أوهام انهزامية.. حمادة فراعنة

 


كما سبق وفعلها حسن أسميك، ها هو يسير على دربه علي الشهابي، وسواء كتبها هذا أو ذاك،  فكلاهما من طينة واحدة، بهدف واحد: المس بالأردن وفلسطين.

فهذا في مقالته سعى لشطب فلسطين لحساب الأردن، وذاك يسعى لشطب الأردن لحساب فلسطين، وكأن الأردن وفلسطين ألعوبة، بلا وزن، بلا قيمة، بلا هوية، بلا مضمون، يمكن التلاعب بهما، كما يشاء كل منهما، غير مدركين، حتى لا أقول أن كليهما يقع أسير الرغبة لأكثر الإسرائيليين تطرفاً وعداء لفلسطين، كما هم ضد الأردن.

سبب أذى الأردن، واستهدافه،  وعيه وصموده وإدراكه، أن أمنه الوطني مرتبط بصمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه الذي لا وطن له غيره، وأن كرامة الأردنيين تكمن في انحيازهم للشعب الشقيق.

المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي نجح عام 1948، برمي القضية الفلسطينية وتبعاتها إلى الحضن العربي: اللبناني والسوري و الأردني، قبل أن تنجح الانتفاضة الأولى وترغم المستعمرة وقادتها عام 1993 للتسليم والاعتراف بالعناوين الثلاثة: 1- بالشعب الفلسطيني، 2- بمنظمة التحرير الفلسطينية، 3- بالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني، وبذلك تم فتح البوابة لعودة العنوان الفلسطيني وأدواته من المنفى إلى الوطن، وباتت جغرافية فلسطين هي العنوان والقضية على أرضها وشعبها وقادتها، وهو ما عمل الأردن لأجله رسمياً وشعبياً، ولا يزال ففي هذا الخيار تكمن مصلحته وأمنه وإستقراره.

انقلب القرار السياسي لدى المستعمرة باتجاه اليمين العنصري المتطرف، فقتلوا اسحق رابين واغتالوا ياسر عرفات، وتولى نتنياهو وشارون وبينيت إدارة الصراع والمطبخ، والتراجع عن كل ما تم الاتفاق عليه، وفق الاتفاق التدريجي متعدد المراحل، إتفاق أوسلو.

اليوم، يقود المستعمرة سواء لدى الحكومة أو لدى المعارضة أكثر الأحزاب والتوجهات تطرفاً وعدوانية وعنصرية لدى المجتمع الإسرائيلي، ضد فلسطين وشعبها وحقوقه غير القابلة للتبديد او الشطب او التصفية، رغم نجاحهم في تغذية الانقسام الفلسطيني، وهو أحد الأسلحة التي تم توظيفها لمصلحة المستعمرة عبر إضعاف الدور الفلسطيني ومكانته وتماسكه وتمزيقه.

النفس الانهزامي يجتاح بعض مواقع المشهد السياسي العربي بالاتفاقات من فوق الطاولة، ومن تحتها، ويغيظهم، نعم، يغيظهم ويقهرهم: 1- الصمود الفلسطيني في مواجهة تفوق المستعمرة وقدراتها، 2- أن يكون الأردن رأس حربة سياسية في دعم الصمود الفلسطيني، من أجل القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، من أجل حرية فلسطين واستقلالها، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى المدن التي سبق وطردوا منها، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها، في وطنهم.

يتوهمون أن الأردن وشعبه وقناعاته ووطنيته وقوميته وتمسكه بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي رفض كل ما هو لا يستجيب لحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته وكرامته، يتوهمون أن الأردن سيهتز من مقال، أو من موقف، من قبل هذا أو ذاك.

منطق الهزيمة ومفرداتها وتسويقها لن تمس معنويات الشعب الفلسطيني وصموده وثقته أنه سينتصر، كما انتصرت شعوب الجزائر والفيتنام وجنوب إفريقيا، وهزمت المحتلين المتفوقين وطردتهم مدحورين، وهو الحصيلة التي سيصلها المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي برمته.

على أرض فلسطين شعب، وليس جالية ضعيفة مسكينة تتوسل محتليها، بل شعب باسل شجاع متمسك بهويته الوطنية الفلسطينية وقوميته العربية وينتفض وسيواصل النضال، في مواجهة ظروف صعبة معقدة، مثلما هو شعب الأردن مهما مُورست الضغوط عليه، فسيبقى الأردن للأردنيين رمزاً للكرامة والوطنية والقومية، وأن ظروفه الاقتصادية الصعبة لن تدفعه للإذعان والتراجع، بل نجد أن كل المحاولات التي تسعى للمس بنا كأردنيين، تدفع بنا نحو الانحياز لمصالحنا الوطنية والقومية، وأن نكون معاً في الخندق الأردني الفلسطيني المشترك في مواجهة المستعمرة الإسرائيلية.. حتى ننتصر، نعم سنحمي الأردن وسننتصر.

 

- الاثنين 13 حزيران/ يونيو 2022.

- عدد المقالات: 1608.

- الدستور.

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-