أو العشيرة، و هنا يجب المحافظة على النظام العائلي و العشائري لكن بوجهه الإيجابي و ليس بالوجه السلبي الذي يظهر بشكل بشع جداً في حالة الإنتقام و الثأر.   * و من أجل ذلك تم عزل التنظيم عن الأجهزة الأمنية؟   - لا ليس من أجل ذلك فقط التنظيم الصحيح لا يمكن أن ينمو ويكبر إذا كان موجه من قبل الأجهزة الأمنية و هذا موجود في كافة دول العالم، وعلينا أن نتحرر من ذلك.     نشر - بتاريخ - 21/2/2005 - جريدة الحياة الجديدة - عدد

عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح

 لا شك أن منطقة الشرق الأوسط برمتها طرأت عليها مستجدات و متغيرات سياسية هامة، توازياً مع الساحة الفلسطينية التي تشهد تحركاً سياسياً مكثفاً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه حول مدى جدية الموقف الإسرائيلي بهذا الشأن، وتصميم الموقف الأمريكي على المضي قدماً في التسوية، رغم أن الشهور القليلة المقبلة ستكون حاسمة في رسم الأفق السياسي للمنطقة، و ستفرز المواقف جميعها السلبي منها و الإيجابي.

" الرأي" حاورت عبدالله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح) و سفير دولة فلسطين في ألمانيا حيث تطرق في حديثه إلى جملة من القضايا الجوهرية منها ماهو على المستوى الفلسطيني العام، وأخرى على مستوى حركة فتح لاسيما ما يتعلق بترتيب البيت الفتحاوي وإستنهاض الحركة من جديد لتأخذ دورها الطليعي في قيادة شعبنا، كما أن هناك العديد من القضايا والإشكاليات الآنية التي أدلى برأيه فيها و ذلك في هذا الحوار الصريح و الواضح.

