الاتجاهات الحديثة في البكتيريا التطبيقية


الاتجاهات الحديثة في البكتيريا التطبيقية

أولاً: خطورة  الإفراط في استخدام المنظفات المضادة للبكتريا

     تشير الأبحاث العلمية إلى خطورة الإفراط في استخدام المنظفات المضادة للبكتريا مثل الصابون فقد ينتج عن استخدامه آثاراً سلبية وخيمة على صحة الأنسأن، لذا يجب أن نتوخى الحذر عند شراء الصابون الذي يقضي على البكتريا ومعرفة آثاره التي قد تتجاوز الوظيفة المطلوبة.

ويكون السؤال هل كل أنواع الصابون التي تقتل البكتريا مفيدة ؟ وما الخطر المتوقع عند الإفراط في استخدامها ؟ 

   والإجابة على هذا السؤال تتحدد في أنه لا توجد أدلة علمية قوية تفيد بأن الصابون قاتل فعال للبكتريا ويقي من الامراض التي تسببها.

    غير أن هناك أدلة متزايدة على أن منتجات القضاء على البكتريا مثل الصابون لها عواقب وآثار وخيمة وأهم هذه العواقب هي أن الافراط في استخدامها قد يجعل البكتريا تقاومها وتقاوم المضادات الحيوية ايضا.                                                                .                                                                             
    كما أن هناك أكثر من 45 نوعا من الصابون المضاد للبكتريا تحتوي على مواد قاتلة لها، ولا تتوقف الخيارات عند هذا الحد، فإن منتجات التنظيف والمنظفات المستخدمة في الغسيل وأكياس القمامة وأسفنجة الحمام من بين المنتجات المتزايدة التي يضاف إليها مضادات للبكتريا.

    وتتمثل الأسباب التي تجعل المستهلكين يتجنبون استخدام الصابون والمنتجات المضادة للبكتريا بالكامل فيما يلي:

  1- أن المنتجات المضادة للكبتريا لن تجعل صحة الإنسان أفضـل فهي فعالة فقط في قتــل   

    البكتريا، ولا تمنع أنتشار العدوى الفيروسية المسئولة عن نطاق كبير من الأمراض المعدية مثل الأنفلونزا ونزلات البرد.

2- أن المنتجات المضادة للبكتريا يمكن أن تساعد البكتريا على مقاومة المضادات الحيوية، فالمنتجات المضادة للبكتريا ليست مثل المضادات الحيوية العلاجية فهي تستخدم بتركيز ضعيف وغير محدد، وعندما تتعرض البكتريا لتركيز خفيف من جرعات غير منتظمة من المكونات المضادة لها تستطيع أن تطور قدرة على مقاومتها وبالتالي مقاومة المضادات الحيوية العلاجية بما فيها التي تستخدم لمنع انتشار العدوى وعلاجها.

3- تذهب مضادات البكتريا إلى مكان ما بعد استخدامها ونزولها في المياه واتساع نطاق استخدام هذه المنتجات يساعد على زيادة تركيزها في مياه الصرف وبالتالي في البيئة، ولا تعرف بعد آثار هذه الكيماويات على البيئة.

4- أن الصابون المضاد للبكتريا يعطينا الاحساس الكاذب بالأمان، فقد يعتقد الناس أن استخدام هذا الصابون يمكنهم من القضاء على البكتريا، لكن هذا ليس صحيحا، فالبكتريا توجد في كل مكان وغالبيتها ليست ضارة والغسيل الجيد لليدين وسيلة فعالة لازالة البكتريا.

5-  قد تكون المنظفات التي لا تحتوي على المياه خطيرة، فالكحول من المكونات الشائعة في    هذه المنظفات والكحول مادة قابلة للاشتعال وبالتالي يشكل خطراً على الأطفال.

      وخلاصة ما سبق أنه ما تزال الحاجة ملحة لوجود أدلة علمية قوية تؤكد مخاطر استخدام مضادات البكتريا في المنظفات، وبالتالي يمكن الامتناع عن استخدامها. لذا يفضل استخدام مضادات البكتريا في المنظفات في حدود ضيقة حتى نقي الإنسان من الأضرار المتوقعة منها.                                
ثانياً:- دور الكثافة العددية للبكتريا في الكشف عن تلوث مياة البحار  

    تقاس الحالة الصحية للمياه بالكثافة العددية لبعض أنواع البكتيريا المسببة للأمراض مثل بكتيريا القولون النموذجية وبكتريا ايشيرشيا كولاى، والبكتيريا الكروية السبحية، وطبقا للمقاييس المعمول بها في مصر فإن الحد الأقصى المسموح به هو 500 وحدة من النوع الأول لكل 100 مل من ماء البحر و100 وحدة  من النوعين الثاني والثالث لكل 100 مل من ماء البحر.

