الطاقة النووية ما لها وما عليها بين الأمس واليوم

 الطاقة النووية ما لها وما عليها
بين الأمس واليوم

الطاقة النووية ما لها وما عليها بين الأمس واليوم   الأستاذ/الدكتور محمد بن إبراهيم الجار الله  بازدياد التقدم الصناعي للمجتمعات تزداد الحاجة للطاقة بصورة تثير المخاوف، ففي الماضي كان الإنسان يعيش حياة بسيطة، تنحصر في فلاحة الأرض وزرعها سعياً وراء تأمين قوت طعامه وتوفير الدفء وكانت حاجته إلى الطاقة بطبيعة الحال متواضعة, وكانت تلك الطاقة مستمدة من الشمس التي تشكل عنصراً فعالاً في نمو النباتات عن طريق "التمثيل الضوئي" الذي يستهلك نسبة ضئيلة جداً من هذه الطاقة.  لقد كانت ظروف الحياة شاقة، وقاسية، ولكن الإنسان كان يعيش في حالة توازن مع بيئته، وكان يستهلك كمية قليلة من فائض الطاقة المتولدة من الشمس التي تسقط على الأرض باستمرار، ولم يكن يستنزف مستودعات الطاقة الطبيعية، أما في هذه الأيام فقد تزايد استهلاكه للطاقة في مختلف أوجه حياته اليومية.  مصادر الطاقة التقليدية:  وتشمل البترول والفحم الحجري والغاز الطبيعي. ومن المعلوم أن البترول مادة قابلة للاستنزاف والنضوب ومن المتوقع نضوبه خلال قرن واحد   على أكثر تقدير. وقبل نهاية هذا الوقت لن يكون هناك ما يكفي حاجة العالم من الطاقة، بل سيكون محصوراً في سد حاجة الدول المنتجة له. ومن المعلوم كذلك أن استخدام البترول في توليد الطاقة يعتبر إهداراً لهذه المادة الثمينة التي يمكن أن يستخرج منها العديد من المنتجات المختلفة، كما أنها تعتبر في الوقت الحاضر المصدر شبه الوحيد في الحصول على الوقود السائل، مثل بنزين السيارات والطائرات..  أما الفحم الحجري فيوجد منه احتياطي كبير يكفي لعدة مئات من السنين   وتشير الاحصاءات إلى أنه من عام 1380هـ لم يستهلك من هذا الاحتياطي سوى 2 في المائة فقط. وليس للفحم في الوقت الحاضر استعمالات مهمة سوى توليد الطاقة الكهربائية مع أن هنالك بحوثاً تجرى لإنتاج الوقود السائل منه، غير أن عملية استخراجه باهضة التكاليف وهو يعتبر من أكثر مصادر الطاقة التقليدية تلويثاً للبيئة.  أما الغاز فيقدر احتياطية بـ 1× 10 16 قدم مكعب والاستهلاك السنوي بـ 8×10 13 قدم، لهذا فإن المدة المقدرة لنضوبه هي 125 سنة، كما يعتبر من أقل المصادر التقليدية تلويثاً للبيئة وأسهلها استعمالاً.  وهناك مصادر طبيعية أخرى للطاقة يمكن للإنسان أن يستغلها إلا أنها محدودة أو باهظة التكاليف، وهذه المصادر هي: الطاقة الشمسية، الطاقة الكهرومائية، طاقة الأرض الحرارية، وطاقة المد والجزر، وطاقة الرياح.  مصادر الطاقة النووية:  لقد بات من الضروري اليوم البحث عن بدائل جديدة للطاقة، نظراً لكون مصادرها التقليدية محدودة، ونظراً لوجود استعمالات مهمة لها وبخاصة البترول، وكذلك نظراً لما تحدثه هذه المصادر التقليدية من تلوث البيئة سواء عند الاستخراج والنقل أو عند إنتاج الطاقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى مخاطر جسيمة للبيئة. والطاقة النووية هي أحد هذه المصادر البديلة المهمة، وهنالك نوعان من التفاعلات النووية التي يمكن عن طريقها إنتاج الطاقة وهما:  الاندماج النووي : ويحدث عند اندماج نواتين لذرتين خفيفتين، مثل الهيدروجين مع بعضهما البعض لتكوين ذرة واحدة كبيرة، هي الهيليوم الذي تقل كتلته عن مجموع كتلتي الهيدروجين، وهذا الفرق يتحول إلى طاقة هائلة، تماماً كما يحدث داخل الشمس لتوليد الطاقة الشمسية.  