دراسة ميدانية
" واقع القطاعات الاقتصادية بمحافظة رام الله –البيرة في ظل سياسة الحصار "
تاريخ إجراء الدراسة 18/11/2000
لقد أجريت هذه الدراسة ضمن مشروع إنشاء مركز الراصد الاقتصادي في فلسطين وبالتعاون مع اتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية وكافة الغرف التجارية والصناعية في كافة محافظات الوطن.
مقدمة :
يلاحظ المراقب الاقتصادي بان حالة الحصار والإغلاق التي مارستها السياسة الإسرائيلية تجاه الاقتصاد الفلسطيني خلال انتفاضة الأقصى ابتداءً من 28/9/2000 وحتى الآن كان لها تأثيرات كبيرة على كافة القطاعات الاقتصادية الفلسطينية، ذلك بسبب حالة الترابط والتشابك القائم بين الاقتصاد الفلسطيني من جهة والإسرائيلي من جهة أخرى، حيث لم تفلح السنوات السبع الأخيرة (1993-2000 ، المرحلة الانتقالية لاتفاقية أوسلو) في تعزيز استقلالية الاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي أو تعزيز العمق العربي والإسلامي لهذا الاقتصاد وبالتالي فك حالة الترابط مع الجانب الإسرائيلي ، حيث اسهم اتفاق باريس الاقتصادي وما تبعه من اتفاقيات ثنائية سواء مع دول السوق الأوروبية أو مع الولايات المتحدة الأمريكية في تعميق حالة الاستهلاك لدى الاقتصاد الفلسطيني وأدى إلى إضعاف قدرة المنتج الفلسطيني على المنافسة ، مما دفع بالعديد من أصحاب رؤوس الأموال إلى التخلي أو تجنب مجال الصناعة من مخططاتهم الاستثمارية في فلسطين وبالتالي البحث عن الاستثمار ذي طابع الربح السريع كالإنشاءات والخدمات والتجارة.
وقد فاجأت أحداث انتفاضة الأقصى الجميع وكشفت عن عمق حالة الاعتماد على السوق الإسرائيلي ومدى تحكمه بمداخل ومخارج التجارة الخارجية الفلسطينية. إن الأضرار والخسائر التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني خلال الشهرين الماضيين ( تشرين أول وتشرين ثاني للعام 2000 ) كانت كبيرة بلا شك، حيث يحتوي هذا التقرير على تقديرات مختلفة لها، وبالرغم من ذلك يجب النظر إلى انتفاضة الأقصى على أنها فرصة لمراجعة الذات لتصحيح الأوضاع السابقة من خلال تعزيز دور الصناعة ودعم المشاريع الصناعية سواء الكبيرة أو الصغيرة منها وتعزيز صمودها وإيجاد البدائل الدائمة والحقيقية للمواد المستوردة من السوق الإسرائيلي أو عبره، و على كافة الجهات الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص أخذ زمام المبادرة من أجل العمل على توفير آليات لدعم صمود القطاع الخاص وتطوير فرص استمرارها أمام العدوان الإسرائيلي الغاشم.
الهدف من الدراسة :
أجريت هذه الدراسة في منتصف الشهر الثاني إنتفاضة الأقصى وتم جمع البيانات الخاصة بها يوم 18/11/2000 حيث كانت سياسة الحصار الاقتصادي الشاملة في أوجها.
وتهدف هذه الدراسة إلى معرفة الآثار الناجمة على كافة القطاعات الاقتصادية الموجودة في محافظة رام الله والبيرة نتيجة لسياسة الإغلاق والحصار المفروضة على محافظات الوطن، وذلك بهدف تحفيز المسؤولين في القطاعين العام والخاص على دراسة هذه المرحلة بشكل تفصيلي يساعد على وضع الخطط المستقبلية المستقاة من هذه المرحلة إضافة إلى محاولة تحديد سياسة عامة توضح طبيعة العلاقة المستقبلية للاقتصاد الفلسطيني يتم توجيه الاقتصاد الفلسطيني نحوها سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع اقتصاديات الدول العربية أو غيرها.
