_____
بقلم
د.سيد حسن السيد
الخبير الدولى للاتيكيت
واداب السلوك الاسلامى
_______
اذا كان الأجداد فى زمن الماضى الجميل ينصحون أبناءهم عند اختيارهم لشريك الحياه ويقولون
من الأمثال القديمه:
(على الأصل دور - العرق يمد لسابع جد - قبل متناسب حاسب)
وكانوا أيضا يرددون من اقوال رسولنا الحبيب ( صلوات الله عليه) :" تخيروا لنطفكم فأن العرق دساس " وقوله ( عليه الصلاه والسلام):" تخيروا لنطفكم فأنكحوا الاكفاء"
فإن الدراسات والابحاث الاجتماعيه قد أكدت اهميه مااوصى به رسولنا
الكريم وصحه ما تردد من امثال
حينما اثبتت أن الأصل الطيب المتمثل فى النسب الشريف لمن الصفات الوراثية المتأصلة فى
الأشخاص حيث أن الشرف الثابت فى الاباء الذين يتحلون بالفضائل ويتخلون عن الرزائل ينعكس أثره بوضوح على المعاملات والعلاقات الانسانيه والروابط الاسريه والحياه الزوجيه ومن هنا تظهر اهميه النسب وفضل الحسب
فعن النسب قال رسول الله ( عليه الصلاه والسلام ): تعلموا من انسابكم ما تصلون به ارحامكم
اماعن فضل الحسب قال رسول الله : ( صلى الله عليه وسلم) "تنكح المرأه لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"
حقا ان الاصل كالشجره القويه التى
تشتد صلابتها بامتداد جذورها المتشعبه فى أعماق الارض الطيبه
حتى تزداد قدرتها على حمايه فروعها وكريم الأصل كالغصن كلما حمل الثمار انحنى اما الفروع التى تقطع من جذع الشجره تصير هزيله وضعيفه وحينما تعصف بها الرياح تتلاشى وتندثر لأنها اقتطعت من اصلها
اما عراقه أصل الانسان فتتمثل فى الاهل والنسب الشريف لان الاهل هم الحصن المنيع الذى يحميه ويرعاه والسند الذى يشد من ازره وقت المحن و الشدائد اما النسب الشريف فهو يرفع من شأنه ومكانته ويعلى من قدره ومنزلته وسمعته الطيبه
وقد يعتقد البعض ان النسب الشريف يقتصر على الأغنياء والاثرياء اوأصحاب المناصب العليا والوجاهه الاجتماعيه أو الشخصيات العامه ممن لديهم سلطه ونفوذ وهذا الاعتقاد
خاطئا حينما يكتشف ان ضمن هؤلاء
بعض اشخاص فاسدين او مرتشين
أو مختلسين وسمعتهم سيئه لأنهم
أساءوا استغلال مناصبهم وسلطاتهم ونفوذهم من أجل التربح والثراء
وبذلك قد اهدروا كرامتهم ووضعوا
أنفسهم فى مهانه وجلبوا لانسابهم
الخزى والعار والملامه وعلى النقيض نجد ان هناك أناس بسطاء ومن اسر فقيره وليسوا باغنياء ولايشغلون مناصب عليا ولكنهم امناء و شرفاء محترمين لأنهم لايستحلون الحرام ومن هؤلاء من كان أبويه اميين ولكنه اجتهد وحصل على اعلى الدرجات العلميه وشغل ارفع المناصب المرموقة ولم ينسى فضل والديه لأنه اصله عريق وشريف
لقد خلق الله عز وجل البشر كالمعادن
ووجه الشبه أن اختلاف البشر فى
الغرائز والطباع كاختلاف المعادن
وحيث أن كل معدن له صفات
وخصائص لا تتغير فكذلك صفه الشرف فى الانسان لا تتغير فى
ذاتها اذا كان معدنه نفيس اما من
كان معدنه خبيث فيكون دون ذلك
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم فى الجاهلية
خيارهم فى الإسلام اذا فقهوا"
ان المعدن النفيس ثمين لذلك نقبل على شراؤه واقتناؤه اما المعدن الخبيث رخيص لأنه ليس فيه نفع أو
خير يرتجى حتى وان ابهر العيون ببريقه ولمعانه وخداعه للبصر وكذلك البشر منهم من هو اصيل كالمعدن النفيس ومنهم ماهو خسيس
كالمعدن الخبيث
حقا ان أولاد الأصول كالمعادن النفيسه
ابن الأصول ليس بالضرورة أن يكون بالشخص المشهور الذى يرتدى اغلى الثياب ولا هو المليونير الذى يركب أفخر السيارات ويسكن فى ارقى الأحياء ولا الذى يتولى منصبا كبيرا او صاحب جاه
ابن الأصول يعرف من صفاته وسماته
الشخصيه التى تظهر بوضوح من
خلال تصرفاته وتعامله مع الغير فمن
صفات ابن الأصول انه كريم فى
عطائه وسخى فى كرمه ويحافظ
على ماء وجه المحتاج فلا يتباهى
بالعطاء بل يعطى فى الخفاء ويشفق
على السائل والمحروم ويساعد المكروب .