الانشطار النووي: ويحدث عند تهشم بعض الذرات الكبيرة مثل اليورانيوم، لتكوين ذرتين أو أكثر أصغر حجماً، مولدة بذلك طاقة هائلة لفرق الكتلة بين مجموع الكتل المتولدة والكتلة الأصلية حسب معادلة إينشتاين:  الطاقة = الكتلة الفانية × مربع سرعة الضوء والغريب في الأمر أن مفاعلات نووية طبيعية تكونت قبل مئات الملايين من السنين (حوالي 1.7 بليون سنة) بطاقة عدة كيلوواطات لمدة تتراوح بين مائة ألف ومليون سنة، وذلك في بعض مناطق جمهورية الغابون الأفريقية.  أنواع المفاعلات النووية:  لم يستطع أحد حتى الآن استغلال الاندماج النووي في انتاج الطاقة النووية عن طريق التفاعل المنضبط، كما هي الحال في الانشطار النووي، فهناك أنواع عديدة من مفاعلات الانشطار النووي يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين:   مفاعلات اليورانيوم المخصب: ويستعمل في هذه الحالة: عادة، الماء الطبيعي كمهدئ للنيوترونات ولنقل الحرارة، ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات الماء المغلي ومفاعلات الماء المضغوط، وقد طورت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النوع من المفاعلات.  مفاعلات اليورانيوم الطبيعي: وفيها يستعمل الماء الثقيل كمبرد ومهدئ للنيوترونات، ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات "كندو" الكندية، والمفاعلات المبردة بغاز ثاني أكسيد الكربون البريطانية.  ومن المقدر أن يكفي استعمال الوقود النووي بتكلفة غير باهظة لمدة قرن على الأقل، وإذا ما استعمل ما يسمى "بالمفاعل النووي المنتج" فإن الوقود النووي سيسد الحاجة اللازمة للطاقة لقرون عديدة. والجديد بالذكر أن هذا المفاعل المنتج يولد وقوداً نوويا أكثر مما يستهلك. وبذلك يفوق احتياطي الوقود النووي أضعاف احتياطي الوقود التقليدي مجتمعاً.  أضرار ومشكلات مفاعلات الطاقة النووية: التلوث الحراري: ويقصد بذلك تفريغ فضلات الحرارة من محطات توليد الطاقة النووية إلى مصادر المياه الطبيعية.  إن فضلات الطاقة غير محصورة في محطات الطاقة النووية. فالمحطات التقليدية لا بد لها من أن تتخلص من الحرارة الفائضة التي ينطلق معظمها في الجو مباشرة، بواسطة المداخن، وعلى شكل غازات حارة. وهناك محاولات تبذل لتسخير هذه الحرارة الفائضة من المحطات النووية في الزراعة وتربية الكائنات المائية "كالربيان والأسماك" غير أن هناك من يخشى أن يؤدي التفريغ الهائل لهذه الطاقة الحرارية الفائضة إلى اضطراب في توازن البيئة الأرضية.  التنقيب عن اليورانيوم: إن مراحل التنقيب عن الوقود النووي، وطرق استعماله وطرحه، محفوفة بالمخاطر وذلك لاحتوائها على غاز الرادون، حيث أن اليورانيوم يوجد في الطبيعة مع الراديوم وسلسلة تحلله التي من بينها غاز الرادون. فكل عمليات التنقيب تنطوي دائماً على مخاطر وأضرار، إذ أن معدل الحوادث الناجمة عنه يفوق معدل الحوادث الناجمة عن أي من الصناعات الساسية الكبيرة. غير أن الكلفة الكلية لعمليات التنقيب عن الوقود النووي أقل بكثير من التكاليف المترتبة على التنقيب عن الفحم الحجري. ولعل السبب في ذلك يعود إلى صغر كمية اليورانيوم اللازمة لتوليد كمية معينة من الكهرباء، مقارنة بالكمية التي يحتاج إليها من الفحم الحجري في المحطات التقليدية (النسبة تقريباً 10000/1).  