منهجية الدراسة: تستهدف هذه الدراسة كافة القطاعات الاقتصادية الموجودة في محافظة رام الله والبيرة حيث كان:
مجتمع الدراسة ممثلاً لكافة القطاعات الاقتصادية المتمثلة في الصناعة، التجارة، الخدمات، المقاولات والإنشاءات.
عينة الدراسة: تم اختيار 35 مصنع وشركة ومحل تجاري ومنشاة خدماتية لإجراء الدراسة عليها. وقد كان قطاع الصناعة ممثلاً بزيارة 12 مصنع كان أهمها صناعة الأدوية، المواد الغذائية ، الباطون، الألبان ، الأخشاب. في حين تمثل قطاع التجارة بشركات بيع الجملة والمحلات التجارية التي تبيع بالمفرق وقد تم زيارة 13 شركة ومحل تجاري. كما شمل قطاع الخدمات 8 مؤسسات بما فيها البنوك وشركات التامين وشركات الشحن والتخليص والمطاعم والفنادق و محطات الوقود وتعبئة الغاز. وأما بالنسبة لقطاع المقاولات فقد شملت العينة شركتين فقط .
طريقة جمع البيانات: تم تصميم استمارة بيانات متخصصة لكل قطاع من القطاعات الاقتصادية على حده.حيث روعي في كل استمارة المشاكل والمتطلبات الأساسية لكل قطاع من هذه القطاعات. وقد تم القيام بزيارات ميدانية للعديد من المنشات الاقتصادية المستهدفة بالدراسة بالإضافة الى استخدام الفاكس للبعض الأخر منها،حيث تم جمع البيانات الخاصة بالدراسة مباشرة من المدراء المسؤولين عن إدارة المنشاة أو ما ينوب عنهم.
أستخدم لتحليل هذه الاستمارات أسلوب التحليل الإحصائي ( spss ) حيث تم استخدام أسلوب التحليل بالمتوسطات والتكرارات النسبية.
تحليل النتائج:
يُظهر هذا القسم من الدراسة نتائج التحليل لكل قطاع على حده، وقد تم التركيز في عملية التحليل على معرفة آثار الإغلاق على القطاعات الاقتصادية المختلفة وخاصة فيما يتعلق بانخفاض الطاقة الإنتاجية للمنشآت وتوفر المخزون والمواد الخام ومدى كفايتها للعملية الإنتاجية وكذلك تطرقت عملية التحليل إلى المشكلات الأساسية التي تواجها المنشآت فيما يتعلق بعملية تسويق الإنتاج في ظل عدم المقدرة على التنقل بين محافظات الوطن. وبالتالي تأثيراتها على حجم المبيعات، كما تطرقت الدراسة إلى تأثيرات الإغلاق على زيادة تكاليف الإنتاج سواء الثابتة منها أو المتغيرة بالإضافة إلى تحليل تأثيرات الإغلاق على وضع العمالة، خاصة في ظل عدم تمكن العمال من الوصول إلى مواقع الإنتاج بسبب سياسة الحصار الشامل التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي.
قطــاع الصنــاعــة
الطاقة الإنتاجية:
نتيجة لصغر السوق الفلسطيني ولمحدودية فرص التصدير فان معظم الصناعات الفلسطينية لا تعمل في العادة بطاقة إنتاجية كاملة، وقد تبين من خلال المسح بأن المنشآت الصناعية في المحافظة كانت تعمل بحوالي 75 % من طاقتها الإنتاجية قبل الإغلاق إلا أنها تراجعت بعد الأحداث الى 36% حيث يعزى أسباب تراجع الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي الى الصعوبة في الحصول على المواد الخام وتصريف السلع بالإضافة إلى صعوبة وصول العاملين إلى أماكن عملهم. كما أن الأحداث أوجدت لدى معظم الشركات والمصانع صعوبات في تحصيل الديون المستحقة لها على الغير مما أدى إلى نقص السيولة، كما ظهرت مشكلة انخفاض الطلب لدى بعض الشركات بشكل حاد خاصة لدى شركات صناعة الحجر والرخام. حيث تسببت هذه الصعوبات جميعها في انخفاض عدد العاملين في هذه المنشآت بنسبة 25% والى انخفاض ساعات العمل بنسبة 37% .