ويوضح جدول رقم (1) بيان بمواقع رصد أنواع البكتيريا الضارة ومستوى التلوث بها خلال عام 2004 كما يوضح الجدول استخدام الكثافة العددية للبكتريا في الكشف عن تلوث مياة البحار في مصر

جدول رقم (1)

يبين  المواقع الملوثة ومصادر التلوث ومستوى التلوث بكل من أنواع البكتيريا الثلاثة

درجة التلوث من

أنــــواع البكتـــــريا

الموقع

المواقع

البكتريا

بكتريا القولون النموذجية

ايشيريشيا كولاى

البكتريا الكروية السبحية

 

 

 

 

 

 

المنطقة الغربية

 

ملوثة نسبيا

1.7

اقل من العدد المسموح به

5.3

السلوم

Me 1

قليلة التلوث

1

1.1

اقل من العدد المسموح به

مرسى مطروح

Me 2

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

جزيرة روميل

Me 3a

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

باجوش

Me 4a

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

سيدي عبد الرحمن

Me 5

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

العلمين - مارينا

Me 6

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

سيدي كرير

Me 7a

ملوثة نسبيا

5.7

2.2

3

النوبارية

Me 8

 

 

 

 

منطقة الإسكندرية

 

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

الهأنوفيل

Me 9

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

البيطاش

Me 10

عالية التلوث

47

44

26

الدخيلة

Me 10a

عالية التلوث

2240

5360

886

المكس

Me 11

عالية التلوث

26

3.35

8

الميناء الغربى

Me 12

ملوثة نسبيا

5

4.1

1.4

الأنفوشى

Me 14

ملوثة نسبيا

2

اقل من العدد المسموح به

4

الميناء الشرقي

Me 15

ملوثة نسبيا

3

4

8

الميناء الشرقي

Me 16

ملوثة  غير

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

الشاطبى

Me 17a

ملوثة نسبيا

8

13

1

سيدي جابر

Me 17b

قليلة التلوث

2

3

2

جليم

Me 17c

ملوثة نسبيا

1

ا2

2

سيدي بشر

Me 17d

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

المعمورة

Me 18

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

المنتزه

Me 19

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

اقل من العدد المسموح به

غرب أبو قير

Me 20

عالية التلوث

52

115

54

شرق أبو قير

Me 21

 

 

درجة التلوث

أنــــواع البكتــريا

الموقع

المواقع

من البكتريا

بكتريا القولون النموذجية

ايشيريشيا كولاى

البكتريا الكروية

السبحية

 

 

 

 

 

 

منطقة الدلتا

 

ملوثة نسبيا

2.2

2

5

ادكو

Me 26

عالية التلوث

15

25

6

رشيد

Me 29

عالية التلوث

18

23

26

البرج

Me 33

عالية التلوث

17

37

4.6

جمصة

Me 34

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

دمياط الجديدة

Me 35

قليلة ملوثة

2.5

1.1

اقل من العدد المسموح  

راس البر

Me 36

ملوثة

22

5

1.1

دمياط غرب

Me 37

ملوثة

5.4

ا5

13

الجميل

Me 40

 

 

 

 

المنطقة الشرقية

 

ملوثة نسبيا

3

4.4

2

بور سعيد

Me 41

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

رمانة

Me 42

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

العريش

Me 44

غير ملوثة

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

الشيخ زويد

Me 46

عالية التلوث

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

اقل من العدد المسموح  

رفـــح

Me 47a

يتضح من الجدول السابق ما يلي:-

فى المنطقة الغربية : شهد موقعى  السلوم و مرسى مطروح فقط من إجمالي 8 مواقع رصد بهذه المنطقه تلوثا بنوعين فقط من البكتيريا (1-5.3 ضعف المسموح به) فى حين كان موقع النوبارية ملوثا بدرجة عالية من البكتريا الثلاث بدرجة عالية تراوحت من 2.2 إلى 5.7 ضعف المسموح به، في حين لم تتخط البكتيريا الأعداد المسموح بها فى بقية المواقع.

