ظهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يتلوا خطابه أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه يقول: اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.
وربما أن الرئيس عباس يدرك تماما أن بايدن لن يقدم شئ للفلسطينيين، وان ما قاله أمام بايدن، إن أي استقرار في المنطقة وأي سلام لا يمكن أن يستقيم ما دام الاحتلال جاثماً.
وما دامت "إسرائيل" تتنصل من الاتفاقات، وتواصل سياسات الاستيطان وسياسة الفصل العنصري والقتل والاعتقالات اليومية، ولا تستجيب للقرارات الدولية. ولا حتى المبادرة العربية للسلام، والوحيد المتمسك بها هو الرئيس عباس، وأن إجراءات التطبيع مع الدول العربية لا يمكن أن تساعد في دفع حل سياسي، وإن الاستقرار والسلام في المنطقة يبدأن من هنا وليس العكس.
ومع إدراك الفلسطينيين أن أهداف زيارة بايدن وإدارته ليست فلسطين ولن يقدما لهم سوى الوعود والوهم والانتظار، فإن بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية يتحدثوا بايجابية،
وإن اجتماع الرئيس عباس بالرئيس بايدن كان مهماً، من حيث التوقيت والرسائل، كما كانت الفترة الزمنية المخصصة له مهمة أيضاً، والتي تضمنت محادثة رباعية موجزة مع الرئيس عباس.
وإن بايدن على عكس الرؤساء السابقين، أظهر اهتماما في التفاصيل وفهم جميع النقاط الساخنة للصراع.
لا يزال هناك من القيادة يثق بالإدارة الأمريكية وبايدن وهم لا يدركون إلى أي مدى كانت إدارة بايدن مستعدة وراغبة في الشروع في خطوات حقيقية بشأن القضية الفلسطينية.
من الواضح أن الإدارة الأمريكية لن تضغط على إسرائيل للشروع في تسوية سياسية دائمة أو تعقد مؤتمر سلام إسرائيلي فلسطيني. فكل ذلك أضغاث أحلام. وإن التفاؤل الذي يبديه المسؤلين الفلسطينيين بهذا الشأن هو الاستمرار في سياسة الانتظار في الاتفاق.
لن تكون هناك إجراءات جديدة وكل ذلك وعود وبعيدة المدى وغير ممكنة سواء خلال فترة الحكومة الإسرائيلية الانتقالية أو أي حكومة مقبلة، فالحكومات المتعاقبة السابقة واللاحقة سياساتها اصبحت أكثر واضحا، بما فيها الحكومة الانتقالية والتي كانت سياساتها اشد وضوحا تجاه القضية الفلسطينية، اضافة إلى أن الانتخابات الأمريكية تلوح في الأفق. عن أي روح ايجابية يتحدث البعض؟
حتى مطالب السلطة الفلسطينية المتعلقة بالقنصلية وغيرها، لن تقوم الإدارة الأمريكية بافتتاح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ورفع المنظمة من قائمة المنظمات الإرهابية، وإعادة افتتاح قنصلية أمريكية في القدس الشرقية. كل هذه المطالب لن تستطع الإدارة الأمريكية تلبيتها، والتفاؤل الفلسطيني مجرد وعود وتوقعات من غير المعروف ما إذا كانت ستتم تلبيتها ومتى سيتم ذلك.
حتى أن موقف الإدارة الأمريكية كان واضحاً من خلال البيان الذي نشره بعد نهاية اجتماع بايدن -ابو عباس، وأن الرئيس الأمريكي قال للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن موقف الولايات المتحدة من القدس أنها عاصمة إسرائيل، وان سياسات الولايات المتحدة تقول إن تحديد حدود السيادة في القدس، يجب أن يتم الاتفاق عليها في إطار مفاوضات تهدف للتوصل إلى تسوية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين . وأن بايدن شدد لعباس على أهمية خلق أفق سياسي للفلسطينيين، وإن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الطرفين ودول أخرى في المنطقة لتحقيق هذا الهدف.
الادعاء بأن كلمات الخطاب التي استخدمها الرئيس بايدن تدل على روح إيجابية، سواء في البيان الختامي للزيارة أو في لقائه بالرئيس عباس فإن نجاح ونتائج الزيارة إلى بيت لحم سيُختبر بالأفعال وليس بالكلمات الايجابية. في النهاية سيتعين على القيادة الفلسطينية قبل الإدارة الأمريكية أن تدرك وتقرر ما إذا كانت القضية الفلسطينية إنسانية أم سياسية، وأن الفلسطينيين ليسو متسولين، و أن قضيتهم سياسية وان معاملتهم من تقديم حزم مساعدات إنسانية هو تقزيم واهانة لهم ومشروعهم الوطني. هذه الصورة النمطية هي تعبير عن انحطاط للحال الفلسطيني وبؤس النظام السياسي الفلسطيني، والتي تتشكل منذ فترة ويتم تعميمها ضمن سياسة إسرائيلية، من خلال مساعدات مالية واقتصادية إنسانية هذا السياسة وهذا التعامل يجب أن بتغير من خلال إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية والمؤسسات الوطنية، وعدم الاستمرار في الانتظار والركون للوعود، وان الشعب الفلسطيني له قضية وحركة تحرر وطني، يسعى إلى الحرية وتقرير المصير.