توفر المخزون والمواد الخام:
أظهرت نتائج التحليل بأن:
- 58% من الصناعات في المحافظة يتوفر لديها مخزون يكفي لشهر أو أقل من الإنتاج.
- 10% من الصناعات في المحافظة يتوفر لديها مخزون لمدة شهر إلى شهرين .
- 25% من الصناعات في المحافظة يتوفر لديها مخزون من شهرين الى ثلاثة أشهر
- 10% من الصناعات في المحافظة يتوفر لديها مخزون لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.
إمكانية الحصول على المواد الخام:
أظهرت نتائج التحليل بأن:
- 42% من المؤسسات الصناعية في المحافظة يمكنها الحصول على 50% من احتياجاتها من المواد الخام اللازمة للصناعة.
- 25% من المنشآت الصناعية في المحافظة يمكنها الحصول على 75% من احتياجاتها من المواد الخام اللازمة للصناعة.
- 17% من المنشآت الصناعية في المحافظة يمكنها الحصول على 100% من احتياجاتها من المواد الخام اللازمة للصناعة.
- 8% من المنشآت الصناعية في المحافظة يمكنها الحصول على 25% من المواد الخام اللازمة للصناعة .
- 8% فقط من المنشآت الصناعية في المحافظة لا يمكنهم الحصول على أية من المواد الخام اللازمة للعمليات الإنتاجية كمصانع الباطون الجاهز ومستلزمات البناء ذلك نتيجة لإغلاق المعابر وعدم السماح للمستوردين باستيراد هذه المواد.
ومع استمرار حالة الحصار فإن 70% من المنشآت الصناعية في المحافظة ترى بأن استمرارها في عملية الإنتاج يتطلب التركيز على خطوط إنتاج معينة دون غيرها، كما أن 10% ممن شملهم المسح يرون بأن الحالة تتطلب الاندماج مع شركات أخرى، في حين أن 20% ممن شملهم المسح لا يرون إمكانية للاستمرار في ظل حالة الحصار.
ويمكن تلخيص أسباب هذه المشكلة في ثلاثة قضايا:
1) الأولى مرتبطة بصعوبة الحصول على المواد الخام.
2) والثانية صعوبة وصول العمال من القرى والمدن المحيطة إلى أماكن عملهم في المصانع.
3) والثالثة وهو الأهم صعوبة تسويق البضائع المنتجة نتيجة انخفاض الطلب الناتج عن الأوضاع الاقتصادية المتردية وانخفاض مستوى دخل الفرد … الخ.
وهذا ما توضحه الفقرة التالية التي ركزت على أسواق المنتجات قبل وبعد الانتفاضة.
عمليات التسويق:
وكنتيجة لحالة الحصار وما تسببت به من فصل شبه تام بين محافظات الوطن فقد حْرمت العديد من الصناعات في المحافظة من الوصول إلى أسواقها في محافظات الضفة الغربية الأخرى وقطاع غزة. حيث تبين من نتائج التحليل بأن عمليات التسويق للمنتجات الصناعية في المحافظة قبل سياسة الإغلاق كانت تتم على النحو الآتي :
- 43% من حجم الإنتاج المحلي في المحافظة يتم تسويقه في داخل المحافظة .
- 36% من حجم الإنتاج المحلي في المحافظة كان يتم تسويقه لباقي محافظات الوطن.
- 8% من حجم الإنتاج المحلي في المحافظة كان يذهب للسوق الإسرائيلي.
- 13% من حجم الإنتاج المحلي في المحافظة كان يذهب إلى قطاع غزة.
في حين أن هذه النسب تراجعت بعد الإغلاق لتصل بمجموعها الى نسبة 56% من مجمل ما يتم إنتاجه بينما 44% من الإنتاج يبقى في المخازن وقد توزعت نسبة 56% على كافة الأسواق المستهدفة حيث كانت على النحو الآتي:
- 32% منها يتم تسويقه داخل المحافظة.
- 19% لباقي المحافظات الأخرى
- 3% إلى قطاع غزة.
- 2% إلى إسرائيل.
56% مجموع ما يتم تسويقه من مجمل الإنتاج.