في منطقة الإسكندرية : عانت 10 مواقع من  إجمالي 16موقعا تلوثا بكتيريا بدرجات متباينة، كأن أكثرها حدة فى المكس و شرق ابى قير والدخيلة ، فقد بلغ المتوسط السنوى لأعداد الأنواع الثلاثة بين 886- 5360 ضعف المسموح به فى المكس، 52 - 115 ضعف فى شرق ابو قير ، 26 – 47 ضعف المسموح به فى الدخيلة. كما ظهر التلوث البكتيرى فى  شواطئ سيدى جابر و الميناء الغربى و الميناء الشرقى لكن بصوره أقل من المكس، بينما كانت شواطئ الأنفوشى والشاطبى وسيدى بشر وجليم أقل تلوثا، فى حين تميزت شواطئ الاستحمام الرئيسية بأنحفاض اعداد البكتريا الضاره بها عن المسموح بها وهى الهانوفيل، البيطاش، المعمورة، المنتزة .

فى منطقة الدلتا : تم رصد التلوث البكتيري فى 7 مواقع من إجمالي 8 مواقع ، كانت رشيد،  البرج، جمصة الأكثر تلوثا وكان شاطىء ادكو، دمياط أقل تلوثا  .

في المنطقة الشرقية : لم تشهد الشواطئ تلوثا بكتيريا طوال العام، فيما عدا شاطئ بورسعيد الذى تراوحت فيه أعداد الأنواع الثلاثة بين 2 -4.4 ضعف المسموح به.

ثالثاً: علاج مرض التوحد   Autism

     أعلن باحثون بريطانيون أنه قد يكون لبعض أنواع البكتيريا المفيدة أثر إيجابي في علاج مرض التوحد Autism الذي يصيب عادة الأطفال.

     ويقول هؤلاء أن استعمال هذا العلاج ليس المقصود منه تخفيف الاضطرابات المعدية التي تصاحب المرض فحسب، بل يقصد به كذلك تخفيف آثاره النفسي، ويعتزم الباحثون أن يجروا تجارب إكلينيكية للتأكد من صحة افتراضهم.                       
     ومرض التوحد هو إحدى صور الاضطرابات الدماغية، ويصيب عادة الأطفال قبل سن الثالثة، ويستمر معهم بقية العمر،ويصيب المرضى بحالة حادة من الأنطواء على الذات، ويؤثر سلبا بالأساس على قدراتهم اللغوية، وقدرات التواصل مع الآخرين، والتفاعل الاجتماعي.

     وينتشر هذا المرض في الذكور أكثر منه في الأناث، كما أن ظهوره غير مرتبط بأي خلفية إثنية أو عرقية أو اجتماعية، وسبب المرض غير محدد حتى الآن، ولكن يعتقد أن ظهوره مرتبط بأسباب وراثية وبيئية، ويصيب حوالي 6 15-شخصا من كل ألف شخص.               وعادة ما يعاني مرضى التوحد من اضطرابات معدية مثل الأنتفاخ والإسهال، إذ يتزايد في أحشائهم نوع من البكتيريا الضارة يسمى "كلوستريديا"، وليس معنى ذلك أنها سبب المرض، ولكن سموم هذه البكتيريا ربما تساهم في جعل حالة مرضى التوحد أسوأ.

 ويشير الفريق البحثي إلى أنه إذا تم تزويد الجسم بنوع من البكتيريا المفيدة، مثل لاكتوباسيلاس بلأنتارام التي تستطيع أن تخفف من أثر الكلوستريديا، لأنها تلتصق بالبطانة الداخلية للأمعاء وتقويها، وبالتالي تدعم مناعتها ضد الاختراق.

     ومن المتوقع أن يقوم الباحثون بإجراء التجارب الإكلينيكية على 70 طفلا توحديا، ولمدة عام كامل، حيث سيتم إعطاء نصفهم مكملات غذائية – كالعصائر أو منتجات الألبان– تحتوي على بكتيريا مفيدة بينما يعطى النصف الآخر عصائر لا تحوي تلك البكتيريا.

     وبعد ذلك سيقوم الباحثون بتحليل عينات من فضلات المرضى لمتابعة البكتيريا في أحشائهم، هذا بالتزامن مع رصد التغيرات الجسدية والنفسية التي تطرأ عليهم.

