الهوية الثقافية والعولمة دراسة سوسيولوجية

دكتـور/ مهدى محمد القصاص قسم الإجتماع – كلية الآداب - جامعة المنصورة مقدمة يثير دور المجتمع المدنى وتنمية الوعى السياسى العديد من القضايا والإشكاليات على الصعيدين الشعبى والرسمى, كما أن هناك ثمة خلط بين العمل الطوعي في مجال المجتمع المدنى, والعمل السياسي, بعضه يرتبط بنشأة الجمعيات الأهلية وتطورها في مصر, وبعضه الآخر يعود الي القيود الأمنيه والقانونية علي العمل السياسي والحزبي مما انعكس علي فعاليات تطوير المجتمع المدني وتحقيق الحكم الراشد. وعلي الرغم من صعوبة عزل حركة المجتمع المدني عن الحركة الثقافية إلا أن تأثير العامل السياسي فيها كبير, خاصة بعد الانهيار في دول المنظومة الاشتراكية في سياق عملية نقد ومراجعة لهذه التجربة, ساعد في ذلك التغيرات التي أخذت بها بعض الدول العربية إزاء الديمقراطية (انتخابات الرئاسة في مصر 2005) والتحول إلي أنظمة السوق الحر وتشجيع القطاع الخاص ورفع شعارات حقوق الإنسان وقبول الآخر وتراجع نسبي لدور الدولة في مجالات العمل والصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية. في الوقت نفسه زاد عدد مؤسسات المجتمع المدني (*) وتنوع نشاطها وتغير مفاهيم البعض منها وفلسفته لتطرح مفاهيم التنمية والمشاركة الشعبية والسياسية في إطار العولمة وما تتضمنه من أبعاد اقتصادية (الخصخصة واقرار حرية السوق) وسياسية (حقوق الانسان والديمقراطيه والتمكين السياسي كصيغ ومفاهيم للحكم الراشد) وثقافيه (منظمات ومواثيق اخلاقيه عالميه – قيم ثقافيه) وبروز الدعوة الي قيام مجتمع مدني عالمي.  ولعل ما جاء فى تقرير التنمية البشريه لمصر لعام 2005 من منح المواطنين حقوق المواطنة التي تعتبر بمثابه الأداة التي يستطيعون بها القيام بمسئولياتهم المقررة بمقتضي الاتفاق الجديد بين الدوله والمجتمع المدني وبينما يقتصر دور الدوله علي توفير بيئة ادارية مواتيه من اجل الاسراع بالتنمية, سيطالب المواطنون بحرية التعبير وحريه تشكيل التنظيمات والوصول الي المعلومات بما في ذلك حرية الصحافة. ويستطيع المجتمع المدني النشط سياسيا أن يجعل الحكومة أكثر استجابة لمتطلباته. وهذا لا يتم إلا بوجود أحزاب سياسة تمثل المواطنين وتصل إلي المناطق والفئات المحرومة والبعيدة, وكذلك بوجود مشرعين قادرين علي آداء وظيفتهم بكل دقة. ومن الواضح أن هناك رغبة قوية في التغيير, أبرزها الحماس القوي الذي أبداه الشارع المصري تجاه الانتخابات القومية في مصر, فضلا عن المطالب الصريحة بوضع الآليات السياسية والاداريه التي تكفل تحقيق الديمقراطية من خلال انتقال السلطة واللامركزية, لتحقيق النمو والاستقرار. هدف البحث وتساؤلاته: تمثل هدف البحث في محاولة عرض وتحليل طبيعة دور المجتمع المدني (الجمعيات الأهليه) ومساهمته في تنميه المجتمع سياسيا لتحقيق الحرية وأسس الحكم الراشد. ولتحقيق ذلك نطرح التساؤل التالي: ما دور المجتمع المدني في تحقيق التنمية المحليه والحرية وصولا الي الحكم الراشد ؟ ويتضمن ذلك التعرف علي دور المجتمع المدني في تحقيق التنمية المستديمه في ضوء عولمة الاقتصاد والسياسة والثقافة. وذلك من خلال وعي أفراد المجتمع بدور المشاركة المجتمعيه وأهميتها كإحدي أدوات الحكم الراشد. وكذلك المناخ السياسى الذى يشجع على زيادة وعى أفراد المجتمع بأهمية المشاركة. فى منهجية الدراسة الميدانية: يأتى نمط البحث وصفيا تحليليا. وننطلق من تعريف المجتمع المدنى: بأنه المشاركة العامة للتنظيمات غير الحكومية وهى قائمة على عضوية اختيارية ولا تهدف إلى الربح ، وتضم النقابات المهنية والاتحادات والأحزاب والجمعيات وغيرها. هذا وقد تم اختيار عينة من عشر حالات لتطبيق دراسات الحالة الميدانية بطريقة عمدية ومعروفين لدى الباحث وتتمثل خصائصهم فى أنهم متعلمون ، تترواح أعمارهم مابين 30 – 45 عاماً ، من الذكور ، متزوجون ، ويعملون ويقيمون بدائرة كوم حمادة الانتخابية ، ولهم نشاط على المستوى الشعبى فى مجال خدمة البيئة المحلية و الخدمات الاجتماعية ، وينتمى 70% منهم إلى الحزب الوطنى ( الحزب الحاكم ) ولهم نشاط سياسى ملحوظ خاصة فى فترات الانتخابات ، كما شاركوا بفعالية فى انتخابات مجلس الشعب التى أجريت فى الربع الأخـير من العام 2005 ، بوصفهم منظمى الدعاية ومشاركين فاعلين مع مرشحهم ( ابن البلد ) المستقل ، أحدهم عن ( الفئات ) والآخر عن ( العمال ) عن دائرة ( مركز كوم حمادة – قرية بيبان – محافظة البحيرة ) والتى تقع غرب العاصمة القاهرة على مسافة 120 كيلو متر ، ويجمع بينهم هدف واحد هو نجاح مرشحهم رغم انتمائهم لأحزاب مختلفة ، وفى سبيل ذلك تم مخاطبة الناخبين بكل ما يحبون من أماني. أولا: المجتمع المدني والتنمية المجتمعية. يلعب المجتمع المدني ومنظماته دورا مهما في تنمية المجتمعات في مختلف المجالات خاصه المجال الخيري والمشاركة الاقتصادية والسياسية. ونعرض لذلك من خلال: 1 – مفهوم المجتمع المدنى وترقية الديمقراطية. يمكن تعريف المجتمع المدنى بثلاثة أساليب. الأول: فى سياق النظام الاقتصادى التقليدى: حيث يشير المفهوم للانتقال إلى المجتمع البرجوازي. وفى هذا السياق تعنى " المدنية " احترام الحرية الشخصية والملكية الخاصة ويستخدم رجال الاقتصاد هذا المفهوم للإشارة إلى المؤسسات غير التابعة للدولة التى تسهم فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ثانياً: يتم استخدام المفهوم فى سياق علاقته بالإصلاح السياسي والتحول إلي النظام الاجتماعي الحديث وفي سياق هذا التعريف ، يشير المجتمع المدنى على وجه الخصوص للمؤسسات غير التابعة للدولة التى تسعى للوصول للقوة والسلطة السياسية. ثالثاً: يستخدم مصطلح المجتمع المدنى أحيانا للإشارة إلى دقة وأهمية الفاعلين الاجتماعيين من غير ذوى السلطة مثل المنظمات الخاصة والمؤسسات الدينية وغيرها.  وليست هذه التعريفات الثلاثة منفصلة تماما عن بعضها. فهى تشترك فى التركيز على دور المواطن وطبيعة العلاقة بين المجتمع والدولة. وعلى هذا يمكن تعريف المجتمع المدنى على أنه " مناخ الحديث الإجتماعى والتوجهات والحركات الاجتماعية المستقلة التى تسعى لتنظيم المجتمع " ويكون الهدف من هذه النشاطات زيادة قدرات وإمكانات المواطن وحمايته من الاستخدام غير المنضبط للسلطة من قبل الدولة أو أى جماعة تنظيمية أخرى (1). ويذهب " محمد خاتمى " إلى أن العالم الغربى ينبع – تاريخيا وتنظيريا – من نظام الدولة التى ترجع جذورة للثقافة الإغريقية والنظام السياسى للدولة الرومانية ، وأن المجتمع المدنى الذى نعتقد فيه ترجع جذورة التاريخية والتنظيرية إلى " المدينة المنورة ".  فالمجتمع المدنى الذى نراه – الذى يرتكز حول محورية الفكر الإسلامى والثقافة الإسلامية - لا مكان فيه للديكتاتورية الشخصية أو الجماعية أو حتى ديكتاتورية الأغلبية ففى سياق هذا المجتمع نجد الإنسان – ولإنسانيته فقط بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى يتم احترامه واحترام حقوقه ويستمتع المواطنون فى المجتمع المدنى الإسلامى بالحق فى تحديد هويته الخاصة وتحديد من يحكموه وبالتالى محاسبتهم وتكون الحكومة فى مثل هذا المجتمع فى خدمة الناس وليست السيد عليهم ، ويتم محاسبتها بشكل فعلى من قبل من تحكمهم. وليس مجتمعنا المدنى مجتمعا للمسلمين وحدهم لكنه مجتمع يعترف بحقوق كل الأفراد تحت مظلة القانون ويرتبط تحديد هذه الحقوق بالواجبات الأساسية للحكومة بل يقف فى مقدمتها احترام حقوق الإنسان والالتزام بالمعايير الأخلاقية وأن هذا تواتر طبيعى لتقاليدنا ومعتقداتنا الدينية (2).  وترجع جذور الروابط بين المجتمع المـدنى والديمقراطية فى أدبيات البحث إلى الكتابات الليبرالية الأولى للكتاب الليبراليين. ومع ذلك فـقد نمت هذه الروابط بأشكال مؤثرة من قبل منظرين القرن العشرين مثل " Sidney Verba " " Gabriel Almond " الذين كانا يعتبرا دور المجتمع المدنى فى النظام الديمقراطى دور حيوى وفاعل ويرى هؤلاء الكتاب أن العنصر السياسى للعديد من منظمات المجتمع المدنى ييسر من الإدراك الأوضح لمفهوم المواطنة والذى يدعم مزيد من القدرة على الاختيار والتصويت والمشاركة فى السياسات ومحاسبة الحكومة لتحسن من آدائها ويتسنى الوصول إلى نتائج أفضل ويرى "Robert Putnam " أنه حتى المنظمات غير السياسية فى المجتمع المدنى لها دور حيويي فى تعزيز الديمقراطية وذلك لأنها تساعد على بناء رأس المال الاجتماعى والثقة والقيم المشتركة والتى يتم نقلها للمناخ السياسى وتساعد فى تـرابط المجتمع (3).  وتؤكد أكثر التعريفات المألوفة فى أدبيات البحث للمجتمع المدنى على الاتساع النسبى للفاعلين الاجتماعيين مثل الأسرة والجماعات المختلفة والمنظمات التطوعية وما إلى ذلك, والتى تكون مستقلة عن الدولة وتظهر نظم الحكم الغربية أبعاداً جديدة هامة بخلاف الاستقلالية عن الدولة, وأول هذه الأبعاد يشير إلى " الخصوصية " الواضحة والتى تعنى الانفصال الواضح والتام عن الدولة أما البعد الثانى فهو " وجودها " حيث أن هذا القطاع يتسم بتنوع المؤسسات التى تنظم العديد من نشاطاته وتحول دون أن يصبح مجرد كتلة اجتماعية لا شكل لها ( هلامية ). أما البعد الثالث فيتضمن " الانفتاح فى قطاعاته ، حيث لا يكون منعزلاً عن بعضه والبعد الرابع للمجتمع المدنى هو " الوصول المستقل للمعترك السياسى المركزى " وتوفر درجة من الالتزام بالوضع العام.  ومجمل هذه الشروط والأبعاد يؤكد على أنه ليس هناك جماعة اجتماعية أو فئة أو مؤسسة يحق لها أن تحتكر سلطة وموارد المجتمع بحيث تمنع إمكانية وصول الجماعات الأخرى لهذه السلطة. ومع هذا فإن ذلك ما حدث بدقة فى بعض النظم – مثل بعض نظم أمريكا اللاتينية – والتى تبنت توجهاً ديمقراطياً فى ظاهر الأمر ، إلا أن السلطة كانت مركزه فى يد مجموعة قليلة جداً. وعلى هذا ، فإن الدور الأساسى لحيوية النظم الديمقراطية وفاعليتها هو وجود العديد من القطاعات الاجتماعية المستقلة عن النظام السياسى ( الدولة ) ، ويكون بمقدور ممثليها الوصول للأطر السياسية الهامة ، فى ظل فهم واضح للقواعد الأساسية للعملية السياسية وتوفر درجة معينة من الالتزام به. إلا أن ذلك ليس كافياً فى حد ذاته للتأكد على استمرارية الأداء الوظيفى للمؤسسات الديمقراطية. فمن الضرورى دمج هذه القطاعات الاجتماعية المتعددة ومراكز السلطة المستقلة مع الروابط الأيديولوجية والمؤسساتية الموجودة بين هذه القطاعات والدولة وتحديد مدى استقلاليتها. وأهم هذه الروابط هو الأطر الدستورية للتمثيل السياسى ومؤسسات القضاء وأنماط التواصل وطبيعة تدفق وتوفر المعلومات السياسية أو مجالات التواصل والخطاب. وبقدر ترابط هذه الكيانات وبقائها مستقلة عن الدولة ، وبقدر السماح للقطاعات الإجتماعية دخول المعترك السياسى ، ومدى النجاح فى إجراء المحاسبة ، ستتحدد طبيعة واستمرارية الأداء الوظيفي للمؤسسات الديموقراطية تحت مظلة القانون والدستور (4).  2 – العولمة ودور المجتمع المدني فى تحقيق التنمية. إن إحساسنا بالواقع صار أمراً شديد النسبية في عصرنا الحالي. فالقوي الشديدة للعولمة والثقافة والاقتصاد وغيرهم والتي تتخذ شكل شركات عابرة للقارات وتدفق الهجرة قد أدت إلي خلط أوراق الدولة – والهوية والمواطنة. كما أن ارتفاع تيار الفردية صار محل اهتمام في ظل استمرار المجتمع في فقد وعيه الجماعي الذاتي – كما يبدو – وبالتالي مقدرته علي العمل السياسي. وفي مقابل ذلك نجد الشركات عابرة القارات (متعددة الجنسيات) التي ترسوا قواعدها في المجتمع العالمي قد كسبت أرضاً جديدة في العمل السياسي والقوة والنفوذ علي الحكومات القومية والبرلمانات. وكانت نتيجة ذلك, أن الوجه الرئيس للسياسة في مطلع الألفية الجديدة هو ظهور موضوعات اخترقت الواجهة الديموقراطية الوطنية للأمة وصارت بمثابة المحرك الرئيس للعمل السياسي (5).  وهناك العديد من التحديات التي تفرضها العولمة علي النظرية السياسية المعيارية وقد كانت النظرية السياسية الغربية التقليدية تفترض وجود المجتمعات المحددة التي تنعزل بحدودها عن الدول والمجتمعات الأخرى. فبالرغم من أن المفكرين السياسيين والقانونين قد اضطلعوا تاريخيا بطاقة هائلة في تشكيل نماذج معيارية محددة للعلاقات بين الدول, فقد اعتمدوا في ذلك إلي حد كبير علي الانفصال الواضح بين الشئون الداخلية المحلية والشئون الخارجية. وعلي هذا كان ينظر للحدود كأمر إيجابي حيث يوفر ميزة وإمكانية النجاح الداخلي للبلد في ظل انعزالها عن العالم الخارجي. أما الآن, فإن العولمة تفرض تحدياً أساسياً علي كل تلك الفرضيات التقليدية فلا يمكن لنا الآن وصف دولة علي أنها مكتفية ذاتياً بمواردها ويمكن لها أن تحيا في عزله عن العالم الخارجي في هذا السياق من الانفتاح وانتشار العلاقات الاجتماعية العابرة لحدود الدول. ففكرة محدودية المجتمع صارت فكرة غريبة وشاذة في ظل هذه التحولات الأخيرة (6).  وفي الولايات المتحدة يرتبط المجتمع المدني بشكل وثيق بالعدائية وعدم الثقة في الحكومة. وهي عملية ارتبطت بالرئيس كلينتون – علي الأقل بشكل رمزي – وإعلانه بعد انتخابات 1994 أن عصر الحكومة السوبر (super) قد ولي. فحقيقة الأمر, نجد أن الإحساس بأن الحكومة لم تعد تحظي بالثقة او الشفافية قد كان بمثابة الدافع والمحرك لجعل المجتمع المدني في قمة أجندة السياسيين والباحثين في الحقل السياسي.  ويأمل الليبراليون في دعمهم للمجتمع المدني أن يجدوا إجابات لتساؤلاتهم عن مشكلات المجتمع الأساسية كالفقر والعنصرية والمثبطات البيئية والتي لا تدعوا لمزيد من التدخل غير المرغوب للحكومة ومؤسساتها في حياه المواطنين. وعلي صعيد آخر نجد بعض الأراء النقديه توجه سهامها الي المنظمات غير الحكومية والتي يري الكثيرون انها تتجسد في المجتمع المدني. حيث يري أصحاب تلك الرؤي ان تلك المنظمات تزيد من الداء التي هي معنية بعلاجه (فهي الداء لا الدواء). وهم يرون ان تلك المنظمات مثالا للسلوك السلطوي والفساد وعدم المحاسبة. وهو الامر الذي عزا بالعديد ممن كانوا في طريقهم لتأييد فكرة المجتمع المدني كوسيلة للوصول الي الديموقراطية الي الابتعاد بأنفسهم عن هذا الأمر (7).  ويتفاعل البنك الدولي في مجال التنمية الدولية مع آلاف من منظمات المجتمع المدني (NGOs) في كافه أنحاء العالم من خلال وسائل ثلاث هي: أ – يُسهل البنك الحوار والشراكة بين المجتمع المدني والحكومات عن طريق تقديم الموارد والتدريب والمساندة الفنية. ب – يتشاور البنك مع منظمات المجتمع المدني بشأن القضايا والسياسات والبرامج. جـ – البنك يقيم شراكات مع منظمات المجتمع المدني لتقديم الخدمات والمساعدات (8).  ويقوم البنك الأمريكي الدولي للتنمية بفتح عملية حوار مستمرة وعمل علاقات بين الحكومات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات التنمية المانحه (المحلية والدولية) لتصميم وتنفيذ برامج التنمية الاجتماعية وذلك من خلال: تقوية المجتمع المدني ، خلق صيغة قانونية وحكومية قوية ، تحسين القبول لقطاع منظمات المجتمع المدني ، خلق شراكه بين الحكومه ومنظمات المجتمع المدني (9).  والسؤال هل حقيقي ما يقوم به المانحون بالمبالغة في التأكيد علي دور المجتمع المدني كقوة ديمقراطية تقف في وجه القوي القمعية؟ ان تلك المحاولات تحاول تشتيت الانتباه عن النوايا الحقيقية للشركات الرأسمالية وآثارها المدمرة علي المجتمع المدني. فالمانحون يقوموا بالإيهام بأن المجتمع المدني يحيا في تناغم وتناسق ويقتصر دورة كقوة مدعمه للنموذج الليبرالي للتنمية الرأسمالية والديمقراطية (10). والمجتمع المدنى له دور فاعل أيضاً داخل الوطن العربى بوجود الرسالات السماوية وقيم التعاون منذ القدم وتشير الدراسات الي ان الخبرة التاريخية والاجتماعية للمجتمع المصري بالمجتمع المدني أكدتها قيم ومبادئ الحضارة المصرية ، عبر التعاون والتكافل الاجتماعيين وهى تعطى أرضية لمزيد من التطوير لحركة المجتمع المدنى وفاعليته (11).  كما تشير نتائج الدراسات إلى تطور علاقة الدولة بالمجتمع المدنى فى كل من ( الأردن – اليمن – سوريا – موريتانيا ) حيث أثرت المتغيرات الدولية على الأوضاع فى المنطقة العربية والأحداث بها وعلى علاقة الدولة بالمجتمع المدنى من خلال مفاهيم حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (12). وفى دراسة أخرى اهتمت بالمجتمع المدنى فى المجتمعات العربية وتأثير الظروف والتغيرات الدولية الاقتصادية والسياسية التى أثرت منذ بداية تشكيل العمل الأهلى العربى فى إطار ظروف غير مواتيه اقتصاديا وثقافيا وسياسيا مما دفع تنظيمات المجتمع المدنى الأهلى إلى تقديم المساعدات الخيرية (13).  