وأما بالنسبة لزيادة التكاليف فقد تبين بأن حالة الحصار أدت إلى ارتفاع التكاليف الأساسية لعملية الإنتاج على النحو التالي:
- 9% تكلفة المواد الخام.
- 26% تكلفة النقل .
- 14% التكلفة الثابتة.
- 50% تكلفة العمالة وهذا يشمل دفع أجور العمال الذين لا يستطيعوا الوصول إلى أماكن عملهم.
قطاع التجـارة
العمالة:
انخفضت نسبة التشغيل في قطاع التجارة بحوالي 13% حيث كانت هذه النسبة اقل النسب انخفاضا بالمقارنة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى . كما تراجعت ساعات العمل اليومية في هذا القطاع من 9 ساعات في المعدل قبل الإغلاق إلى 7 ساعات بعد الإغلاق وقد واجهت معظم المنشآت التجارية صعوبات في توريد السلع والبضائع اللازمة بسبب إغلاق المعابر والطرق مما أدى إلى عدم وصول هذه السلع والمنتجات إلى الأسواق بالشكل المعتاد عليه من قبل. وقد كانت اكثر القطاعات التجارية تضرراً من سياسة الفصل والاغلاق المتبعة هي شركات ومحلات بيع الجملة حيث ان عملها لا يعتمد فقط على المحافظة بل ان سياسة التوزيع لديها كانت تشمل كافة محافظات الوطن إضافة الى ذلك فان إغلاق المعابر والموانئ اثر بشكل كبير على كميات وحجم المواد والبضائع المستوردة من الخارج، مما انعكس سلباً على اداء هذه المنشات وعلى حجم التشغيل فيها وانخفاض ساعات العمل ايضاً.
المواد الخام:
حيث أظهرت نتائج التحليل بأن:
- 61% من قطاع التجارة يعتمد على توريد السلع والمواد للسوق المحلي من خلال الاستيراد من السوق العالمي.
- 62% من قطاع التجارة يعتمد في توريد السلع والمواد على السوق المحلي.
- 69% من قطاع التجارة يعتمد في توريد السلع والمواد للسوق المحلي على السوق الإسرائيلي.
المخزون السلعي:
حيث أظهرت نتائج التحليل بان:
- 39% من قطاع التجارة بالمحافظة لا يملكون مخزوناً من السلع والبضائع لمدة تزيد عن شهر.
- 38% من قطاع التجارة بالمحافظة يملكون مخزوناً يكفي لمدة شهر الى شهرين .
- 8% من قطاع التجارة بالمحافظة يملكون مخزون يكفي لمدة ثلاثة شهور.
- 15% من قطاع التجارة بالمحافظة يملكون مخزون لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.
إمكانية الحصول على المواد والسلع:
حيث أظهرت نتائج التحليل بان:
- 46% من التجار يستطيعون الحصول على 50% من السلع اللازمة لمنشآتهم.
- 23% من التجار يستطيعون الحصول فقط على 25% .
- 15% هم الذين لا يستطيعون جلب أو الحصول على هذه الاحتياجات.
- 7% من التجار يستطيعون الحصول على نسبة 75% من احتياجاتهم .
حجم المبيعات:
حيث أظهرت نتائج التحليل بان:
- حجم المبيعات لقطاع التجارة داخل المحافظة قد تراجع بنسبة 54% .
- حجم المبيعات لقطاع التجارة إلى المحافظات الأخرى قد تراجع بنسبة 49%
- لا يوجد تبادل تجاري بين المحافظة وقطاع غزة.
الأسباب التي أدت إلى التراجع في حجم المبيعات:
ويعزى هذا التراجع إلى عدد من الأسباب (مرتبة حسب الأهمية):
- القيود المفروضة على حرية التنقل (77% ممن شملهم البحث) .
- انخفاض القوة الشرائية (61% ممن شملهم البحث) .
- نتيجة لعدم توفر بعض المواد (30% ممن شملهم البحث) .
- بسبب تردد المستهلك في الشراء (8% ممن شملهم البحث) .