حاوره: محمد توفيق أحمد كريزم   عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح  الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة سيتم في العام الحالي  لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل نقلة نوعية في العلاقة الداخلية و العمل المشترك.  قرارات المجلس الثوري الأخيرة تبشر بالخير        عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح      لا شك أن منطقة الشرق الأوسط برمتها طرأت عليها مستجدات و متغيرات سياسية هامة، توازياً مع الساحة الفلسطينية التي تشهد تحركاً سياسياً مكثفاً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه حول مدى جدية الموقف الإسرائيلي بهذا الشأن، وتصميم الموقف الأمريكي على المضي قدماً في التسوية، رغم أن الشهور القليلة المقبلة ستكون حاسمة في رسم الأفق السياسي للمنطقة، و ستفرز المواقف جميعها السلبي منها و الإيجابي.  " الرأي" حاورت عبدالله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح) و سفير دولة فلسطين في ألمانيا حيث تطرق في حديثه إلى جملة من القضايا الجوهرية منها ماهو على المستوى الفلسطيني العام، وأخرى على مستوى حركة فتح لاسيما ما يتعلق بترتيب البيت الفتحاوي وإستنهاض الحركة من جديد لتأخذ دورها الطليعي في قيادة شعبنا، كما أن هناك العديد من القضايا والإشكاليات الآنية التي أدلى برأيه فيها و ذلك في هذا الحوار الصريح و الواضح.      *  الأن و بعد أن تحققت الهدنة على الأرض ووقف إطلاق النار والتزام كافة الفصائل الفلسطينية بهذا الشأن، ماذا بعد ذلك؟ ما هي إستراتيجية العمل الفلسطيني للمرحلة المقبلة؟  -  الأن نستطيع القول أن الطريق بدأت أسهل للسلطة الوطنية الفلسطينية و رئيسها الأخ محمود عباس ( أبو مازن) لمخاطبة المجموعة الدولية التي تشرف على معالجة و حل قضية الشرق الأوسط ، و المناخ أصبح أفضل بالنسبة للشعب الفلسطيني عما كان عليه قبل قمة شرم الشيخ، والتفاهم مع إخواننا في حركة حماس و الجهاد الإسلامي وباقي التنظيمات والفصائل الأخرى المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، جعل الفلسطينين أقوى في المفاوضات أمام الطرف الإسرائيلي.  وأعتقد أن هذه النقطة الأولى المهمة لنضج العمل الفلسطيني المشترك، وأمل أن يتم تطوير وتعميق الحوارات الداخلية الفلسطينية بشكل يزيل الشك الدائم فيما بيننا و مع بعضنا البعض، كي نتحرك على الساحة الدولية، وأن يثق الجميع بأننا حريصون على القضية الفلسطينية، وراغبون جداً في الوصول إلى نتائج مشرفة في كافة القضايا المعلقة بيننا و بين الإسرائيليين, وهنا قمة شرم الشيخ أفرزت نتائج إيجابية نلخصها في تحرير إخواننا المعتقلين والأسرى، حيث تم تشكيل لجنة ثنائية فلسطينية – إسرائيلية، و هي نقطة أساسية ومهمة وجديدة في معالجة قضية الأسرى و المعتقلين لكافة أبناء الشعب الفلسطيني وليس للسلطة أو لتنظيم فتح أو تنظيمات معينة، ثم أننا إتفقنا مع الإسرائيليين على أن يغادروا خمسة مناطق جغرافية وليس مجرد مدن، وأعتقد أن ذلك يمثل راحة كبيرة للشعب الفلسطيني بشكل عام، وإتفقنا على تفكيك الحواجز بشكل تدريجي.  وهنا يمكن الجزم أن المناخ العام داخل الساحة الفلسطينية أفضل من المناخ السائد داخل الساحة الإسرائيلية، أي أن الإسرائيليين يعيشون حالة إرتباك بسبب توالي التهديدات المستمرة للمسؤولين الإسرائيليين، وكون الحكومة الإسرائيلية بدت غير متصلبة في طرحها وتعاملها مع الفلسطينين مما يشجع على الإستمرار في الحوار معهم، من منطلق أن الفلسطينيون أفضل بكثير مما كانوا عليه قبل مؤتمر شرم الشيخ.  *  هل تعتقد أن الجانب الإسرائيلي أكثر جدية من ذي قبل على صعيد إحترامه لوقف إطلاق النار والإنسحاب والدفع بإتجاه تحريك العملية السلمية وتنفيذ إستحقاقاتها؟   - يجب ألا ننظر لمسألة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وما يرافقها من مفاوضات من هذه الزاوية، فعندما ننطلق يجب أن نعرف ماذا نريد نحن كفلسطينيين، وعندما نحدد ماذا نريد نحن يجب أن نقوم بتجنيد الأصدقاء في كافة أرجاء العالم لمساعدتنا في الوصول إلى ما نريد نحن، وعندما ننطلق يجب ألا ننطلق على الإطلاق من الرغبة الإسرائيلية، لكن يجب أن نأخذها بعين الإعتبار ولا نستطيع أن نتجاهلها، إلا أنه و في نفس الوقت يجب ألا نعتبرها من المسلمات و الأمور القدرية وكأنه قدر بالنسبة لنا و يجب أن نتعامل معه، وأقول هنا لا، هناك مواقف إسرائيلية لا نقبل بها على الإطلاق ويجب أن نتعامل معها من أجل تغييرها لصالح شعبنا، وهذا هو سر الصراع بيننا وبين الإسرائيليين، هناك كثير من الأخوة ينطلقون دائماً من موقف شارون أو الحكومة الإسرائيلية أو أي حكومة أخرى، بدون شك أيضاً الإسرائيليون لا ينطلقون من الموقف الفلسطيني، هنا نحن نعيش الأن في حالة مفاوضات و تعتبر حرب هادئة ليس فيها صوت للرصاص لكنها صراع حقيقي بيننا وبين الإسرائيليين، نحن أولاً في هذا الصراع نملك المقومات التالية، العالم كله يقف معنا لتحقيق خارطة الطريق التي تقود بنتيجتها النهائية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لذلك نحن نعيش حالة إطمئنان من هذه الناحية، لكن يجب أن يبقى العالم كله واقفاً إلى جانبنا لتحقيق ذلك،ويجب ألا نعطي إسرائيل فرصة أن تتنصل من إلتزاماتها تجاه شعبنا أو نساعدها في التمسك بمطالبها القصوى، وهذا هو الذي يفرض علينا ضرورة التناغم في الساحة الفلسطينية بين كافة الفصائل الفلسطينية والسلطة لكي نكون قادرين على الحركة والمرونة في التعامل مع الطرف الأخر.  * هل يمكن إعتبار لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل قاعدة إنطلاق للتحرك السياسي و العمل الفلسطيني المشترك وتوسيع دائرة صنع القرار؟   - أعتقد أن اللقاءات التي تمت مع الأخوة في حركة حماس والجهاد الإسلامي مع الأخ أبو مازن تشكل نقلة نوعية في العلاقة الفلسطينية، كذلك الإجتماعات التي تمت مع بقية فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في منظمة التحرير الفلسطينية كان فيها وضوح وصراحة أكبر وإستعداد وتفهم جيد في التعامل، وهاتان النقطتان ضروريتان للحركة الفلسطينية ومنع تعثرها، ودائماً الحركة تتعثر نتيجة الحوارات غير المتوازنة وغير المدروسة حيث كانت تعتمد إسلوب التشكيك المستمر، وأعتقد أننا بهذه اللقاءات الأخيرة نجحنا في طمأنة حماس والجهاد الإسلامي وطمأنة بقية التنظيمات والفصائل الأخرى، لذلك كان هناك راحة للأخ الرئيس أبو مازن وللقيادة الفلسطينية لأنهم شعروا أن التشكيك الدائم الذي كان مطروح من بعض الأخوة بالنسبة لتوجهنا السياسي غير مبرر، وهذا أيضاً مهم لنا كسلطة عندما نتحرك سياسياً بإتجاه التفاوض مع الطرف الإسرائيلي، يجب أن نشعر بأننا مدعومين من إخواننا في الساحة الفلسطينية وهذا يساعدنا على التمسك بمطالبنا أكثر فأكثر.  * هل المؤشرات الأمريكية الأخيرة تجاه القيادة الفلسطينية توحي بتغير في الموقف الأمريكي، وزيارة رايس للمنطقة دليل على ذلك؟   -  لو نظرنا إلى الموقف الأمريكي الرافض للحديث مع الفلسطينين الذي كان سائداً في الماضي، فيمكن القول هنا أن الموقف الأمريكي يعتبر نقلة نوعية، ولو نظرنا إلى طريقة التعامل الشخصي مع الأخ أبو مازن والقيادة الفلسطينية من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لوجدنا أن هناك نوع من الإرتياح لدى الطرفين, أيضاً الزيارة بالنسبة للوزيرة رايس تعتبر مهمة جداً لأنها تأتي كمحطة أولى أو رئيسية لها، وهذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تعطي إهتماماً لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بدلاً من التجاهل الدائم الذي كان موجوداً حتى هذه اللحظة، لذلك أعتقد أن هذا الأمر مهم، ويجب ألا يفهم من ذلك تحت أي ظرف أن هناك وهم بأن السياسة الأمريكية سوف تتبنى الموقف الفلسطيني، ويجب العلم بأن السياسة الأمريكية كانت دائماً منحازة بإستمرار للجانب الإسرائيلي، ونحن الأن نسعى أن لا يكون هذا الإنحياز مطلق كما هو في الماضي، وأن يتم الحديث معنا في كافة القضايا المعلقة والإستماع لنا كشعب فلسطيني، أيضاً تعيين مسؤول أمريكي كبير للإشراف على العلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية، وهذا كما نعرف مطلب فلسطيني بالأساس، فإسرائيل دائماً في الماضي كانت تستفرد بالطرف الفلسطيني في المفاوضات في عدم وجود أي شاهد، فمثلاَ أثناء حكم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون كان هناك طرف أمريكي موجود وبناءاً على رغبة باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق في عام 2000 تم سحب الشاهد أو الوسيط الأمريكي، والأن يعود هذا الوسيط أو الشاهد، لذلك نعتقد أن هذه نقطة إيجابية، لكن يجب دائماً أن نقول أن الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها وتعاملها تعتمد إسرائيل كمحطة أهم من أي محطةأخرى، أما بالنسبة لنا الأن وفي تعاملنا مع الولايات المتحدة الأمريكية نشعر بأن الإستعداد للحديث معنا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ساهم في إجبار الإسرائيليين أيضاً على الحديث معنا, وكما تذكر في الفترة الماضية كانت إسرائيل ترفض الحديث مع الفلسطينين وليس العكس، لذلك عندما نتحدث عن القضية الفلسطينية كطرف فهذا يعتبر إنجاز، ويجب التأكيد أنه لا يوجد أي طرف فلسطيني أن يتنازل عن المطالب أو الثوابت الفلسطينية مهما كان الأمر.  * على صعيد ترتيب البيت الفتحاوي، جرت إجتماعات للمجلس الثوري مؤخراً وإتخذت جملة من القرارات الحاسمة، هل تطلعنا على مضمون هذه القرارات؟   -  نحن في داخل البيت الفتحاوي وعندما تم الإتفاق على أن يكون الأخ أبو مازن مرشح لحركة فتح إلى الرئاسة تم الإتفاق على وضع برنامج و يعد أهم برنامج وطني وأهم نقطة فيه هي إصلاح البيت الفلسطيني و في حواراتنا كلنا يعلم بأنه لا يمكن إصلاح البيت الفلسطيني دون إصلاح البيت الفتحاوي، ودون إصلاح البيت الفتحاوي لا يمكن أن يتم أي تقدم في داخل الساحة الفلسطينية، لأن حركة فتح هي التي تقود العمل السياسي و المشروع الفلسطيني بإتجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لذلك أصبحت فكرة أو ضرورة الإصلاح أصبحت ملحة وطاغية أكثر من أي وقت مضى داخل المؤسسة الفتحاوية حيث بدأت اللجنة المركزية للحركة التعامل على هذه الأرضية، فوضعت برامجها ونجحت اللجنة المركزية و المجلس الثوري وأبناء حركة فتح في دعم الأخ أبو مازن حتى نجح و أصبح رئيس السلطة الفلسطينية بنسبة 62% وهذا دعم بشكل مباشر لبرنامج العمل الوطني لحركة فتح، ولكن هذا البرنامج يجب أن يتم النقاش فيه داخل أطر حركة فتح، والإنتخابات البلدية والمجالس المحلية التي جرت مؤخراً كانت ضربة موجعة لحركة فتح لأنها سقطت في هذه الإنتخابات، وسقطت بهذا الشكل ليس لقوة حركة حماس وإنما لضعف الأداء الفتحاوي، وللترهل الموجود في داخل الحركة، و لوجود إختلاف بين كثير من أبناء الحركة مما ساعد على إنجاح القوائم التي طرحتها حركة حماس، وما جعل سقوط حركة فتح أمراً طبيعياً لأن حالة التردي وصلت إلى هذه الدرجة الكبيرة، الأن الكل يشعر في حركة فتح بحجم الخسارة والهزيمة التي منيت بها الحركة، وبضرورة أن نستنهض كافة قوانا لكي نتخلص ونتحرر من هذا الترهل الذي أثقل كاهلنا و عطل حركتنا، لذلك بدأ التوجه في قطاع غزة و الضفة الغربية لإعادة ترتيب وبناء مكتب التعبئة والتنظيم بشكل يجعل إعادة حصر أبناء حركة فتح في كل مكان وبشكل سريع جداً أمر ممكن وإعادة توزيع المهام والأدوار لكي نستطيع أن نواجه الإستحقاقات القادمة علينا في المجالس البلدية وفي المجلس التشريعي.  وأعتقد أن الخطوات التي إتخذتها حركة فتح في المجلس الثوري الذي عقد قبل فترة وجيزة في غزة و الإجتماعات التي تلت ذلك كلها خطوات تبشر بالخير ولكن ليست كافية ويجب أن نسعى ونعمل على إعادة الأطر الحركية بشكل أفضل على مما هي عليه الأن.   * وهل إستقالة اللجنة الحركية العليا في غزة هي أولى هذه الخطوات؟  - بدون شك نعم، إستقالة الأخوة في اللجنة الحركية العليا خلقت ومهدت الطريق لكي يتم إتخاذ خطوات للنهوض بالتنظيم بشكل أفضل مما كان عليه في الماضي, و أقول أن لدينا قرار فتحاوي واحد ولكن لدينا تناقضات فتحاوية تبرز على السطح أكثر من بروز القرار الفتحاوي الواحد، وهذه هي المشكلة الحقيقية التي نواجهها وهذه الحالة التي لابد من ضبطها ويجب أن يتم إنتقال القيادة إلى القاعدة وأن يكون العمل ميداني حتى يتم الإلتحام بين القيادة و القاعدة والعكس، لأنه بدون هذا الإلتحام وبدون هذا العمل الميداني لا تستطيع أن توصل فكرتك إلى أبناء الحركة ولا تستطيع أن توصلها لا بجريدة ولا بنشرة ولا بتعميم، الأن هناك ضرورة ملحة أن يتم حوارات داخلية وهذا ما شعرنا به أثناء الحملة الإنتخابية بأن هناك تعطش كبير من قبل أبناء الحركة للحوارات وخاصة بين الكوادر القيادية والكوادر التي تتحمل المسؤولية في الميدان، وهذا الأمر أصبح ليس فقط ضرورة ملحة وإنما أمر بدونه لا يمكن تحقيق النجاح لحركة فتح.   * كيف يمكن لحركة فتح إستعادة جماهيريتها المعهودة وبريقها التنظيمي لكي تعلن إنطلاقتها من جديد؟   - يجب أن نعلم أن شعبية و جماهيرية حركة فتح ليست مرهونة بعمل عسكري، الإنطلاقة الحقيقية هنا هي إعادة بناء التنظيم الفتحاوي وأطره وإفساح المجال لكافة أبناء الحركة، ماهي المشكلة الأن؟ المشكلة أن هناك الكثير من أبناء الحركة خارج الإطار، طاقاتهم فردية ويعملوا خارج إطار الحركة وهذا بدوره قاد إلى نوع من الإتكالية داخل الحركة، وتسرب اليأس إلى نفوس البعض، لذلك يجب خلق الإطار الذي يلتقي فيه جميع الفتحاويين بحيث يختلفون ويتفقون داخله، لذلك نحن نسعى الأن إلى خلق الإطار الشامل الواسع الذي يعطي الفرصة لكل أبناء الحركة أن يتواجدوا فيه ويعملوا من خلاله.   * الأن ونحن نقترب من موعد إنعقاد المؤتمر الحركي السادس. هل كل شيء يسير على مايرام من حيث الإستعدادات و التجهيز؟ ومن هم أعضاؤه الذين يحق لهم حضوره؟   - أولاً البرنامج السياسي لم يتغير ويتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والبرنامج يعتمد على خطاب الأخ أبو عمار رحمه الله الأخير الذي ألقاه في المجلس التشريعي في شهر أب من العام الماضي والذي تبناه الأخ أبو مازن في برنامج العمل الوطني خلال حملة ترشيحه للإنتخابات الرئاسية، يعني أن البرنامج موجود و لكن المشكلة ليست في غياب أو وجود البرنامج، المشكلة هنا في عدم تمكن الحركة من جمع كل الطاقات الموجودة لديها كما كان في الماضي للخروج بحركة واحدة إلى الجماهير، و الإتفاق على مرشحين في قائمة واحدة لإنتخابات المجالس البلدية أو المحلية، فيما يتعلق بالأخ أبو مازن كلنا إتفقنا على ترشيحه، وتم تحريك جسم الحركة بشكل لا بأس به ولكن كان ممكن أن يكون أفضل من ذلك بكثير لو كان جسم الحركة متماسك، الأن يجب أن ننتقل إلى الإنتخابات القادمة لتكون إختبار بالنسبة لنا بحيث يكون جسم الحركة كله متفق على قائمة واحدة، وهنا عدم الإتفاق على قائمة واحدة سيكون سيىء بالنسبة لحركة فتح لأن الجماهير لا تستطبع أن تثق بحركة تأتي بقائمتين وليست قادرة على الإتفاق على قائمة واحدة.  وبالنسبة للأعضاء الذين يحق لهم حضور المؤتمر الحركي السادس هم أعضاء المؤتمر السابقين الذين بقوا على قيد الحياة، وأعضاء لجان الأقاليم المنتخبة حالياً والتي سوف تنتخب، والقيادات العسكرية التي مثلت في المؤتمر السابق، وأعضاء المكاتب الحركية فهناك نسب واضحة موجودة في النظام الأساسي لإنعقاد المؤتمر وبناءاً على هذا النظام الأساسي لحركة فتح نستطيع أن ندعو الأخوة الذين لهم حق المشاركة في هذا المؤتمر، بمعنى لدينا أعضاء المؤتمر السابق الذي عقد قبل ستة عشر عاماً في تونس، وهناك الكوادر العسكرية و أعضاء المجلس الثوري و أعضاء المكاتب الحركية وهناك الطاقات الأخرى العاملة في منظمة التحرير و السلطة الوطنية و هذه كلها تأتي حسب لوائح داخلية واضحة ولا توجد مشكلة في هذا الموضوع.  * على مستوى الشارع الفلسطيني هناك فوضوية العشائر و العائلات حيث أخذت منحى خطير جداً في الأونة الأخيرة، السؤال الذي يدور إلى متى ستستمر حالة الفوضى و الفلتان بهذا الشكل؟   - المشكلة القائمة حالياً تعتبر من أسوأ ما تواجهه المؤسسة الفلسطينية سواء في حركة فتح أو أي مؤسسة أخرى، فعندما يصبح النظام العائلي و العشيرة أو الحمولة هي المرجعية بالنسبة للشخص فهذا أمر يشكل تراجع للوراء، وعندما يشعر الإنسان في المؤسسة أو الحزب بالأمان و عندما يشعر أن فكرته ممكن تنفيذها وتطبيقها وعندما لا يشعر بالحماية، يلجأ إلى المؤسسة الأخرى و هي العائلة، ونظراَ لتدمير البنية التحتية الفلسطينية في كافة المجالات خلال الأربع سنوات الماضية، مما خلق نوع من اللامبالاة داخل المؤسسات الفلسطينية ما نجم عنه حدوث إنفلات في الأداء الفلسطيني، وأصبحت بعض القوى الشريرة تلعب دور كبير في هذه الفوضى و الفلتان بحيث أصبح قتل الإنسان أمر سهل جداً و هذا لم يكن موجوداً في المجتمع الفلسطيني من قبل و تحول قتل الإنسان إلى الحالة الثأرية حيث لا توجد سلطة تعاقب و هذا ما حدث بالفعل مؤخراً عندما تم إقتحام سجن غزة المركزي، هذه الظواهر يجب محاربتها والتصدي لها بشكل سريع و حاسم، ولا يمكن محاربتها إلا إذا حس الجميع من أبناء كافة التنظيمات أن تنظيماتهم أكبر من الحمولة و العائلة أو العشيرة، و هنا يجب المحافظة على النظام العائلي و العشائري لكن بوجهه الإيجابي و ليس بالوجه السلبي الذي يظهر بشكل بشع جداً في حالة الإنتقام و الثأر.   * و من أجل ذلك تم عزل التنظيم عن الأجهزة الأمنية؟   - لا ليس من أجل ذلك فقط التنظيم الصحيح لا يمكن أن ينمو ويكبر إذا كان موجه من قبل الأجهزة الأمنية و هذا موجود في كافة دول العالم، وعلينا أن نتحرر من ذلك.     نشر - بتاريخ - 21/2/2005 - جريدة الحياة الجديدة - عدد