الاطلاق الرتيب لكمية من المواد المشعة: عند تشغيل المفاعل بصورة اعتيادية يتم اطلاق منتظم لكميات صغيرة من المواد المشعة إلى الهواء والماء الخارجين. لذلك فإن معدل الجرعة الإشعاعية التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان نتيجة ذلك صغيرة جداً، ويمكن إهمالها إذا ما قورنت بالجرعة الإشعاعية الطبيعية التي يتعرض لها الإنسان من الأشعة الكونية، والنشاط الإشعاعي في القشرة الأرضية، والإشعاع الطبيعي ضمن الجسم البشري.     كما أن هذا الإطلاق للكميات الصغيرة جداً من المواد المشعة هو البديل لغيوم الدخان الأسود الذي ينطلق من محطات البترول أو الفحم الحجري، والتي لها من الأضرار على صحة الإنسان ما يفوق أسوأ التقديرات الناجمة عن تأثير الإطلاق الرتيب للمواد المشعة من المفاعلات النووية.    تخزين الفضلات الإشعاعية: ومن أهم الصفات غير المرغوبة في توليد الطاقة من الذرة بواسطة الإنشطار، احتواء قضبان الوقود المستعملة في إنتاج هذه الطاقة على كميات كبيرة من الفضلات المشعة التي تشكل بحد ذاتها خطراً على حياة الإنسان. وقد استخدمت عدة طرق للتخلص من هذه الفضلات، علماً بأن الحجم الحقيقي للمواد المشعة التي تحويها الفضلات الإشعاعية والمساحة اللازمة لخزنها يعتبر صغيراً نسبياً، وهي بذلك لا تشكل خطراً كبيراً.  نقل الفضلات المشعة: إن المخاطر الناجمة عن نقل الفضلات المشعة ضئيلة جداً، ولعل أكثر الأشخاص تعرضاً لهذه الفضلات سائق الحافلة التي تحمل الوقود المستهلك، ولكن الاحتمال في أن تكون الإصابة بسبب حادث تصادم تزيد بمقدار يتراوح  بين 2000و 120000 مرة على تلك المحتملة من أسباب إشعاعية.  الكوارث المميتة: وهناك سبب رئيسي مثير للإهتمام، هو زيادة الاحتمال بحدوث كارثة مميتة بازدياد عدد المفاعلات العاملة. ففي شهر يناير 1977م أصبح عدد سنوات الخبرة بالمفاعلات في العالم 1200 سنة، وتشمل 192 مفاعلاً لتوليد الطاقة، وهذا يعادل تشغيل مفاعل واحد باستمرار لمدة 1200 سنة، خلال هذه الفترة كانت هناك حوادث ثانوية، ولكن لم يكن هناك حادث واحد قد نجم عن تسرب مواد مشعة أدى إلى إصابة العاملين في المحطة. وهذا يدل على أن احتمال وقوع حادث كبير- هو احتمال ضئيل جداً. ومن الناحية الأخرى فإنه لا يمكن الجزم نتيجة لهذه الخبرة، بأن الحوادث بعيدة الاحتمال، وأنها لن تحدث أبداً في المستقبل.  صناعة القنبلة المحلية: بنمو الصناعة النووية المدنية في مختلف أنحاء العالم سيكون هناك انتشار للمفاعلات المستعملة بصورة اعتيادية لتوليد الكهرباء، ولهذا فقد أثير الجدل حول الإمكانية المتزايدة لسرقة المواد القابلة للانشطار واستخدامها لأغراض عدوانية، لهذا فإن خطر الابتزاز أو التخريب سيزداد، فقد يسرق شخص منحرف أو عصابة إرهابية منظمة كمية من المواد القابلة للانشطار تكفي لعمل قنبلة ذرية، ويهددون باستعمالها إذا لم تلبى مطالبهم الشنيعة فوراً.  إن حجم الخطر بسبب هذا الاحتمال ضئيل جداً، لأن الوقود المخصب باهظ الثمن، ويستحق حراسة شديدة، ومن ثم لن يكون من السهل سرقته، ولا يمكن للأشخاص العاديين أن يستعملوه بأمان في صنع قنبلة فعالة، لأن ذلك يتطلب تضافر جهود آلاف العلماء والمهندسين، كما أن من الممكن لعدد قليل من الأفراد إساءة استغلال الخبرة في الحرب الجرثومية، أو الكيمائية، لإنتاج دمار يفوق بكثير أية قنبلة نووية.