وفي ظل ظروف الحصار واجهت غالبية المنشآت التجارية مشاكل مالية كان أهمها نقص السيولة حيث كان 69% من القطاع التجاري يعاني من هذه المشكلة إلا أن المشكلة الأهم تمثلت في الشيكات الراجعة حيث أفاد 77% ممن شملهم المسح بأنهم يواجهون مشكلة الشيكات الراجعة.
وعليه فقد نظر الكثير من التجار إلى خدمات البنوك بأنها قد تراجعت بشكل كبير حيث تبين من خلال المسح أن 85% من قطاع التجار أفادوا بأن خدمات البنوك تراجعت بشكل كبير من ناحية تقديم التسهيلات للمستثمرين وذلك بسبب زيادة المخاطرة الناتجة عن الظروف السياسية الحاضرة.
قطاع الخدمات
تميزت محافظة رام الله والبيرة بكثافة المنشآت العاملة في هذا القطاع كالبنوك والمطاعم والفنادق وشركات التأمين والشحن والتخليص وغيرها، وكنتيجة لسياسة الإغلاق فقد كان هذا القطاع من اشد القطاعات الاقتصادية تعرضا للخسائر والأضرار حيث أقدمت سلطات الاحتلال علي تدمير وقصف بعض المنشات الفندقية كما هو حاصل مع فندق الستي ان.
وفيما يلي بعض المؤشرات التي تظهر حجم التضرر في هذا القطاع:
العمالة:
لقد كان لسياسة الإغلاق والحصار تأثير كبير ومباشر علي نسب التشغيل في قطاع الخدمات حيث انخفضت نسبة التشغيل من 98% قبل الإغلاق إلى 70% بعد الإغلاق . إلا أن نسبة التراجع هذه تتفاوت ما بين فروع هذا القطاع، ففي قطاع الفنادق مثلاً بلغت نسبة التراجع 80% بينما نجد هذه النسبة لدى المطاعم والمتنزهات وأماكن التسلية والترفيه قد تراجعت إلى ما يقارب 50%، أما عن تأثير الأحداث على قطاعي البنوك والتأمين من حيث تغير نسب التشغيل فقد كان بسيط.
أما بالنسبة لعدد ساعات العمل فقد عمل قطاع الخدمات بالمعدل 10 ساعات يومياً قبل الإغلاق إلا انه تراجع بعد الأحداث إلى 6 ساعات تقريباً وبالتالي نستطيع القول بأن تأثير الأحداث كان كبير على قطاع الخدمات خاصة من حيث انخفاض عدد ساعات العمل وانخفاض عدد العاملين.
الطاقة الإنتاجية:
وبالنسبة لنسبة الأشغال في الفنادق والمطاعم فقد تراجعت هي الأخرى من 80% إلى حوالي 17%، حيث تبين من خلال المسح أن هذه المنشآت كانت تعتمد بشكل كبير على النزلاء والزبائن القادمين من الأراضي الفلسطينية عام 48 بالإضافة إلى السياحة الأجنبية، وبالتالي فقد واجهت منشآت الفنادق والمطاعم مشكلات أساسية في ظل الظروف الراهنة كان أهمها النقص في السيولة والشيكات الراجعة والديون المتراكمة بالإضافة إلى تدني الخدمات المقدمة لهذا القطاع من قبل البنوك.
أما بالنسبة لقطاع الشحن والتخليص فقد تأثر هو الآخر بشكل كبير حيث حالت حالة الحصار القائمة بين محافظات الوطن دون وصول الشاحنات والتنقل بحرية، حيث اعتبر ذلك سبباً رئيسياً في تراجع إنتاجية هذا القطاع هذا بالإضافة إلى إغلاق المعابر والموانئ من والى الأراضي الفلسطينية مما أدى إلى عدم مقدرة العديد من شركات الشحن على ممارسة أعمالها.
التامين والبنوك:
وأما فيما يتعلق بشركات التأمين والبنوك العاملة في المحافظة فإننا نلاحظ بأن تأثير سياسة الإغلاق على قطاع التأمين كان كبيراً حيث تبين من نتائج التحليل بان:
- بوالص التأمين المباعة تراجعت بنسبة 75% .
- التامين على المركبات تراجع بنسبة 55% .
- التأمين على العمال تراجع بنسبة 75%.
وبالنسبة للبنوك فقد تبين من خلال نتائج الدراسة بان :
- حجم الإيداع تراجع بما يقارب 60% .