كما كشفت دراسة أخرى عن الدور السلبى للجمعيات والمؤسسات فى ريف محافظة البحيرة فى مجال الرعاية أو التنمية أو الديمقراطية وعدم مواجهة مشكلات الجماهير واستثارة إيجابيتهم وتدريبهم على تحمل المسئولية والمشاركة فى صنع وتنفيذ القرارات المتعلقة بتنمية مجتمعاتهم المحلية. وأرجعت الدراسة ذلك إلى ضعف فعالية دور الجمعيات الأهلية وقلة خبرة قياداتها الشعبية وعدم معرفة دورها الحقيقى فى الممارسة (14). ثانياً: الوعى السياسى والحكم الراشد يلعب الوعى السياسى دوراً أساسياً فى تحقيق الديمقراطية وتفعيل المشاركة والتنمية المحلية والوطنية كعامل من عوامل الحكم الراشد ونعرض لذلك من خلال:- 1 – الوعى السياسى أساس الديمقراطية يحظى الوعى السياسى بمعنى واضح وعميق. فمن الخطأ الاعتقاد أن كلمة " سياسات " politics يمكن استنباط معناها من حالة الخداع الذاتى والاعتقاد بأن أخطاء الفرد خافية عن الآخرين وليس ذلك فقط ، فمن الخطأ أيضا النظر للسياسات على أنها مجرد العقل الحاذق الذى يتمتع بالقدرة على حماية الاهتمامات الخاصة للفرد ورفض اهتمامات الآخرين (15). ويعد الوعى السياسى ناتج من نواتج تواجد الانسان داخل دولة: فليس خفيا أن الترابط بين الدولة والقانون يتأتى عنه ترابطا موازيا بين الوعى السياسى والوعى القانونى (16). ومادامت الطبقات والدولة مستمرة ، فالعلاقات السياسية قائمة ، وبالتالى فإن الوعى السياسى يبقى أكثر أنواع الوعى الاجتماعى أهمية _ وتتحدد الصفات النوعية لهذا النوع من الوعى ( تغيره وتطوره ودوره فى المجتمع ) من خلال العلاقات السياسية (17).  ويمكن تعريف الوعى السياسى على أنه أسلوب الرؤية والاهتمام والفعل فى العالم. وهو يسير وفق تعهد بحقوق الانسان والعدالة وتفهم القوى وعدم المساواة فى النظم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ووفقاً للعلاقات والقيم. فهو يتعلق برفض الظلم والأنظمة والبناءات التى تمارس هذا الظلم ، لكن ليس رفض الأفراد. فهو فن احترام الآخر والعمل معه والنظر للآخر على أنه انسان تميزه قوى اجتماعية ويرتبط فى صراع مستمر من أجل احراز مكانه محترمة (18).  ويعد الوعى السياسى بالنسبة لدعاة العدالة الاجتماعية والمجتمع المدنى وسيلة وهدفا فهو كوسيلة يثير التحليل الناقد لديناميكيات القوة على مستويات متعددة. وهو كهدف فالمنوط منه بتطوير الوعى السياسى أن يوفر أساساً لنوع من المشاركة المقبولة والمعلومة للمواطن والتى تلزم لوضع الاهتمامات الهامة فى الحسبان. وعندما يصبح الفرد واعيا سياسيا ، فإن ذلك يساعد على إخفاء الشكوك الذاتية التى تعززها التبعية والتمييز ، كما يمكن الفرد من ادراك قوته الفردية والترابط مع الآخرين حتى يتسنى له مواجهة المشكلات العامة ، وهو ما يطلق عليه " Paulo freire " الوعى الناقد Critical consciousness ويتشابه مع ما يسميه الآخرون الوعى الاجتماعى لكن بمزيد من التأكيد على فهم علاقات القوى (19).  وتعد الصفات النوعية المميزة للوعى السياسى فى أن الوعى يعكس الاقتصاد بصورة مباشرة ويعكس أيضا المصالح الرئيسية للطبقات. وتعبر الأفكار السياسية عن نفسها فى النظريات السياسية المختلفة ، وبرامج الأحزاب السياسية ، والبيانات ، وسواها من الوثائق ويلعب الوعى السياسى أكثر الأدوار نشاطات فى المجتمع ، لأنه يمثل حلقة الوصل بين الاقتصاد ومختلف أنواع الوعى الاجتماعى (20). ويمكن تفسير السلوكيات السياسية وخصوصا الانتخابية بشكل سليم من خلال الوعى الاجتماعى ، أما تحليل السـلوكيات بالاستناد إلى الطبقات الاقتـصادية فإنه لا يزيل كل الغمـوض الذى يحيط بتلك السلوكيات (21). 2 - دراسات حول الوعى السياسى والملاحظ أن الجيل الحالى يبدو أكثر عزوفا عن ممارسة العمل السياسى ، ويتجه المتميزون فيه إلى التركيز على جوانب المهارات الفنية والتقنية متجنباً الوقوع تحت سيطرة الأيديولوجيات ، فى حين تعانى الغالبية الساحقة منه من مشاكل التهميش السياسى والاقتصادى (22). من هنا يأتى دور المجتمع المدنى وقد أشارت " أمانى قنديل " إلى دور الصفوة المثقفة فى قيادة الحركة الثقافية والسياسية والاجتماعية فى العالم العربى ، بهدف النهوض بمجتمعاتها فى ظل دعم منظمات المجتمع المدنى.  يؤكد ذلك تقرير التنمية البشرية فقد عكست الأرقام والنسب تدنى المشاركة السياسية فى انتخابات مجلس الشعب 2000 حيث بلغت نسبة المرشحين نحو 0.016% من جملة الناخبين ، ومن هؤلاء المرشحين نحو 3.1% من الاناث وكانت ظاهرة العزوف عن المشاركة أكثر وضوحاً فى عملية التصويت حيث بلغت نسبة المشاركة نحو 24.1% على مستوى الجمهورية (23). وهذا اختلف تماما فى انتخابات 2005 بعد مشاركة المجتمع المدنى. كما تشير نتائج الدراسات إلى أن هناك رغبة لدى أفراد المجتمع فى المشاركة السياسية ، ولكن عدم الثقة يحول دون ذلك. فالمشكلة ليست فى نقص الوعى السياسى ، وإنما اللامبالاة وعدم الثقة وحالة الاغتراب السياسى ، والنظرة السوداء المتشائمة ، وافتقاد القدوة وعدم وجود منظمات وأحزاب حقيقية تنظم عملية المشاركة (24). مما أضر ليس فقط بالسياسة إنما أيضا بتفاعل الشباب معها وعجز مؤسسات المجتمع المدنى فى القيام بدورها.  وفى دراسة مسحية قام بها "Golovakha and panina" فى عام 1990 على عينة من 542 شخص تمثل مجتمع البالغين فى " كييف بأوكرانيا " حيث قام الباحث بوضع حكمه على مستوى الثقافة السياسية وذلك بتقييم مقدار المعرفة القانونية للفرد فوجد أن 17% فقط كانت لديهم معرفة كافيه فى هذا المجال ، وأن أقل من نصف سكان أوكرانيا يقرأو عن السياسة فى الجرائد ، 7% فقط لهم مشاركة نشطة فى الحياة السياسية من خلال الأحزاب ونسبة 5% تشارك فى الاجتماعات واللقاءات السياسية ، 4% يشاركون بشكل مباشر فى الحركات السياسية العامة. وتظهر هذه النسب المتدنية مدى غياب الوعى السياسى لدى الشعب الأوكرانى (25).  وفى دراسة أخرى عن الوعى السياسى فى " ماليزيا " يذهب" Imel " إلى أن الأسلوب الذى يختاره الأفراد فى التصويت يتأثر بمرجعياتهم أو بناءات المعنى لديهم. ويحدث التغير فى بنية المعنى ( الفهم ) meaning structure عندما يمارس الأفراد عملية تعلم تحويلى Transformative learning وهى العملية التى يختبر المتعلمون من خلالها – بشكل ناقد – معتقداتهم وفرضياتهم وقيمهم فى ضوء اكتساب معارف جديدة والبدء فى عملية التغيرات الاجتماعية والشخصية.  وقد تم استخدام تقنيه Snow balling فى اختيار العينات ويرى الباحث أن تلك التقنية هى الأنسب لأنه لايمكنه تحديد الأفراد الذين استشعروا ارتفاع الوعى السياسى لديهم مالم تتوفر لديه المعلومات اللازمة لذلك وأخذت العينة من المتعلمين التي تتراوح أعمارهم مابين 35 – 45 عام متزوجون ويعولون أربع أطفال فى المتوسط ويعيشون ويعملون في وادي كلانج Klang Valley حيث تقع العاصمة كوالالامبور ، وللحكم على حدوث تحول فى الوعي السياسي لابد أن يتمتع المبحوث بأحد المعايير التالية:  أ - أن يكون غير عضويته لحزب سياسي. ب - لم يغير عضويته للحزب السياسي المنضم إليه ، لكنه صوت للحزب الآخر. جـ - تقدم ليسجل اسمه في التصويت وهو الشئ الذي لم يحدث أبداً من قبل بالرغم من كونه مسموحا به. د - صار منخرطاً بنشاط في الحملات الانتخابية وهو الأمر الذي لم يحدث أبدأ من قبل.  وجاءت أهم النتائج في أن الحدث السياسي له القدرة على استنفار حدوث تحول في المنظور إن تم تلقيه على أنه عامل تهديد للهوية الثقافية الجماعية كما أن القيم الثقافية والمعتقدات الدينية للمشاركين قد تيسر من حدوث هذا التحول في الوعي (26).  والملاحظ كما تشير الدراسات أنه إذا نظرنا إلى المجتمعات التي تتمتع بالرفاهية والازدهار ( التنمية المستديمة ) فسوف نجد أنها تلك المجتمعات التي تُقتسم فيها القوي السياسية المختلفة القوه وحق الوصول للحكم ولا يقتصر الأمر على مجموعة معينة من النخبة. وهناك علاقة بين توزيع السلطة وتوزيع الدخل فالمجتمع الذي يحظى بمقدار كبير من المساواة فى مستويات الدخول ومستوى المعيشة سيميل بالتأكيد للمساواه في توزيع الحقوق السياسية والعكس صحيح وبالتالى سيعمل على إيجاد مؤسسات توفر فرص متكافئة لأكبر عدد من المواطنين بعكس المجتمعات التي يختل فيها ميزان الدخل وتتسع الفجوة بين مواطنيه, سنجد تركيز القوه والسلطة في أيدي قله تعمل علي خدمه مصالحها بطبيعة الحال وبالتالي سنجد مؤسسات تمثل مصالحه الخاصة (27). ثالثاً: نتائج الدراسة الميدانية بتحليل نتائج الدراسة الميدانية أمكن استخلاص الآتى: أ - رغم إنتماء عدد كبير من حالات الدراسة الميدانية إلى الحزب الحاكم إلا أن مشاركتهم فى الإنتخابات كانت لدعم المرشحين المستقلين معللين ذلك بأن الحكومة ونوابها لا يقدمون الخدمات الأساسية لمجتمعهم المحلى من وظائف أو مشروعات إنتاجية وخدمية. ب - أن الناس أصبحت تمل وجوه بعض مرشحى الحزب من طوله سنوات إستئثارهم بمقعد الدائرة دون الإهتمام بمشكلاتها ، ومع ذلك يصر الحزب فى كل دورة جديدة أن يجعلهم على قائمة مرشحيه. جـ - أنه رغم تقاعس البعض وعزوفهم عن المشاركة فى فترات سابقة إلا أنهم الآن أحرص على المشاركة بل ويشجعون غيرهم ، وتبريرهم لذلك بأن المرشح هو مرشحهم ( ليس مفروضا عليهم ) وابن بلدنا وتم اقناعه بأن يرشح نفسه من أجل خدمة المجتمع المحلى. د - بفضل المناخ السياسى الجيد وزيادة نسب التعليم وثورة الاتصالات أتيح للجميع الفرصة فى أن يرى أنماط سياسية ونظم ديمقراطية فى مجتمعات أخرى مما أثر إيجابا على توجهات الإصلاح وأن هذه الطرق هى السبيل للنهوض بالمجتمع من خلال الجمعيات الأهلية المنظمة سياسياً وديمقراطياً كى تقترب من مواقع اتخاذ القرار وصنعه وتصبح مشاركة فى التخطيط ومنفذه ومتابعة له, ويعد هذا من بين السبل لتحقيق الحكم الراشد. وتشير حالات الدراسة الميدانية إلى ذلك وهاهى حالة منهم تقول: بعد أن أخفق الحزب الحاكم فى مصر فى تنمية الوعى السياسى لدى أفراد المجتمع وتلبية حاجات الجماهير الملحة لتحقيق مشاركتهم كان العزوف عن المشاركة هو السبيل فى السنوات السابقة أما الآن وخلال العقد الأخير ومع زيادة مساحة الديمقراطية كان لمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية دور كبير فى زيادة وعى أفراد المجتمع بأهميتة المشاركة ، كما تبذل هذه الجمعيات والقائمين عليها كل الجهد مع أفراد المجتمع المحلى لمحاولة التخفيف من حده المشكلات الإجتماعية والصحية والمعيشية التى تواجههم وبالتالي اصبح لدى أفراد المجتمع المحلى اقتناع بأهمية التغيير وبدأت المقارنات بين نائب الدائرة من الحزب الوطنى الذى لم يراه الناس منذ فوزه بالمقعد وبين من يقدمون الخدمات ولا ينتظرون مقابل إلا من " الله عز وجل " من هنا كان تعاطف الناس على اختيار ابن بلدهم ( المرشح المستقل ) والذي يدعم الجمعيات الأهلية والخيرية وليس مرشح الحكومة وهذا ما لمسه الجميع بقوة فى نجاح عدد كبير من المستقلين وفى نسب الإقبال على التصويت العالية من الشيوخ والنساء والشباب لدرجة أننى رأيت زملاء لنا لم نراهم مـنذ سنوات طويلـة ( لأنهم يعملون ومستقرون فى القاهرة أو الاسكندرية ) أتو خصيصاً للإدلاء بأصواتهم.  وتذهب حالة أخرى إلى القول: علشان نغير لازم نعتمد على أنفسنا وعلى القاعدة العريضة من المجتمع المحلى والناس في كل بلد بفضل زيادة الوعى والمبادرات من الجمعيات الخيرية والأهلية الموجودة فى البلد خلت فيه وعى باهمية المشاركة لأن الحكومة بتطلع قراراتها في واد والناس فى واد آخر والخطاب السياسى فى كل مناسبة يركز على المشاركة والديمقراطية والحرية ويدلل على ذلك ويفتخر بتعدد حزبى بس دى زى قلتها وفيه فرق بين التعدد الحزبى وبين الديمقراطية كقيمة إنسانية وكمنهاج عمل سياسى وإجتماعى محدد الأهداف والدليل هو أن النظام السياسى لا يفى بالاحتياجات الملحة لجماهيرية فى المشاركة السياسية وصنع القرار وهناك كثير من الخطوط الحمراء علشان كده لازم نغير ولكن بطريقة منظمة وآليات محدده على مستوى التجمعات فى القرى والمدن الصغيرة وده أعتقد الناس والحكومة لمسته فى زيادة عدد المرشحين من المستقلين ونجاحهم وإحراجهم للحزب الوطنى ( الحزب الحاكم ).  وتشير حالة أخرى إلى أن نجاح الإخوان المسلمين فى مصر وحركة حماس فى فلسطين مرتبط بعملهم داخل مجتمعاتهم المحلية البسيطة وأنهم قريبين من الانسان البسيط ومشكلاته ويعيشون أفراحه وأحزانه وحاسين بما يعانيه الناس البسطاء لهذا السبب نجحوا وبصراحة نشطوا المجتمع وحركوا المياه الراكدة فى الأحزاب الكبرى وهذا المناخ لو استمر سوف يفرز بإستمرار عناصر وكوادر لديها فكر وقدرات تساهم فى الرقى بأمتنا العربية. التوصيات:- العمل على زيادة وعى المجتمع المصرى ( سلطه – مؤسسات – أفراد ) بأهمية ودور ومشاركة المجتمع المدنى فى تحقيق التنمية. التأكيد على أن دور المجتمع المدنى هو التعاون وليس التناحر مع الحكومة لتحقيق توجهات الإصلاح بهدف ترقية الديمقراطية. حث الدولة على توفير كافة الوسائل والآليات اللازمة لنجاح دور المجتمع المدنى (الجمعيات الأهلية) ، يزيل الهواجس ويحث المواطنين على التطوع والمشاركة لتحقيق التنمية الإجتماعية والسياسية والاقتصادية. المراجع 1 - Emergin Civil Sociely, 5, Feb, 2005, www.muse-jhu.edu / Journals / sais – review. 2 – mohammad khatemi, Islamic civil society, 3, Feb, 2005, www.nawaat.org / portail / sommaire. 3 – civil society, 4, may, 2006, www/ en. Wikipedia. Org / wiki / civil-society. Html. 4 – Civil society and Democracy in latin America, some comparative observations, 2002, www.Tau.ac. Illeiall IV-2 / index – html. 5 - Lia Tsaliki, The Global civil society: some theoretical considerations, Media and demoeracy Abstracts 2005. 6 - William scheuerman, Stanford Encyclopedia of philosophy, Indiana university, Bloomington, June, 21, 2002, plato. Stanford – edu/ 7 – omar G. Encarnacion, The Rise and falloff eivil sociely, Books orbis Bulletins published Article transcripts orbis, spring, 2003. 8 - البنك الدولي, التقرير السنوي, المجلد الاول، 2003, ص 18. 9 - international cenfer for not for profit law, September, 1998, E-mail – infoicnl @ icnl – org. 10 - Lynne Rienner, civil society and development and dilemmas and challenges, 8 may, 2002. 11 - عبد الباسط عبد المعطي, المجتمع المدني وأهداف التنمية البشرية فى المجتمع العربي, المؤتمر العلمي الأول حول الجمعيات الأهلية وتنمية المجتمعات المحلية في الوطن العربي, الأسكندرية, 1996, ص 34. 12 - محمود عودة وآخرون, واقع ومستقبل المنظمات الأهلية, الشبكة العربية للمنظمات الأهلية, ط1 ، دار المستقبل العربي, القاهرة, 2000. راجع أيضا: عبد الناصر جابي, الحركات الاجتماعية في الجزائر: بين أزمة الدولة الوطنية وشروخ المجتمع, في الحركات الاجتماعيه في العالم العربي, مركز البحوث العربية والأفريقية, مكتبة مدبولي, القاهرة, ط ا 2006, ص ص 293 – 320. 13 - شهيدة الباز, المنظمات الأهلية العربية علي مشارف القرن الحادي والعشرين, محددات الواقع وآفاق المستقبل, دار الكتب القومية, القاهرة, 1997 14 - غريب سيد أحمد, دور الجمعيات الأهلية في تنمية المجتمع المحلي بمحافظة البحيرة, في المؤتمر العلمي الاول حول الجمعيات الاهلية وتنمية المجتمعات المحلية في الوطن العربي, الاسكندرية 1996. 15 - Chogyam Trungpa, Political Consciousnss, October, 2004, Available at http://www. Makepovertyhistory. Org / 16 - Sergiy shevsov, Politicl and Law Consciousness and The conemporary state, 2005, Available at, http://www. Sapienti. Kiev.ua / newvision / sergiy – shevtsov. htm. 17 - أ. ك أوليدوف, الوعي الاجتماعي, ترجمة ميشيل كيلو, دار ابن خلدون, ط2,1982, ص79. 18 - Valerie Miller, political Consciousness: Aperpetual quest, May, 2002, Available at, www. Ngorc. Org. pk/ journal jun 2002 / vm.htm 19 - Valerie Miller, op. cit. 20 - أ. ك. أوليدوف, مرجع سابق, ص 74. 21 - شوميلبيه – جاندرو وكورفوازييه, مدخل إلي علم الاجتماع السياسي, ترجمة: إسماعيل الغزال, المؤسسه الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, ط1, بيروت, 1988, ص 50. 22 - أحمد تهامي عبد الحي, التوجهات السياسية للأجيال الجديدة, مجلة الديمقراطية, مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام, العدد 6, إبريل, 2002, ص 115. 23 - مصر: تقرير التنمية البشرية, التنمية المحلية بالمشاركة, معهد التخطيط القومي, 2003, ص9. 24 - أحمد تهامي عبد الحي, مرجع سابق, ص 117. 25 - Evgeniy Golovaha and Nataliya paning, Political Consciousness, Legitimacy, and personality, 2003, Availabeat, http://politicon.iatp.org. ua/eng/ go/ politcons. htm 26 - Mazalan Kamis and Mazanah Muhamed, Rising Political Consciousness: Transformationl Learning, Malaysia, May, 2002,Available at:ww:http:// ericfacility. org.  27 - The world Bank, Equity and Development, world development report, 2006, pp.107- 113.  (* ) وصل عدد جمعيات الرعاية التى تعمل فى ميدان واحد حسب ميادين النشاط وجمعيات التنمية فى مصر 10778 عام 2002/2003 المصدر ، الجهاز المركزى للتعبيئة العامة والإحصاء ، الكتاب الإحصائي السنوى ، يونيو ، 2005 ، ص 227.