*  الأن و بعد أن تحققت الهدنة على الأرض ووقف إطلاق النار والتزام كافة الفصائل الفلسطينية بهذا الشأن، ماذا بعد ذلك؟ ما هي إستراتيجية العمل الفلسطيني للمرحلة المقبلة؟

-  الأن نستطيع القول أن الطريق بدأت أسهل للسلطة الوطنية الفلسطينية و رئيسها الأخ محمود عباس ( أبو مازن) لمخاطبة المجموعة الدولية التي تشرف على معالجة و حل قضية الشرق الأوسط ، و المناخ أصبح أفضل بالنسبة للشعب الفلسطيني عما كان عليه قبل قمة شرم الشيخ، والتفاهم مع إخواننا في حركة حماس و الجهاد الإسلامي وباقي التنظيمات والفصائل الأخرى المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، جعل الفلسطينين أقوى في المفاوضات أمام الطرف الإسرائيلي.

وأعتقد أن هذه النقطة الأولى المهمة لنضج العمل الفلسطيني المشترك، وأمل أن يتم تطوير وتعميق الحوارات الداخلية الفلسطينية بشكل يزيل الشك الدائم فيما بيننا و مع بعضنا البعض، كي نتحرك على الساحة الدولية، وأن يثق الجميع بأننا حريصون على القضية الفلسطينية، وراغبون جداً في الوصول إلى نتائج مشرفة في كافة القضايا المعلقة بيننا و بين الإسرائيليين, وهنا قمة شرم الشيخ أفرزت نتائج إيجابية نلخصها في تحرير إخواننا المعتقلين والأسرى، حيث تم تشكيل لجنة ثنائية فلسطينية – إسرائيلية، و هي نقطة أساسية ومهمة وجديدة في معالجة قضية الأسرى و المعتقلين لكافة أبناء الشعب الفلسطيني وليس للسلطة أو لتنظيم فتح أو تنظيمات معينة، ثم أننا إتفقنا مع الإسرائيليين على أن يغادروا خمسة مناطق جغرافية وليس مجرد مدن، وأعتقد أن ذلك يمثل راحة كبيرة للشعب الفلسطيني بشكل عام، وإتفقنا على تفكيك الحواجز بشكل تدريجي.

وهنا يمكن الجزم أن المناخ العام داخل الساحة الفلسطينية أفضل من المناخ السائد داخل الساحة الإسرائيلية، أي أن الإسرائيليين يعيشون حالة إرتباك بسبب توالي التهديدات المستمرة للمسؤولين الإسرائيليين، وكون الحكومة الإسرائيلية بدت غير متصلبة في طرحها وتعاملها مع الفلسطينين مما يشجع على الإستمرار في الحوار معهم، من منطلق أن الفلسطينيون أفضل بكثير مما كانوا عليه قبل مؤتمر شرم الشيخ.

*  هل تعتقد أن الجانب الإسرائيلي أكثر جدية من ذي قبل على صعيد إحترامه لوقف إطلاق النار والإنسحاب والدفع بإتجاه تحريك العملية السلمية وتنفيذ إستحقاقاتها؟