- زادت السحوبات بنسبة 75% .
- الشيكات الراجعة زادت بنسبة 100%.
- القروض تراجعت بنسبة 86% .
- فتح الاعتمادات المستندية المقدمة قد تراجع بنسبة 95% مما يعكس بشكل واضح مدى تأثير الأحداث على عمليات التبادل التجاري بين فلسطين والعالم الخارجي.
قطاع المقاولات
- كان للأحداث تأثير كبير على أعمال منشآت المقاولات في المحافظة.
- كانت منشآت المقاولات تعمل في المعدل 10 ساعات يومياً إلا أن قدرة هذه المنشآت على العمل ونتيجة لظروف الحصار تراجعت بشكل كبير، حيث تبين من خلال عملية المسح أن بعض منشآت المقاولات في المحافظة قد توقفت بشكل كامل عن العمل وأن البعض الآخر يعمل بمعدل 5- 6 ساعات يومياً.
- وقد تراجعت نسبة التشغيل لدى منشات المقاولات في المحافظة إلى 31% عما كانت عليه قبل الإغلاق .
- عزى معظم الذين شملهم المسح أسباب التراجع إلى صعوبة وصول العاملين وصعوبة وصول المواد الخام حيث يرتبط ذلك بشكل مباشر بحالة الحصار المفروضة على الشعب الفلسطيني.
- كما أن معظم الشركات أفادت بأن إمكانية الحصول على المواد الخام حالياً غير ممكن، كما لا يتوفر لديها مخزون لمدة تزيد عن شهر.
- ومن ناحية أخرى فقد أدت حالة الحصار إلى زيادة التكاليف على مؤسسات المقاولات خاصة في مجال النقل والمواد الخام وزيادة التكلفة للوحدة الواحدة وبمعدل إجمالي 20%.
- كما عانت منشآت المقاولات في ظل حالة الحصار من مشاكل أخرى كالسيولة والشيكات الراجعة وعدم وجود بدائل للتمويل كالبنوك وغيرها حيث لم ترقى خدمات البنوك في هذا المجال الى الحد المطلوب.
نتائج الدراسة:
أظهرت نتائج تحليل الدراسة عددا من النتائج العامة كان من أهمها:
تراجعت الطاقة الإنتاجية بالنسبة للقطاع الصناعي من 75% قبل سياسة الإغلاق إلى نحو 36% بعد الإغلاق.
بالنسبة للمخزون السلعي والمواد الخام فقد تبين ان 58% من المنشات الصناعية لا يتوفر لديها مخزون يكفي لمدة شهر إلا انه وبالرغم من حالة الحصار فان 42% من المنشات الصناعية تبقي قادرة على توفير اكثر من 50% من احتياجاتها من المواد الخام اللازمة للصناعة .
واجهت معظم المنشات الصناعية مشكلات كبيرة من حيث قدرتها على تسويق الإنتاج وذلك بسبب حالة الحصار حيث ان 56% فقط مما يتم إنتاجه محلياً يمكن تسويقه بينما 44% من الإنتاج يبقى في المخازن.
تبين من نتائج التحليل ان 69% من المنشات التجارية في المحافظة تعتمد على توريد وجلب السلع والمواد من السوق الإسرائيلي بينما ان 61% تعتمد على السلع والمواد المستوردة من الخارج في حين ان 61% أيضاً تعتمد على جلب السلع والمواد من خلال السوق والمنتجات المحلية.
تراجعت نسبة التشغيل بشكل عام لكافة القطاعات الاقتصادية نتيجة الأحداث بما يقارب 25% بالمعدل، حيث كانت في قطاع التجارة بنسبة 13% وفي قطاع الصناعة 25% وفي قطاع الخدمات 28% واخيراً 31% في قطاع المقاولات والإنشاءات .
تراجع عدد ساعات العمل اليومية في كافة القطاعات الاقتصادية في المحافظة نتيجة الأحداث بما يقارب 4 ساعات يومية بالمعدل.
تراجع حجم المبيعات في المعدل 54 % وذلك في كل من قطاعي الصناعة والتجارة.
