أسماء التمالح - المغرب
يئن باطن الأحداث والوقائع، ويحكي الواقع المؤسف عن نفسه عبر تمظهرات كثيرة تعكس الحقيقة المرة رغم محاولات التدليس الكثيرة والمتسلسلة، يعتقد البعض وهم يقدمون على تلميع صورة الواقع الدنيء بإكسابه رونقا وجمالية مصطنعة أنهم يحسنون صنعا، وأنهم نجحوا في إقناع الغير بما يسوقون له من ادعاءات كاذبة، إلا أنهم واهمين وقد غفلوا أن القاعدة غير السليمة والأساس غير القويم لايمكن أبدا أن يستقيم عليه حال أو وضع، إذ لا يصح إلا الصحيح، ولا خيار ثالث بين اثنين: إما أن تخلص في العمل وتؤديه على وجهه المطلوب أو تتركه وتبتعد به عن العبث والعشوائية كي لا تلوثه وتشوه نفسك قبله.
ليس غريبا أن ينحاز الناس في عصرنا الحالي إلى الباطل ضدا في الحق، لربما صار هو العادي في زمن تغيرت فيه المفاهيم وتبدلت فيه الايديولوجيات، وانهارت فيه المثل والقيم، وبيع ماء الوجه من أجل تحقيق مصالح شخصية وبلوغ مكاسب مادية نفعية، غير أن حبل الكذب قصير، وطريق الحق كتب له رب العزة النصر والتمكين، قال عز من قائل : ” ﴿ولا تَحْسِبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إنَّما يُؤَخِّرُهم لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصارُ﴾ ﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إلَيْهِمْ طَرْفُهم وأفْئِدَتُهم هَواءٌ﴾، وقال أيضا : ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإنَّ مَصِيرَكم إلى النّارِ﴾ [إبراهيم: ٣٠، وقال سبحانه كذلك : ﴿وذَرْنِي والمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ومَهِّلْهم قَلِيلًا﴾ [المزمل: ١١] .
تلميع صورة الأحداث والمواقف والقضايا والأحكام بما يخفي خستها وضحالتها بدل تصحيح العيوب والوقوف على مكامن الخلل فيها، والاجتهاد على أن تكون صورة جميلة بالفعل، شكلا ومضمونا، وليس بها تمويه وتلفيق وتحايل ومراوغة، من شأنه أن يسمو بهذه الصورة ويرقى بها إلى الأعالي، ويجعلها ذات معنى وأثر بليغ في النفوس لكونها ستسقر دون أي عناء في الأذهان والعقول من شدة واقعيتها وبعدها عن التضليل والخداع.