الأستاذ/الدكتور محمد بن إبراهيم الجار الله 

بازدياد التقدم الصناعي للمجتمعات تزداد الحاجة للطاقة بصورة تثير المخاوف، ففي الماضي كان الإنسان يعيش حياة بسيطة، تنحصر في فلاحة الأرض وزرعها سعياً وراء تأمين قوت طعامه وتوفير الدفء وكانت حاجته إلى الطاقة بطبيعة الحال متواضعة, وكانت تلك الطاقة مستمدة من الشمس التي تشكل عنصراً فعالاً في نمو النباتات عن طريق "التمثيل الضوئي" الذي يستهلك نسبة ضئيلة جداً من هذه الطاقة.

لقد كانت ظروف الحياة شاقة، وقاسية، ولكن الإنسان كان يعيش في حالة توازن مع بيئته، وكان يستهلك كمية قليلة من فائض الطاقة المتولدة من الشمس التي تسقط على الأرض باستمرار، ولم يكن يستنزف مستودعات الطاقة الطبيعية، أما في هذه الأيام فقد تزايد استهلاكه للطاقة في مختلف أوجه حياته اليومية.

مصادر الطاقة التقليدية: 

وتشمل البترول والفحم الحجري والغاز الطبيعي. ومن المعلوم أن البترول مادة قابلة للاستنزاف والنضوب ومن المتوقع نضوبه خلال قرن واحد   على أكثر تقدير. وقبل نهاية هذا الوقت لن يكون هناك ما يكفي حاجة العالم من الطاقة، بل سيكون محصوراً في سد حاجة الدول المنتجة له. ومن المعلوم كذلك أن استخدام البترول في توليد الطاقة يعتبر إهداراً لهذه المادة الثمينة التي يمكن أن يستخرج منها العديد من المنتجات المختلفة، كما أنها تعتبر في الوقت الحاضر المصدر شبه الوحيد في الحصول على الوقود السائل، مثل بنزين السيارات والطائرات..

أما الفحم الحجري فيوجد منه احتياطي كبير يكفي لعدة مئات من السنين   وتشير الاحصاءات إلى أنه من عام 1380هـ لم يستهلك من هذا الاحتياطي سوى 2 في المائة فقط. وليس للفحم في الوقت الحاضر استعمالات مهمة سوى توليد الطاقة الكهربائية مع أن هنالك بحوثاً تجرى لإنتاج الوقود السائل منه، غير أن عملية استخراجه باهضة التكاليف وهو يعتبر من أكثر مصادر الطاقة التقليدية تلويثاً للبيئة.

أما الغاز فيقدر احتياطية بـ 1× 10 16 قدم مكعب والاستهلاك السنوي بـ 8×10 13 قدم، لهذا فإن المدة المقدرة لنضوبه هي 125 سنة، كما يعتبر من أقل المصادر التقليدية تلويثاً للبيئة وأسهلها استعمالاً.

وهناك مصادر طبيعية أخرى للطاقة يمكن للإنسان أن يستغلها إلا أنها محدودة أو باهظة التكاليف، وهذه المصادر هي: الطاقة الشمسية، الطاقة الكهرومائية، طاقة الأرض الحرارية، وطاقة المد والجزر، وطاقة الرياح.

مصادر الطاقة النووية: 

لقد بات من الضروري اليوم البحث عن بدائل جديدة للطاقة، نظراً لكون مصادرها التقليدية محدودة، ونظراً لوجود استعمالات مهمة لها وبخاصة البترول، وكذلك نظراً لما تحدثه هذه المصادر التقليدية من تلوث البيئة سواء عند الاستخراج والنقل أو عند إنتاج الطاقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى مخاطر جسيمة للبيئة. والطاقة النووية هي أحد هذه المصادر البديلة المهمة، وهنالك نوعان من التفاعلات النووية التي يمكن عن طريقها إنتاج الطاقة وهما:

الاندماج النووي : ويحدث عند اندماج نواتين لذرتين خفيفتين، مثل الهيدروجين مع بعضهما البعض لتكوين ذرة واحدة كبيرة، هي الهيليوم الذي تقل كتلته عن مجموع كتلتي الهيدروجين، وهذا الفرق يتحول إلى طاقة هائلة، تماماً كما يحدث داخل الشمس لتوليد الطاقة الشمسية.