دكتور / مهدي محمد القصاص

مدرس علم الاجتماع – كلية الآداب - جامعة المنصورة


مقدمة :

تؤكد الأدبيات السوسيولوجية والأنثروبولوجية على وجود علاقة بين الهوية و العولمة فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به و الملاحظ أن مفهوم الهوية جرت عليه بعض التحولات الهامة في شكل النظر إليه وسار كما يراه العديد من الكُتاب أزمة الهوية . وحقيقة الأمر فإننا – بوجه عام في هذه الأيام – بصدد أن فكرة التقوقع حول الذات صارت تفقد مغزاها وتفسح الطريق إلي تعريفات جديدة الهوية وتتضمن مفاهيم جديدة مثل الميوعة وعدم التماسك وعدم الاستقرار والتغير المستمر .

ويتضمن ذلك أن الهوية ( التي هي في أساسها بحثا لمعني الفرد في علاقته بذاته وبالمجتمع ) لم تعد تتسم بالثبات وهو الأمر الذي يتناقض مع الأسلوب الذي كان يتم عرض الهوية من خلاله قبل انتشار موضوعات العولمه بالشاكله التي هي عليها الآن . ففي ظل الظروف الاجتماعية – الثقافية المعاصرة ، صار الفرد مجبرا علي البحث المستمر عن هويات جديدة ، فلم يعد بمقدوره التمسك بهوية واحدة لفترة طويلة من الزمن وإذا أردنا الإطلاع علي هذه الهويات و المفاهيم لا بد أن ننظر إلي التغيرات الخارجية في العالم التي تعزر مثل تلك التحولات في الإطار التنظيري للهوية ، إذ أنها ليست ظواهر معزولة بأي شكل من الأشكال بل علي العكس فهي مرتبطة ومتأثرة بالخارج الذى يتجاهل تلك الهوية ويوفر الظروف لتواجدها في الوقت ذاته

وفي سباق التقدم التكنولوجي الهائل وتقدم وسائل المواصلات وما تميزت به من سهولة وسرعة في الاتصال ( وهو من آثار العولمة ) فقد صار حجم العالم كما لو كان أقل ، وهو الأمر الذي يقلل ويحدد من وجود الهوية . كما أن زيادة التبادل بين مختلف الأفراد من مختلف الثقافات يعمل علي توفير مصادر معرفية متعددة وأراء ووجهات نظر متباينة ، ويكون لذلك أثرة المباشر علي هويتة ومن هنا جاءت فكرة هذه الورقة التي تعرض للهوية الثقافية و العولمة من منظور اجتماعي .

