كتب: عماد عفانة
مدير مركز دراسات اللاجئين
عودنا الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء أن يصدر بمُناسبة اليوم العالمي للاجئين، إحصائية لتعداد الفلسطينيين حول في العالم.
وما يثير الغرابة أن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء ينشر رقم اجمالي لتعداد الفلسطينيين في الوطن والعالم والبالغ 14.3 مليون، إلا أنه يكتفي بتفصيل تعداد الفلسطينيين في الضفة وغزة، ويهمل نشر تفصيل تعدادهم حول العالم.
فلا يخفى على الجميع أن أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، لما مثلته وما زالت هذه النكبة من عملية تطهير عرقي حيث تم تدمير وطرد شعب بكامله وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكانه، وتشريد ما يربو عن 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.
انتهى لتهجير بغالبية اللاجئين إلى عدد من الدول العربية المجاورة، إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن التهجير الداخلي للآلاف منهم داخل الأراضي التي أخضعت لسيطرة الاحتلال الصهيوني في عام النكبة، وما تلاها بعد طردهم من منازلهم والاستيلاء على أراضيهم، فضلا عن أولئك الذين توزعوا على مختلف قارات العالم الخمس.
ربما تكون تقديرات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، حول تعداد الفلسطينيين في الضفة وغزة صحيحا، لكنها قطعا ليس كذلك حول تقدير أعدادهم في العالم.
ففي ظل غياب احصاء حقيقي لأعداد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء والشتات، فضلا عن احصاء اعدادهم حول العالم، فان رقم 14.3 مليون لتعداد الشعب الفلسطيني هو رقم غير حقيقي، قد يكون رقم تقريبي، لكنه لا يعبر عن الزيادة الطبيعية الحقيقية للشعب الفلسطيني، فهذا الرقم يأكل من رصيد الشعب الفلسطيني أكثر من مليوني نسمة.
لا يستطيع أحد إعطاء رقم حقيقي لتعداد شعبنا اللاجئ في مخيمات اللجوء والشتات وفي العالم في ظل احجام سفارات السلطة ومكاتب منظمة التحرير في مختلف دول العالم عن اجراء مسح احصائي للفلسطينيين.
كما أن دولة مثل لبنان ذات فسيفساء طائفية، ليست معنية بنشر العدد الحقيقي للاجئين الفلسطينيين على أراضيها، وذلك لأسباب لها علاقة بالبعد الطائفي في هذا البلد المتنوع، وكي لا تثير طوائف قد تطالب بترحيل اللاجئين الفلسطينيين بداعي حفظ هذا التوازن.
يقول جهاز الإحصاء المركزي أن 5.35 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، 3.19 مليون نسمة في الضفة المحتلة، و2.17 مليون نسمة في قطاع غزة، لكنه لم يقل كم نسبة اللاجئين منهم.
ويكتفي الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء بالقول أنّ أكثر من 6.4 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين في سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ما يزالون يعانون اللجوء، نتيجة تهجيرهم من أراضيهم قسراً إبان نكبة عام 1948، لكنه لم يقل لنا كم مليون لاجئ غير مسجلين في سجلات "أونروا".
تعداد الشعب الفلسطيني بملايينه التي ربما تفوق الـ 17 مليون نسمة في الوطن وحول العالم، هو قوة ديموغرافية جبارة، فيما لو أحسنا توظفيها كقوة تعج بالقدرات والمقدرات والكفاءات المختلفة والمتنوعة، والتي تحرص القوى المعادية على ألا تأخذ دورها في مشروع التحرير، وألا يتم تجنيد طاقاتها الهائلة في دحر العدو عن أرض فلسطين.
ربما بات على قوى المقاومة الفلسطينية الالتفات إلى هذه القوة الهائلة الكامنة في التفوق الديموغرافي للشعب الفلسطيني، واعطاءه حقه في التوظيف والتوجيه والتعبئة والتحشيد، ليأخذ دوره كاملا في مشروع التحرير، فطاقات شعبنا وقدراته المعطلة تفوق بكثير ما تملك كل قوى المقاومة من طاقات ومقدرات.