الانشطار النووي: ويحدث عند تهشم بعض الذرات الكبيرة مثل اليورانيوم، لتكوين ذرتين أو أكثر أصغر حجماً، مولدة بذلك طاقة هائلة لفرق الكتلة بين مجموع الكتل المتولدة والكتلة الأصلية حسب معادلة إينشتاين:

الطاقة = الكتلة الفانية × مربع سرعة الضوء

والغريب في الأمر أن مفاعلات نووية طبيعية تكونت قبل مئات الملايين من السنين (حوالي 1.7 بليون سنة) بطاقة عدة كيلوواطات لمدة تتراوح بين مائة ألف ومليون سنة، وذلك في بعض مناطق جمهورية الغابون الأفريقية.

أنواع المفاعلات النووية: 

لم يستطع أحد حتى الآن استغلال الاندماج النووي في انتاج الطاقة النووية عن طريق التفاعل المنضبط، كما هي الحال في الانشطار النووي، فهناك أنواع عديدة من مفاعلات الانشطار النووي يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين: 

مفاعلات اليورانيوم المخصب: ويستعمل في هذه الحالة: عادة، الماء الطبيعي كمهدئ للنيوترونات ولنقل الحرارة، ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات الماء المغلي ومفاعلات الماء المضغوط، وقد طورت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النوع من المفاعلات.

مفاعلات اليورانيوم الطبيعي: وفيها يستعمل الماء الثقيل كمبرد ومهدئ للنيوترونات، ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات "كندو" الكندية، والمفاعلات المبردة بغاز ثاني أكسيد الكربون البريطانية.

ومن المقدر أن يكفي استعمال الوقود النووي بتكلفة غير باهظة لمدة قرن على الأقل، وإذا ما استعمل ما يسمى "بالمفاعل النووي المنتج" فإن الوقود النووي سيسد الحاجة اللازمة للطاقة لقرون عديدة. والجديد بالذكر أن هذا المفاعل المنتج يولد وقوداً نوويا أكثر مما يستهلك. وبذلك يفوق احتياطي الوقود النووي أضعاف احتياطي الوقود التقليدي مجتمعاً.

أضرار ومشكلات مفاعلات الطاقة النووية:

التلوث الحراري: ويقصد بذلك تفريغ فضلات الحرارة من محطات توليد الطاقة النووية إلى مصادر المياه الطبيعية.

إن فضلات الطاقة غير محصورة في محطات الطاقة النووية. فالمحطات التقليدية لا بد لها من أن تتخلص من الحرارة الفائضة التي ينطلق معظمها في الجو مباشرة، بواسطة المداخن، وعلى شكل غازات حارة. وهناك محاولات تبذل لتسخير هذه الحرارة الفائضة من المحطات النووية في الزراعة وتربية الكائنات المائية "كالربيان والأسماك" غير أن هناك من يخشى أن يؤدي التفريغ الهائل لهذه الطاقة الحرارية الفائضة إلى اضطراب في توازن البيئة الأرضية.

التنقيب عن اليورانيوم: إن مراحل التنقيب عن الوقود النووي، وطرق استعماله وطرحه، محفوفة بالمخاطر وذلك لاحتوائها على غاز الرادون، حيث أن اليورانيوم يوجد في الطبيعة مع الراديوم وسلسلة تحلله التي من بينها غاز الرادون. فكل عمليات التنقيب تنطوي دائماً على مخاطر وأضرار، إذ أن معدل الحوادث الناجمة عنه يفوق معدل الحوادث الناجمة عن أي من الصناعات الساسية الكبيرة. غير أن الكلفة الكلية لعمليات التنقيب عن الوقود النووي أقل بكثير من التكاليف المترتبة على التنقيب عن الفحم الحجري. ولعل السبب في ذلك يعود إلى صغر كمية اليورانيوم اللازمة لتوليد كمية معينة من الكهرباء، مقارنة بالكمية التي يحتاج إليها من الفحم الحجري في المحطات التقليدية (النسبة تقريباً 10000/1).