     وقد تزايد مؤخرا الاعتقاد بأن المكملات الغذائية أو الدوائية، المحتوية على أنواع من البكتيريا المفيدة، يمكن أن يكون لها دور علاجي فعال، خاصة في حالات الاضطرابات المعدية أو المعوية.

     ففي السويد مثلا توصف هذه المكملات بعد العمليات الجراحية للاعتقاد بأنها ترفع من كفاءة مناعة الجسم، بل أن هناك الكثير من الأبحاث الجارية الآن لمعرفة الفائدة العلاجية لهذه البكتيريا في حالات التهاب القولون وسرطان القناة الهضمية.

     ويقدر حجم سوق البكتيريا المفيدة، في صورة كبسولات وعصائر ومنتجات ألبان، بحوالي 6 مليارات دولار، وهذه المنتجات موجهة لمرضى التوحد ولغيرهم.

 رابعاً: البكتريا المغناطيسية يمكنها استهداف الاورام

    يمكن استخدام البكتريا التي تنتج جزيئات مغناطيسية صغيرة لغرض صنع أدوية تستقر في مناطق محددة من الجسم تأتي الجزيئات جاهزة وملفوفة في غشائها البيولوجي الذاتي، ويمكن ربط الجزيئات، مثل الأدوية المضادة للسرطان، بسهولة.

    ويمكن للأطباء بعدها توجيه الأدوية إلى منطقة معينة من الجسم باستخدام المغناطيس، لذلك فإن تحديد المنطقة التي تحتاج إلى الدواء، يمكن، نظريا، أن يقلل من التاثيرات الجانبية المضرة للعلاج بالمواد الكيمياوية.

    وتنتج البكترياMagnetospirillu magnetotacticum جزيئات مغناطيسية( مشهورة بأسم الصدأ) أقطارها30-50 نانو ميتر، وهذا يعني بأنها صغيرة ما فيه الكفاية للعبور خلال الأبرة التي تزرق تحت الجلد.

     ويلاحظ أن هذه البكتريا تستخدم جزيئات الصدأ لتوجيه حركاتها، حيث تصطف الجزيئات في سلسلة تعمل مثل أبرة القمباص داخل الخلايا، سامحة للبكتريا بالتحسس بالمجال المغناطيسي الأرضي لتمييز الأعلى من الأسفل. فالطبيعة قادرة على صنع معادن بيولوجية تثير الدهشة. ولكن لو أمكن استخلاص هذه الجزيئات من الخلايا بأعداد كافية، فإن بإمكانها أن تقود جزيئات الأدوية باهضة الثمن أو السامة إلى مناطق الجسم التي بحاجة إليها. فالأدوية عادة ما تنتقل خلال الجسم. ويمكن للمرضى أن يرتدوا جهاز مغناطيسي كهربائي للمحافظة على الدواء في مكانه. اضافة إلى استهدافه للأورام، ويمكن استخدام هذه التقنية أيضا لمعالجة أمراض موضعية معينة كتصلب الشرايين، ولكن يحذر من أن هذا الاقتراح لايخلو من مخاطر محتملة لأن " استخلاص الجزيئات من داخل الخلايا وجمع كميات كافية منها يمثل المشكلة الاكبر". 

     ومن المهم أيضا التأكد من أن الجزيئات لن تتكدس، فعندما تتحرك بحرية في الدم، ربما تقودها طبيعتها المغناطيسية إلى التكدس، بدلا من البقاء داخل خلية، وفي أسوأ الاحتمالات، يمكن أن يسبب هذا في إنسداد الأوعية الدموية والتسبب في جلطة.

     ويمكن أيضا اختبار طرق خلق جزيئات من المغناطيس أو الحديد النقي بواسطة طرق كيماوية صرفة، بدلا من استخلاصها من البكتريا، فهذه الجزيئات لا تمتلك أي مغناطيسية حقيقية بذاتها ولكن يمكن تحريكها بواسطة مغناطيس، مثل برادة الحديد المجهرية. وعلى أية حال فإن الفائدة الرئيسية من استخدام البكتريا، هو قدرتها على إنتاج جزيئات بكميات كبيرة.     

     ومن المعوقات هي صعوبة تربية M. magnetotacticum كما أن إنتاج الجزيئات المغناطيسية بكميات كبيرة ليس أمراً مضموناً.  ولكن التعديلات الوراثية يمكن أن تستخدم لخلق سلالة أكثر نشاطاً. فلقد حدد علم الجينات مجموعة الجينات المسئولة عن إنتاج الجزيئات، التي يمكن نقلها إلى أنواع أخرى من البكتريا. ولو تمكن علماء البيولوجي من تنفيذ هذا العمل، فستكون أدوية الاستهداف أمراً حقيقياً.  