فكرة الدراسة :

تنطلق فكرة الدراسة من أن هناك العديد من التيارات التي تربط الإنسان المصري بوطنه وعروبته وأفريقيته ودينه. حيث يلتقي المفكرون علي أن من أبرز سمات الفكر المصري المعاصر التنوع إلي الدرجة التي تصل به ، في أحيان كثيرة إلي تناقض وصراع. حيث تتنازعه تيارات فكرية شتي سواء منها ما كان معلنا أو ما كان خفيا ، وسواء منها ما أعطي حق الممارسة أو لم يعطه . فهناك التيار الوطني البحت الذي يشد الإنسان المصري دوما إلي تراثه المصري القديم ، مبرزا فرعونيته علي غيرها . وهناك التيار القومي الذي يربط الإنسان المصري بالمنطقة العربية التي يتوفر بين دولها من مقومات التشابة أكثر ما يكمن فيها من عوامل الاختلاف . ثم هناك التيار الأفريقي الذي يصل بين الإنسان المصري وأخيه في أقصي أطراف القرن الأفقي . وفوق كل ذلك, هناك التيار الديني الذي يربط بين المصري وأشقاء له علي أساس من العقيدة الإسلامية .

والحديث عن أنماط التيارات الفكرية هو حديث عن أشكال الانتماء التي تشدنا إليها و الحديث عن أنواع الانتماء هو حديث عن الهوية أو الذاتية الثقافية وخاصة في ظل تحديات العولمة وفرصها .
والسؤال الرئيسي يتمثل في :

ما المقصود بالهوية الثقافية وما عوامل تشكيل وجودها و التحديات التي تواجهها في ظل العولمة ؟

ونحاول معالجة هذه الاشكالية من خلال عرض المحاور التالية :-

أولا : مفهوم الهُوية الثقافية :

قُدمت للهُوية الثقافية تعريفات كثيرة من زوايا مختلفه وسوف نعرض نماذج من هذه التعريفات :-

· " الذات " النفس" و" الشخص" ، يقال في الأدب نقد ذاتي يرجع إلي آراء الشخص وانفعالاته وهو خلاف الموضوعي . أما الهوية " بضم الهاء وكسر الواو " في الفلسفة ، حقيقة الشيء أو الشخص التي تميزه عن غيره . تعني الذاتية " أو الهوية " تماثل المقومات أو الصفات الأساسية في حالات مختلفة وظروف متباينة . إنها تعني التماثل في كل ما يكون الحقيقة الموضوعية لشيء ما ، إنها التوحد . إن الذاتية هي الشكل التجمعى ، أو الكل المركب ، لمجموعة من الصفات التي بواسطتها يمكن ، علي وجه التحديد ، تعريفه أو تميزه ( 1 ) 0 وإذا ما كان التوحد identification هو العملية التي يتكون الكائن الإنساني من خلالها باعتبار التوحد أول رباط عاطفي ، فإن الهوية هي وحدة الأنا ( الذات ) وأساسها . فهوية الأنا Ego تعني ذلك الإحساس الأنوي بأني أنا هو أنا في كافة الأحوال والأزمنة . وهي في الآن نفسه ما تميز الأنا عن غيرها من أنواع 0فالهوية كمبدأ فلسفي تعبير عن ضرورة منطقية بعينها تؤكد أن الموجود هو ذاته دوما لا يلتبس به ما ليس منه . فهو عين ذاته كما تقول الفلسفة (مبدأ الهوية identity principle) . فالشخص هو مهما اعتراه من تغيرات . الأمر الذي يشير إلي أهمية إدراك العمليات اللاشعورية و التسليم بها . ذلك أن الإنسان إذا ما كان هو فإن إصابته بالمرض تظهر تغيرا يشير إلي ما كان خفيا وكامنا فيه . وكان هذا التناقض البادي للعيان لمريض لا ينطبق علي نفسه مغالطة مستحيلة ، مما يدفعنا للقول بأن جماع تلك العبارة التي تري أن الإنسان مما ليس هو . وهو ليس ما هو يتضح في أن الإنسان إنما هو بمجمل شعوره ولا شعوره . ذلك اللاشعوري الذي يلعب دورها أساسيا في نشأة الهوية بقدر ما يطور معني الهوية ذلك الأنا ( 2 ) .

· تعريف الهُوية : الهوية هي عبارة عن تأكيد للتماثل داخل الجماعة والاختلاف خارجها ويحظي الأفراد بهويات مختلفة ومتعددة ، بعضها اختياري ( مثل العقيدة ) وبعضها الأخر مفروض علــيهم ( مثل السلالة أو الجنس) وليست الهوية الذاتية وحدها هي العامل المهم بل من المهم أيضا رأي المجتمع بها ( قبولها أو رفضها ) ويتسم محتوي هوية الجماعة بأنه بناء اجتماعي ( فلا سؤال في هذا الخضم عن أصلة أو منشأه ) فهي الشعور بالانتماء لجماعة والإحساس الإيجابي نحوها ( مثل الهوية القومية ) ويشير هذا إلي مشاعر الاقتراب والفخر بالجماعة لكونه فرداً منها وقد يتضمن ذلك الشعور بالفوقية والأفضلية أو الانتماء الأعمى ( أي أنه وطنـى صائباً كان أم خاطئا).
وتتضمن الهوية القومية في شكلها الطبيعي ( العضوية في الأمة ) ومعناها الإخلاص الكامل من جانب الفرد لوطنه ، ويتضمن هذا البناء الوطني المكسب والخسارة وعليه فإن البعد المعياري يتألف من القيم والأفكار الرئيسية التي تميز الوطن بوضوح عن غيره مثل التحرر والذاتية وتعدد الثقافات . فعلى سبيل المثال فالهوية الوطنية الأمريكية هوية مدنية وليست عرقية أي أنها تقوم علي العادات والتقاليد المألوفة (3) .

· ولقد قُدم تعريف الذاتية الثقافية في دليل عمل العقد العالمى للتنمية الثقافية 1988/1997 والذي أصدرته اليونسكو ، وهو أن : " الذاتية الثقافية تعني أولا وقبل كل شيء تعريفنا التلقائي بأننا أفراد ننتمي إلي جماعة لغوية محلية أو إقليمية أو وطنية بما لها من قيم تميزها ( أخلاقية ، جمالية …إلخ ) ويتضمن ذلك أيضا الأسلوب الذي نستوعب به تاريخ هذه الجماعة وتقاليدها ، وعاداتها وأساليب حياتها وإحساسا بالخضوع و المشاركة في أو تشكيل قدر مشترك ، وتعني : الطريقة التي تظهر فيها أنفسنا في ذات كلية حيث نري انطباعاتنا الخاصة بصفة مستمرة ، مما يمكننا من بناء شخصياتنا من خلال التعليم و التعبير عنها في العمل الذي يؤثر بدورة في العالم الذي نحيا فيه . وعلي الرغم من أن الذاتية الثقافية لا تتأكد بالضرورة علي هذا المنوال ، وعلي الرغم من أن أشكالها وتكويناتها قد تكون غير واضحة ، إلا أنها تعد بالنسبة لكل منا كأفراد نوعا من المعادلة السياسية التي تقرر ، بطريقة إيجابية أو سلبية ، الطريقة التى تنتسب بها إلي جماعتنا وإلي العالم بصفة عامة ( 4 ) .

· تعريف الهوية الاجتماعية social Identity من قبل TA JfEL علي أنها ذلك الجانب من المفهوم الذاتي للفرد ( مفهوم الفرد الذاتي ) الذي ينبعث من واقع معرفته بعضوته في جماعة أو جماعات اجتماعية وذلك إلي جانب المغزي القيمى والانفعالى المرتبط بهذه العضوية .

أما تحديد الهوية داخل الجماعة و الصراع بها فينبثق من دراسة الذات self في سياق اجتماعي ويكون له معاني تحليلية متعددة للكشف عن الشمولية التي تحدث علي مختلف المستويات التي قد يدخلها الفرد في هويته الفردية علي المستوي الإجتماعي علي أنها نوع من الشمولية العرقية ethnic hostility وقد يعمل توفر الهوية في كل جماعة من الداخل علي تعزيز عنصر الشمولية والمنافسة بين الجماعات ، كما أنه قد ينظر إليه من قبل الأمم العصرية علي أنـه عنف مسلح ( نزاع مسلح )

وتُعرف هوية الجماعة المتماسكة in-group على أنها مجموعة من الصفات التي تجمع بين أفراد الجماعة الواحدة وتميزهم عن غيرهم ممن يقع خارج نطاق تلك الجماعة أما الهوية الاجتماعية social Identification فهي عملية وجدانية تيسر من الارتباط بالجماعة ، فهي تشتمل علي درجة من الترابط تجعل الجماعة أم للفرد والفرد جزءا من تلك الجماعة وهذا التكامل و التبعية يشكل أساس الرؤية الإيجابية للجماعة والرغبة من جانب الفرد في التوحد معها واعتبار ذاته جزءا منها وعضوا فيها . ويؤدي ذلك بالتالي إلي الشعور الإيجابي بالذات و التقدير الذاتي .

وتفسر نظرية الانفصال الاختياري السبب الذي يجعل الأفراد يختاروا الانضمام لجماعة ما فهي نصف حالة من العمليات المعرفية والانفعالية يتحكم فيها حافزان قويان هما :الحاجة للانتماء و الحاجة للتميز والاختلاف ( 5 ).

· الهوية إذن هي ذات الشيء بحيث إذا انتزعت منه افتقد شخصيته ، ولذلك فإن الهوية تعني الشيء ذاته ، المجتمع ذاته الأمة ذاتها فإذا انتزعت منها صارت شيئا آخر . هذه الهوية لم تشكل بصورة لا تاريخية بحيث إنها أتت دفعة واحدة ، وإنما تشكلت تحت تأثير ثلاثة سياقات :-

  1. سياق اجتماعى : ويعنى أن البشر فى مجتمع ما ، هم الذين يصنعون هويتهم وهم فى الوقت نفسه حصيلة هذا الصنع ، والهوية لمجتمع ما تتأسس فى هذا المجتمع بعلاقاته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والأخلاقية والدينية ، كل هذا المركب من العلاقات يفضى شيئا فشيئا مع التطور التاريخى إلى تكوين هوية بشرية .
  2. سياق تاريخى : يتشكل في مجتمع ما يتحرك ويكتسب أبعادا جديدة بحيث يمكن القول بأن للهوية القومية أو الوطنية أو الدينية أو الأخلاقية تاريخا ، ومن ثم لا تنشأ دفعة واحدة وهذا يعني أن الهوية ظاهرة تاريخية لا تنشأ مرة واحدة ، و الهوية تتعرض لتغيرات واسعة النطاق لكن هذه التغيرات تبقي في حدود محيطة بهذه الهوية ذاتها .
  3. سياق تراثي : فهويتنا نحن العرب المعاصرين الآن ليست هوية تم إنتاجها في مرحلتنا الراهنة فحسب ، ولا في سياق التطور التاريخي فقط ، وإنما أيضا هي في إطار تراثنا العريق ولذلك فهويتنا تمثل هذا البعد المركب الاجتماعي ، والتاريخي و التراثي . ( 6 )

وللهوية وجه آخر مكمل لها وهو الانتماء الذي يعرف بأن معني موجود داخل كل فرد وعلي اختلاف المستويات ، وهو الشعور الذي يوجد لديهم منذ الصغر ويقوي من خلال نشأة الفرد فيتكون لديهم هذا الشعور الذي يترجم لأفعال داخل المجتمع ، فإذا كانت الهوية هي عملية الإدراك الداخلية لذاتية الشخص و التي تمدها عوامل خارجية يدعمها المجتمع ، فإن الانتماء هو الشعور بهذه العوامل الخارجية و الذي يترجم من خلال أفعال تتسم بالولاء لهذه المجتمعات التي ينتمون إليها دون سواها ( 7 )

· الهوية والاختلاف : تعتبر الهوية والاختلاف من الكلمات شائعة الاستخدام . فنحن نسمع كثيرا عن الهوية علي المستوي العالمي و القومي و المحلي و الشخصي . وفي التغطيات الإعلامية غالبا ما ينظر إلي الهوية من منطلق إشكالى problematic فعلي سبيل المثال ، يطلق مصطلح " فقدان الهوية loss of identity علي مجموعة من التغيرات المتلازمة في التوظيف وفقدان الوظائف و البحث عن الهوية الذي يلي تفكك المجتمعات أو العلاقات الشخصية حتى أن الأمر قد يصل إلي ( أزمة في الهوية identity crisis ) وفي المعترك العالمي نجد الهويات القومية تمثل الصراع بين الجماعات المختلفة و الذي غالبا ما ينجم عنه نتائج مدمرة فعلي سبيل المثال فى السنوات الأخيرة في البوسنه وفي روندا حيث يُعبر عن الصراع في شكل أوضاع هوية متصارعة وغير متلائمة ومتطرفة في أغلب الأحوال . وعلي المستوي الشخصي ، فقد تغيرت العلاقات الأسرية وصار الأمر – علي سبيل المثال – في النظرة الغربية للأسرة النووية nuclear family - المعرفة علي أنها ذكر عائل وزوجة معولة وأطفال يواجهون التحديات – كما ظهرت أشكال جديدة للأسرة والهويات الأسرية ويتضح الاعتراض علي الهويات الجنسية في المعترك العام حيث يبدوا أن موضوع الهوية الجنسية قد صار الشغل الشاغل للمعارضة السياسية . وفي الغرب الغنى _ خاصة _ يلجأ الأفراد إلي المعالجين والاستشاريين بحثا عن بعض الحلول للمشكلة المثارة في التساؤل " من أكون ؟! ( 8 )

ثانيا:- مفهوم العولمة :

للعولمة تعريفات كثيرة ودون الدخول في تفاصيلها تظهر العولمة كمفهوم في أدبيات العلوم الاجتماعية الجارية كأداة تحليلية لوصف عمليات التغيير في مجالات مختلفة . ولكن العولمة ليست محض مفهوم مجرد ، فهي عملية مستمرة يمكن ملاحظتها باستخدام مؤشرات كمية وكيفية في مجالات السياسة والاقتصاد و الثقافة والاتصال . ( 9 )

وللعولمة العديد من الأبعاد:- الاقتصادية ، السياسية ، الاجتماعية ، الثقافية و البيئية إلا أننا نجد هنا أن المصطلح يعود إلي نماذج جديدة من التجارة العالمية والاستثمار والمسائل المالية وبشكل أكثر دقة نجده يعود إلي مرونة التصميم والتصنيع والإنتاج علاوة علي بيع البضائع و الخدمات في كل أنحاء العالم فتقسيم مراحل الإنتاج المختلفة أو دورات الخدمات على أقطار مختلفة يشجع ويدعم التخصص وصولا للاستفادة من نظام كل بلد علي حدة . فالعولمة تعني الكفاية ( كفاية أماكن التسويق و المعايير التي تتأتي من تطبيقها ) وفي النزاع الذي نشب أثناء انعقاد اللقاء السادس للجمعية العمومية للأمم المتحدة ، فقد تم إقرار أنه لا يبدو أن كل شيء يشير إلي أن العولمة صارت أمرا حتميا لا مفر منه وهو أمر صار واقعا ملموسا ، ليس محل اختيار ويبدو ذلك من القوي الدافعة للعولمة وليست المعوقة لها إلا أنه في ظل بعض الظروف قد يكون دوره محدود . ولتلافي هذا الاحتمال فإنه لابد من الحيطة الشديدة لمسيرتها علي المستويين القومي والدولي .