 - يجب ألا ننظر لمسألة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وما يرافقها من مفاوضات من هذه الزاوية، فعندما ننطلق يجب أن نعرف ماذا نريد نحن كفلسطينيين، وعندما نحدد ماذا نريد نحن يجب أن نقوم بتجنيد الأصدقاء في كافة أرجاء العالم لمساعدتنا في الوصول إلى ما نريد نحن، وعندما ننطلق يجب ألا ننطلق على الإطلاق من الرغبة الإسرائيلية، لكن يجب أن نأخذها بعين الإعتبار ولا نستطيع أن نتجاهلها، إلا أنه و في نفس الوقت يجب ألا نعتبرها من المسلمات و الأمور القدرية وكأنه قدر بالنسبة لنا و يجب أن نتعامل معه، وأقول هنا لا، هناك مواقف إسرائيلية لا نقبل بها على الإطلاق ويجب أن نتعامل معها من أجل تغييرها لصالح شعبنا، وهذا هو سر الصراع بيننا وبين الإسرائيليين، هناك كثير من الأخوة ينطلقون دائماً من موقف شارون أو الحكومة الإسرائيلية أو أي حكومة أخرى، بدون شك أيضاً الإسرائيليون لا ينطلقون من الموقف الفلسطيني، هنا نحن نعيش الأن في حالة مفاوضات و تعتبر حرب هادئة ليس فيها صوت للرصاص لكنها صراع حقيقي بيننا وبين الإسرائيليين، نحن أولاً في هذا الصراع نملك المقومات التالية، العالم كله يقف معنا لتحقيق خارطة الطريق التي تقود بنتيجتها النهائية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لذلك نحن نعيش حالة إطمئنان من هذه الناحية، لكن يجب أن يبقى العالم كله واقفاً إلى جانبنا لتحقيق ذلك،ويجب ألا نعطي إسرائيل فرصة أن تتنصل من إلتزاماتها تجاه شعبنا أو نساعدها في التمسك بمطالبها القصوى، وهذا هو الذي يفرض علينا ضرورة التناغم في الساحة الفلسطينية بين كافة الفصائل الفلسطينية والسلطة لكي نكون قادرين على الحركة والمرونة في التعامل مع الطرف الأخر.

* هل يمكن إعتبار لقاءات الرئيس أبو مازن مع الفصائل قاعدة إنطلاق للتحرك السياسي و العمل الفلسطيني المشترك وتوسيع دائرة صنع القرار؟

 - أعتقد أن اللقاءات التي تمت مع الأخوة في حركة حماس والجهاد الإسلامي مع الأخ أبو مازن تشكل نقلة نوعية في العلاقة الفلسطينية، كذلك الإجتماعات التي تمت مع بقية فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في منظمة التحرير الفلسطينية كان فيها وضوح وصراحة أكبر وإستعداد وتفهم جيد في التعامل، وهاتان النقطتان ضروريتان للحركة الفلسطينية ومنع تعثرها، ودائماً الحركة تتعثر نتيجة الحوارات غير المتوازنة وغير المدروسة حيث كانت تعتمد إسلوب التشكيك المستمر، وأعتقد أننا بهذه اللقاءات الأخيرة نجحنا في طمأنة حماس والجهاد الإسلامي وطمأنة بقية التنظيمات والفصائل الأخرى، لذلك كان هناك راحة للأخ الرئيس أبو مازن وللقيادة الفلسطينية لأنهم شعروا أن التشكيك الدائم الذي كان مطروح من بعض الأخوة بالنسبة لتوجهنا السياسي غير مبرر، وهذا أيضاً مهم لنا كسلطة عندما نتحرك سياسياً بإتجاه التفاوض مع الطرف الإسرائيلي، يجب أن نشعر بأننا مدعومين من إخواننا في الساحة الفلسطينية وهذا يساعدنا على التمسك بمطالبنا أكثر فأكثر.

* هل المؤشرات الأمريكية الأخيرة تجاه القيادة الفلسطينية توحي بتغير في الموقف الأمريكي، وزيارة رايس للمنطقة دليل على ذلك؟

 -  لو نظرنا إلى الموقف الأمريكي الرافض للحديث مع الفلسطينين الذي كان سائداً في الماضي، فيمكن القول هنا أن الموقف الأمريكي يعتبر نقلة نوعية، ولو نظرنا إلى طريقة التعامل الشخصي مع الأخ أبو مازن والقيادة الفلسطينية من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لوجدنا أن هناك نوع من الإرتياح لدى الطرفين, أيضاً الزيارة بالنسبة للوزيرة رايس تعتبر مهمة جداً لأنها تأتي كمحطة أولى أو رئيسية لها، وهذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تعطي إهتماماً لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بدلاً من التجاهل الدائم الذي كان موجوداً حتى هذه اللحظة، لذلك أعتقد أن هذا الأمر مهم، ويجب ألا يفهم من ذلك تحت أي ظرف أن هناك وهم بأن السياسة الأمريكية سوف تتبنى الموقف الفلسطيني، ويجب العلم بأن السياسة الأمريكية كانت دائماً منحازة بإستمرار للجانب الإسرائيلي، ونحن الأن نسعى أن لا يكون هذا الإنحياز مطلق كما هو في الماضي، وأن يتم الحديث معنا في كافة القضايا المعلقة والإستماع لنا كشعب فلسطيني، أيضاً تعيين مسؤول أمريكي كبير للإشراف على العلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية، وهذا كما نعرف مطلب فلسطيني بالأساس، فإسرائيل دائماً في الماضي كانت تستفرد بالطرف الفلسطيني في المفاوضات في عدم وجود أي شاهد، فمثلاَ أثناء حكم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون كان هناك طرف أمريكي موجود وبناءاً على رغبة باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق في عام 2000 تم سحب الشاهد أو الوسيط الأمريكي، والأن يعود هذا الوسيط أو الشاهد، لذلك نعتقد أن هذه نقطة إيجابية، لكن يجب دائماً أن نقول أن الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها وتعاملها تعتمد إسرائيل كمحطة أهم من أي محطةأخرى، أما بالنسبة لنا الأن وفي تعاملنا مع الولايات المتحدة الأمريكية نشعر بأن الإستعداد للحديث معنا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ساهم في إجبار الإسرائيليين أيضاً على الحديث معنا, وكما تذكر في الفترة الماضية كانت إسرائيل ترفض الحديث مع الفلسطينين وليس العكس، لذلك عندما نتحدث عن القضية الفلسطينية كطرف فهذا يعتبر إنجاز، ويجب التأكيد أنه لا يوجد أي طرف فلسطيني أن يتنازل عن المطالب أو الثوابت الفلسطينية مهما كان الأمر.

