الكرامة ..معركة البطولة والشرف لقوات الثورة الفلسطينية
إعداد واستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم
کانت اللحظة التاريخية الحاسمة لقوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .
فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.
لم يكن الهجوم الإسرائيلي في الكرامة مفاجئاً لحركة فتح
وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).
أسرار المعركة وتفاصيلها
عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .
لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :
( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ).
وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.
وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.
وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:
- رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.
- تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.
- تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .
- زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .
- تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.
- اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :
" الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".