ابن الأصول لايغتاب غائبا ولا يعرف
لسانه السب والقذف ولايستقوى على
الضعيف ولا على الفقير وهو دائما
جابرا للخواطر .
ابن الأصول كلما أمتلك تواضع وهو
الذى يضع المال تحت قدميه ليرفعه
إلى اعلا ولايضعه فوق رأسه حتى
لايغوص به فى القاع لأنه يشعر
بأنه غنى بالاحتفاظ بكرامته
.
ابن الأصول هو الكريم الذى اذا اكرمته ملكته واذا احتجت إليه
وجدته وهو الذى يلبى نداء الملهوف
اذا استغاذ او استجار به وهو الذى يعترف بالجميل ويكافئ كل من صنع إليه معروفا ولا ينكر فضل من احسن إليه وهو الذى يوقر الكبير ويحترمه ويرحم الصغير ويعطف عليه
ابن الأصول لا يتغير مهما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال بل يظل
متواضعا بلا تكبر أو استعلاء ويستمر
مخلصا ووفيا دون نفاق أو رياء
كما ان بنت الأصول تتسم بتلك الصفات ونجدها أيضا وقوره وتجبر الجميع على احترامها لانها
لاتتخطى الحدود فى مظهرها ولا اقوالها وافعالها لكى تصون كرامتها وحتى لايخدش حيائها حيث أن جمال المرأه الحقيقى يكمن فى سلوكها النابع من الحياء وليس
فى جمال الخلقه الخداع باستخدام
المساحيق وأدوات التجميل وابراز
مفاتن الجسد بارتداء الثياب العاريه
المثيره للغرائز والشهوات
و ياليت الشباب الراغبين فى الزواج
يعملون بوصيه رسول الله ( صلوات الله عليه ) حينما قال:" اياكم وخضراء الدمن" والمقصود بخضراء
الدمن ( الفتاه الحسناء فى المنبت
السوء) والمنبت السوء يعنى النشئه
فى بيئه سيئه شأنها شأن الزرع الاخضر الذى ينمو وسط القمامه وليس فى ارض طيبه
اذا كان كل اناء ينضح بما فيه فأن
أولاد الأصول بسيماهم يعرفون فهم
لايتعالون على احد لأنهم يعلمون
مكانتهم وقدرهم واذا غضبوا لايستخدمون الألفاظ البذيئه ولا
يتفوهون بالسباب واللعان وكلما
ارتفع شأنهم يتواضعون واذا أخطأوا
يعتذرون كما أنهم ثابتون على مبادئهم وقيمهم ولايتغيرون ويأتمنون على أسرار الغير مع عدم كشفهم للمستور لان فى طبعهم الستر كما أنهم لايتصيدون اخطاء الآخرين ولا يتهكمون ويسخرون من الغير ولا يظلمون احد فضلا عن انهم
يتبعون اداب اللياقه فى المعاملات واداب المجامله فى المناسبات فيرحبون بالضيف بحفاوة ويقدمون واجب الضيافه بسخاء ويقدمون التهانى بموده والتعازى بمواساه ويد العون بمؤازره
أولاد الأصول عندما يتحاورون يؤمنون بأن الصوت الهادئ اقوى من الصراخ وان الأدب يهزم الوقاحه وان التواضع يحطم الغرور وان الاحترام يسبق الحب وان الصدق يسحق الكذب وعزه النفس تقهر المذله وان الهديه تذهب وحر الصدر وتزيد من
مشاعر المحبه
ما أحوجنا الان الى التمسك بتعاليم
ديننا الحنيف فى ظل المتغيرات
العصريه التى أدخلتنا فى عالم آخر افتراضى وذلك من خلال شبكات التواصل التى اقتحمت ابواب حجرات البيوت المغلقه دون استئذان واستطاعت تزييف الحقائق والمشاعر حين جملت المظهر واخفت الجوهر فساهمت فى تضليل وخداع العديد من الشباب والفتيات مما أدى إلى اختلاط المعدن النفيس بالمعدن الخبيث والاصيل بالخسيس والحابل بالنابل لذلك يجب التنقيب بعنايه وصبر عن الزوج ابن الأصول
التقى الخلوق والزوجه بنت الأصول
الصالحه الفاضله على أن يكونا
من نسب شريف ولديهما من الصفات مايجعلهما يكسبان محبه واحترام وثقه الآخرين وما يؤهلهما لتحمل مسئوليات الحياه الزوجيه
ويعمران البيوت للمحافظه على الكيان الاسرى حيث ثبت أن أولاد الأصول هم الأصلح للزواج
حقا ان أولاد الأصول عمله نادره لا تقدر بمال.