 

خامساً: استخدام بعض أنواع البكتيريا في علاج تجاعيد الوجه

حقن البوتوكس في الجبين

في الوقت الذي تصدر فيه الحكومة الأمريكية والأجهزة التابعة لها البيانات والأبحاث والتقارير التي تخوّف من هجوم بيولوجي على الولايات المتحدة، وتتعرض تلك التقارير للأنواع المحتملة من الأسلحة البيولوجية وكيفية التعامل معها، في هذا الوقت نفسه تنوي إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية إصدار قرار بمشروعية استخدام أحد أكثر هذه الأسلحة البيولوجية فتكا من أجل إخفاء تجاعيد الوجه والرقبة!! فقد جاء في خبر بجريدة "النيويورك تايمز" الأمريكية الأسبوع الماضي أن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية تنوي الموافقة في خلال شهر واحد أو أقل على استخدام دواء يعرف تجاريا باسم بوتوكس Botox -موجود بالفعل بالأسواق الأمريكية- من أجل الأغراض التجميلية إلى جانب استخداماته الحالية.

وبوتوكس هو الاسم التجاري لسموم بكتيريا البوتيولينوم أو توكسين البوتيولينوم Botulinum toxin  التي بإمكانها شل بل وقتل ضحيتها إذا تم تناولها في بعض الأغذية الفاسدة. إلا أن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية سمحت باستخدامه عام 1989 من أجل معالجة حالتين مرضيتين بالعين يسببهما تقلص عضلي شديد يؤدي في الحالة الأولى إلى عدم قدرة المريض على فتح جفنه وفي الحالة الثانية إلى حول العين. ويكون العلاج في هاتين الحالتين من خلال حقن كمية صغيرة من التوكسين في العضلة المتقلصة، وهو ما يؤدي إلى شلّها وبالتالي معالجة الحالة تماما إلى أن ينتهي مفعول التوكسين.


عضلات الجبين قبل وبعد حقن البوتوكس

إلا أن أطباء التجميل لاحظوا منذ أوائل التسعينيات أن حقن كميات صغيرة من التوكسين في عضلات الجبين وبين العينين وحول الفم وأيضا في عضلات الرقبة يؤدي إلى شلل تلك العضلات، وبالتالي اختفاء التجاعيد التي تنتج عن تقلصها! حتى أن استخدام البوتوكس انتشر بين نجوم ونجمات هوليود كأكثر أهم طرق القضاء على التجاعيد والمحافظة على الشباب الزائف المشكلة أن البوتوكس مع أنه يقضي على التجاعيد دون آثار جانبية مهمة تذكر إذا تم حقنه بطريقة سليمة، فإن شلل العضلات يمنع الممثل من قدرته على التعبير السليم! فعلى سبيل المثال، يذكر أن أهم وأكثر الأماكن التي يقرر النجوم حقن بوتوكس فيها هي عضلة الجبين وما بين العينين، وهو ما يؤدي إلى عدم قدرة الشخص على التعبير عن الغضب بسبب شلل العضلات وبالتالي عدم القدرة على تقليصها، كما أن الممثل لا يستطيع أن يرفع حاجبه إذا طُلب منه ذلك!

ما هو توكسين البوتيولينوم؟

  كيف يعمل من أجل إخفاء التجاعيد. توكسين البوتيولينوم هو أكثر المواد سميّة على الإطلاق على حد قول الطبيب الأمريكي "ستيفن آرنون"، مدير برنامج الوقاية من مرض بوتيوليزم (أو تسمم اللحم) Botulism للأطفال الرضّع بكاليفورنيا.

وينتج هذا التوكسين أثناء نمو نوع من أنواع البكتيريا المعروف باسم كلوستريديوم بوتيولينوم Clostridium botulinum. هذا النوع من البكتيريا وبذورها الجرثومية spores ينتشر في الطبيعة داخل التربة والرواسب البحرية وعلى الفواكه والخضر بالإضافة إلى الكثير من الأكلات البحرية.

إلا أن البكتيريا نفسها وبذورها الجرثومية آمنة تماما، ولا تسبب أية أضرار إلا إذا بدأت في أنتاج التوكسين القاتل.