وما من شك في أن العولمة تعد أكثر الظواهر الاجتماعية – الاقتصادية أهمية في هذا الجيل . فيوما بعد يوم نجد أن التجارة و التكنولوجيا ، و المعلومات تعمل علي تآكل حدودنا القومية وتحويل كوكبنا إلي مدينة كبيرة ترتبط ببعضها عن طريق الإنترنت ( 10 )

إن العولمة تتجسد ملامحها في نشوء شبكات اتصال عالمية تربط جميع الاقتصاديات و البلدان و المجتمعات وتخضعها لحركة واحدة وتجسدها بشكل واضح شبكة معلومات الإنترنت ، فهي شبكة واحدة يشارك فيها الأفراد وينفذون إلي ما تنطوي عليه من معلومات وعروض بصرف النظر عن الحدود السياسية و الخصوصيات الثقافية . فالمقصود هو الدخول في مرحلة الاندماج العالمي الأعمق علي عدة مستويات فمن جهة هناك توحيد أكبر لمصادر المعلومات للعروض و الطلبات التي تقدم إلي الجمهور ، ومن جهة ثانية هناك توحيد أشمل لشبكات الاتصال وأدواته ، ومن جهة ثالثة هناك دمج أقوي لوسائل الاتصال ( 11 ) .

ويمكن أن نأخذ في الاعتبار عدة مؤشرات عند وضع تعريف للعولمة منها :-

  1. انتشار المعلومات بحيث تصبح معروفة لدي جميع الناس .
  2. تذويب الحدود بين الدول .
  3. زيادة معدلات التشابه بين الجماعات و المجتمعات و المؤسسات .
وكل هذه العمليات قد تؤدي إلي نتائج سلبية لبعض المجتمعات ، وإلي نتائج إيجابية بالنسبة إلي بعضها الأخر . والعولمة ظاهرة تتداخل فيها أمور الاقتصاد و السياسة و الثقافة والاجتماع ويكون الانتماء فيها للعالم كله عابرا الحدود السياسية للدول المختلفة ، مما يحدث فيها تحولات وتغيرات تؤثر في حياة الناس علي كوكب الأرض كله ( 12 )

ثالثا – الهوية بين الوحدة و التنوع في ظل العولمة :


" إن إحساسنا بالواقع صار أمرا شديد النسبية في عصرنا الحالي . فالقوي الشديدة للعولمة و الثقافة والاقتصاد وغيرهم والتي تتخذ شكل شركات عابرة للقارات وتدفق الهجرة قد أدت إلي خلط أوراق الدولة والهوية و المواطنة . كما أن ارتفاع تيار الفردية صار محل اهتمام في ظل استمرار المجتمع في فقد وعيه الجماعي الذاتى _ كما يبدوا _ وبالتالي فقد مقدرته علي العمل السياسي وفي مقابل ذلك نجد الشركات عابرة القارات ( متعددة الجنسيات ) التي ترسوا قواعدها في المجتمع العالمي قد اكتسبت أرضا جديدة في العمل السياسي و القوة و النفوذ علي الحكومات القومية و البرلمانات . وكانت نتيجة ذلك أن الوجه الرئيسي للسياسة في مطلع الألفية الجديدة هو ظهور موضوعات اخترقت الواجهة الديمقراطية الوطنية للأمة وصارت بمثابة المحرك الرئيسى للعمل السياسى ( 13 )
فالعولمة لا تعرف فقط على أنها مجرد تكامل اقتصادي بين الأسواق في ظل نظام غير عادل يقع تحت الهيمنة الأمريكية فحسب ، بل أنها كذلك تكامل بين مختلف النظم القيميه التي تشكل مجتمعاتنا . فعلى سبيل المثال ، نجد أن الأفكار والعادات و المعايير التي تقوم بتعريفنا كأفراد أو كأمة تتغير باستخدامنا للإنترنت و القنوات التليفزيونية الفضائية بهدف خلق هويات جديدة وتشكيل مجتمعات حديثة . وتلك العملية تعمل علي خلق وسائل للتكامل الثقافي والاقتصادي و السياسي ( 14 ) وتوصف العولمة بأنها " عملية تدفق التكنولوجيا والاقتصاد و المعرفة والأفراد و القيم والأفكار عبر الحدود . فللعولمة تأثيرها علي كل بلد بشكل مختلف وفقا للتاريخ الذاتي لكل أمه ووفقا لتقاليدها وثقافتها ومصادرها وأولوياتها .
و العولمة عملية متعددة الأوجه فهي تنطوي علي متضمنات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية للتعليم العالي . كما أنها تفرض تحديات جديدة عندما تكون الدول وحدها ليست الموفر الرئيسي للتعليم العالي و المجتمع الأكاديمي ، وعند ما لا تحتكر صناعة القرار في التعليم ( 15)
كما أن هناك من ينظر للعلاقة بين التكنولوجيا و المجتمع و الثقافة من خلال " الإنترنت " علي أنها إما صالحة أو مفسدة للمجتمع وثقافته بوجه عام و بالرغم من التناقص و التنافر بين ( الإصلاح أو الإفساد ) إلا أنهما ينظرا للتكنولوجيا بعين واحدة وهي أنها وحدها تشكل وتغير المجتمعات وثقافاتها .
والسؤال الذي يطرح نفسه :- ما أثر الإنترنت علي الثقافة و الهوية ؟ أو ما هو أثر الثقافة و الهوية علي الإنترنت واستخدامه ؟ والإجابة قد تلقي مزيدا من الضوء علي العلاقة بين الهوية الثقافية واستخدام التكنولوجيا والهوية - الهوية الحياتية الفعلية – هي أمر هام لاستخدام مدركات الإنترنت وفي ظل الإنترنت و العالم الذي صار قرية صغيرة Global – village فإنه لا بد وأن نري ونشاهد ظهور هويات واختفاء أخري . فنجد بعض النظم والدول ترتفع أسهمها اقتصاديا و عسكريا وبالتالي فستفرض هويتها علي غيرها وتنشر ثقافتها علي من هو أضعف وكنتيجة لذلك سنري اضمحلال واختفاء هويات تلك الدول المستوردة لهذه الثقافة كبند أساس وشرط أولي لاستيراد تكنولوجيا تلك الدول ( 16)
ويترتب علي ما سبق التساؤل : هل ستقوم العولمة بفرص أي تهديد لاستمرار التنويع الثقافي ؟ وهل النماذج السلوكية الجديدة المكتسبة واللازمة للتكيف مع العولمة ( و الذين يكون لهم فائدة فقط خلال التعليم ) ليست قائمة علي النمط الأوروبي– أي النمط الغريب عن القيم الفريدة لمناطق أخري من العالم ؟ وهذان التساؤلان بدورهما يلقيان الضوء علي تساؤلات أخري منها : هل يمكن اعتبار العولمة عملية حتمية لابد لكل الدول أن تتكيف معها في النهاية ؟ أم أنها موضة ستأخذ وقتها القصير ثم تمر ؟ وهل من المستحيل الإجابة علي هذه الاعتراضات هنا !و هذا يعنىأن نضع فى اعتبارنا أن :
  1. الفشل في تفادي التهميش الناتج عن الاتجاه نحو العولمة - أكثر من وقتنا الراهن - حيث يتم اقصاء بعض الدول عن النظام العالمي الجديد .
  2. بعيدا عن أي إصلاح داخلي ، فإن غالبية نظم التدريب المهنية و التعليمية تتأثر بشكل مباشر بالاتجاه نحو العولمة بالدرجة التي تفضل ظهور مصادر تعليمية جديدة ( خاصة من القطاع الخاص ) ومداخل جديدة ( مثل حافزية المستهلك في مجال التعليم )
  3. وان كانت العولمة لا بد وأن تتضمن المخاطرة بحدوث الاستعمار الثقافي و التكنولوجي فلا يجب الافتراض بأن محاولات التكيف مع هذه الظاهرة تقوم بفرض تهديد حقيقي علي الهوية المحلية ( 17 )

وهنا تظهر العلاقة بين المكان و الهوية فالمكان هنا لا يشير لمجرد موقع محدد الأبعاد ، بل أنه يشير لتوليفة – إن صح أن نقول ذلك – من التفاعلات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية في مكان ما . وقد أثرت عمليات العولمة في عالمنا الحالي علي العلاقة بين الهوية و المكان بشكل جزري فعلي سبيل المثال : فقد أدي تزايد الحرك بين البشر وانتشار تكنولوجيا المعلومات وثورة التكنولوجيا الحيوية ( البيولوجية ) والتحولات الثقافية ، كل ذلك أدي إلي خلخلة الروابط بين الهوية و المكان . وتؤثر العمليات المحلية و العالمية بشكل غير محدود علي كل الظروف البشرية و النظم الاقتصادية التي تحتويها . وهذا التأثير ومن ثم الأشكال الجديدة ينجم عنها أنماط مختلفة وجديدة من الترابطات غير مسبوقة الوجود . وبطبيعة الحال ، سنري صراعا بين القديم و الحديث من العلاقات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية الذي سيتأتى عنه مزيدا من التأثير علي بناء المكان الهوية ( 18 )

فعند النظر للمجتمع الغربي ( أمريكا وأوربا ) في مراحل تطورها اللغوي و العقائدي فإننا لا نجد أننا بصدد أي مشكلات في الهوية العقائدية و اللغوية بين معظم الأقطار الغربية . ويرجع ذلك إلي اعتناق معظم أفراد هذا المجتمع لديانة واحدة في معظمها في العصور الوسطي وحتى وقت قريب عند ما بدأ يظهر التعدد الدينى و المذهبي . كما أن المجتمع في مجملة ( ونقصد بالمجتمع هنا الدول الأوربية) كان يستخدم لغة واحدة للتفاهم ، مما نجم عنه عدم وجود مشكلات هوية دينية أو لغوية (19)

أما في جنوب أسيا نجد أن موضوع الدين صار مصدرا للهوية التي تعتبر وسيلة للحراك السياسي و بالتالي مصدرا للصراع . حيث أن شيوع الهندوسية والإسلام في هذه المنطقة جعل أتباعه ومعتنقيه يحظون بقوة تدعمهم في انطلاقهم نحو قمه الهرم الاجتماعي . وبالتالي فالهوية الدينية صارت مصدر قوة في الدول الديمقراطية التي تنادي بالحرية ، فالعقيدة و الديمقراطية يمكن أن يؤدي كل منهما دورة فالعقيدة قوة روحانية و الديمقراطية قوة سياسية (20)

أما في استراليا فيزداد الأمر صعوبة لتحديد وتعريف الهوية الأسترالية ، في ظل العولمة وعملياتها وأثر التكنولوجيا علي الهوية القومية ، وذهب " جون أستن " إلي أن مسئولية تحديد الهوية تقع علي كل فرد من أفراد المجتمع الأسترالي وبخاصة القائمين علي العملية التعليمية في الألفية الجديدة وسوف تتأثر طبيعة المجتمع و الثقافة – بشكل كبير – بالأوضاع التعليمية الحالية و بالتالي ستساهم في تكوين مجتمع أكثر توافقا وتكافئا (21)

رابعاً : التراث الثقافى والحفاظ على الهوية :

الثقافة الشعبية فى مصر تراث له قيمته التاريخية والإجتماعية ... إنا لا زلنا نذكر حتى اليوم عديداً من التعبيرات الأدبية والمشاهد الفنية التى حفل بها تاريخنا الثقافى ، والتي كان لها تأثيرها العميق فى فكره وسلوكه . وتعتبر الأمثال الشعبية – فى حد ذاتها – تعبيراً أدبيا عن قيم سائدة ومفاهيم راسخة . ولو تعقبنا عددا من هذه الأمثال بالتأمل والدراسة ، لوجدنا أن بعضها ينطوى على معان عميقة وذكية . يتضمن كل منها إشارة إلى قيمة اجتماعية ندركها فى حياتنا ، ونشهد تكرار لها يدل على اعتقاد أصيل فيها .بقى أن ندرك أن التراث الثقافى هو حصيلة قيم سادت فى فترات مختلفة من تاريخنا ، وصياغة لمفاهيم اجتماعية ، ومشاعر مشتركة ، عرفها شعبنا ووعتها جماهيره ، ومن هنا فإن التراث الثقافى لا يمثل مصدراً للقيمة الإجتماعية فحسب ، ولكنه يمثل – فى الوقت ذاته – امتدادا لها وحافظاً عليها ( 22 ) . وبالتالى تعميق للهوية والانتماء . والهوية قد تتعدد وتتنوع حسب الهدف منها وأساس التصنيف حسب العقيدة أو المكانأو الجنس .. الخ .

