الشهادات الأكاديمية وأزمة التغيير.. بقلم/ د. شادي الكفارنة

 


نسمع بأن شخصاً خريج جامعي، وآخر ناقش أطروحة الماجستير أو الدكتوراه، وآخرين ينتظرون سيرهم في محاولتهم للوصول لطريق من سبقهم، وهذا يجعلنا فخورين بهذه الإنجازات العلمية؛ لأنها سوف تضيف لنا إنتاجاً علمياً وعملياً، وتقدم شيئاً جديداً للنظرية المعرفية الحقيقية التي يسعى إليها أصحاب الشهادات الحقيقية لا المزيفة أو الرمزية الذين قيل عنهم: " لصوص الألقاب والمسميات الذين يستعرضون ويتفاخرون بما لا يملكون".

 ولكن ما يستوقفنا، لماذا يعجز أحياناً حملة الشهادات الحقيقية عن التغيير؟ هل الظروف أقوى منهم أم ليس لديهم جرأة التغيير؟

من الغريب عند البعض من حملة الشهادات أنهم أصبحوا يحصلون على هذه الشهادات لتكون مجرد رموز وألقاب ومسميات من كماليات الحياة اليومية فقط، وعشعش في عقولهم أن هناك مؤامرات تحاك عليهم أو ضدهم للهروب من استحقاق والتزام أزمة التغيير، فأصبحت شهاداتهم عبارة عن براويز معلقة على حائط مُغبّر، وتصندقت في صندوق مظلم، وأفرغت من محتواها، وتجمدت ألوانها، وتصلبت أختامها، وتحجرت شعاراتها، وجفت من حبرها، وتصدأت في مكانها، وأكل العث أوراقها.

ويبقى السؤال جليًّا!

 هل أصبحنا نريد هذه الشهادات وألقابها ورموزها لتحقيق مكاناً اجتماعياً أو هامشاً سياسياً أو استعراضاً بوكياً -الفيس بوك- أو تفاخراً قرابياً، أو تباهياً أسرياً، أو لباساً كلاسيكياً، أو ثوباً دينياً أو زياً قانونياً فقط دون الاهتمام بالمضمون والمحتوى للشهادات أو حتى توظيفها في التغيير أم أنّ الأزمة تكمن أيضاً في الجامعات والكليات التي لا تراعي سوق العمل للخريجين، وهدفها تحقيق الاستثمار المالي الخاص بها فقط، دون الاهتمام بجودة الاستثمار البشري لتحقيق للإنتاج المعرفي للتغيير؟

كلمة أخيرة

 علينا أن نسعى لعملية التغيير، ونستفيد مما تعلمناه، ونحاول أن نطبقه ونوظفه ونطوره بقدر المستطاع، ونكون دعاة تغيير حقيقيين لا شكليين أو مزيفين، ونحاول أن نتخلص من آسرات العقل بكل جدية، وأن نتمرد على عاداتنا البالية وتقاليدنا الرجعية التي لا تصلح للأرضية المعرفية في زماننا اليوم، وأن نبحث عن السقف المعرفي الأكثر نمواً وتقدماً في العلم والتعليم، مؤكدين أن كل ما سبق ذكره ليس انتقاصاً من حملة الشهادات أو الجامعات أو دعاة التغيير الحقيقيين، بل من أجل أن نكون الأفضل والأحسن في الإنتاج المعرفي، وأن نصل للتغيير الحقيقي؛ لأن الشهادات لا تُعلّم النجاحات بل هي طريق للنجاحات، وإنّ هناك الكثير من المخترعين والفلاسفة والعباقرة بدون شهادات غيروا التاريخ وصنعوا الحضارات.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-