وهذا التوكسين ينتج من البكتيريا في حالة وجود بعض الظروف الملائمة لنمو البكتريا نفسها، مثل: أنعدام الأكسوجين، وتوفر مستويات منخفضة من الحموضة ودرجات حرارة ما بيـن 45-49 درجة مئوية. وتتوفر مثل تلك الظروف في حالة تخزين أو تعليب الأغذية سواء في المنزل أو من قبل شركات الأغذية بطرق غير سليمة.

حين يدخل التوكسين إلى الجسم يبدأ في الاتحاد مع أطراف الأعصاب عند نقطة دخولها إلى العضلات لتمنعها من إطلاق المادة الكيماوية المعروفة بالأسيتايل كولين acetyl choline التي تعطي الإشارة إلى العضلة لتبدأ في الأنقباض، وهو ما يؤدي إلى ضعف وشلل عضلات الجسم، بدءا بعضلات الرأس وأنتقالا إلى باقي عضلات الجسم بما في ذلك العضلات المسئولة عن عملية التنفس. وبسبب شلل عضلات التنفس كأن البوتيوليسم في الماضي يتسبب في وفاة أكثر من 70% من ضحاياه إلا أنه ومنذ تصنيع جهاز التنفس الصناعي فقد أنخفضت نسب الوفيات كثيرا.

حيث كأنت تلك النسب في الثمأنينيات بالولايات المتحدة الأمريكية حوالي 9%، في حين أنخفضت أكثر بحلول عام 1993 لتبلغ نسبة الوفيات 2% فقط من مصابي البوتيوليسم. ومع ذلك فأن الشفاء من ذلك المرض الخطير حتى في ظل ظروف علاجية ملائمة عملية بطيئة للغاية، حيث لا يتم الشفاء التام إلا عندما تنمو أطراف عصبية جديدة بدلا من المصابة، تلك العملية التي تستغرق عدة أشهر.

في حالة اكتشاف الإصابة بالبوتيوليسم في مراحله المبكرة، يتم حقن المصاب بمصل مضاد للتوكسين قد تم تجهيزه من الخيول، ويقلل ذلك من حدة الإصابة حيث يتحد بالتوكسين في الدم الذي لم يتحد بعد مع أطراف الأعصاب.

إلا أن هذا المصل يمثل خطورة بالنسبة لبعض الأشخاص الذين قد يصابون بحساسية تعرف بالعوار anaphylaxis، وهي حساسية قد تودي بحياة المريض، وبالتالي لا يُعطى هذا المصل لكل المرضى ولا يعطى أبدا للأطفال الرضع.

البوتوكس يخفي التجاعيد.. والتعبير

أما البوتوكس فهو الاسم التجاري للنوع A من هذا التوكسين القاتل الذي تم إعداده بشكل منقح من بكتيريا الكلوستريديوم بوتيولينوم. وفي حين أن الجرعة القاتلة في الأنسأن تعتبر 3000 وحدة من التوكسين، فأنه لا يتم حقن العضلات المستهدفة إلا بـ 10-30 وحدة، مثل العضلة المجعدة في مفرق الحاجبين، وهو ما ينتج عنه اختفاء تجعيدة التكشير في الجبين. وعملية الحقن هذه لا تستغرق سوى دقائق معدودة ينصح المريض بعدها بأن يظل قاعدا أو واقفا لمدة 4-6 ساعات بعد الحقن حتى لا يتسرب التوكسين إلى العضلات المجاورة، وهو ما قد يؤدي إلى تدلّي أحد الجفنين، إلا أنه حتى هذا الأثر الجأنبي الذي قد يحدث تذهب آثاره بعد أسبوعين أو ثلاثة. يبدأ مفعول التوكسين في إخفاء تجعيدة التكشير بعد حوالي 3-4 أيام ويستمر لمدة 3-5 أشهر حتى يختفي أثر المفعول مرة أخرى وبعده يتم حقن العضلة بالبوتوكس مرة أخرى حتى تستمر التجعيدة في الاختفاء.

ويتم تكرار الحقن ما بين 3-4 مرات على مرور عام واحد، وبعدها غالبا ما يستمر المفعول لمدة قد تصل إلى 18 شهرا. أما الأسعار فتتراوح ما بين 300 إلى أكثر من 1000 دولار للحقنة الواحدة.