نمو أو تكوين الهوية : Identity Development

عندما ينتمى المرء إلى عقيدة ما فإنه يطور في الواقع هوية إنسانية مميزة تمثل توجه بنائى سيكولوجى له أسسه ومنطلقاته الخاصة ، ويرى " James Marcia " أن هناك احتمال لأن تنتمى عملية تكوين الهوية لدى المراهق إلى أربع صيغ مختلفة :-
  • الشخص ذو الهوية المائعة أو غير المحددة : Identity Diffused person والتي تميز الشخص الذى لم يمر بأزمة هوية Identity Crisis والذى يرفض بالتالى أى التزام بمجموعة قيم ومعتقدات معينة .
  • الشخص ذو الهوية المنغلقة أو المانعة : Identity Foreclosed person وهو الشخص الذى فشل فى أن يخبر أية أزمة هوية ، ولكنه نجح فى انشاء تعهد أو التزام Commitments ، وهو ذلك الشخص الذى لا يتساءل مطلقاً عن هويته Who am I ? والذى يكتسب نسق قيمه الدينية عن طريق القهر من قبل الآباء .
  • الشخص ذو الهوية المؤجلة : Aperson in Identity Moratorium وهو ذلك الشخص الذى يعانى من أزمة هوية ولكن لم يستطيع التوصل إلى تعهد أو التزام بقيم ومعتقدات معينة .
  • الحالة المرغوبة والتى يمكن تسميتها بالهوية المحققة : Identity achieved وتوجد هذه الحالة حال نجاح المراهق فى حل أزمة الهوية المرتبطة بأزمات النمو النفسى بشكل عام ، ونجاحه كذلك فى صنع والإلتزام بهوية دينية خاصة به 

والملاحظ أن رجال الدين وقادة الشباب يدفعون المراهقين على تبنى الهوية المنغلقة أو الجامدة Identity Foreclosur عندما يخبرون المراهقين أن الإيمان أو العقيدة مطلقة الصدق والصحة وضرورة تقبلهم لكل القيم والمعتقدات الدينية دون تساؤل ، والمطلوب بطبيعة الحال أن يساعد رجال الدين والقادة المراهقين على الإختبار والفحص الناقد للعقيدة من أجل الوصول إلى قبول طوعى يُفّعل صحيح المعتقد والقيم فى سلوك إيمانى يتسق مع الجوهر الحقيقى للدين ( 23 ) .

كما تعد فنون الفولكلور التعبيرات الثقافية التقليدية التى تحافظ من خلالها الجماعة على أسلوبها فى الحياة وتنقلها للأجيال التى تليها . فهى – أى فنون الفولكلور - تعبر عن إحساس الجماعة بالجمال والهوية والقيم . وعادة ما يتم تعلم فنون الفولكلور بشكل غير رسمي عن طريق العمل أو المثل أو العادات الشفهية الموجودة بين العائلات والأصدقاء والجيران والعمال أكثر من تعلمها في إطار تربوي رسمي . ويميز الموروث الثقافي الحي وفنون التراث الشعبي أنها تربط الماضى بالحاضر . وبغض النظر عن الإحصاءات ، فإن فنون التراث الشعبي تتغير بتكيفها مع الظروف المستجدة فى حين تبقى على كفائتها التقليدية .

وتمارس الجماعة فولكلورها التقليدى عن طريق المشاركة فى الهوية على أساس مثل تلك العوامل كالسلالة والمنطقة والمهنة والعمر والعقيدة . وهى تشتمل على أنواع عدة من التعبيرات الثقافية التي تؤدى عمل التقاليد فى الموسيقى والرقص والدراما وسرد الحكايات التقليدية والفنون اللفظية الأخرى والمهرجانات والحرف التقليدية والفنون المرئية والعمارة والتحول فى البناءات البيئية والأشكال الأخرى للتراث
الشعبى ( 24 ) .

ديناميكيات الفولكلور :

إن الفولكلور أو حياة الجماعة ( بما فى ذلك الفنون التقليدية ، والمعتقدات ، والأساليب التقليدية فى العمل والراحة والإحتفالات والطقوس) هى بمثابة أساليب ثقافية تحافظ عليها الجماعة وتمررها فيما بينها بأسلوب مشترك فى الحياة . ويمكن تعريف " هوية الجماعة " تلك عن طريق العمر أو النوع أو السلالة أو المنطقة أو المهنة أو الحالة الإقتصادية والإجتماعية أو أى أسس أخرى من الترابط ويقول الباحث فى الفولكلور الأمريكى Ben Botkin أن كل جماعة ترتبط معاً باهتمامات عامة وأهداف مشتركة – سواء كانوا متعلمين أو غير متعلمين ، من الريف أو الحضر – نجدهم يحظون بإطار من التقاليد يمكننا أن نسميه بالفولكلور ، إلا أن كل ذلك يتم امتصاصه واستيعابه من خلال التكرار والتنوع فى نموذج يتسم بالإستمرارية ويحظى بالقيم للجماعة ككل .

ويتم تعلم كل تلك الأشكال التقليدية من المعرفة بشكل غير رسمى من خلال تبادل فردى وفى ظل إطار ضيق فى الجماعة وذلك عن طريق الأداء ( القيام بالفعل ) أو الإقتداء بالآخرين لأخذه كمثال . وفى كل الحالات ، نجد أن الفولكلور وحياة الجماعة يتم تعلمها واكتسابها لقيمتها فى ظل سياق الجماعة حيث أنها الخبرة المشتركة التى تشكل وتعطى معنى لهذا التبادل . ( 25 )

أي أنه لا بد من وجود عنصر مشترك يوجد في الفولكلور بشتي أشكاله ( وإلا ما كان باستطاعتنا جمعة كمادة واحدة ) وما من شك في أن باستطاعة الطالب تحديد العديد من صفاته وخصائصه المميزة ، لكننا هنا نود إبراز سمة أساسيه وهي أن كل أشكال الفولكلور تتشارك في كونها عملية ديناميكية مستقلة . والفولكلور يأتي مبكرا لكنة يستمر في حياتنا كلنا . و بالرغم من تداخل قوي التكنولوجيا و العلوم و التلفيزيون و العقيدة و التمدين والامية فإننا نميل لتفضيل علاقاتنا الشخصية الوثيقة كأساس لتعلم الحياة وتلقي الملاحظات الهامة و التعبيرات المؤثرة وحقيقة الأمر : فإن الفولكلور كلمة تتشابه كثيرا مع الثقافة ، حيث أنه يقدم كما مهولا من التعبير البشري الذي يمكن دراستة بمختلف الوسائل ولكم لا محدود من الأسباب فهو يتسم أساسا بأن مكنونة يبدو أنه يظهر مباشرة من خلال التفاعلات الديناميكية بين البشر في أطر العمل المعتادة و التقليدية أكثر من ظهوره في خطوط اجتماعية مقننة وبناءات من التقنيات التعليمية أو التربية البيروقراطية أو حتى من خلال القنوات المستقرة نسبياً للتقاليد القديمة ( 26 )

الفولكلور وخلق الهويات :

يرتبط مفهوم الفولكلور بالهوية القومية بشكل جعل الباحثين والمنظرين يجعلونه اهتمامهم الرئيس منذ أن بدأ المنظرون في القرن التاسع عشر في تحليل الثقافة الريفية وقد افترضت كتابات التراث الشعبي الأولي أن عناصر الفولكلور تعبر عن الهوية القومية وكان السؤال الدائر هو أنه بمجرد توثيق الفولكلور ، فلا بد من السعي وراء تعزيز نظرية القومية . فالفولكلور في ظل العديد من الشواهد ، يصبح مرادفا للهوية القومية والتي تقوم في الأساس علي نظم الهوية .

وعند تناول موضوع الهوية القومية في النقاش فلابد لنا أولا من السؤال عن نظم الهوية . فمن المعروف أن الهوية تتضمن التناقض والاختلاف . فقد يري البعض أنه لا هوية ( فردية كانت أو إقليمية أو قومية ) دون تناقض واختلاف بين الأشخاص و الجماعات . فالهوية ترتكز أساسا علي الفرد وكيفية تفهمنا للاختلافات المتواجدة بين الأفراد في نفس السياق . والهوية – علي المستوي الفردي و الجماعي – تقوم علي الخبرات اليومية المتتابعة . والاختلاف بين سلوكيات الأفراد عن بعضهم في الجماعة الواحدة . كما أنه لبناء الهوية القومية و الجماعية لا بد من المواجهة الواقعية للآخر .أما علي المستويات الأعلى – فالمستوي القومي أو الإقليمي – يكون السؤال الذي يفرض نفسه هو " ما الذي يشكل نظام الهوية ؟ " وأن نظم الهوية تتشكل في ظل إطار ثقافي مثار تساؤل ، وتتخذ أشكالا لتلك الثقافة وتدمجها بقيم رمزية معينه يتكون من خلالها المضمون الكلي للثقافة ويري Edward spicer أن نظم الهوية تتسم بالمرونة الشديدة وأن بعض الملامح الحديثة قد تحل محل الأقدم منها دون حدوث خلل في نظام الهوية الجماعية للجماعة . فاستمرار عناصر معينة ليس ذو الأهمية المفرطة ، لكن عملية التكيف للتصورات الرمزية الجديدة هو الأكثر أهمية . وقد تناول spicer الهوية الثقافية لعدد من الجماعات الأوروبية و الأمريكية ووجد أنهم كانوا قادرين علي مقاومة الاستيعاب assimilation . عبر الوقت علي الرغم من تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية خلال نظم الهوية المتشابهة في ديناميكياتها ( 27 ) .

ونأخذ علي سبيل المثال حالة لبعض النساء البيزنطيات في أمريكا حيث تأسست شركة " Farvillage " أو القرية البعيدة عام 1993 بواسطة مصمم أمريكي من لوس أنجلوس تهدف لتعزيز وحماية المهارات الفنية والحرفية للثقافات القديمة . كما أنها تهدف لدعم النساء البيزنطيات pesants حيث أنهن المنتجات الحقيقيات للمنتجات المتمخضة عن المشروع بيد أن الغرض الرئيسي من هذا المشروع هو إثبات إمكانية الاستمرارية الثقافية العضوية في العالم الحديث . وقد عمل مشروع القرية البعيدة علي دعم السياسات متعددة الثقافات للاستهلاك الذي صار قاسما رئيسيا للرأسمالية في الغرب الليبرالي الجديد وهي سياسات قد تشكلت بشكل مختلف عما يحدث في الدورة الطبيعية التي تتم وفقا لحاجات التراكم و التحديث المرن للنسبية الثقافية وقد يفسر هذا التبدل للسياسات الثقافية من التوجه نحو الإنتاج إلي التوجه نحو الاستهلاك والنظر إليه علي أنه جزء من اختراق النظام العالمي لما يتم إنتاجه حيث يتم الاستعمار و الاستغلال عن طريق الرأسمالية متعددة الجنسيات للأنماط الباقية من الإنتاج التي كان لها دور فيما مضي . ويصبح رأس المال وفقا لتلك الرؤية يسير في طريق البحث عن اختلاف ثقافي يتكيف فيه المستهلك مع أيدلوجيات متعددة الثقافات (28)

خامسا : الهوية بين الماضي و الحاضر :

يلعب التعليم والتنشئة الاجتماعية والتراث الثقافي دورا في اكساب ، وتعميق الهوية والانتماء حيث يذهب الكثيرون إلي أن اهتمام برامج التعليم بالتراث و بالتاريخ و بالثقافة المحلية اتجاه في الطريق الصحيح . حيث تساعد مكونات هذه المجالات علي أن يتعرف أفراد المجتمع علي خصائص ثقافتهم وحياتهم علي أمل أن يتشرب التلميذ قيما تقوي صلته ببلدة ، وتجعل منه مواطنا ملتزما ، ولاؤه الأول لمجتمعة ولثقافته ويلاحظ أن هذه الدعوة تنامت أكثر في عصر العولمة ، وكأن هذا الأسلوب هو السبيل ضد الغزو الثقافي وضد تلاش الشخصية الوطنية أو القومية وذوبانها في ثقافة عالمية إلا أن الاغراق في الإهتمام بالقديم ، والتمادي في تمجيد الماضى قد يقود إلي مخرجات يتشبث أعضاؤها بالماضي علي حساب الحاضر أو المستقبل ، خاصة في المجتمعات التي تعاني حاضرا ملئ بالا خفاقات ، وتاريخا طويلا يحتوي علي أمجاد كثيرة ( 29 )

ويعد النهج الذي تبنّاه " إريك فروم " في دراسته لما أطلق علية " الشخصية الاجتماعية " لكي يميزة عن " الشخصية الفردية " هو – بوجه عام وبغير الالتزام بكل مسلماته - أقرب الاتجاهات النظرية في دراسة الشخصية القومية ؛ وذلك لأنه ينطلق من تصور شامل للطبيعة الإنسانية في إطار السياق التاريخي الذي يؤثر عليها ، ويترك بصماته علي ملامحها وقسماتها الرئيسة .

وهذا التصور الشامل ينطلق من الإطار الاشتراكي العلمي الذي ينظر للشخصية نظرة جدلية في تفاعلها الدائم مع التكوين الاقتصادي والاجتماعي في مجتمع محدد ، أو في تأثرها بنمط الإنتاج السائد في عدة مجتمعات متشابه . وهذا يعني علي وجه التحديد أن نمط الإنتاج السائد في عصر ما أو منطقة حضارية محددة ( كنمط الإنتاج الإقطاعي أو الرأسمالي الاشتراكي ) من شأنه أن يشكل الشخصية الإنسانية وفق خطوط متميزة .

فالشخصية الإنسانية في ظل نمط الإنتاج الإقطاعي – فيما يراه بعض الباحثين ، قد تأثرت ببساطة بنمط الحياة وبطئ إيقاعها في المجتمعات الإقطاعية مما أدي إلي ثبات طرق التفكير ، وغلبة الجمود و التحجر علي العادات الاجتماعية و القيم الأخلاقية . يُضاف إلي ذلك تقديس شديد للماضي علي حساب الحاضر و المستقبل ، وشيوع التزمت وضيق الأفق في مجال الفكر ، والإيمان المفرط بالسلطة ، وشعور الفرد بالاستسلام والعجز عن تغيير أي وضع من الأوضاع التي يجدها سائدة في المجتمع .