* على صعيد ترتيب البيت الفتحاوي، جرت إجتماعات للمجلس الثوري مؤخراً وإتخذت جملة من القرارات الحاسمة، هل تطلعنا على مضمون هذه القرارات؟

 -  نحن في داخل البيت الفتحاوي وعندما تم الإتفاق على أن يكون الأخ أبو مازن مرشح لحركة فتح إلى الرئاسة تم الإتفاق على وضع برنامج و يعد أهم برنامج وطني وأهم نقطة فيه هي إصلاح البيت الفلسطيني و في حواراتنا كلنا يعلم بأنه لا يمكن إصلاح البيت الفلسطيني دون إصلاح البيت الفتحاوي، ودون إصلاح البيت الفتحاوي لا يمكن أن يتم أي تقدم في داخل الساحة الفلسطينية، لأن حركة فتح هي التي تقود العمل السياسي و المشروع الفلسطيني بإتجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لذلك أصبحت فكرة أو ضرورة الإصلاح أصبحت ملحة وطاغية أكثر من أي وقت مضى داخل المؤسسة الفتحاوية حيث بدأت اللجنة المركزية للحركة التعامل على هذه الأرضية، فوضعت برامجها ونجحت اللجنة المركزية و المجلس الثوري وأبناء حركة فتح في دعم الأخ أبو مازن حتى نجح و أصبح رئيس السلطة الفلسطينية بنسبة 62% وهذا دعم بشكل مباشر لبرنامج العمل الوطني لحركة فتح، ولكن هذا البرنامج يجب أن يتم النقاش فيه داخل أطر حركة فتح، والإنتخابات البلدية والمجالس المحلية التي جرت مؤخراً كانت ضربة موجعة لحركة فتح لأنها سقطت في هذه الإنتخابات، وسقطت بهذا الشكل ليس لقوة حركة حماس وإنما لضعف الأداء الفتحاوي، وللترهل الموجود في داخل الحركة، و لوجود إختلاف بين كثير من أبناء الحركة مما ساعد على إنجاح القوائم التي طرحتها حركة حماس، وما جعل سقوط حركة فتح أمراً طبيعياً لأن حالة التردي وصلت إلى هذه الدرجة الكبيرة، الأن الكل يشعر في حركة فتح بحجم الخسارة والهزيمة التي منيت بها الحركة، وبضرورة أن نستنهض كافة قوانا لكي نتخلص ونتحرر من هذا الترهل الذي أثقل كاهلنا و عطل حركتنا، لذلك بدأ التوجه في قطاع غزة و الضفة الغربية لإعادة ترتيب وبناء مكتب التعبئة والتنظيم بشكل يجعل إعادة حصر أبناء حركة فتح في كل مكان وبشكل سريع جداً أمر ممكن وإعادة توزيع المهام والأدوار لكي نستطيع أن نواجه الإستحقاقات القادمة علينا في المجالس البلدية وفي المجلس التشريعي.

وأعتقد أن الخطوات التي إتخذتها حركة فتح في المجلس الثوري الذي عقد قبل فترة وجيزة في غزة و الإجتماعات التي تلت ذلك كلها خطوات تبشر بالخير ولكن ليست كافية ويجب أن نسعى ونعمل على إعادة الأطر الحركية بشكل أفضل على مما هي عليه الأن.

 * وهل إستقالة اللجنة الحركية العليا في غزة هي أولى هذه الخطوات؟

- بدون شك نعم، إستقالة الأخوة في اللجنة الحركية العليا خلقت ومهدت الطريق لكي يتم إتخاذ خطوات للنهوض بالتنظيم بشكل أفضل مما كان عليه في الماضي, و أقول أن لدينا قرار فتحاوي واحد ولكن لدينا تناقضات فتحاوية تبرز على السطح أكثر من بروز القرار الفتحاوي الواحد، وهذه هي المشكلة الحقيقية التي نواجهها وهذه الحالة التي لابد من ضبطها ويجب أن يتم إنتقال القيادة إلى القاعدة وأن يكون العمل ميداني حتى يتم الإلتحام بين القيادة و القاعدة والعكس، لأنه بدون هذا الإلتحام وبدون هذا العمل الميداني لا تستطيع أن توصل فكرتك إلى أبناء الحركة ولا تستطيع أن توصلها لا بجريدة ولا بنشرة ولا بتعميم، الأن هناك ضرورة ملحة أن يتم حوارات داخلية وهذا ما شعرنا به أثناء الحملة الإنتخابية بأن هناك تعطش كبير من قبل أبناء الحركة للحوارات وخاصة بين الكوادر القيادية والكوادر التي تتحمل المسؤولية في الميدان، وهذا الأمر أصبح ليس فقط ضرورة ملحة وإنما أمر بدونه لا يمكن تحقيق النجاح لحركة فتح.

 * كيف يمكن لحركة فتح إستعادة جماهيريتها المعهودة وبريقها التنظيمي لكي تعلن إنطلاقتها من جديد؟

 - يجب أن نعلم أن شعبية و جماهيرية حركة فتح ليست مرهونة بعمل عسكري، الإنطلاقة الحقيقية هنا هي إعادة بناء التنظيم الفتحاوي وأطره وإفساح المجال لكافة أبناء الحركة، ماهي المشكلة الأن؟ المشكلة أن هناك الكثير من أبناء الحركة خارج الإطار، طاقاتهم فردية ويعملوا خارج إطار الحركة وهذا بدوره قاد إلى نوع من الإتكالية داخل الحركة، وتسرب اليأس إلى نفوس البعض، لذلك يجب خلق الإطار الذي يلتقي فيه جميع الفتحاويين بحيث يختلفون ويتفقون داخله، لذلك نحن نسعى الأن إلى خلق الإطار الشامل الواسع الذي يعطي الفرصة لكل أبناء الحركة أن يتواجدوا فيه ويعملوا من خلاله.