ومع أن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية لم توافق حتى الأن على استخدام البوتوكس للأغراض التجميلية، فأن الأطباء يستخدمونه لهذا الغرض منذ أكثر من 10 أعوام؛ حيث تجيز القوأنين الأمريكية استخدام أحد الأدوية التي قد أجيز استخدامها لغرض ما من أجل أغراض أخرى، إلا أنها لا تجيز لشركة الأدوية المنتجة للدواء الإعلأن إلا عن الاستخدام الرسمي للدواء. ويتوقع إثر موافقة إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية على استخدام البوتوكس للأغراض التجميلية أن تقوم الشركة المنتجة له بحملة دعاية مكثفة يتوقع أن تنافس حملات الدعاية للفياجرا، وهو ما قد يزيد من استخدام الدواء العام القادم بمعدل 50% عن العام الماضي.

يستخدم البوتوكس أيضا في علاج الصداع النصفي، حيث لاحظ أطباء التجميل أن كثيرين من مرضى الصداع النصفي تتحسن حالتهم بعد حقن الدواء من أجل إخفاء التجاعيد، كما يستخدم في علاج آلام الظهر وتشنج عضلات الأطراف.

والأن هل يأتي اليوم الذي تختفي فيه التجاعيد من على وجوه مفرّغة من القدرة على التعبير؟ وهل أصبحت المظاهر الزائفة أهم عندنا من قدرتنا على إظهار مشاعرنا وأحاسيسنا دون الحاجة إلى شرحها؟ فلنر ماذا تأتي به الأيام.

 سادساً:الدور الذي تلعبه البكتيريا في حماية الآثار ( إعادة تصنيع الموارد الأرضية)

  تلعب البكتيريا دور لا غنى عنه في إعادة تصنيع الموارد الأرضية وكذلك بالطريقة التي يمكن أن تؤثر بها على البيئة . لذا أجريت دراسة حول نمو وإنتاج البكتيريا في الرواسب البحرية الضحلة والعميقة . فمن المعروف أن تلك الطبقات يمكنها أن تحتوي على 1 × 1210 خلية / سم 3 (1.000.000.000.000 خلية /مل) ولكن ما لا يعد معروفاً جيداً هو الدور الذي تقوم به البكتيريا هناك في مقابل ما تقوم به عند عزلها ونموها في أنبوبة اختبار وكذلك النسبة التي توجد بها . وربما يعتبر ذلك أساسياً عند محاولة فهم دور البكتيريا في أشياء مثل الإحماء الشامل وبصفة خاصة إذا عرفنا أن 70% من سطح الأرض يكون مغطى بماء البحر وبالتالي بالرواسب البحرية . وكذلك في البحث عن البكتيريا في طبقات الرواسب على بعد 500 متر أسفل قاع البحر. ومن المعتقد بشكل أساسي أنه في مستودعات النفط تمتد الحياة البكتيرية وبالتالي الغلاف الحيوي فقط على بعد عشرات قليلة من الأمتار أسفل سطح الأرض، وعلى الرغم من ذلك فلا يمكن تفسير كيفية وجود البكتيريا هناك أو كيفية بقائها على قيد الحياة لمدة طويلة جداً في الرواسب منذ ملايين السنين !.

     ولقد قام مجموعة من الباحثون في علم الأحياء المجهري الأرضي بجامعة برستول بالتعاون مع وحدة الكيمياء الأرضية العضوية بقسم الكيميــاء للبحث في دور البكتيــريا في الحفاظ على الجزيئات المتحجرة (الآثار الحيوية) المستخدمة لتقدير درجات حرارة سطح البحر عبر الزمن (علم المناخ القديم ).

     كما تم إنشاء معمل للسموم البيئية لتقييم الأداء البيئي لنواتج سوائل الحفر مبكراً والتأكد من تطوير مواد جديدة مناسبة، والإمداد بالدعم التقني لكل خصائص سوائل الحفر والبيئة وكذلك دراسة الطرق التي يمكن عن طريقها استخدام البكتيريا والتقنية الحيوية في سوائل الحفر وحقول النفط .

     كما قام فريق البحث بدراسة استخدام الكيماويات "البيئية" في سوائل الحفر وتمثلت مهمتهم في استبدال بعض المواد الكيميائية السامة أو الدائمة القابلة للتحلل حيوياً بشكل رديء والتي تستخدم في حقول البترول بصورة شائعة.

 
 


المدونون العرب
بواسطة : المدونون العرب
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-