غير أن هذا " النموذج المثالي " للشخصية الإنسانية في ظل الإقطاع ، أتيح له أن تتبدل قسماته وملامحه بصورة جوهرية ، نتيجة لانهيار النظام الإقطاعي وبزوغ النظام الرأسمالي ، بما يتضمنه من قوي إنتاج وعلاقات إنتاج جديدة فأصبح التغيير هو شعار العصر الرأسمالي وخصوصا في مراحله الأولي ، وساد الفرد نزوع نحو استطلاع آفاق العالم الطبيعي ، وأصبح الإنسان متفائلا معتدا بنفسه وقواه مؤمنا بأهمية العمل . ولعل أبرز السمات الجديدة التي اكتسبتها الشخصية الإنسانية في ظل النظام الرأسمالي هي الاعتراف بالسيادة المطلقة للعقل ، والتخلي عن غالبية النزعات اللاعقلية التي كانت تسود العصر السابق (30) . وهذا أفضى إلي العولمة والدليل علي ذلك عندما نتعامل مع الإنترنت ، هل سيستطيع شبابنا في المستقبل أن يختاروا الجيد من السيئ ، أم أن هذه المعرفة التي ستأتينا من الإنترنت مثلا ستكون بمنظار معين من منطلقات معينة ، نأخذها كما هي حاضرة ونستعملها فتؤثر في نظرتنا الثقافية و الحضارية عامة ؟ وهنا يكمن الخطر ، لأن في التعليم الجماعي مجالا للمناقشة بينما في التعلم الفردي يجب أن يناقش الفرد آلة في الانترنت . وكذلك فإن الإنترنت ستكون أداة لتسطيح المعرفة عندنا إذا لم ندرب أطفالنا علي الفكر النقدي وعلي التعامل مع المعرفة من جهة المساءلة و التساؤل والاختيار و التمييز . هنالك الإعلام الذي شوّه الحياة الثقافية و الفكر العربي الثقافي لأنه ركز علي الفكر السياسي وتسلمته الدولة ، وهذا ما يجب أن ننتبة له لأنه يجب أن يقابل إعلاما غنيا بالسيئ و بالجيد . وهناك المفاهيم التي تصدر إلينا والتي يجب أن نأخذها من منطلق مجتمعاتنا نحن وليس من منطلقات فلسفية أخري لمجتمعات أخرى ، أذكر منها قضية حقوق الإنسان التي هي نابعة من الفردية التي يتكلم عليها الدكتور الجابري ، وهي تعزز الفردية وتضعف المسؤولية الجماعية ، المسؤولية تجاه الأسرة ، تجاه الوطن وتجاة المجتمع ( 31 )

فالأسرة هي أول وأهم المصانع الاجتماعية التي تنتج الوجدان الثقافي الوطني ، بواسطة شبكة القيم التي توزعها – من خلال التربية – علي سائر أفرادها وتلقنهم إياها بوصفها الآداب العامة الواجب احترامها ، و المقدسات التي يتعين التزام الإيمان بها وكما يتلقن الطفل – في هذه المؤسسة التكوينية من مؤسسات الإنتاج الاجتماعى لغته ، ومبادئ عقيدته ، والقوالب الأخلاقية العامة والعليا لسلوكه ، كذلك يتلقن بعضنا من المبادئ المؤسسة للشعور بالأنا الجمعي : أي هوية الجماعة الوطنية التي ينتمي إليها وقد تهتز في مراحل الشباب - أي في لحظة الانفصال عن مرجعية الأسرة – ثقة الفرد الاجتماعي في سلطة الأب وشرعيتها ؛ أو قد يتعرض اعتقادة الديني إلي أزمة شك ؛ أو قد يختلط علية شعور الحنق علي النظام السياسي والاجتماعي بالحنق علي وطن مجحف ( فتستبين له الهجرة إلي الخارج – مثلا – حلا سحريا ) … غير أن هذه السلطة جميعها تظل تتمتع بالاستقرار و الرسوخ في وجدانه ووعية طيلة فترات التربية التي يتلاقاها داخل الأسرة ، بل حتى حينما يجنح إلي التمرد عليها في طور الشباب ، لا يقطع معها قطيعة كامله ، إذا تظل أثارها في سلوكة فاعلة علي هذا النحو أو ذاك ، وبهذا القدر أو ذلك (32)

وتمثل المدرسة مؤسسة الإنتاج الاجتماعي الثانية التي تستكمل عمل الأولى وتنتقل بأهدافها إلي مدي أبعد من حيث البرمجة والتوجيه . ربما كانت المدرسة أسرة ثانية للنشئ ، تمارس الوظائف التربوية عينها ؛ غير أن موطن القوة فيها أنها تفعل ذلك علي نحو نوعي متميز ففضلا عن قدرتها علي صقل تكوين الفرد الاجتماعي ، وتنمية ملكة التحصيل والادراك لدية بدرجة لا يستطيعها الفعل التربوي الأسري ، تتفرد بكونها تنتقل بوعية من حدود " الجماعة الطبيعية " ( أي الأسرة ) إلي رحاب الجماعة الوطنية وعند هذه النقطة بالذات تؤدي المدرسة وظيفة إنتاج ثقافة وطنية أو قل أساسيات تلك الثقافة ، من خلال توحيد الإدراك وتركيزه علي برنامج عام علي صعيد الوطن برمته ، أو من خلال بث وتكريس جملة من المبادئ التي تؤسس لقيام وعي بالأنا الجمعي ( الوطني ).

و الملاحظ اليوم كما لو أن العياء دب في أداء هاتين المؤسستين ، ونال من وظائفهما التربوية و التكوينية ، ومن قدرتهما علي الاستمرار في ممارسة أدوارهما التقليدية الفعالة في إنتاج وإعادة إنتاج منظومات القيم الاجتماعية ، ورصيد الوعي المدني ، اللذين يؤسسان البُني التحتية للثقافة الوطنية و للسيادة الثقافية ! وفي زعمنا أن هذا الخلل – الطارئ علي العمل الوظيفي " الطبيعي " للأسرة و للمدرسة الوطنية – إنما كان ثمرة مُرة لحقيقتين تقوم علي وجودهما ورسوخهما أوفر الدلائل ، هما إخفاق النظام التعليمي ، و تفكك بنية الأسرة في امتداد الانهيار الكامل – و الشامل – لنظام القيم ( 33 )

ولأن الهدف من العولمة هو الترويج لمشاريع تجارية وأخري سياسية تختفي وراء التقدم الاعلامي والاتصالي كأسطورة تقنية ثقافية جديدة ( 34 ) ومن هنا قد يصعب تفسير الثورات العلمية المتلاحقة من دون تغيير نظرتنا إلي تاريخ العلم فلا نراه وعاء لأحداث متتابعة زمنيا ومن ثم تراكميا (35 ) ولكن إذا أخذنا فى الاعتبار أن الهوية الثقافية للأمة العربية إنما هي حالة ذاتية خاصة ترتبط بمقومات وجودها وأن اللغة العربية هي العامل الأساسي المحرك لهذه الذاتية وشرط حصانتها وديمومتيها أيضا فالذاكرة الثقافية للأمة إنما هي حصيلة تجارب الإنسان العربي ومشاركتة الحضارية عبر التاريخ كما ذهب تقرير لجنة السياسات الثقافية العربية ( 36 )

وفي ظل الخطاب السائد عربيا في استخدام لفظة العولمة و التنافسية و التوليد المستمر لأفكار اقتحامية جديدة ، وفرصة الحفاظ علي الهوية انطلاقا من قدر مناسب من الثقة بالنفس . ومن هنا دعا أ . د . محمد محمود الإمام وآخرون من تيار المفكرين القوميين العرب إلي ضرورة تمييز ما هو انفتاح للعالم وتراجع لأدوار الدولة القطرية الحديثة ( و التي تبلورت مع التصنيع و الثورة الصناعية ، ثم انتقلت بالمحاكاة إلي العالم الثالث ) وبين أسباب تطور معرفتنا العلمية بالطبيعة و المادة و الكون و الحياة وانعكاسات ذلك علي تثوير أساليب الانتاج ووسائط الاتصال البشري وزيادة حصة المعلومات و الخدمات في الناتج و التبادل الاقتصاديين ( 37 )

إلا أن العولمة تعد تعبيرا عن آراء ومواقف ومصالح شعب بعينة و ليس جميع الشعوب وخصوصا أن شعوب العالم ليست متكافئة تقنيا ،قاد هذا إلي تغيير قواعد اللعبة بالنسبة لانتقال السمات الثقافية ، ومالت الكفة لصالح عدد صغير من الشعوب التي تبعث إلي الآخريين بما تريد ، و الذي ليس دائما هو الشيء الذي يرغب مواطنوا الشعوب المتلقية معرفتة من خبرة وتقنية وخدمات وقيم وعادات ومن هنا تكبر قائمة السلبيات ( 38)

ويمثل التراث كونه رأسمالا رمزيا وذاكرة جمعية للأمة ، وأنه لا قيمة لفهم التراث واستيعاب ثرائة الفكري وعمقة الحضاري بمعزل عن أسئلة الحاضر ورهاناته ، لأن الخلاف ليس من أجل التراث بل الخلاف علي التراث من أجل الحاضر ، فالمنتصر في معركة تأويل التراث واحتكار تمثيلة هو الأقدر علي امتلاك الحاضر لهذا السبب الوجية يعتقد " عبد إلاله بلقزيز " أن القضية في جوهرها هي " معركة تأويل الحاضر وامتلاكه واحتكار صوغه " وذلك بهدف السيطرة علية بالاستعانة بما يمكن أن يقدمة التراث من معطيات وأفكار تعبوية أو بما تقدم به من وظائف رمزية واجتماعية ( 39 )

تحافظ في مجملها علي الهوية القومية . ولقد قدم عالم الاجتماعي الفرنسي بيير بورديو p Bourdieu عام 1999 أمام المجلس العالمي لمتحف التلفزيون و الراديو عناصر المنطق الجوهري للصناعة الثقافية الجديدة التي تعتمد الربح السريع ، انسجاما مع معايير العولمة التي ليست عولمة لثقافة كونية كما تحقق في فترات سابقة ، بل هي عولمة تجارية تستهدف أوسع جمهور ممكن لاستهلاك منتجات " الكيتش " " و الجينز " و " و الكوكاكولا " وجاءت دعوتة بضرورة إحياء عولمة ثقافية مقاومة للعولمة التجارية الراهنة ( 40 ) .

وإذا كانت الثقافة هي محصلة التفاعل بين علاقات ثلاث : مع الله ( العقيدة و الدين ) ومع الآخر ( المجتمع و الطبيعة ) ، ومع الذات ( الرغبات والغرائز والحاجات ) وهذا يعني أنها الجواب الذي تقدمة الجماعات البشرية لمشكلة وجودها ، والحلول التي يُوجدها الإنسان للمشاكل المطروحة علية من قبل محيطه والثقافة بهذا المعني هي التجربة التي تلخص الجوانب الإبداعية والاجتماعية و السلوكية ، والعقيدية التي تسمح بالتمييز بين مجتمع وآخر وبين ثقافة وأخري . فهل يمكن للعولمة وفقا لهذا التعريف للثقافة أن تعمل علي توحيد أو صهر ثقافات الشعوب المختلفة و المتفاوته في ثقافة كونية واحدة ؟ وما هي أصلا عناصر هذه الثقافة الكونية ؟

إن مذهب اقتصاد السوق أصبح أكثر قبولا ورواجا وحقق اختراقات واسعة في العالم ، وأنشأ له مؤسسات وهيئات دولية بعد هزيمة نقيضه في الاشتراكية والاقتصاد الموجة ، فهل حققت العولمة اختراقات موازية ومؤسسات دولية موازية علي المستوي الثقافي حتى مع سيطرتها علي التقنيات الحديثة في الاتصال . لا يبدو أيضا أن العولمة حققت مثل ذلك . ففي كل مرة كانت " العولمة الثقافية " تقترب من اختراق مكونات الثقافة الأساسية عند أي شعب من شعوب العالم لم تكن الاستجابة اندماجا أو انسحابا ، بل مزيدا من التشبث بالهوية كما جري في الجمهوريات الإسلامية وغير الإسلامية التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي السابق ، بل وفي أوربا نفسها . ولنأخذ مرة أخري أمثلة علي ذلك من محيطنا الأقرب ، العربي والإسلامي .

  • فالتيار الإسلامي باتجاهاته كافة الذي يعتبر اليوم أكثر التيارات تشددا في شأن الهوية و الثقافة بعمقها الديني ، لم تجذبه حتى الآن " عولمة الثقافة " لا بل استخدم تقنيات العولمة ووسائلها الحديثة وشبكات الإنترنت للدعاية لنفسه وترويج خطابه السياسى وحتى التنسيق فيما بين أجنحته . فصارت تقنيات الحداثة والعولمة في خدمة ثقافة هذا التيار وهويته .
  • كما ارتفعت أصوات التمسك بالهوية القومية في مواجهة المشاريع الشرق أوسطية لعملية التسوية التي كانت تهدف إلي استبدال هوية المنطقة العربية – الإسلامية بأخرى جغرافية تضم بلدان الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل .
  • وأثارت علي صعيد مواز مؤتمرات الأمم المتحدة في القاهرة وبكين حول المرأة و السكان حفيظة وانتقاد دول عربية وإسلامية في شأن قضايا المرأة والأسرة والجنس والزواج . وكانت تلك الاعتراضات بمحتواها الثقافي الديني محط لقاء وتنسيق بين الفاتيكان وبين دول عربية وإسلامية فرقتها المصالح و السياسات ( 41 )

وبالتطبيق على ما سبق نجد أن من الكتاب المصريين من يضيق المصدر الثقافي الذي ينتمي إليه ويغفل ، أو يقلل من قدر غيرة من المصادر . فهناك من يتبني فرعونية المصدر ، وهناك من يتبني عروبته ، وهناك من يتبنى إسلاميته …إلخ وهناك من تتسع المصادر الثقافية حتى تشمل سبعة مصادر كما أشار إلي ذلك " سيدعويس " وهي :- المصدر المصري القديم " الفرعوني " الفارس ، اليونانى والرومانى ، الديانة المسيحية ، الديانة الاسلامية العربية ، الثقافة السلوكية العثمانية ، الثقافة الغربية . ولا تعارض بينها جميعا في رأي صاحبها ( 42 )

ولقد أشار " محمد عابد الجابري " إلي عشر أطروحات ترسم إطار عام بين العولمة و الهوية الثقافية كما يمكن أن تُرصد اليوم في الوطن العربى الذي نذكر ثلاثة منهم علي سبيل المثال وهى :-

  • الأطروحة الأولى : ليست هناك ثقافة عالمية واحدة ، بل ثقافات …

ليست هناك ثقافة عالمية واحدة ، وليس من المحتمل أن توجد في يوم من الأيام ، وإنما وجدت ، وتوجد وستوجد ، ثقافات متعددة متنوعة تعمل كل منها بصورة تلقائية ، أو بتدخل إداري من أهلها علي الحفاظ علي كيانها ومقوماتها الخاصة . من هذه الثقافات ما يميل إلي الانغلاق والانكماش ، ومنها ما يسعي إلي الانتشار و التوسع ، ومنها ما ينعزل حينا وينتشر حينا آخر .