التوصيات:
بالنظر إلى أحداث انتفاضة الأقصى المتواصلة يتبين للمراقبين مدى هشاشة الاقتصاد الفلسطيني واعتماده على مصادر خارجية تؤثر بشكل كبير على استقلاليته وضعف بنيته التحتية. ومن هنا فإن اعتماد الجانب الإسرائيلي إلى استخدام الحرب الاقتصادية الشاملة ضد الشعب الفلسطيني بكامله يعتبر علامة تحذير لكافة المعنيين بالشأن الاقتصادي والتخطيط الاستراتيجي، وعليه فإن نتائج هذه الدراسة وكافة الدراسات التي تمت خلال هذه الفترة القصيرة تشير الى وجوب توفر:
1) التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى باتجاه توفير مقومات الاستقلال الاقتصادي والانفصال عن حالة الترابط القائمة مع الجانب الإسرائيلي على اعتبار ذلك مقدمة لإنجاز الاستقلال السياسي.
2) توفير كافة الإمكانيات والآليات اللازمة لتعزيز صمود الاقتصاد الفلسطيني في المرحلة المقبلة كتوفير مصادر للمواد الخام وتوفير آليات تخزين مناسبة وملائم للشروط وخاصة بالنسبة للمواد الحيوية والضرورية.
3) التوجه وبشكل جاد للاهتمام بالقطاع الزراعي من خلال تشجيع المبادرات الفردية والجماعية الخاصة بالمشاريع الزراعية والثروة لحيوانية إذ لا يمكن القبول بوجود أكثر من 7 مصانع للألبان في الأراضي الفلسطينية ويعتمد معظمها في نفس الوقت على جلب المواد الأولية اللازمة للصناعة من الجانب الإسرائيلي أو من خلاله.
4) تطوير آليات خاصة بتسويق وتوزيع المنتجات الفلسطينية في الأسواق الخارجية من خلال بناء شبكة تسويق عالمية قادرة على إيصال المنتج الفلسطيني إلى الأسواق المستهدفة.
5) الاهتمام بإعادة تخطيط وتنظيم المشروعات الصغيرة واعطاء هذه المشروعات أولوية كبرى من الاهتمام بحيث تستطيع اكتساب الميزة التنافسية من خلال تحسين السعر والجودة وهذا يتطلب توفير برامج دعم مادي وفني لهذه المشاريع.
6) تشجيع المبادرات الذاتية لفتح وتأسيس مزيد من المشروعات الصغيرة خاصة تلك التي تستطيع توفير بدائل محلية للمنتجات الإسرائيلية، في محاولة لتشجيع الصناعات المحلية وتعزيز عملية المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية.
7) أظهرت نتائج الدراسة بأن دور البنوك في هذه المرحلة لا زال دون الطموح وبالتالي يجب العمل من أجل تحفيز البنوك على إعطاء تسهيلات لتشجيع القطاع الخاص وتعزيز صموده في ظل المرحلة الراهنة.
8) العمل على تخصيص جزء من أموال التبرعات لدعم القطاع الخاص باتجاه تعزيز قدرته على التعايش والصمود في ظل الظروف الراهنة.
9) العمل على استغلال مقررات القمة العربية الخاصة بفتح الأسواق العربية أمام المنتجات الفلسطينية والعمل على تفعيل هذه القرارات بشكل جدي وسريع.
10) توحيد جهود مؤسسات القطاع الخاص وزيادة التعاون مع القطاع العام لبلورة برنامج عمل موحد من أجل مساعدة الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز صموده في ظل الظروف الراهنة.
11) التعاون بين القطاعين العام والخاص من اجل الاستثمار في مشاريع مشتركة بهدف إنتاج منتجات يتم استيرادها من إسرائيل والخارج، ويكون الاستثمار بشراكه بين القطاعين العام والخاص ومن خلال تخصيص جزء من أموال الدعم لهذه الغاية، حيث ستعمل مثل هذه المشاريع على تشغيل عدد من العاملين.
12) عمل دراسة حول السلع التي تسوق في فلسطين ومصادر إنتاجها بهدف التعرف على الواردات الفلسطينية في محاولة لاقامة مشاريع إحلال لبعض من هذه الواردات.