الاطلاق الرتيب لكمية من المواد المشعة: عند تشغيل المفاعل بصورة اعتيادية يتم اطلاق منتظم لكميات صغيرة من المواد المشعة إلى الهواء والماء الخارجين. لذلك فإن معدل الجرعة الإشعاعية التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان نتيجة ذلك صغيرة جداً، ويمكن إهمالها إذا ما قورنت بالجرعة الإشعاعية الطبيعية التي يتعرض لها الإنسان من الأشعة الكونية، والنشاط الإشعاعي في القشرة الأرضية، والإشعاع الطبيعي ضمن الجسم البشري.


كما أن هذا الإطلاق للكميات الصغيرة جداً من المواد المشعة هو البديل لغيوم الدخان الأسود الذي ينطلق من محطات البترول أو الفحم الحجري، والتي لها من الأضرار على صحة الإنسان ما يفوق أسوأ التقديرات الناجمة عن تأثير الإطلاق الرتيب للمواد المشعة من المفاعلات النووية.


تخزين الفضلات الإشعاعية: ومن أهم الصفات غير المرغوبة في توليد الطاقة من الذرة بواسطة الإنشطار، احتواء قضبان الوقود المستعملة في إنتاج هذه الطاقة على كميات كبيرة من الفضلات المشعة التي تشكل بحد ذاتها خطراً على حياة الإنسان. وقد استخدمت عدة طرق للتخلص من هذه الفضلات، علماً بأن الحجم الحقيقي للمواد المشعة التي تحويها الفضلات الإشعاعية والمساحة اللازمة لخزنها يعتبر صغيراً نسبياً، وهي بذلك لا تشكل خطراً كبيراً.

نقل الفضلات المشعة: إن المخاطر الناجمة عن نقل الفضلات المشعة ضئيلة جداً، ولعل أكثر الأشخاص تعرضاً لهذه الفضلات سائق الحافلة التي تحمل الوقود المستهلك، ولكن الاحتمال في أن تكون الإصابة بسبب حادث تصادم تزيد بمقدار يتراوح  بين 2000و 120000 مرة على تلك المحتملة من أسباب إشعاعية.

الكوارث المميتة: وهناك سبب رئيسي مثير للإهتمام، هو زيادة الاحتمال بحدوث كارثة مميتة بازدياد عدد المفاعلات العاملة. ففي شهر يناير 1977م أصبح عدد سنوات الخبرة بالمفاعلات في العالم 1200 سنة، وتشمل 192 مفاعلاً لتوليد الطاقة، وهذا يعادل تشغيل مفاعل واحد باستمرار لمدة 1200 سنة، خلال هذه الفترة كانت هناك حوادث ثانوية، ولكن لم يكن هناك حادث واحد قد نجم عن تسرب مواد مشعة أدى إلى إصابة العاملين في المحطة. وهذا يدل على أن احتمال وقوع حادث كبير- هو احتمال ضئيل جداً. ومن الناحية الأخرى فإنه لا يمكن الجزم نتيجة لهذه الخبرة، بأن الحوادث بعيدة الاحتمال، وأنها لن تحدث أبداً في المستقبل.

صناعة القنبلة المحلية: بنمو الصناعة النووية المدنية في مختلف أنحاء العالم سيكون هناك انتشار للمفاعلات المستعملة بصورة اعتيادية لتوليد الكهرباء، ولهذا فقد أثير الجدل حول الإمكانية المتزايدة لسرقة المواد القابلة للانشطار واستخدامها لأغراض عدوانية، لهذا فإن خطر الابتزاز أو التخريب سيزداد، فقد يسرق شخص منحرف أو عصابة إرهابية منظمة كمية من المواد القابلة للانشطار تكفي لعمل قنبلة ذرية، ويهددون باستعمالها إذا لم تلبى مطالبهم الشنيعة فوراً.

إن حجم الخطر بسبب هذا الاحتمال ضئيل جداً، لأن الوقود المخصب باهظ الثمن، ويستحق حراسة شديدة، ومن ثم لن يكون من السهل سرقته، ولا يمكن للأشخاص العاديين أن يستعملوه بأمان في صنع قنبلة فعالة، لأن ذلك يتطلب تضافر جهود آلاف العلماء والمهندسين، كما أن من الممكن لعدد قليل من الأفراد إساءة استغلال الخبرة في الحرب الجرثومية، أو الكيمائية، لإنتاج دمار يفوق بكثير أية قنبلة نووية.


المدونون العرب
بواسطة : المدونون العرب
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-