  • الأطروحة الثانية : الهوية الثقافية مستويات ثلاثة : فردية وجمعوية ووطنية قومية ، و العلاقة بين هذه المستويات تتحدد أساسا بنوع " الآخر " الذي تواجهه

تتحرك الهوية الثقافية علي ثلاث دوائر متداخلة ذات مركز واحد :
  • فالفرد داخل الجماعة الواحدة ، قبيلة كانت أو طائفة أو جماعية مدنية ( حزبا أو نقابة … إلخ ) ، هو عبارة عن هوية متميزة ومستقلة ، عبارة عن " أنا " لها " أخر " داخل الجماعة نفسها : " أنا " تضع نفسها في مركز الدائرة عندما تكون في مواجهة مع هذا النوع من " الآخر "
  • و الجماعات ، داخل الأمة ، هي كالأفراد داخل الجماعة ، لكل منها ما يميزها داخل الهوية الثقافية المشتركة ، ولكل منها " أنا " خاصة بها و" آخر " من خلالة وعبره تتعرف علي نفسها بوصفها ليست إياه .
  • و الشيء نفسه يقال بالنسبة إلي الأمة الواحدة إزاء الأمم الأخري . غير انها أكثر تجريدا ، وأوسع نطاقا ، وأكثر قابلية للتعدد والتنوع والاختلاف .
هناك إذن ثلاثة مستويات في الهوية الثقافية ، لشعب من الشعوب : الهوية الفردية ، والهوية الجمعوية ، و الهوية الوطنية ( أو القومية ) و العلاقة بين هذه المستويات ليست ثابتة ، بل هى فى مد وجزر دائمين ، يتغير مدي كل منهما اتساعاً وضيقاً ، بحسب الظروف وأنواع الصراع واللاصراع ، والتضامن واللاتضامن ، التي تحركها المصالح : المصالح الفردية والمصالح الجمعوية والمصالح الوطنية والقومية ( 43 )

  • الأطروحة الثالثة : لا تكتمل الهوية الثقافية إلا إذا كانت مرجعيتها : أم اجماع الوطن والأمة والدولة .

لا تكتمل الهوية الثقافية ، ولا تبرز خصوصيتها الحضارية ، ولا تغدو هوية ممتلئة قادرة علي نشدان العالمية ، علي الأخذ والعطاء ، إلا إذا تجسدت مرجعيتها في كيان مشخص تتطابق فيه ثلاثة عناصر : الوطن والأمة والدولة
  1. الوطن : بوصفه " الأرض والأموات " ، أو الجغرافيا و التاريخ ، وقد أصبحا كيانا روحيا ، واحد ، يعمر قلب كل مواطن : الجغرافيا وقد أصبحت معطي تاريخيا و التاريخ وقد صار موقعا جغرافيا .
  2. الأمة : بوصفها النسب الروحى الذي تنسجه الثقافة المشتركة : وقوامها ذاكرة تاريخية وطموحات تعبر عنها الإدارة الجماعية التي يصنعها حب الوطن ، أعني الوفاء " الأرض و الأموات " للتاريخ الذي ينجب ، والأرض التي تستقبل وتحتضن
  3. الدولة : بوصفها التجسيد القانوني لوحدة الوطن و الأمة ، و الجهاز الساهر علي سلامتهما ووحدتهما وحماية مصالحهما ، وتمثيلهما إزاء الدول الأخرى ، في زمن السلم كما في زمن الحرب . ولا بد من التمييز بين " الدولة " ككيان مشخص ومجرد فى الوقت نفسه ، كيان يجسد وحدة والوطن والأمة ، من جهة ، والحكومة أو النظام السياسي الذي يمارس السلطة ويتحدث باسمها من جهة أخري . وواضح أننا نقصد هنا المعني الأول .
وإذن فكل مس بالوطن أو بالأمة أو بالدولة هو مس بالهوية الثقافية والعكس صحيح أيضا : كل مس بالهوية الثقافية هو مس في الوقت نفسه بالوطن والأمة وتجسيدهما التاريخي : الدولة (44)

وهذا ما اقترب منه أبرز علماء الاجتماع المعاصرين " مانول كاستي " إذ ركز المجلد الثاني " قوة الهوية " من ( ثلاثية كاستى ) علي تفحص الحركات الاجتماعية في عصرنا والتحديات التي تواجه نظمنا السياسية التي تنهض علي الدولة – القومية . ويميز كاستي بين ثلاثة أشكال للهويات الجمعية هي :-

1- الهوية المشروعة التي تشير إلي الحركات الجمعية التي لعبت دورا في بناء دولة الرفاهية الحديثة
2- الهوية المقاومة التي يصفها بأنها استبعاد المستبعدين ( بكسر العين ) من قبل المستبعدين ( بفتح العين ) ويعد هذا هو الشكل الذي تولد نتيجة لمقاومة التدفقات العالمية للنظام الاقتصادي الجديد ، هو الشكل السائد حاليا للحركات الاجتماعية
3- الهوية المقترحة التي تتمتع بالقدرة المحتملة علي إعادة بناء عناصر من المجتمع المدني الجديد ( 45 )

خاتمة :

يمكن أن نستنتج مما سبق أن هناك تغيرات يلمسها جميع أفراد المجتمع وأن المعتقدات القديمة لم تعد قادرة علي الصمود إلا بمقدار صلاحيتها حيث قادت التغيرات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية المحلية و العالمية إلي انهيار عضوية الجماعة التي كانت ثابتة سلفا ، وتنبثق الهوية في عالمنا المعاصر من تعددية المصادر بل وتزايدها يوما بعد يوم من : المكان ، الجنس ، اللغة ، الدين ، العرقية ، الطبقة الاجتماعية ، الثقافة المشتركة …إلخ وعدم تقبل ذلك يفضى إلي مشكلات كثيرة – وهذا ما حدث لبعض أعضاء مجلس الشعب المصري – وما أشار إليه " أمين معلوف " في عمله الرائع " الهويات القاتلة " (46) بأن الهوية لا تتجزأ ولا تنقسم أنصافا ولا أثلاثا ولا مساحات منفصلة . وليس لدي عدة هويات ، أملك هوية واحدة مكونة من العناصر التي تؤلفها وفق " تركيب " خاص يختلف من شخص لآخر . وسلط الضوء علي من يدعي صفة " الهويات المتميزة " ومخاطر تحول الهوية الموروثة إلي " هوية قاتلة " أي أداة للتقاتل . وربما أن زمن " الهويات القاتلة " في منطقة الشرق الأوسط مرشح للاستمرار طويلا مادامت الحركة الصهيونية تصر علي تنفيذ مشروعها الإستيطاني بالقوة المسلحة ، وما دامت الولايات المتحدة تعمل علي اعادة الاستعمار المباشر " احتلال العراق " إلي هذه المنطقة للسيطرة علي شعوبها ، واستنزاف مواردها الطبيعية ، وتسهيل قيام إسرائيل ! ( لا قدر الله )

لذا فإنه يتوجب علينا الاهتمام بعدد من القضايا منها :-

  • · إن اكتساب المهارات الجديدة أمر ضروريا وحيويا في ظل التعامل مع التحولات التي أحدثتها العولمة في الاتجاهات الاجتماعية ونمط الحياة و الهوية
  • · إن الهوية الثقافية يبنيها أفراد المجتمع بعملهم سويا وتراثهم وخبراتهم والأحداث التي خبروها من خلال تاريخ مشترك .
  • · إن الهوية تمنحنا مكانا في العالم وتعرض لنا الرابط بيننا وبين المجتمع الذي نحيا فيه وبه فالهوية تعطينا فكرة عمن نكون وكيف نرتبط بالآخرين و بالعالم .
  • · إن الهوية الثقافية كيان يصير ، يتطور ، وليست معطي جاهزا ونهائيا كما تصير وتتطور ، إما في اتجاه الانكماش ، وإما في اتجاه الانتشار ، وهي تغتني بتجارب أهلها ومعاناتهم ، انتصاراتهم و تطلعاتهم ، وأيضا باحتكاكها سلبا وإيجابا مع الهويات الثقافية الأخرى التي تدخل معها في تغاير من نوع ما " حسب تعبير الجابري "

المراجــــع

1- رشدي أحمد طعيمة ، الثقافة العربية الاسلامية بين التأليف و التدريس ، دار الفكر العربي ، ط ، القاهرة ، 1998، ص35
2- المرجع السابق ، ص 36
3- critin, wong and Duff “ the Meaning of American National Identity patterns of Ethnic conflict and consensus “ , 2004 available at : www. Personal.umich.edu/ciwong\ps719.html
4- رشدي أحمد طعيمة ، مرجع سابق ، ص 37 .
5- Marilynn B. Brewer, Ingroup Identification and Intergroup conflict , 2004 . available at : http://classweb.gmu.edu/hwjeong/ashmore803.htm
6- الطيب تبزيني ، الواقع العربي وتحديات ، قرن جديد ، مؤسسة عبد الحميد شومان ،عمان ، الأردن ، 1999 ، ص 038
7- سناء مبروك ، الهوية والانتماء الاجتماعي في شمال سيناء ، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ، القاهرة ، 1991 ، ص 218.
8- Kathryn Woodward, Identity and Difference, SAGE, London, 1997, Introduction, P .1-5
9- لسيد يسن ، في مفهوم العولمة ، العرب و العولمة ،ندوة في : أسامة أمين الخولي ( تحرير ) ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، لبنان ، ديسمبر 1998، ص 25
10- united Nation, Globalization and labour Markets is the Escwa Region, Newyork, 2001, p.2
11- برهان غليون ، سمير أمين ، ثقافة العولمة وعولمة الثقافة ، دار الفكر ، دمشق ، 2000، ص ص 15-20
12- السيد يسن ، في مفهوم العولمة، مرجع سابق ، ص ص 23-29
13- lisa Tsaliki, the Global civil society: some theoretical considerations, 2002,
14- course- workshop: “ Latin@s in the Era of Globalization: Migration, culture and Identity “ )April – June, 2002(. Available at : www.melassa.org/curso_taller_desciption.htm
15- UNESCO Education, Higher Education in a Globalized society, 2003, P.4.
16- Nils Zurawski, culture, Identity and the Internet, 1998,pp.1-2 available at : www.uni-muenster.de/peacon/zurawski/identity.htm
17- Education and Globalization, the llep Newsletter, isavailable: http: // www. Education. Unesco.org educprog / llep / news // st. htm, 1998.pp.2-6
18- faculty of Arts , Education and social sciences , people, Identity and place, 2004 available at : www.faess.jcu.edu.au/identity.place.html
19- Asghar Ali Engineer, Religion, Identity and Democracy, November, 2004, pp. 1-3, www . Countercurrents. Org.
20- Ibid, p.3
21- jon Austin, Identity and culture in Education, 2002, p.3
22- مصطفي الفقي ، حوار الأجيال ، دار الشروق ، ط ، بيروت و القاهرة ، 1994 ، ص 063
23- youth and Discipleship in the commitment level model, 1999, http: //www. Youth. Co.za/model / ages.htm
24- New York staet, Council on the Arts Application Guidelines, 1994, p.51, last update, 2004.
- راجع حول الفولكلور العربي ، محمد الجوهري ( إشراف ) ، الفولكلور الغربي : بحوث ودراسات ، المجلد الأول ، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية ، كلية الآداب ، جامعة القاهرة ، ط1 ،2000 ، ص ص 208-232
25- Ellen Mchale “ fundamentals of folkore “ in John suter, ed ., working with folk Materials in New york state , ( I thaca, Ny : New york Folklore sociely , 1999) , p.2.
26- Barre toelken, the Dynamics of folklore, Boston: Houghton Mifflin, 1979. available at: www.nyfolklore.org/../resources/what.html
27- Gerald L. pocius, Foklore and the creation of National identities: Anorth american perspectivel, 2004 pp . 1-3 available at : www.folklore.eelr/pubte/eeltif/bifi/pocius.html
- راجع محمد احمد غنيم ( إشراف ) ، المؤتمر الثالث للثقافة الشعبية العربية ، كلية الاداب ، جامعة المنصور ، ابريل ، 2002، ص ص 234-253
28- Tim oakes, Globalization, transnational capital, and the cultural politics of modernty in china, 1999. Pp 1-3
29- مصطفي عمر التير ، العولمة و امكانية النهوض بالتنمية البشرية ، في اجتماع الخبراء " العولمة و التعليم و التنمية البشرية ، جامعة الدول العربية ، فبراير ، 2001 ، ص ص 45-46
30- السيد يسن ، الشخصية العربية بين صورة الذات ومفهوم الآخر ، ط ، دار التنوير، بيروت ، 1981 ، ص 60
31- ليلي شرف ، مناقشات ، ندوة : العرب و العولمة ، مرجع سابق ، ص 358
32- عبد الاله بلقزيز ، العولمة و الهوية الثقافية : عولمة الثقافةأم ثقافة العولمة ندوة : العرب و العولمة ، مرجع سابق ،ص 312
33- المرجع السابق ، ص ص 312-313
34- هربرت . أ . شيلر ، المتلاعبون بالعقول ، ترجمة عبد السلام رضوان ، سلسلة عالم المعرفة ، ع 243 الكويت مارس 1999 ، ص ص 20-35
35- توماس كون ، بنية الثورات العلمية ، ترجمة : شوقي جلال ، سلسلة عالم المعرفة ، ع 168 ، الكويت ، 1992
36- صالح أبو اصبع ، تحديات الاعلام العربي ، دار الشرق ، عمان ، 1999 ، ص46
37- علي نصار ، التعليم ومتطلبات التنافس في عالم يزداد انفتاحا ، في اجتماع الخبراء … ، مرجع سابق ، ص 18
38- مصطفي عمر التير ، مرجع سابق ، ص40
39- كريم أبو حلاوة ، الفكر النقدي العربي وضرورة تصويب الأسئلة ، مجلة عالم الفكر ، المجلد 32، يوليو – سبتمبر ، الكويت ، 2003، ص 261
40- محمد شكري سلام ، ثورة الاتصال والاعلام : من الأيديولوجيا إلي الميديولوجيا ، مجلة عالم الفكر ، مرجع سابق ، ص 84
41- طلال عتريس ، تعقيب ، ندوة العرب والعولمة ، مرجع سابق ، ص ص 46-47
42- رشدي أحمد طعيمة ، مرجع سابق ، ص 29
43- محمد عابر الجابري ، العولمة و الهوية الثقافية : عشر أطروحات ، في ندوة العرب و العولمة ، مرجع سابق ، ص ص 298-299
44- المرجع السابق ، ص 299
45- مانول كاستي ، عالم جديد يتخلق " حول عصر المعلومات " عرض : محمد محي الدين ، مجلة عالم الفكر ، مرجع سابق ، ص ص 275- 280
46- مسعود ضاهر ، الذات الشخصية و الذات اللبنانية في كتاب أمين معلوف " الهوية القاتله " في أوراق المؤتمر العلمي الثامن " الحوار مع الذات"، تحرير صالح أبو أصبع ، منشورات جامعة فيلادلفيا ، عمان ، 2004 ص ص 527- 547
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-