"هل نفكر بشكلٍ صحيحٍ ومن موقع المستريح؟!".. مصباح أبوكرش ..



يستغرب البعض تسارع حدوث عمليات التطبيع في المنطقة مع "إسرائيل"، وكل ما يترتب عنها بشكل دراماتيكي. علما بأن ما يحدث لا يعتبر مفاجئًا بالنسبة لكل مدرك لحقيقة هذه العلاقات التي مضى على عقدها سنوات طويلة، بأشكال سرية وأخرى شبه سرية .


أكثر ما يهمنا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع الكبير: هو مستوى فهمنا وإدراكنا كفلسطينيين لحقيقة هذا العالم وحقيقة ما يدور من حولنا. فهل كنا ندرك الحقيقة قبل فترة قصيرة من الزمن، أم أننا أصبحنا ندركها اليوم ؟!..

الاجابة وباختصارٍ شديدٍ (لا وألف لا) في المرحلتين ، وكما حصل فلقد دفعنا أثمانًا باهظةً ويبدو أننا سنستمر في دفع الثمن ما لم يحدث تدخلًا ربانياً ينقذنا من نتائج تخلفنا الفكري واكتشافنا للحقائق في أوقاتٍ متأخرةٍ.


منذ أن وُلدت وأنا أستمع لبعض المحسوبين علينا من كبار العمل السياسي وآخرين من مثقفي هذا المجال الذين لطالما رددوا بأن الإدارة الأمريكية الجديدة ليست كالإدارة السابقة، وأن متغيراتًا جوهريةً في الموقف الأوروبي ستصب في صالحنا. وأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ليست كالحكومة التي سبقتها، وخاصةً في ظل الضغوطات الدولية التي يتعرض لها هذا الكيان .. الخ .. من كل هذه القراءات التي كشفت عن طريقة تفكيرٍ مبنيةٍ على أسسٍ خاطئةٍ تمامًا. وهم أنفسهم الذين توقعوا للمرة المليون بعد الألف سعيَ دولٍ عربيةٍ كبيرةٍ لاستعادة دورها في المنطقة وكل ما يمكن أن يترتب على ذلك لصالحنا. مع العلم أن المقصود هنا دول عربية مضى على حدوث تطبيعها غير الرسمي مع "إسرائيل" سنواتٌ طويلةٌ .


لم تعد طريقة التفكير السالفة الذكر صالحةً للاستخدام بل تعدى الأمر تحولها لحالة من انتهاء الصلاحية وتلقي النقد الدائم والسخرية عليها .. هذا الفريق نفسه "مش مفهوم لدوره الحالي راس من رجلين" يعني شوية بيانات على شوية تصريحات "ولا القعدة" .. هذا بالطبع في حال قمنا باستثناء دور أم الجماهير كبيرة قوم هذا الفريق ، فنحن هنا نتحدث عن الحركة التي تقاتل بكل شراسةٍ من أجل الحفاظ على الشرعية الفلسطينية التي ترى بأن هناك من يحاول انتزاعها منها، وإنها لثورةٌ حتى الشرعية حتى الشرعية حتى الشرعية .. "الآن ايش هي الشرعية وشو مقوماتها وشو مفهومها" .. "وانه ابوعمار مش شرعي وعباس شرعي" .. "محدش يسألني بكم وبقديش .. انت بس اهتف للشرعية وعيش الدور وخلصنا" ..


فريق فلسطيني آخر أبرز وعياً كبيرا في تعامله مع حقيقة واقع ما تطرقنا لذكره في الفقرة المذكورة أعلاه لكنه في المقابل أخطأ في حساباته وهو يراهن على دور دولتين كتركيا وقطر. رغم أن حقيقة علاقتهما مع "اسرائيل" كانت واضحة وضوح الشمس ، درجة التعصب لهاتين الدولتين ومهاجمة كل مشكك بحقيقة دورهما كانت كبيرةً جدًا من قبل أنصار هذا الفريق! لكن حالة الدفاع المستميت السابقة تحولت لحالة دفاع على استحياء بدافع المكابرة، ويجب أن نؤكد قبل انهاء الحديث حول هذه الفقرة بأن أنظمة الحكم في اقليم الشرق الأوسط ليست متروكةً ولا تخضع للحسابات العاطفية التي تسيطر على مشاعر معظم الفلسطينيين. "فبناء مسجد شيء .. وحقيقة الشخص المتبرع والسر الذي يقف خلف قيامه بعملية التبرع شيء آخر" ..


نحن الآن أمام تحدٍ خطيرٍ ومن نوعٍ آخرَ ، ألا وهو اصرار البعض وضع كل البيض في سلة المحور الذي تقوده ايران ، أو أنهم يجدون أنفسهم مضطرين للقيام بذلك في ظل وجود هذا الواقع العربي الرسمي "الرخيص" . وآخر ما استوجب على أصحاب هذا التوجه القيام به هو إعادة العلاقة مع النظام السوري. وبعيدًا عن مسألة تقييم هذا التوجه والتي تشهد يوميًا حالات غير مسبوقة من الاشتباك الفكري بين أصحاب الآراء والقناعات المختلفة بالخصوص داخل حماس وخارجها حيث كشف هذا الملف أن المقتنعين بهذا التوجه من قوى اليسار هم جيشٌ فكريٌ فلسطينيٌ لا يمكن الاستهانة به وهو جيشٌ متعصبٌ جدًا عندما يرتبط الأمر بهذا الشأن فهم الأحرص على استعادة حماس للعلاقة بالنظام السوري بأي شكل من الأشكال. حماس تواجه إشكالية كونها حركة جماهيرية كبيرة تعشقها الجماهير الإسلامية والعربية و تتابع مواقفها بكل حرصٍ وغيرةٍ على اسم هذه الحركة ومستقبلها، لكنها تدرك أيضًا أهمية المحور والدور الإيراني في دعم المقاومة الفلسطينية غير آبهة بأي حسابات طائفية. وخاصةً أنها نجحت في التعامل مع هذه الحسابات بشكل معتدل وتفوقت عندما خضعت لهذا النوع من الاختبارات.

السؤال العريض الذي يطرح نفسه في هذا المقام بلغة العمل السياسي لكي نبتعد عن أي حسابات أخرى : ما هي الأمور التي تدفعنا لتأييد هذا التوجه "سياسيا"؟ وما هي الأمور التي تدفعنا لمعارضته "سياسيا" ؟

والإجابة هنا متروكة لحضراتكم! 


🔍الخلاصة: هل يفكر الفلسطيني بشكلٍ صحيحٍ وبناءً على ذلك يأخذ قراراته ويقوم بأعماله؟ أم أن الفلسطيني شخص يُساق الى طريقة التفكير التي تحدد قراراته وطبيعة أعماله من خلال استخدام عدة وسائل مباشرة وغير مباشرة ضده، وهو ما يحدث حتى يومنا هذا ؟!؟.. وكيف لشعب لا يتوحد خلف خطوطٍ فكريةٍ عريضةٍ أن لا يتعرض بشكلٍ دوريٍّ للهزيمة من داخله حسب احتياج الأدوار وطبيعة كل مناسبة ؟

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-