ثمن المظاهر
فاطمة المزروعي - الإمارات
بعض الناس يشترون السيارات الفارهة والملابس باهظة الثمن، ليس بهدف إظهار النعمة، ولكن لأجل التفاخر، وإشباع حاجة مرضية، وهي التباهي أمام الآخرين بثرائهم، وليست هذه المعضلة، بل المشكلة تكمن في أن هذه الجوانب باتت معياراً لتقييم الآخرين، وكيفية تعاملنا معهم، فكلما زاد ثمن السيارة، وكانت الملابس «ماركة» تزايد الاهتمام، وهذا جعل هناك موجة من محاولة التميز في الجوانب المادية، وصدق الكاتب الإغريقي ايسوب، عندما قال: أحكم على الجوهر لا على المظهر، فعلاً، يجب ألا ننخدع بالمظهر، وإنما يجب أن نركز على الجوهر في كل إنسان.
لعل معظم المشاكل التي تعترض الكثير من الناس تتعلق بالجوانب المادية، وهو ما يعني خللاً في إدارة المحفظة المالية، لأن الذي يقع فيه معظم الناس هو الصرف بلا هوادة من دون رقيب أو حسيب، وهذا الصرف يتجاوز الدخل الشهري، ومع مثل هذه الحالة يتم اللجوء إلى البطاقات الائتمانية وإلى القروض، فالسيارة المريحة الفارهة، يتم تسديدها وفق أقساط شهرية ثابتة لسنوات عدة، تبضعك اليومي من الأسواق يتم سداده ببطاقة ائتمانية، وبعد نحو 20 يوماً تصبح مديوناً في حسابك المصرفي، ومعها يتم سحب كافة النقد القليل المتوفر في رصيدك، وفي الأيام التالية تعود مرة أخرى بالاعتماد على البطاقة، فتزيد المديونية شهراً وراء آخر، وتتضخم، ثم يأتي الصيف، وتجد أنه من الضروري السفر، فتطلب قرضاً نقدياً من المصرف، ثم تريد تغيير أثاث منزلك فتسدد وفق أقساط شهرية، وفجأة تجد نفسك تعيش في دوامة من الالتزامات المالية، التي لا تنتهي ولا تتوقف، حتى تصبح فاتورة هاتفك الجوال وفاتورة استهلاك الكهرباء والمياه كابوساً لا يطاق، والمشكلة أن كل هذه الالتزامات المالية تصبح أكثر قسوة، فتؤثر على نفسيتك وعلى صحتك، وإذا أمعنا النظر فإن الكثير منا يتوجهون نحو الوقوع في هذه الشبكة بمحض إرادتهم وموافقتهم، وهم في كامل قواهم العقلية، والنصيحة الذهبية: لا تضعف أمام سيل الإعلانات، ولا تستسلم للاستهلاك، ولا تحمل نفسك هم الليل والنهار، لمجرد مظهر لا يعكس واقعك الحقيقي.