الله يستر عليكِ.. بقلم/ د. شادي الكفارنة


نسمع جملة -الله يستر عليكِ- للأنثى غير المتزوجة، وتعني الدعاء لها بأن تتزوج وتكون بذلك الزواج مستورة، ولكن اللافت للنظر في أن تقال هذه الجملة وكأن الأنثى غير مستورة إن لم تتزوج، وإذا تزوجت انسترت!!

ما المقصود بالسترة عند هؤلاء؟ هل هي معنوية أم مادية؟ وهل الزواج للمتزوجة يكون سترة وغير المتزوجة تكون غير مستورة؟

قد تتزوج الأنثى ولا يكون زواجها ستراً بل فضيحةً ، هذا يعني أن السترة ليس هي معيار العيش في الحياة بزوج (برجل)، إذن جملة أو مقولة (الله يستر عليكِ) هي نتاج ثقافة أبوية بوعي ذكوري عززت عند الأنثى قبل الذكر بأنها تكون مكشوفة عارية ما دامت غير متزوجة وبالزواج تُستر، ويجب أن تكون في عالم الرجل الذي يحميها من ظروف الحياة، وهي عاجزة عن الدفاع عن نفسها بدون هذا الرجل (الزوج) ؛ أي تكون ناقصة ولم تكتمل إلا بهذا الزوج الذي قد يكون هو الكاشف والفاضح والناشر والموزع المعري عن أسرارها وخصوصيتها وقيمها الإنسانية. 

والغريب!!

 إن الأنثى تكون في كنف الرجال -الأب والأخوة- قبل الزواج، ما المانع أن تكون مستورة وهي في كنفهم؟! وكيف لها تذهب لرجل آخر (الزوج) وتُستر؟!

 إنّ هذه مغالطات ما بين المفاهيم والمفردات وتحليلها وتطبيقها في الواقع، وهنا يظهر لنا أن هناك تمييزاً لسانيّاً في استخدام المفاهيم والمصطلحات والجمل بين الذكر والأنثى، ويرجع هذا التمييز إلى أصل اجتماعي يُعلي من قيمة ومكانة ولغة الرجال على حساب لغة النساء.

ينبغي القول: إنّ الأنثى مستورة في كنف الأب والأم والإخوة بحنانهم وودهم وعطائهم، ومستورة بذاتها وعقلها وفكرها وشخصيتها، ومستورة بثقافتها وعلمها وعملها وحماية حقوقها، ومستورة بحريتها وقناعتها في قدرتها على اتخاذ القرارات بالقبول والرفض في الأسرة والمجتمع، وهي مستورة بالزواج أو عدمه، وإنّ سترتها في المجتمع لا يقتصر على زواجها فقط خلافاً مع مضمون هذه العبارة – الله يستر عليكِ - 

على هذا يجب علينا أن نستخدم ألفاظاً لا تعبّر عن التمييز وإظهار الضعف للأنثى على حساب الذكر، وأن نجدد استخدام هذه المفاهيم، ونعيد بلورتها مع ما يتناسب ومكانة الأنثى وظروفها، ونعلم أن الستير هو الله -عز وجل-، ولا قول لنا إلا اللهم استرنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض عليك.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-