 * الأن ونحن نقترب من موعد إنعقاد المؤتمر الحركي السادس. هل كل شيء يسير على مايرام من حيث الإستعدادات و التجهيز؟ ومن هم أعضاؤه الذين يحق لهم حضوره؟

 - أولاً البرنامج السياسي لم يتغير ويتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والبرنامج يعتمد على خطاب الأخ أبو عمار رحمه الله الأخير الذي ألقاه في المجلس التشريعي في شهر أب من العام الماضي والذي تبناه الأخ أبو مازن في برنامج العمل الوطني خلال حملة ترشيحه للإنتخابات الرئاسية، يعني أن البرنامج موجود و لكن المشكلة ليست في غياب أو وجود البرنامج، المشكلة هنا في عدم تمكن الحركة من جمع كل الطاقات الموجودة لديها كما كان في الماضي للخروج بحركة واحدة إلى الجماهير، و الإتفاق على مرشحين في قائمة واحدة لإنتخابات المجالس البلدية أو المحلية، فيما يتعلق بالأخ أبو مازن كلنا إتفقنا على ترشيحه، وتم تحريك جسم الحركة بشكل لا بأس به ولكن كان ممكن أن يكون أفضل من ذلك بكثير لو كان جسم الحركة متماسك، الأن يجب أن ننتقل إلى الإنتخابات القادمة لتكون إختبار بالنسبة لنا بحيث يكون جسم الحركة كله متفق على قائمة واحدة، وهنا عدم الإتفاق على قائمة واحدة سيكون سيىء بالنسبة لحركة فتح لأن الجماهير لا تستطبع أن تثق بحركة تأتي بقائمتين وليست قادرة على الإتفاق على قائمة واحدة.

وبالنسبة للأعضاء الذين يحق لهم حضور المؤتمر الحركي السادس هم أعضاء المؤتمر السابقين الذين بقوا على قيد الحياة، وأعضاء لجان الأقاليم المنتخبة حالياً والتي سوف تنتخب، والقيادات العسكرية التي مثلت في المؤتمر السابق، وأعضاء المكاتب الحركية فهناك نسب واضحة موجودة في النظام الأساسي لإنعقاد المؤتمر وبناءاً على هذا النظام الأساسي لحركة فتح نستطيع أن ندعو الأخوة الذين لهم حق المشاركة في هذا المؤتمر، بمعنى لدينا أعضاء المؤتمر السابق الذي عقد قبل ستة عشر عاماً في تونس، وهناك الكوادر العسكرية و أعضاء المجلس الثوري و أعضاء المكاتب الحركية وهناك الطاقات الأخرى العاملة في منظمة التحرير و السلطة الوطنية و هذه كلها تأتي حسب لوائح داخلية واضحة ولا توجد مشكلة في هذا الموضوع.

على مستوى الشارع الفلسطيني هناك فوضوية العشائر و العائلات حيث أخذت منحى خطير جداً في الأونة الأخيرة، السؤال الذي يدور إلى متى ستستمر حالة الفوضى و الفلتان بهذا الشكل؟

 - المشكلة القائمة حالياً تعتبر من أسوأ ما تواجهه المؤسسة الفلسطينية سواء في حركة فتح أو أي مؤسسة أخرى، فعندما يصبح النظام العائلي و العشيرة أو الحمولة هي المرجعية بالنسبة للشخص فهذا أمر يشكل تراجع للوراء، وعندما يشعر الإنسان في المؤسسة أو الحزب بالأمان و عندما يشعر أن فكرته ممكن تنفيذها وتطبيقها وعندما لا يشعر بالحماية، يلجأ إلى المؤسسة الأخرى و هي العائلة، ونظراَ لتدمير البنية التحتية الفلسطينية في كافة المجالات خلال الأربع سنوات الماضية، مما خلق نوع من اللامبالاة داخل المؤسسات الفلسطينية ما نجم عنه حدوث إنفلات في الأداء الفلسطيني، وأصبحت بعض القوى الشريرة تلعب دور كبير في هذه الفوضى و الفلتان بحيث أصبح قتل الإنسان أمر سهل جداً و هذا لم يكن موجوداً في المجتمع الفلسطيني من قبل و تحول قتل الإنسان إلى الحالة الثأرية حيث لا توجد سلطة تعاقب و هذا ما حدث بالفعل مؤخراً عندما تم إقتحام سجن غزة المركزي، هذه الظواهر يجب محاربتها والتصدي لها بشكل سريع و حاسم، ولا يمكن محاربتها إلا إذا حس الجميع من أبناء كافة التنظيمات أن تنظيماتهم أكبر من الحمولة و العائلة أو العشيرة، و هنا يجب المحافظة على النظام العائلي و العشائري لكن بوجهه الإيجابي و ليس بالوجه السلبي الذي يظهر بشكل بشع جداً في حالة الإنتقام و الثأر.

 * و من أجل ذلك تم عزل التنظيم عن الأجهزة الأمنية؟

 - لا ليس من أجل ذلك فقط التنظيم الصحيح لا يمكن أن ينمو ويكبر إذا كان موجه من قبل الأجهزة الأمنية و هذا موجود في كافة دول العالم، وعلينا أن نتحرر من ذلك.




نشر - بتاريخ - 21/2/2005 - جريدة الحياة الجديدة - عدد





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-